الجمعة 22 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
معركة مذكرات محمد التابعى!

معركة مذكرات محمد التابعى!

«إذا تركت الصحافة، سأشتغل بكتابة مذكراتى السياسية ومذكراتى عن حياتى الخاصة، وإنى واثق من أن مذكراتى هذه وتلك سوف تلقى نجاحًا ورواجًا كبيرين».



هكذا اعترف الأستاذ الكبير «محمد التابعى» وهو ما لم يحدث للأسف!

 

وهو نفسه الذى قال فى حوار ممتع للأستاذ كمال الملاخ «أفكر الآن فى كتابة «بعض من عرفت من الرجال» ولن أسمى أحدًا منهم باسمه، ولكن القارئ سوف يعرفهم من أوصافهم».

 

 

 

وحكاية مذكرات التابعى بكل الدهاليز والكواليس حرص الأستاذ «شهدى عطية» على روايتها كاملة ولأول مرة بتفاصيل جديدة ومدهشة وسر غضبه من مصطفى وعلى أمين بسبب هذه المذكرات، كل ذلك رواه «شهدى عطية» فى كتابه المهم «المجدد صاحب الجلالة محمد التابعى».

كانت المرة عندما نشر التابعى فى مجلة «آخر ساعة» - يناير 1929 - سلسلة مقالات تحت عنوان كبير هو «مذكرات التابعى وأسمهان»، وفى الحلقة الأولى كتب التابعى سطورًا مهمة تقول:

«أذكر أننى قرأت بين ما قرأت أثناء دراسة القانون إنه حتى يُحسن بنا ألا نقرأ مقدمة الكتاب إلا بعد الانتهاء من كتابته، ولكننى مع ذلك أكتب مقدمة لهذه السلسلة من المقالات، ولم أمش فى كتابتها سوى خطوات، والسبب فی ذلك أننى كنت أعارض حتى الساعة الأخيرة فى أن أكتب عن المرحومة «آمال الأطرش» التى عرفها الجمهور باسم المطربة «أسمهان»، ولقد عارضت ورفضت أن أكتب لأن «أسمهان» لا تزال ذكرى قريبة وحية قائمة، ولأنه لا يزال بين الأحياء من أهل وأصدقاء من يطوون النفس على جراح دامية، وأخشى أن يكون فى بعض ما أكتب ما يدمى هذه الجراح، ثم إن الحديث عن أسمهان قد يسوقنى إلى الكشف عن أسرار لم يحن لها بعد أن تنشر، أو قد يتناول شخصيات لا يمكن للكاتب أن يعرض لها اليوم بغير الاحترام والإجلال، فكيف أكتب الآن عن «أسمهان»، ولكن أصدقائى وزملائى من أصحاب هذه الدار ومحرريها ألحوا علىّ أن أكتب وقالوا فيما قالوه إنه إذا كان هناك من يستطيع أن يصف «أسمهان» وشخصية «أسمهان» ويروى قصتها كمطربة وإنسانة فهو أنت».

يقول «شهدى عطية» إن التابعى بدأ السلسلة بعبارة «هذه سلسلة من المقالات يسميها تحرير «آخر ساعة» مذكرات».

واستمر التابعى يكتب حلقات «أسمهان» على مدار 14 أسبوعًا، وأوضح أنه حين يجمع تلك الحلقات فى كتاب سوف يضيف فصلين أو ثلاثة يتحدث فيها عن عودتها إلى زوجها الأول ثم طلاقها للمرة الثانية وزواجها بأحمد سالم والشكوك والغيرة التى مزقته، وحادث إطلاق الرصاص ثم وفاتها ومحاكمة أحمد سالم وما قيل فى ساحة القضاء».

وسافر التابعى إلى جزيرة كابرى وفجأة جاء أحمد سالم بنفسه إلى «آخر ساعة» ليكتب هو الآخر قصته مع «أسمهان» تحت عنوان «لقصة أسمهان بقية»، بطلب من رئيس التحرير وقتها وهو «على أمين»، وكتب يقول:

«كتب الأستاذ محمد التابعى الجزء الأول من مذكراته عن «أسمهان»، ثم ألقى القلم والتقط رئيس تحرير «آخر ساعة» القلم ووضعه فى يدى وطلب منى أن أبدأ الجزء الثانى من المذكرات، وبقى القلم فى يدى أربعة أسابيع حائرًا لا يتحرك، واليوم أمسك بالقلم بيد مرتعشة، فإن قلمى تنقصه السن الذهبية التى يحركها التابعى فى سحر ومهارة وفى سلاسة، وتنقصنى مفاتيح «التابعى» تلك الكلمات المتقطعة التى اعتاد أن يبعثرها فى مفكرته الصغيرة ثم يلتقطها بعد سنوات ليفتح بها أبواب الذكريات، ومع ذلك التقط القلم».

