الأحد 3 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
إحسان عبدالقدوس لجلاد باشا:  أنت ترضى الإنجليز

حكايات صحفية

إحسان عبدالقدوس لجلاد باشا: أنت ترضى الإنجليز

لم يجد الأستاذ الكبير إحسان عبدالقدوس رئيس تحرير مجلة «روزاليوسف» حرجًا أو عيبًا فى أن يعمل فى نفس الوقت ككاتب وصحفى ورئيس لقسم الأخبار بجريدة «الزمان» المسائية التى يرأس تحريرها الأستاذ جلال الدين الحمامصى وصاحبها «إدجار جلاد» المقرب من القصر الملكى، وعندما زادت القيود على ما ينشره إحسان قدم استقالته المسببة لجلال الحمامصى الذى رد عليه بأنه سيتحدث عن استقالته مع إدجار جلاد باشا.



 

 

وبالفعل أرسل الحمامصى باستقالة إحسان إلى «جلاد» الذى كتب يرد على إحسان وقد نشرت مجلة «الصحفيون» التى كانت نقابة الصحفيين تصدرها صيف سنة 1990 تحت عنوان: «رد عنيف من إدجار جلاد» على استقالة إحسان عبدالقدوس جاء فيه:

حضرة المحترم الأستاذ «إحسان عبدالقدوس»

رئيس تحرير مجلة «روزاليوسف»

وصلتنى صورة الاستقالة التى قدمتها إلى الأستاذ «جلال الدين الحمامصى» رئيس تحرير «الزمان» وسيتولى حضرته إبلاغك نبأ قبولها.

ولقد لفت نظرى تجنيك أنت على بعض الحقائق، ومجافاتك للحق وإعمالك للخيال فيما سردت. 

وتصحيحًا للأمور أقول لك، أن المقابلة التى ذكرت أنها تمت بينى وبين سعادة «عبدالحميد عبدالحق باشا» وتفاصيل ما ذكرت أنه جاء على لسانى فى أثناء مقابلتى لسعادته واقعة مختلقة ومن وحى خيال خصيب، وذلك لسبب بسيط وهو أننى لم أقابل سعادة «عبد الحق باشا» وبالتالى لم أذكر لسعادته أنك لم تبعث لنا بأى حديث، ومع ذلك لو كنت اجتمعت بسعادته لكان لدىَّ من الشجاعة الأدبية الكافية لإبلاغه اعتراضاتى على المقال بدون حاجة إلى معونة من أى شخص وهو ما يتفق مع طباعى كما أرجو إبلاغ ذلك لسعادة عبدالحق باشا.

أما الحديث الذى جرى بينى وبينك بشأن مقال سعادته أيضًا وما أثرته من الاعتراضات عليه فلا أعلم سوى أننى قلت لك أن المقال يحوى كثيرًا من التكهن السياسى عن الوضع الداخلى عقب الانتخابات الذى يبدو أنه من سبق الحوادث التنبؤ به، كما أن سعادة «عبدالحق باشا» أدلى بهذا الحديث عقب تشرفه بالمقابلة الملكية، والإعلان عن ذلك فى بلاغ كبير الأمناء، مما قد يؤدى إلى تفسير هذا المقال تفسيرًا ليس له ما يبرره، لذلك اتفقنا كلانا على عدم نشره، هذا هو ملخص الحديث الذى دار بينى وبينك كما تعلم أنت حق العلم، ومع ذلك تعرضت حتى لهذه الواقعة بالتشويه والاختلاق !

ويمضى «إدجار جلاد» صاحب جريدة «الزمان» فى رده على استقالة الأستاذ إحسان عبد القدوس قائلا: 

ويبدو غريبًا بعد أن تجنيت على الصداقة التى بيننا بوقائع زائفة لا تقصد بها سوى النيل من مركزى ومراكز جرائدى الأدبى أن تكون حريصًا على الإبقاء عليها، فأين هذ الصداقة التى تريد الاحتفاظ بها بهذا المسلك الذى يبعد عن مقتضيات «الأمانة الصحفية» التى أشرت إليها فى خطاب استقالتك. 

أما ما تحاول إنكاره عبثًا فهو أن استقالتك فى الواقع وكما تعلم أنت فى قرارة نفسك ترجع إلى أسباب شخصية لا صلة لها بالسياسة ومع ذلك تريد أن تعطيها صبغة سياسية زائفة ويؤكد ذلك اشتغالك معنا سنتين لم أسمع فيهما قط نقدا لسياسة الجريدة. 

«إدجار جلاد»

■ ■

وجاءت الرسالة الرابعة تحمل عنوان «فى رسالة للحمامصى: إحسان يحذر «جلاد» باشا من التمادى» قال فيها الأستاذ «إحسان»!

