نصر جديد لمصر
أسرار وتفاصيل من طريق العنانى إلى «اليونسكو»

خاص صباح الخير
نصر دبلوماسى جديد حققته الدولة المصرية وبدعم القيادة السياسية، حيث فاز الدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار الأسبق، وأستاذ علم المصريات بجامعة حلوان بمنصب مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» بتحقيق رقم غير مسبوق بتصويت 55 من أصل 57 دولة عضوًا بالمجلس التنفيذى للمنظمة على حساب المرشح الكونغولى فيرمين إدوارد ماتوكو الذى انحصرت المنافسة بينهما بعد انسحاب المكسيكية جابريلا راموس.
وسيُصادق المؤتمر العام لليونسكو رسميًا على تعيينه فى نوفمبر المقبل خلال اجتماعه فى سمرقند بأوزوبكستان.
وسيصبح العنانى ، أول مدير عام لليونسكو من دولة عربية ، وثانى إفريقى بعد السنغالى أمادو محتار مبو، وسيتسلم رسميًا مهماته فى 14 نوفمبر، خلفًا للفرنسية أودرى أزولاى التى تولت المنصب منذ العام 2017.
وفى كلمته أمام المجلس التنفيذى، تعهد العنانى العمل «يدًا بيد مع جميع الدول الأعضاء لوضع خريطة طريق مشتركة لتحديث اليونسكو ودفعها نحو المستقبل».
وسيتولى العنانى قيادة منظمة تمر بمرحلة إعادة تقييم عميقة، بعدما وُجهت إليها فى الأشهر الأخيرة اتهامات بأنها «مسيّسة»، وتراجع دورها كمرجعية ثقافية وعلمية مستقلة.

وبعد خروج إسرائيل من المنظمة عام 2017، شهدت السنة الجارية انسحابين، أحدهما أعلنته نيكاراجوا فى مايو بعد مَنح جائزة لصحيفة معارضة فيها، والآخر، حين أعلنته الولايات المتحدة رسميا فى يوليو، واتهمت إدارة الرئيس دونالد ترامب المنظمة بالتحيز ضد إسرائيل، والترويج «لقضايا اجتماعية وثقافية مثيرة للانقسام».
ووعد العنانى بالعمل على إعادة الولايات المتحدة إلى المنظمة، وهو ما نجحت أودرى أزولاى فى تحقيقه عام 2023، بعد ست سنوات من قرار ترمب، وقتها، الانسحاب منها.
وفى تصريحات عقب الفوز قال العنانى إنه يعتزم تعزيز القاعدة المالية لليونسكو عبر وسيلتين، أولاهما جذب مزيد من المساهمات الطوعية من الحكومات بطرق أبرزها نظام «مبادلة الديون»، والثانية من خلال الاستفادة من موارد القطاع الخاص «المؤسسات، والجهات الراعية، والشركات، وغيرها».
وأضاف: «أريد أن أُبيّن أن لليونسكو تأثيرًا ملموسًا على حياة الناس. فاليونسكو لا تُعنى فقط بالتراث الثقافى، بل تُعنى أيضًا بالتعليم فى مناطق الطوارئ، وحماية الصحفيين وحريتهم، ومكانة المرأة فى العلوم...».
وحاضر العنانى فى جامعات فرنسية، كما شارك فى بعثات أثرية مصرية - فرنسية مشتركة، وأشرف على عديد من المتاحف أهمها المتحف المصرى بالتحرير. لذا يستند العنانى فى حملة ترشحه إلى نجاحاته الأكاديمية والتنفيذية، إضافة إلى التركيز على أنه فى حال انتخابه سيكون أول عربى يتولى رئاسة الـ«يونسكو».

ومنذ إعلان مصر عن ترشيح العنانى عام 2023 قامت وزارة الخارجية المصرية بدور كبير فى الحشد، فعلى مدار 30 شهرًا، عملت الحملة الانتخابية للعنانى برئاسة الوزير مفوض وائل عبدالوهاب بشكل مكثف لإعداد الملف الانتخابى، والتواصل مع الدول، وترتيب الجولات الانتخابية واللقاءات الإعلامية، وهو الفريق الانتخابى الذى تألف من شباب الدبلوماسيين. وعقدت الحملة خلال فترة عملها أكثر من 400 اجتماع رفيع المستوى مع قادة ومسئولين وممثلى المجتمع المدنى.
وخلال حملته الانتخابية زار العنانى أكثر من 60 دولة حول العالم، بما فى ذلك جميع الدول الممثلة فى المجلس التنفيذى لليونسكو.
وتمكنت الدبلوماسية المصرية من الحصول على توافق عربى على ترشيح العنانى من خلال قرار القادة العرب فى القمة العربية مايو 2024، بالإضافة إلى الدعم الإفريقى فى ثلاثة مجالس تنفيذية للاتحاد الإفريقى (فبراير 2024/ يوليو 2024/ يوليو 2025)، إلى جانب إعلان أكثر من 15 دولة من الدول الأعضاء بالمجلس التنفيذى دعمها علنًا للدكتور خالد العنانى، ومن بينها دول كبرى مثل فرنسا وروسيا ونيجيريا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا.

وتمكنت حملة العنانى من الحصول على دعم صندوق التراث الإفريقى العالمى للترشيح وتعيينه راعيًا للتراث الإفريقي، فضلاً عن دعم منظمة السياحة العالمية وتعيين المرشح سفيرًا خاصًا للسياحة الثقافية.
وقاد وزير الخارجية د. بدر عبدالعاطى التحركات الدبلوماسية من خلال تواجده فى باريس قبل الانتخابات بأسبوع، حيث عقد العديد من الاجتماعات الثنائية والموسعة، خاصة مع دول المجموعة الإفريقية، وكان حريصًا على التأكيد على القرارات السابقة من الاتحاد الإفريقى باعتبار العنانى مرشح القارة.

وخلال مؤتمر صحفى عقب فوز العنانى قال وزير الخارجية د. بدر عبدالعاطى: إن مصر أدارت حملة مهنية متميزة استمرت 30 شهرًا، بتوجيه مباشر من الرئيس عبدالفتاح السيسى، بهدف توفير جميع أشكال الدعم المادى والمعنوى للمرشح المصرى.
وأكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى كان منخرطًا فى هذه الحملة منذ البداية من خلال الاتصال والخطابات مع رؤساء الدول، وتسخير إمكانيات الدولة لخدمة المرشح وتم تخصيص مبلغ مالى من موازنة الدولة لهذا الأمر.

