الخميس 19 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
مزايدون.. لا صامدون!

مزايدون.. لا صامدون!

لا بُدّ أن تسكت تلك الأصوات الآن وإلى الأبد. 



بُهِتَ الذين سبق أن خاضوا لغوًا فى مسألة تسليح الجيش المصرى ورفع قدراته إلى أعلى الدرجات. 

لا بُدّ أن يسكت مَن اعتبر فى السابق أن مزيدًا من السلاح لجيش مصر هو مزيد من رفاهية ليست مطلوبة. 

أثبتت الأحداث أن السلاح كان فى محله، وكل معادلات رفع الكفاءة والقدرة التى أتمت رسالتها على أكمل وجه كانت فى مكانها. 

لأن الذى حدث هو ما سبق أن حذرت منه مصر ومن تداعياته.. ومآلاته.. وما يمكن أن ينتج عنه.

سبق أن حذر  الرئيس عبدالفتاح السيسى من اشتعال الحرب فى الإقليم. 

وسبق أن قدم روشتة للعلاج، على رأسها حل القضية الفلسطينية باعتبارها أساس النزاع ولب التجاذبات والصراعات فى المنطقة.

سبق أن أكد عبدالفتاح السيسى، أن دائرة الحرب، لو دارت؛ فإنها بكل سهولة يمكن أن تخرج عن السيطرة. وقال إن الجميع سوف يكون فى مرمى النيران.

 

-1- 

تدور دوائر الحرب بسرعة. 

والحروب لا تذر، فيما تضفى أوهام القوة لدى بعضهم على الصورة ملامح من غطرسة بارزة.

لم يحدث أن أدت غطرسة قوة موهومة إلى استقرار، ولم يسبق أن أدت صلافة التعاطى مع الحقوق إلى هدوء منشود.

سبق أن قال عبدالفتاح السيسى: تبقى القضية الفلسطينية أساس الصراع فى الإقليم، وأحد أهم أسباب النزاع. 

لذلك فالحلول تبدأ وتنتهى عند فلسطين. 

والاستقرار الحقيقى للإقليم هو تحقيق مبادئ الشرعية الدولية بتمكين الشعب الفلسطينى من حقوقه المشروعة والإنسانية.

لكن هناك مَن يبادل رغبات الاستقرار بطموحات سيكوباتية فى التدمير. وهناك مَن يرى طرقًا مقلوبة لحل المعادلات، وهناك مَن يعمد إلى مقاربات مجنونة تشير إلى ما فى أذهان مريضة من أحلام. 

أغراض إسرائيل فى العمليات الجارية ضد إيران أكبر من تحجيم قدرات نووية، وأكثر من مجرد استهداف منشآت وصَمتها إسرائيل والولايات المتحدة بالخارجة فى ادعاء رغبة فى إقليم بلا نووى.

تعمل إسرائيل على إعادة ترسيم الخرائط، كما وهى فى الطريق تعمل على إعادة تدوير الحقائق، وتتعمد اللعب بمبادئ الإنسانية ومبادئ القانون ومبادئ الشرعية.

-2- 

لا تزال مصر الحكمة فى إقليم شديد الاضطراب شديد التشابك فى معادلات شديدة التعقيد. لم يتغير الصوت المصرى، ولم تتغير ثوابت القاهرة.

الحلول تبدأ وتنتهى من عند قضية فلسطينية ترى مصر أنها أساس لكل ما يحرك الأحداث فى الشرق الأوسط، بانعكاسات على الإقليم وعلى العالم وعلى الدول الكبرى.. وعلى إسرائيل. 

على مَرِّ التاريخ كانت مصر الصوت الأعلى، واليد الطولى فى الصمود فى مواجهة كل محاولات إنهاء القضية قسرًا، ومخططات هضمها والتحايل عليها أو الالتفاف حولها. 

فى لحظات تاريخية عديدة وقفت مصر وحدها فى مواجهة أعاصير أرادت ابتلاع الحقوق، وطمس الهويات، وتفعيل معادلات عكسية لو تحققت لكانت قوى الشر قد استطاعت اكتساح القضية بأمواج عالية من الافتراءات والمظالم. 

فى مراحل تاريخية، كثيرة وقفت مصر وحدها فى الميدان، بينما بدا هناك مَن يُصَفقون فى الخلفية، ويبتكرون الشعارات ويرفعون لافتات ملونة مكتوبًا عليها جُمَل حماسية، كما لو أنهم مشجعون فى مدرجات كرة القدم.

فى مراحل تاريخية معروفة، وقفت مصر وحدها على الأرض ترسم وتخطط وتقر خطوطًا حمراء، وترسى ثوابت، وتؤكد على مواقف.. فيما ظل فى الخلفية مزايدون وأصحاب شعارات وأصحاب كلام والسلام وأصوات ضجيج بلا طحين. 

قافلة الصمود فصل جديد من فصول المزايدة

على مواقع التواصل كتبت مواطنة من غزة إن القافلة على ما هى عليه، بتلك المُلابسات، وبتلك التحضيرات، وبتلك الأعداد، وبالخلفيات السياسية لمنظميها، لا يظهر منها أنها من أجل غزة. 

