الجمعة 4 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نتيجة الثانوية .. ضحك وغش وحلم وثورة

نتيجة الثانوية .. ضحك وغش وحلم وثورة
نتيجة الثانوية .. ضحك وغش وحلم وثورة


أخيرا تنفس طلاب الثانوية العامة الصعداء، بعد أن أعلن د.رضا مسعد وكيل أول وزارة التربية والتعليم السابق نتيجة الثانوية العامة، بعد عام دراسى صعب تحت حكم الإخوان، وبعد أن عانى الطلاب وأولياء الأمور من عام دراسى، ملىء بالأحداث السياسية، والأزمات الاقتصادية، التى اشتد فيها انقطاع الكهرباء، بمجرد هبوب رياح الصيف، فى عز موسم الامتحانات، فضلا عن أزمات البنزين والسولار، التى أثرت على الجميع.
 
للمرة الأولى يعتمد وكيل وزارة التربية النتيجة، بعد أن ظل مقعد الوزير شاغرا لأكثر من أسبوعين، عقب استقالة الوزير إبراهيم غنيم، بعد سقوط حكم الإخوان بثورة 30 يونيو، التى تلت امتحانات الثانوية العامة بيوم واحد.
 
وكانت المفاجأة التى حملتها نتيجة امتحانات هذا العام، هى انخفاض نسبة النجاح العامة بنحو 5٪ عن العام السابق، حيث لم تتعد نسبةالنجاح 78٪ ممن أدوا الامتحانات، وعددهم 429 ألف طالب وطالبة، هذا بالإضافة إلى إنخفاض فى المجاميع أيضا فى جميع الشعب، مما يشير إلى انخفاض فى مجاميع الالتحاق بالكليات، خاصة كليات القمة.
 
ويرى د. محمد الطيب العميد السابق لتربية بنها، أن نسبة النجاح هذا العام مقبولة، وإن كانت مرتفعة بعض الشىء عن المعدلات الإحصائية العالمية حيث متوسط النسبة لاتتعدى الـ72٪ . مرجعا ذلك إلى أن امتحان الثانوية فى مصر هو بالأساس تسابق بين الطلاب، تستخدم فيه أساليب مشروعة وغير مشروعة للفوز بمقاعد الجامعة، التى لا تكفى كل الطلبة الناجحين.
 
وطالب الطيب بضرورة تغيير منظومة الامتحانات الموجودة حاليا، لأنها لا تخرج طالبا باحثا له القدرة على الفهم والتفكير والإبداع، مؤكدا أن حصول بعض الطلاب على مجموع يقترب من 100٪، ليست دليلا على تفوق الطلاب أو نجاح الحكومة، وإنما على تقليدية الامتحانات، التى يتدرب عليها الطلاب، ولا يستطيع واضع الامتحان الخروج عنها، خوفا من العقاب.
 
∎ الغشاشون المتمردون
 
ويبقى اللافت للنظر فى امتحانات الثانوية العامة، هو ظاهرة الغش الإلكترونى التى اخترق بها الطلاب حدود اللجان إلى خارجها، والغش الجماعى الذى تزامن مع اقتحام لبعض اللجان، لمساعدة الطلاب على الغش، تحت تهديد المعلمين، وهى الظاهرة التى أدت إلى تأجيل الإعلان عن نتيجة الثانوية العامة، لعدة أيام، لإتاحة الفرصة للشئون القانونية، للنظر فى مصير نحو 1047 طالبا، ممن ضبطوا فى حالة غش، بحسب رئيس الامتحانات رضا مسعد.
 
فى حين رجح تربويون ومعلمون أن حالات الغش كانت أكثر من ذلك بكثير، وفى حين رأى رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، د. مجدى قاسم، أن الامتحانات تمت تحت ظروف ضاغطة للطلاب والمعلمين، وسط انقطاع الكهرباء ونقص البنزين، الذى أخر البعض فى الوصول إلى اللجان، أكد أنها افتقدت إلى تقييم محايد، بعيدا عن وزارة التربية والتعليم، مطالبا بتغيير نظام الثانوية العامة المعتمد على هذا الشكل التقليدى للامتحانات.
 
وقال الاستاذ بالمركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى، محمد فتح الله، إن امتحانات هذا العام لم تحمل جديدا عن طريقة امتحانات أنظمة ماقبل ثورة يناير، كما لم تحمل جديدا فى طريقة التصدى للغش والبلطجة، ولم تشرك أساتذة مركز الامتحانات فى تقييم الامتحانات، كما لم تقاوم الوزارة الغش الإلكترونى بالحرفية التى تتناسب مع العصر.
 
وقال حسن أحمد رئيس نقابة المعلمين المستقلة، إن السبب فى حالات الغش كان وراءه اختيار الوزارة لمجموعة تفتقد الخبرة لوضع الامتحانات، متهما البعض منهم ممن يعملون بمراكز الدروس الخصوصية، بأنهم وراء تسريب العديد من الأسئلة، التى نقلت عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى على الإنترنت.
 
ويرى وكيل نقابة المعلمين المستقلة أيمن البيلى، أن وزارة التربية فشلت فى مواجهة الغش الإلكترونى، الذى امتد إلى غش جماعى تحت تهديد المعلمين، بعيدا عن أى رقابة أمنية أو حماية قانونية للمعلمين، محملا الوزارة مسئولية زيادة الاحتقان بين الطلاب وأولياء الأمور، وبين المعلمين، لأنها تنزع عنهم الثقة وقت الامتحانات، من خلال العمل بمبدأ أن يراقب المعلم على لجان خارج محافظته، مما يعرضه للعنف وللموت على الطريق.
 
