الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

من فات جديده تاه برضه!!

من فات جديده تاه برضه!!
من فات جديده تاه برضه!!


صدمة أو صدمات الحاضر تتوالى علينا كل يوم وكل لحظة، ليس فقط لأنها تحمل مفاجآت غير متوقعة بل لأنها تكشف أيضا مدى رغبتنا وقدرتنا على تلقى هذه المفاجأة والتعامل معها واعتبارها أمرا جديدًا آتيًا إلينا.. وإضافة لما نعرفه وتعودنا عليه.. ببساطة علينا ألا ندع الجديد يفوتنا وألا ندع يتوه منا أو نتوه منه. الجديد الذى ننتظره دائما ولدينا شوق لاستقباله.. والترحيب به وبالتالى ضمه لحياتنا وتفاصيلها.

وكما سمعت وقرأت أكثر من مرة فى أكثر من مكان بأمريكا فإن على من يدرك أهمية وضرورة هذا الجديد ويفهم تفاصيله أن ينقله إلى الرأى العام ـ رجل الشارع باهتمام وعناية. لا يهون من أمره ولا يهول من توابعه. على من يفهم أن يتكلم وأن يشرح مزايا هذه الخطوة الجديدةـ أبجدية التطور والنمو الإنسانى. ابتكارات العقل وانطلاقات الخيال. إنجازات وأفكار تعكس قضايا الحاضر وتحديات المستقبل. ألم أقل لكم من قبل إن التحديات هى الكلمة البديلة للمشاكل والأزمات والكلمة الأكثر رواجًا واستعمالاً وطرحاً فى النقاشات الأمريكية.
«نحن فى حاجة إلى أمخاخ أكبر».. قالها د. كريستوف كوتش ـ كبير علماء ورئيس معهد آلن لأبحاث المخ فى سياتل. هذا العالم لم يتردد فى التنبيه والتحذير بالقول بأن فى لحظة ما سرعة التقدم سوف تزيد على قدرة الأفراد على التأقلم. هذا ما قاله العالم. ولا يتردد بعض المفكرين فى القول بأننا وصلنا إلى تلك اللحظة ـ النقطة الفارقة وتجاوزناها. وأن علينا أن نتأقلم مع ما طرأ من جديد وصادم ومفاجئ فى حياتنا. العالم الأمريكى كوتش فى مقال له نشر بصحيفة «وول ستريت جورنال» ذكر أننا من أجل تفادى المستقبل الديستوبى أو المستقبل القاتم المظلم والمخيف يجب أن نتحرك وبسرعة ونخترع تكنولوجيات قادرة على زيادة قدرات وإمكانيات المخ البشرى. هذه الاختراعات والابتكارات وتطورها تتابعها وسائل الإعلام وتناقشها بطريقة علمية مبسطة الغرض منها تثقيف الناس وليس تخويفهم أو ترهيبهم من الجديد القائم والقادم. وفى كل الأحوال فإن أدوات المنع والعزل والانعزال لا تنفع أمام طوفان الجديد. وفلسفة «اشترى دماغك وطنش على ما هو جديد» ليست سارية المفعول فى العصر الحديث. كما أن مواجهات الحاضر وتحديات المستقبل لا يمكن الاستعداد لها والتصدى لها بأدوات وأسلحة الماضى.. وعقليات «ابعد عن الشر وغنيله».
لا شك أن تكنولوجيات العصر بأدواتها المتجددة أربكتنا وسوف تربكنا أكثر فى الأيام المقبلة. ونحن علينا أن نتأقلم معها ونعرف ألا نستسلم لها تماما وأن تكون لنا الكلمة الأولى والأخيرة فى قول نعم وقول لا لهذه الأدوات وما خلقته من أجواء تتبارى فيها نفسيات وعقليات من أجل غد أفضل. ومن هنا تعددت الدراسات والأبحاث النفسية والاجتماعية التى تتعامل مع ظواهر طوفان المعلومات وفيضان التواصل الاجتماعى وإحباطات النفس البشرية فى مواجهة هذه التغيرات المناخية فى مجاليّ التعليم والمعرفة. والهدف فى نهاية المطاف حماية إنسانية الإنسان وقدرته على الاختيار وأيضًا حماية ذاته واستقلاليته واختلافه عن الآخرين.
