الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

خروف العروسة بشريطة حمراء

خروف العروسة بشريطة حمراء
خروف العروسة بشريطة حمراء


 تخيل لو استيقظت فى يوم من آخر أيام شهر مارس وخرجت فى نزهة وصادفك سيدات يرتدين فساتين ذات ألوان حية كالأحمر والأخضر والبنفسجى مزينة بقطع ذهبية مبهرجة تعلو رءوسهن قبعات مزركشة وتنسدل من تحتها طرحة أشبه بخاصة العروس، يسرن على هدى لا يشعرن بأى غرابة؟!

 أنت لست فى بلدٍ آخر ولا فى حلم غريب بل هى أحد مظاهر احتفال الجالية الأذربيجانية فى مصر بالأعياد، وأذربيجان هى دولة حديثة العهد عريقة الأصل تقع على حدود روسيا الشرقية. ولما كانت أذربيجان المستقلة حديثا دولة إسلامية لم يكن من الغريب أن نرى الجالية الأذربيجانية تندمج فى المجتمع المصرى، تشاركه أعياده الإسلامية وتتشارك معه أعيادها القومية وحتى ذكرياتها الحزينة.
مهما كانت الجاليات المختلفة تشعر بالدفء بين ظهرانى المصريين ومهما قضوا من مدة فى مجتمعهم لا بد لهم أن يحنوا إلى أوطانهم ويلجأوا إلى كل ما يمكن أن يُشعرَهم بها، تلعب الجاليات هذا الدور فيدعم الأعضاء بعضهم بعضًا ويوفر الدبلوماسيون دور رب الأسرة الكبيرة داخل كل بلد.
فى مصر منذ 17 عامًا
أسرة نائب رئيس الجالية الأذربيجانية بمصر واحدة من أُسَر أذربيجانية كثيرة تعيش بمصر، لكن المفارقة أنهم على أرضها منذ 17 عامًا ومازالوا يحافظون على عاداتهم الكثيرة ويتمسكون بها وفى نفس الوقت يشقون طرقهم فى وطنهم الثانى مصر، الابن تخرج فى مصر ويعمل بأذربيجان أما «سابينه» الابنة الكبرى-27 عامًا- وساندى -15عاماً- فيعيشان فى مصر.
 تتقن سابينه 5 لغات أما ساندى فتتقن 7 وتمارس العديد من الهوايات والنشاطات العلمية. فى حوارها مع «صباح الخير» توضح لنا د. صدا على زوج نائب رئيس الجالية والعاملة بتدريس اللغة الآذرية بجامعة عين شمس حياة أسرتها داخل مصر خاصةً فى مواسم الأعياد التى تمتاز بطابع خاص: «الأعياد الدينية بين مصر وأذربيجان لا تختلف كثيرًا فجميعنا نمشى على نهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجميعنا نضحى فى عيد الأضحى لنطعم الفقراء هكذا هو الحال منذ قرون، بالطبع يوجد بعض الاختلافات مثلاً أحد التقاليد فى أذربيجان هى إمكانية أن نذبح فى المسجد ونعد الطعام هناك لنطعم الفقراء وحتى المصلين، لكن هنا نذبح الأضحية ونقوم بتوزيع اللحم على الفقراء فقط. لدينا أيضًا تقليد ينص على أن نوزع جميع الأضحية لا نحتفظ منها بشىء لأنفسنا يمكننا فقط أن نأكل منها وجبة واحدة عند الذبح».
خروف العروسة
تقص علينا د. صدا تقليدًا آخر لن نراه سوى فى أذربيجان أو لدى العرق التركى: «عندنا إذا صادف العيد عُرسًا يُهدى العريس خروفًا مزينًا بشرائط حمراء للعروس، وربما يجعلونه يرتدى طوقًا أحمر، وهو مظهر احتفالى لم أره فى مصر ولا أعلم إن كان يوجد مثله لكنه أحد تقاليدنا المعروفة».
ربما نختلف فى الكثير من العادات لكن من المعروف أن العيد أو على الأقل أول أيامه هو يوم للتجمع الأسرى وهو ما أكدته د. صدا بقولها: «لا يوجد خروجات فى الأعياد بأذربيجان العيد يعنى أن نجلس وسط عائلاتنا، لا يوجد لدينا عيدية لكننا نشترى الملابس الجديدة جميعًا وربما تعطى الأم أبناءها هدية العيد.