وكتب أحمد سالم بالفعل أربع مقالات فى «آخر ساعة»!

وينتقل «شهدى عطية» إلى كتاب التابعى «من أسرار الساسة والسياسة» الذى صدر لأول مرة فى كتاب سنة 1959، ويقول شهدى:

نشرت السلسلة فى مجلة الجيل أحد أهم إصدارات أخبار اليوم وعلى غلاف عدد 14 فبراير سنة 1955 تنويه يقول: فى هذا العدد مذكرات التابعى، وفى مقدمة الحلقات كتب التابعى هذه السطور:

اختلفت مع مصطفى وعلى أمين وكثيرًا ما نختلف، بل غالبًا ما نختلف، وكان خلافنا فى هذه المرة حول موضوع هذه المقالات، اقترحا فى أول الأمر أن أكتب تاريخ حياتى، وقلت إننى لست من العظماء أو الزعماء أو نجوم السينما فلماذا أكتب هذا التاريخ؟ وما الذى يهم الجمهور من حياتى وتاريخها؟!

قال مصطفى أمين: ولكن حياتك حافلة بالحوادث والمغامرات!

ورددت عليه: وحياتك أنت كذلك فهل ترضى أن تكتب تاريخ حياتك؟

 

 

 

وضحك أصغر التوأمين - لأن مصطفى أصغر من شقيقه على بخمس دقائق وقال: لو كتبتها لرجمنى جمهور القراء بالطوب والحجارة!

قلت: وهل تضمن لى أن يرمينى هذا الجمهور بالزهر والريحان إذا قصصت عليه تاريخ حياتى؟

وغلبت الأمانة والذمة على الشقيقين ورفضا أن يقدما الضمان المطلوب!

ولكن مصطفى وعلى أمين لم يقتنعا، وهيهات أن يقتنعا، لأن الصحافة فى دمهما، بل هى عندهما كل شىء، واحتكما إلى الدكتور سيد أبوالنجا وانضم إليهما فى الرأى.

وأخيرًا رضيت أن أكتب. قالوا إذن سوف نعلن ونقول «مذكرات التابعى»، وقلت: كلا، لأنها لن تكون مذكرات بالمعنى الصحيح المفهوم!

سألونى لماذا؟ قلت: ستكون صورًا وقصصًا وصفحات من حياتى وحياة الآخرين بلا تسلسل أو ترتيب!

وبدأ التابعى يكتب مقالاته تحت عنوان «صفحات من حياتى وحياة الآخرين»، وكان التركيز الأكبر فى تلك المقالات على حياة «أحمد حسنين باشا» وسافر التابعى فى إجازة لمدة شهر!

وحدث أمر غير طبيعى بالمرة، فقد بدأ «على أمين» طوال شهر يونيو 1955 فى كتابة حلقات عن «أحمد حسنين» بعنوان «صفحات سقطت من مذكرات التابعى» ويختار عناوين رنانة وهى:

كيف حلق أحمد حسنين ذقن فاروق؟ أبرع رواية تمثيلية يخرجها أحمد حسنين، أحمد حسنين رئيس الديوان الخائب!

وعاد التابعى من الإجازة وبدأ فى استكمال كتابة ذكرياته، لكنه حرص على توبيخ الأستاذ «على أمين» فى أصول المهنة وكتب يقول:

انقطعت نحو شهر عن الكتابة لهذه المجلة «الجيل» وقد تفضل مشكورًا الأستاذ «على أمين» وسد هذا الفراغ، هذا إن كان انقطاعى عن الكتابة يحدث فراغًا ما، وقد اختار الصديق أن يكتب فى نفس الموضوع - أى أحمد حسنين - ومن ثم كتب بضع مقالات ممتعة ومثيرة، وقد اختار لها عنوانًا مثيرًا، ولكنه لا يمت إلى الحقيقة بأى صلة وهو «صفحات سقطت من مذكرات التابعى».

أولًا: وأقولها وأكررها للمرة العاشرة أو العشرين لا أذكر هذه ليست مذكرات، بل صور وقصص، ولكن الجيل تصر على نشر مقالاتى تحت عنوان «مذكرات التابعى» ولا حيلة لى فيما تقوله «الجيل» ويقوله «على أمين»!

ثانيًا: المقالات التى كتبتها للجيل تناولت الجانب الشخصى من حياة المرحوم أحمد محمد حسنين، ولم تتناول إلا عرضًا وفى لمحات سريعة الجانب السياسى منها، وكل ما كتبه الأستاذ «على أمين» كان فى السياسة، أى أنه خاض فيما لم أكن قد خضت فيه بعد، فكيف يسميه إذًا صفحات سقطت من مذكرات التابعى؟ كيف تسقط صفحات من شىء لم أعرضه بعد؟ ولكن الصديق مغرم بالعناوين المثيرة!

وللحكاية بقية.