عزف منفرد على وتر «هى»
جمال هلال
هذا الأسبوع يقام فى جاليرى «ضي» معرض الصديق الفنان عصام طه. فى معارضه السابقة والتى قدم واستثمر فيها دراما الضوء والظل فى لوحاته، وببالتة ألوان تميل إلى الألوان الرمادية، ولكنه سرعان ما هجرها.
يجنح نحو التلخيص والتبسيط، وبألوان أكثر مباشرة وصراحة يستمدها من البيئة المصرية حوله ما بين البرتقالى والأخضر والأحمر والبنفسجى والأصفر، ولكنه يضعها على سطح لوحته بحساب شديد، واختار فى معرضه اليوم المرأة موضوعه وأطلق عليها «هي». يحاول الفنان أن يجد لغته الخاصة ومعرضه ما هو إلا رحلة بحث عن هذه اللغة. والفنان عصام طه يقدم أكثر من خمسة وخمسين لوحة بالألوان الزيتية والأكليرك والمائية. فى لوحاته الزيتية والأكليرك والتى يرسمها بدرجات متوسطة التون من الألوان وإن حافظ أحيانًا على صراع الألوان المكملة مثل الأصفر والبنفسجى والذى يظهر فى أكثر من لوحة، وفى أعمال أخرى يروض الألوان المكملة مثلما يفعل بين الأخضر والأحمر ولكنه يحافظ على الهارموني، ويتجاهل تمامًا التفاصيل ويلخص مساحات الضوء والظل من أجل البحث عن البساطة والتلخيص وتظهر الخطوط وتختفى لتعبر عن الجسد الإنسانى فى برقته. ولكن هناك تيمة القط دائمًا موجودة بلوحاته بجوار المرأة، يدهشك به الفنان ويلقى على المشاهد بظلال من الغموض ليجعله يتساءل ويحاول أن يجد تفسيرًا لوجودها، وما معنى ظهوره فى اللوحة، ولكن القط متناغم دائمًا مع ألوان اللوحة ويخضع للونها السائد ويلعب دورًا فى اتزان التكوين. فى لوحات الفنان المائية والتى تميز فيها منذ سنوات واستطاع أن يروض تلك الخامة الصعبة والتى يهرب منها الكثير من الفنانين ولا يمارسها إلا قلة، هو اليوم يملك ناصيتها باقتدار ويقدم بها رسومًا تفيض بالطزاجة والشفافية والجمال وكثيرًا ما يترك جزءًا من تكوين اللوحة بلون الورق الأبيض لتكمله العين كمحاولة للبحث عن البساطة، وهو تطور ملحوظ فى مائياته، رسومه معظمها لبنات جميلات ومناظر من القاهرة الفاطمية ولكنه يحافظ فى لوحاته على البقعة الغامقة والتى تجعل لمائياته ثقلًا واتزانًا، عكس لوحاته الزيتية والتى تنتمى معظمها إلى التونات متوسطة الدرجة. المعرض تجربة فنية جديدة للفنان وتعبير عن قلقه ومحاولته للخروج مما كان يقدمه من قبل، وليس غريبًا على الفنان الصادق أن يحاول اكتشاف آفاق وأحلام جديدة لفنه لم يذهب لها من قبل.