الأستاذ جلال الدين الحمامصى رئيس تحرير جريدة الزمان

عزيزى جلال 

أرسل لك خطابى الذى أرسلته إلى «جلاد باشا» ردًا على خطابه بقبول استقالتى الذى لا بد أنك اطلعت عليه، وذلك لأنى أحب دائما أن تكون طرفا ثالثا فى الموضوع حرصًا منى على عدم تفسير استقالتى بأسباب قد تؤثر فى صداقتنا الشخصية.

وكل رجائى أن تعمل من جانبك على إقناع «جلاد باشا» بعدم التوسع فى إثارة هذا الموضوع حتى لا يضطرنى إلى اتخاذ خطوات لا أحب أن أتخذها تجاه صديق قديم مهما انتهت إليه صداقته، خصوصا أنى  حريص كل الحرص على إبقاء موضوع استقالتى بيننا نحن الثلاثة. 

وتقبل خالص تحيتى وشكرى 

المخلص «إحسان عبدالقدوس»

أما الرسالة الخامسة والأخيرة وكما نشرتها مجلة «الصحفيون» فجاءت حادة جادة من إحسان إلى جلاد وجاءت  تحت عنوان «إحسان»: يا جلاد باشا: أنت ترضى الإنجليز» وجاءت كلماتها كالتالى:

حضرة صاحب السعادة إدجار جلاد باشا 

صاحب جريدة الزمان

عزيزى «جلاد باشا»

لم أكن أنتظر منك أبدا أن تؤيد الأسباب التى أوردتها فى استقالتى أو تعترف بها، وكل ما كنت أنتظره هو أن تكتفى بقبول الاستقالة دون مبررات حتى تعفى نفسك من الإنكار!

وقد تفضلت ودافعت عن فقرة واحدة من أسباب استقالتى وهى الخاصة بمقال الأستاذ «عبدالحميد عبدالحق باشا»، ومن العجيب أن ما أوردته من حجج تؤيد رأيك فى عدم نشر المقال  كانت الحجج نفسها التى ذكرتها أنا لسعادتك لتسمح بنشر المقال!! ثم إنك نسيت أن «عبدالحق باشا» رجل مسئول قادر على تقدير ما ينشر وما لا ينشر على لسانه أو بقلمه فى كل المناسبات!

 أما إنك لم تقابل «عبدالحميد عبدالحق باشا» فإذا كانت هذه الحادثة كاذبة فلست أنا الكاذب لأنك أنت نفسك الذى أخبرتنى بها فى مكتبك بشارع قصر النيل، وفى الجلسة نفسها التى أخبرتنى فيها بأن سبب عدم نشر المقال يرجع إلى ما تضمنه من آراء تغضب الإنجليز، ولست فى حاجة لأن أستحلفك على ما تقول. 

 

 

 

وقد كان يهمنى أن تتفضل بالرد على بقية الأسباب التى ذكرتها فى استقالتى وكان يهمنى على الأخص أن تذكر لى «الأسباب الشخصية» التى أشرت إليها فى خطابك والتى ذكرت أنها كانت السبب فى استقالتى، فأنا لا أعلم من الأسباب الشخصية إلا عدم نشر مقالاتى -إذا اعتبرت هذا سببًا شخصيًا - وعدم نشر مقالاتى ليس له سبب إلا خوفك من أن أغضب بقلمى الإنجليز أو إحدى الحكومات التى تؤيدها فهل هناك سبب آخر لا أعرفه؟ 

ويختتم «إحسان» رسالته إلى «جلاد» باشا بقوله: 

أما عن مركزك الأدبى ومركز جريدتك، فتأكد أنى لم أفكر يومًا فى استغلال استقالتى للنيل منك أو من جريدتك، بل إنى على الدوام أرجو لك الهداية وأرجو لجريدتك سعة الانتشار حتى يأتى اليوم الذى تستفيد فيه من مواهبك البلاد، وأخيرًا فقد كنت أفضل أن يصلنى خطابك باللغة الفرنسية حتى يكون أكثر أدبًا ولباقة وأرق ألفاظًا، مما يتماشى مع أسلوب كبار الكتاب، بل إنى مازلت أعتقد أن هذا الخطاب لو ترجم لك إلى اللغة الفرنسية بأمانة لندمت على إرساله!

 ومع تكرار شديد أسفى لفشلنا فى التعاون صحفيًا وسياسيًا أرجو أن تتقبل خالص التحية وخالص الدعوات.  المخلص «إحسان عبدالقدوس»

وإلى حكاية أخرى!