السبت 31 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
ذكريات الملكة فريدة  وبديعة مصابنى فى الغربة!

ذكريات الملكة فريدة وبديعة مصابنى فى الغربة!

لو طالعت كتاب «أوراق الغربة: أيام فى لبنان» للأستاذ والصديق الكبير مودى حكيم سوف تدهشك حكاياته وذكرياته مع مئات الأسماء الصحفية والسياسية التى اقترب منها وتعرف عليها وعمل معها، وكل اسم له حكاية مدهشة وعجيبة تغريك بقراءتها.



ولم يكتفِ الأستاذ «مودى» بتلك المعرفة، فقد حرص على أن يكتب عنها للنشر فى مجلة «صباح الخير»، وكان وقتها يقوم، مع الأستاذ إسلام شلبى، بتأسيس فرع الهيئة العامة للكتاب ببيروت، وكان أول ما نشره وقتها حديث الناس مع الملكة السابقة «فريدة» والراقصة «بديعة مصابنى».

كانت الملكة «فريدة» تقيم معرضًا تشكيليًا لست وثلاثين لوحة زيتية بريشتها فى قاعة «لا غاليرى» ببيروت، والملكة تقيم فى بيروت منذ سنة 1963، وأصدقاؤها هم الذين شجعوها على المضى فى الرسم».

 

 

 

وبمهارة وذكاء ينتزع الأستاذ «مودى» من الملكة «فريدة» حكايات وأسرارا تنشر لأول مرة، وتعترف له قائلة: «سقطت الفرشاة من يدى لما دخلت قصر عابدين، أخذتنى من الرسم مهماتى إلى جانب الملك فاروق وانشغالى بالبنات ورعايتهن، حنينى إليه ظل مكبوتا إلى أن أعادنى «خالى» الفنان محمود سعيد - إلى الريشة والألوان دواء لحزنى ووحدتى بعد افتراقى عن الرجل الذى أحببت».

وتحكى الملكة «فريدة» عن إنجابها لأولى بناتها فريال فى 17 نوفمبر 1937 قائلة:

«كان كل من يأتى ويرانى ويرى الطفلة، يطالبنى بغلظة واضحة بولى العهد! ومن كان أكثر أدبا يقول: إن شاء الله المرة الجاية تجيبى لنا ولى العهد! وأصبحت كل ولادة تشكل لى هما كبيرا، وعند ولادة «فوزية» فى 7 أبريل سنة 1940 كانت أجواء القصر كئيبة، متوترة، مشدودة، فقد كان الجميع يتوقعون أن يكون ولدا، أن يكون وليا للعهد وفى صدارة هؤلاء الملكة «نازلى» التى كانت تعايرنى دائما:

- أنا جبت للملك «فؤاد» ولى عهد! إمتى هتجيبى لفاروق ولى عهد؟!

أما «فادية» فرزقنى الله بها فى 15 ديسمبر 1943 وكانت آخر ما رزقنى الله، كانت أحب بناتى إلىّ».

 وتمضى ذكريات الملكة فريدة، وكما سجلها بقلمه الرشيق البسيط مودى فتقول:

«طلبت الطلاق لأنى أحب فاروق، لقد تزوجت الملك ولم أوفق، ومن تتزوج الملك يصعب عليها أن تتزوج شخصا آخر.. هكذا كان قرارى على الرغم من العروض الكثيرة والأموال الوفيرة والإغراءات الكبيرة!».

وقامت ثورة 23 يوليو 1952 وتقول فريدة: «كان فاروق على علم بوجود حركة الضباط الأحرار فى الجيش، فآثر أخذها بالحكمة، إلا أنه دفع ثمن حكمته ويحسب له أنه لم يلوث يديه بالدماء»!

وبعد عدة سنوات تطلب أن يتم السماح لها بالسفر إلى بيروت، وتقول:

«لم يمض يومان على طلبى حتى جاءتنى الموافقة، وقد وصلنى أن «عبدالناصر» قال لوزير الداخلية:

«لماذا تحتجزونها فى مصر؟ اتركوها تسافر متى تشاء وإلى أى مكان تشاء، فسافرت عام 1963 إلى بيروت، وفيها التقيت لأول مرة بناتى، وكان قرار عبدالناصر أن أسافر وأن أعود إلى مصر متى أشاء».

ومن بيروت إلى السعودية إلى باريس وتقول: «سافرت لأستقر فى باريس فى شقة فخمة أهداها لى شاه إيران «محمد رضا بهلوى»، ولكن الضرائب المرتفعة على الشقة ومصاريفها الباهظة أعجزتنى فقررت بيعها واستأجرت استوديو صغيرا فى الحى 16 بباريس أرسم فيه وأنام».

طافت الملكة بفنها ولوحاتها العديد من المعارض حول العالم ونالت كل التقدير والنجاح، وتعرضت لسرقة مائتى لوحة من لوحاتها فى الولايات المتحدة.