وفى سياق آخر فى علوم التعامل مع المخ؛ ذكر علماء باحثون فى مخ الطيور ودوره فى التغريدة المنطلقة منها أنه بات فى استطاعتهم التنبؤ بالتغريدة القادمة قبل انطلاقها أو حدوثها. مجموعة علماء من جامعة كاليفورنيا أجرت اختبارات ومتابعات للثوانى السابقة لانطلاق التغريدة وتمكنت من تحديد ومعرفة التغريدة أو الأغنية المقبلة قبل حدوثها بـ«30 من ميللى ثانية» وذلك بمتابعة الموجات الكهربية للخلايا المخية تحديدًا لدى طائر اسمه «زيبرا فينتشز». هذه الأبحاث أدت إلى التوصل إلى خريطة أو رسم مخ تربط نشاط مخى بعينه مع انطلاق التغريدة. ويأمل العلماء أن تساعد هذه الأبحاث الاستقرائية فى تحقيق أحد الأهداف الكبرى لمعقل تكنولوجيا المعلومات ـ «سيليكون فالي» وهو تمكين البشر من تحويل أفكارهم المنطلقة من دماغهم إلى نصوص يتم كتابتها وظهورها على شاشات الكمبيوتر والهواتف الذكية. أى بمجرد تفكيرك فى شيء أو رغبتك فى تدوينه تراه مكتوبًا ونصًا تقرأه أنت أو يقرأه الآخرون.
الاهتمام بتطورات أو وثبات الابتكار ضرورة لا بد منها. ووسائل الإعلام عليها أن تشرح وتبين إنسانية الابتكار وليس فقط التركيز على وحشية الاختراع الجديد. خصوصًا أن هذا الاختراع تم التوصل إليه من أجل خدمة الإنسان وبالتالى يجب ألا يكون الإنسان بجهله خادماً لهذا الاختراع أو خاضعا له!!
 الصراع حول الذكاء الاصطناعي
التنافس المستمر والمتنامى من أجل السيطرة والهيمنة على تكنولوجيا أدوات المعرفة والذكاء الاصطناعى يزداد حدة وشراسة كل يوم. ومعاقل الابتكار والاختراع لا تكتفى بالطبع بالسعى إلى إيجاد أدوات جديدة وأنظمة مبتكرة بل التوصل أيضا إلى عقول بشرية قادرة على إعطاء أبعاد جديدة للذكاء الاصطناعى والابتكارات التكنولوجية التى تصل بنا إلى إنتاج أكبر وخدمات أفضل فى حياتنا. من خلال استبدال الإنسان بالآلة أو النظام الإلكترونى البديل.
ومن أجل ضمان الحصول على العقول البشرية الجبارة تطرح الشركات الكبرى العاملة فى هذه المجالات عروض عمل مغرية للغاية خطفت الأنظار فى الفترة الأخيرة. وحسب ما نشرته «نيويورك تايمز» فإن المتخصصين فى الذكاء الاصطناعى وهم للتو خريجون جدد من برامج دراسات عليا من الجامعات أو بسنوات قليلة من الخبرة العملية باستطاعتهم الحصول على عقود عمل تقدر براتب سنوى يتراوح ما بين 300 و500 ألف دولار. كما أن البعض منهم أصحاب الخبرة والاسم المعروف فى استطاعتهم التعاقد بملايين الدولارات من أجل المشاركة فى الصراع الدائر حول الابتكار والجديد فى عالم الذكاء الاصطناعى.
الجديد القائم والقادم فى حياتنا فى حاجة إلى اهتمام واستعداد نفسى وجهد معرفى..
 حتى لا نتوه.. أو تفوتنا كل القطارات. •