فى حين رأى العميد الأسبق لمعهد البحوث التربوية، د. سامى نصار، أن مظاهر الغش وعدم احترام القانون فى امتحانات هذا العام، هى انعكاس لسيادة ثقافة الغش والخداع فى المجتمع، وكان الغش بمثابة تمرد من الطلاب على جيل الكبار المسيطرين على الوزارة.
 
∎ أحلى الكائنات فى المقدمة
 
وكالعادة منذ سنوات تتفوق الفتيات «أحلى الكائنات» على البنين فى حصد المراكز الأولى، للدرجة التى استحوذت فيها الفتيات على كل المراكز العشرة الأولى، فى القسم الأدبى، من بين 14 طالبا وطالبة، فى المراكز الأولى، وهو ما أرجعه د.محمد المفتى العميد السابق لتربية عين شمس، إلى أنه من الناحية العلمية لا توجد دلالة علمية على تفوق البنات على البنين، لكن ظاهرة تفوق البنات فى الامتحانات، ترجع إلى أن الفتيات يردن اثبات ذواتهن، ولا يجدن أمامهن سوى التفوق فى التعليم، لتحقيق هذا الهدف، فى ظل غياب فرص ممارسة الأنشطة الأخرى لهن، بالمقارنة بالذكور.
 
∎ أحلام الأوائل
 
وكالعادة أيضا أكد أغلب الأوائل أنهم اعتمدوا على الدروس الخصوصية والكتب الخارجية لمساعدتهم فى فهم المناهج الدراسية، وأنهم كانوا يتابعون الأحداث السياسية والاستعداد لمظاهرات وثورة30 يونيو طوال أيام الامتحانات، كما أكدت إسراء فتحى الأولى على القسم الأدبى وإسلام فيصل ومحمد هشام أوائل القسم العلمى.
 
وقال ابن المنيا محمد هشام عبد الحليم، الحاصل على المركز الأول فى شعبة علمى علوم، بمجموع 904 إن الرئيس السابق محمد مرسى لم يحقق أهداف الثورة، وكان يتمنى أن يخرج من منصبه بشكل لائق أمام الشعب، وقال التعليم الحكومى يحتاج إلى ثورة، حتى لا يلجأ الطالب إلى الدروس الخصوصية، التى تنهك كاهل الأسرة، وأن الصعيد مظلوم ويحتاج لاهتمام الدولة فى المدارس والخدمات، «أحلم بأن أصبح طبيبا مثل والدى، وأن يعم مصر الاستقرار والأمن والطمأنينة».
 
وقالت إسراء فتحى الأولى على الشعبة الأدبية التى درست فى مدرسة إنصاف سرى بعزبة النخل بالقاهرة، إن حلم حياتها هو الالتحاق بالعمل الدبلوماسى، وأنها ستلحق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، مؤكدة أنها احتفلت فى ميدان التحرير بتنحى الرئيس مبارك، وأنها أيدت حركة تمرد، وفرحت برحيل الرئيس مرسى، رافضة وصف جماعة الإخوان بأن ما حدث فى 30 يونيو انقلاب عسكرى.
 
أما حلم كريم سامى عبد الخالق، الخامس فى شعبة الرياضيات، فهو أن يطلب من وزير التعليم تغيير منظومة التعليم لينهض به، أما هو فسيلتحق بكلية الهندسة مثل والده.
 
∎ ضحكات بطعم الثورة
 
وعلى جانب آخر، كان لنتيجة الثانوية العامة نصيب كبير من التعليقات والنكات على مواقع التواصل الاجتماعى، نكات بطعم الثورة، ومن بين هذه التعليقات ماكتبه أحدهم «واحد إخوانجى سقط فى الثانوية العامة أول ما أبوه دخــل عليه علشان يضربه عمــل نفســـه بيصلى».
 
وكتب آخر «أنا باقترح على طلبة الثانوية العامة اللى مش عاجبهم المجموع يعملوا مليونية الثانوية والشريعة هاتلاقوا متضامنين كتير»، ونصح آخر «احفظ خطاب من خطابات مرسى وقوله لأبوك وأنت بتقوله النتيجة.. هينسى أنت فى سنة كام أصلا».
 
وفى محاولة لمواساة الطلاب أصحاب المجاميع المتواضعة كتبوا «عايز أقولك أن مرسى خريج هندسة والبلتاجى والعريان خريجين طب»، وتداول المشاركون على مواقع التواصل الاجتماعى خبرًا عاجلاً ساخرًا يقول «أنباء عن اشتباكات بين طلاب الثانوية والأهالى بالمولوتوف والخرطوش، والطلاب يدينون العنف وبيقولوا ضربونا وإحنا بنفطر»، فيما طالب آخرون «بتشكيل لجنة تقصّى حقائق فى موقعة الثانوية العامة»، وفى إشارة إلى اعتراض حزب النور المتكرر على الأسماء المقترحة لتشكيل الوزارة فى الأيام الماضية، كتب آخر «بيقولك حزب النور بيطالب بحجب أو تأجيل نتيجة الثانوية العامة حقنا لدماء الطلبة».