 نجتمع جميعًا بعد صلاة العيد ونذهب إلى بيت العائلة لنذبح الأضحية فى حديقة المنزل ونوزع لحومها، بعض الناس لا يمتلكون منازلً لها حديقة خاصة فقد انتشر نظام الشقق فى أذربيجان فيذهبون إلى الجزار فى السوق، يذهب الناس لاختيار الأضحية ويعطيهم الجزار لحومها فى أكياس مقسمة بالتساوى حسب الرغبة جاهزة للتوزيع، البعض يتركون التوزيع للجزار نفسه أو يذهبون به إلى المسجد ويتم توزيعه هناك».
الأزياء التقليدية
الزى التقليدى الأذربيجانى مميز جدًا بألوانه الربيعية المبهجة وهو مخصص لارتدائه فى مناسبات معينة أبرزها عيد «النيروز» أو الربيع كما نعرفه تقول د. صدا: «لا نرتدى الأزياء التقليدية فى أعياد كالأضحى بل نرتديه فى الأعراس وفى ليلة الحنة بألوان مختلفة كالأحمر والأخضر والأبيض والزهرى وفى أعياد الربيع أيضًا نحتفل بارتدائه داخل السفارة، لكن فى الأيام العادية اعتدنا ارتداء ملابس ذات ألوان هادئة».
 «الجالية عائلتى ورئيسها والدنا جميعًا»
عائلات الدبلوماسيين تقضى سنوات عديدة بعيدًا عن الوطن لعقود وربما للأبد، يقضون أعيادًا وأفراحًا وأحزانًا معًا جنبًا إلى جنب مع باقى أفراد جاليتهم وهذا ما تحكيه د. صدا عن علاقتها بالجالية وفاعلياتها: «عائلتى فى مصر هى الجالية الأذربيجانية ود. سميور نصيروف رئيس الجالية بمثابة الأب لنا جميعًا، نلتقى كثيرًا فى مناسبات عدة ونبقى على تواصل بالاتصالات التليفونية. بالطبع أشتاق لوالدتى التى تعيش بأذربيجان لكن مادمت وسط عائلتى التى تتمثل فى الجالية هنا فلا أشعر بالوَحشة وتعودت على مصر».
احتفالات فى الفرح وفى تذكر الألم
وبما أن الجالية تمثل الأسرة فلا بد لأى أسرة أن تتشارك أفراحها وأحزانها على حدٍ سواء كما يحتفلون ويتشاركون مآدب الأعياد يجلسون أيضًا متذكرين شهداءهم والأحداث الحزينة التى مرت ببلادهم كما وصفت لنا  د. صدا بعض الأعياد والمناسبات الأذربيجانية قائلة: «نبدأ الاحتفالات التى نتشاركها مع أفراد الجالية من 31 ديسمبر فهو يوم تضامن جميع الأذربيجانيين حول العالم ثم نحتفل برأس السنة فى الأول من يناير وأحيانًا ندمج الاحتفالين معًا، فى يناير أيضًا ذكرى حزينة خاصة بالشعب الأذربيجانى وهى يناير الأسود فى 20 يناير -ذكرى مذبحة ارتكبها السوفييت بحق الأذربيجانيين عام 1992 -. شهر فبراير أيضاً يمر بنا ومعه ذكرى مؤلمة أخرى فى اليوم الـ26 من الشهر تسمى ذكرى مذابح خوجالى -مجزرة ارتكبها الأرمن للسيطرة على مناطق داخل حدود أذربيجان عام 1992- وتشارك ابنتاى ساندى وسبينه فى فيلم لتوثيق هذه المذبحة انتهوا من تصويره منذ أيام ويعملون حاليًا على المونتاج.
 فى الثامن من شهر مارس نحتفل بيوم المرأة العالمى وفى نفس الشهر نتشارك الاحتفال بعيد الأم، أما فى 20 مارس نحتفل بعيد النيروز أو عيد الربيع -من أشهر الأعياد فى آسيا يتم الاحتفال فيه بالسنة الفارسية الجديدة، ويستمر لأسبوع - وهو يتميز بالغناء وعمل مسرحيات قصيرة كنشاط للأطفال ونقضى يومًا جميلًا وترتدى الفتيات الملابس الفولكلورية. وفى العاشر من مايو يتم الاحتفال بذكرى ميلاد حيدر علييف - رئيس أذربيجان الثالث والسابق توفى 2003 - وهو بمثابة أتاتورك لدى الأتراك وفى الـ28 من نفس الشهر تمر ذكرى تأسيس الجمهورية الأذربيجانية عام 1918 . كما نحتفل بالعديد من الأعياد مثل اليوم العالمى للطفل ويوم العمال ويوم القوات المسلحة ويوم العَلَمْ وعيد الاستقلال، أحيانًا ندمج الأعياد التى تقع فى نفس الشهر معًا».