وأثناء زيارة الرئيس أنور السادات إلى فرنسا تلقت دعوة من السفارة المصرية بباريس وقابلت الرئيس السادات الذى دعاها للعودة إلى مصر والإقامة فيها ونادى على السيدة جيهان السادات وقال جهارا أمام الجميع:

«الملكة فريدة» ولا يعرف أحد تاريخها مثلى، فدورها الوطنى الرائع يذكره لها التاريخ، ألم يحن الوقت أن تحضرى وتستقرى فى وطنك مصر الذى أحببته وأحبك»؟!

 

وعلى صفحات «صباح الخير» رسم الأستاذ «مودى» صورة بالكلمات الرشيقة الراقصة تفاصيل مقابلته وحواره مع «بديعة مصابنى» ملكة الرقص الشرقى وصاحبة كازينو «بديعة»، وكان من رواده أدباء وصحفيون وفنانون وكما تقول كان الأديب نجيب محفوظ يقيم فى حديقة الكازينو ندوة أسبوعية، وكان الملك فاروق من الرواد الأوائل بعدما عاد من بعثته التعليمية فى لندن».

خطوتى التالية كانت تشكيل فرقة غنائية راقصة ضمت أشهر مطربى ذلك الزمن، عملت فلوس كتيرة وأصبح مسرحى أهم مسرح فى المحروسة، وأسست شركة أفلام بديعة للإنتاج السينمائى، وأنتجت فيلم «ملك المسارح» ولم ينجح.

ومن أخطر ما قالته: «بسبب من «يوسف وهبى» خسر المسرح «روزاليوسف» وربحتها الصحافة، كانت فى عز عطائها وتألقها لما جاء يوسف وهبى يمنع تألقها ويبدى عليها فتاة مغمورة اسمها «أمينة رزق»!

 

 

 

وتتحدث عن «عزيز عيد» الفنان والمخرج الكبير فتقول بكل حب:

«لولا عزيز عيد ما كان نجيب الريحانى، ولولا عزيز عيد ما كان «يوسف وهبى» ومسرح رمسيس، عزيز عيد مُساء إليه ومغموط الحق، هو أبو المسرح فى مصر وليس مثله ولا قبله ولا بعده».

وعن الفنان الكبير «نجيب الريحانى» تقول: أحببت نجيب الريحانى وأحبنى وتواعدنا على الزواج وتزوجنا ومثلنا معًا على خشبة المسرح ونجحنا وسافرنا، طفنا أمريكا الجنوبية وحملنا إلى بيروت وغير عاصمة عربية استعراضاتنا ومسرحياتنا وتعلمنا الكثير من عزيز عيد».

وتنهى قصة الزواج قائلة: انفصلت عن نجيب الريحانى بسبب «النوم» إذ كان يسهر كثيرا مع صديقه «بديع خيرى»، وعندما يثقل النعاس والتعب أجفانه يغط فى نوم عميق طول النهار، كنت لا أجده عندما أفكر فى الخروج أو إذا احتجته فى أى أمر طارئ، فكان الخلاف بيننا وحدث الانفصال، لكننى أعترف بأنه كان فنانا عظيما تعلمت منه الكثير».

يقول الأستاذ «مودى» إن الدموع داعبت مقلتيها عندما سألها كيف أنهت سنواتها فى مصر بعدما أبدعت فنا لأكثر من ثلاثين سنة؟

تمالكت نفسها وحكت: بريق السينما زغلل عيون نجوم كازينو بديعة، خطفتهم الكاميرا، وقد زادت فى أزمتى ظروف الحرب وأثرها وتأثيرها الاقتصادى والاجتماعى، حاولت جاهدة بعدما وضعت الحرب أوزارها استعادة مجد الكازينو، إلا أن معظم البنات اللى علمتهم والمواهب اللى اكتشفتهم وساعدتهم استهوتهم السينما: تحية كاريوكا، سامية جمال، ببا عزالدين، وتحول حتى المطربين إلى ممثلين: محمد عبدالمطلب، ترك مواويله وأعطى وجهه للكاميرا، محمد فوزى صار «جان بريميير» محمود الشريف لحق السينما وتلحين أغانى الأفلام، عبدالغنى السيد، شكوكو، إسماعيل ياسين، أبوالسعود الإبيارى، عزت الجاهلى، فريد الأطرش وأسمهان أخته وغيرهم كتير».

كده خسر مسرحى الاستعراضى نجومه ومع كل ده بدأت مصلحة الضرائب تطاردنى وتطالب بديون قديمة لم أسددها أو على الأقل لم أكن أعرف أننى لم أسددها، ضيقوا علىّ الخناق وهددونى بالحجز والبيع، وبدل ما تكون النهاية سعيدة زى الأفلام بقت نهاية حزينة ومؤلمة».

عزيزى الأستاذ «مودى» الكتاب ممتع ومهم وأشكرك جدا على محبتك ورقتك، وفى انتظار كتابة أوراق الغربة الثانية!