قالت الغزاوية: إن القافلة ليست مصحوبة بنوايا طيبة، وإن هناك مَن أراد اللعب على أوراق ما؛ لاستخدامها ضد مصر، باسم القضية، وباسم الحقوق المشروعة، وباسم كل فضيلة تبهر السامع، بينما فى لسان الداعى سُمٌّ زعاف.

خاطبت الغزاوية القافلة بالإشارة إلى أن مصر ليست هى التى تقصف الفلسطينيين، وليست مصر هى التى تحاصرهم، وليست مصر هى التى تمنع عنهم الطعام والزاد والزُّوَّاد.

لو كانت النوايا صادقة؛ لما تحولت القافلة إلى عرض إعلامى ولما اختارت طريق الريبة.

قافلة الصمود فتنة، أو هى محاولة أفعوانية لإحداث الفتنة، فيما العدو معروف والمعتدى واضح، وفى الجانب الآخر هناك مَن يمنع المساعدات، وهناك مَن يتعمد تجويع الشعب الفلسطينى وتشريده وطمسه إذا سمحت الظروف. 

وفى الوقت نفسه هناك مَن يحاول أن يعمل على استبدال الخطاب بتوجيهه للقاهرة بدلاً من توجيهه للأعداء. 

على مواقع التواصل، كتب غزاوى آخر مشيرًا إلى أن دعم القضية فى الواقع لا يتأتى باستعراضات ولا بمجرد رفع الشعارات على اللافتات واليُفط؛ لأن حقوق الشعب الفلسطينى لن تستعاد بالشعارات على اللافتات.. ولن تستعاد أيضًا بالاستعراضات.

لا مجال للمزايدة على موقف مصر، ليس الآن فقط؛ وإنما على طول مَراحل ومحطات الصراع «الفلسطينى- الإسرائيلى».

الموقف المصرى واضح منذ أوائل الأيام، والسياسات المصرية هى الأخرى ثابتة لم تتغير منذ البدايات. كثافة وثقل مراكز الضغط يجب توجيهها للجانب الآخر؛ حيث دولة الاحتلال؛ لأن مَن يحاصر الفلسطينيين موجود فى الجانب الآخر من الخريطة.

 

 

 

-3- 

فى الساعات الأخيرة تداول بعضهم أنباءً عن قافلة أخرى، بخط سير مختلف هذه المَرّة. 

القافلة اسمها «البنيان المرصوص»، ومن اسمها تستطيع أن تفطن إلى مَن يدعو لها ومَن ينظمها ومَن يحركها. 

مفترض فى «البنيان المرصوص» كما تقول الأخبار المتواترة أن تخرج من تركيا دخولاً إلى سوريا من مَعبر باب الهوى، ثم سيرًا فى الأراضى السورية إلى الأراضى الأردنية.. ومنها الوقوف على حدود دولة الاحتلال من الجانب الأردنى. 

على مواقع التواصل تساءلوا: ما الذى يمنع البنيان المرصوص من النفاذ للجولان المحتل حيث هو الطريق الأكثر إيلامًا لإسرائيل؟

الإجابة واضحة والفكرة الشيطانية تظهر بوضوح فى الخلفية.

يبقى التظاهر حقًا مكفولاً فى أدبيات السياسة وفى موجبات حقوق الإنسان. لكن للدول سيادة، وللدول هيبة وسيطرة مفروضة على أراضيها. 

لا تُستباح الدول وحدودها وأراضيها بالشعارات الرنانة، والخطب النارية، والهتافات العالية «بالروح بالدم نفديك يا فلسطين». 

للدول الحق الكامل فى تنظيم الفعاليات على أرضها، ولها الحق فى تنظيم دخول الأجانب، بما يتفق مع القوانين، وللدول أيضًا حقها الأصيل فى خضوع الزائرين لسُلطاتها الكاملة. 

إذا كان على الدعم بالقوافل والزيارات؛ فقد نظمت القاهرة عشرات الفعاليات من أمام مَعبر رفح لمسئولين فى الأمم المتحدة والمراسلين الأجانب ووفود عربية وأجنبية. 

 لكن قافلة الصمود غريبة الشكل ومريبة النوايا، وغرابة وضعها يبدأ من غموض الجهات المنظمة.

فى الوقت نفسه؛ لا يمكن تجاهل الروابط الخفية التى تجمع بعض المعروفين من المشاركين فى القافلة بتيارات سياسية على رأسها تنظيم الإخوان الإرهابى وقطاعات أخرى من بقايا يسار، اعتادوا استغلال الأزمة فى غزة لتحقيق أجندات خاصة. 

تكفى محاولة اختراق الحدود المصرية وحدها لإثارة الشكوك فى الأهداف الحقيقية للقافلة.

تبقى الدولة المصرية هى الأدرى بمسئولياتها تجاه أمنها القومى، لذلك فإن أى محاولة لاستهداف هذا الأمن، بأى حجة، وتحت أى ذريعة سوف تقابل بكل قوة وكل حسم.