الإثنين 28 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الدولة والعودة تفويض جديد لعبدالفتاح السيسى

الدولة والعودة تفويض جديد لعبدالفتاح السيسى

نزل المصريون الشوارع مرة أخرى فى تفويض آخر جديد لعبدالفتاح السيسى. 



الشارع كله خلف قيادته. الأجواء ملتهبة فى الإقليم، والمؤامرات فاقت روائحها الحد، والشرق كله على الحافة.

ينزل المصريون إلى الشوارع فى الملمات والأوقات الصعبة. يعلم المصريون جيدًا ما الذى يحيكه بعضهم بمستقبل القضية الفلسطينية وبمصير الفلسطينيين. يعلمون أيضًا ما الذى يحاول بعضهم تدبيره بليل ضد أمن مصر الاستراتيجى. 

يعلم المصريون أن المؤامرات لم تتوقف، لذلك فإن الاصطفاف الوطنى خلف القيادة السياسية فرض عين.

هى رسالة أخرى للعالم، بأن مصر كلها واحد، وأن الشعب يعيد تفويض رئيسه فى استمرار التعاطى مع أزمة وجودية، لم يسبق أن تعرضت القضية الفلسطينية لمثلها منذ عام 48.

(1) 

من الشوارع.. قال المصريون رسالتهم للعالم، وأن مصر لن تمكن أحدًا من إجهاض أحلام شعب فلسطيني عانى ويعانى وهو متمسك بالأرض وبالعرض.

فى الأحداث الجسام تظهر معادن المصريين. وفى الأزمات الكبرى، يصطف الشارع خلف الرئيس، برؤية واحدة، ورأى واحد، ودعم لا حدود له.

تنطلق مواقف مصر قيادة وشعبًا تجاه القضية الفلسطينية من مسئولية أملتها عليها الجغرافيا والتاريخ. 

لم يحدث، على طول تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى، أن تخلت مصر عن تلك المسئوليات، ولم يحدث أن كفت مصر أذرعها فى الدفاع عن الشرف العربى. 

فلسطين هى قضية الشرف.

احتشد المصريون فى القاهرة والمحافظات إعلانًا لكلمتهم، قبل أسابيع احتشدوا عند معبر رفح . 

الاحتشاد الشعبى ليس مجرد تعبير عن تضامن شعبى مع قرار القيادة السياسية دعمًا للفلسطينيين، ولا كونه فقط تفويضًا جديدًا لعبدالفتاح السيسى فى حفظ حقوق الشعب الفلسطينى، وبالمثل حفظ الحق المصرى فى كامل ترابه، إنما كلها رسائل شعبية شديدة الوضوح، بأن الشارع المصرى، لا يمكن أن يتقبل فكرة إفراغ قطاع غزة من أهله، ولا يمكن أن يترك فرصة لتمكين الاحتلال الإسرائيلى من التمدد فى الأراضى الفلسطينية.. بلا ضابط ولا رابط .

أصدر المصريون تفويضًا جديدًا لعبدالفتاح السيسى، فى التعامل مع وضع كارثى لشعب جريح، سرقوا منه الوطن والزمن، وسرقوا منه حقوقًا مشروعة فى الأمان.

موقف المصريين فى الشارع موقف شعبى واضح، لدعم موقف رسمى لم يتغير لا اليوم ولا أمس ولا غدًا، بأن أى محاولة لتفريغ القضية الفلسطينية من شعبها ظلم وساء سبيلًا.

(2) 

مواقف الدولة المصرية ثابتة وتاريخية فى مواجهة ما يمس أمنها القومى، ووقفاتها شديدة الصلابة فى مواجهة كل ما من شأنه التأثير سلبًا على القضية الفلسطينية.

وقفت مصر فى مواجهة مخطط التهجير فى سابق الزمان، والمواقف المصرية لا تتغير. 

تنطلق مصر فى التعاطى مع المشكلات الإقليمية من ثوابت معروفة، ومبادئ لا يمكن أن يغفلها أحد. 

من سوابق ومواقف فاتت تأكد للعالم، ولأباطرة الحرب فى العالم، أن القرار المصرى وطنى، لا ينطلق من مواءمات ظالمة، وأنه لا يعرف الخضوع، وأنه فى مفترق الطرق يتقدم للمواجهة لأنه لا يمكن له أبدًا أن يتوارى أو يمارس الانحناء. 

الموقف المصرى الثابت فى الجدل الحاصل الآن، يعيد مرة أخرى الرؤى الاستراتيجية للقاهرة إلى بؤرة النظر، بوضوحها واستنادها إلى منطلقات السيادة الوطنية ورفض الإملاءات الخارجية. 

تظل مصر قوة إقليمية ضخمة، ومؤثرة، تحمى مصالحها، وتصون حقوق أشقائها، فى مواجهة أى محاولات ضغط أو ابتزاز سياسى.

وفى قراراتها، فإن القيادة السياسية مدعومة بالالتفاف الشعبى القوى، لديها من القوة ما يمكنها من إفشال أى محاولة، مهما كان مصدرها، لفرض حلول تتعارض مع الثوابت المصرية التاريخية والأخلاقية.. أو تتناقض مع مصالحها الوطنية.

 (3)

الحلول تبدأ من حق الفلسطينيين فى الدولة والعودة للديار على أراض أقرتها الأمم المتحدة. 

الحقوق لا جدال فيها، والحق أن فلسطين هى وطن الفلسطينيين، ولا وطن آخر. 

ودواء وعلاج القضية هى إنهاء الأزمة. 

وإنهاء الأزمة فى إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وإيقاف الحرب وإيقاف مزيد من إراقة الدماء. 

أى حلول أخرى غير العودة والدولة لا تنفع، وبالتالى لن تزيل بذور التوتر ولن ترفع مفاتيح التحفز، وفى الوقت نفسه لن تخفض فوهات البنادق ولن توقف دانات المدافع. 

فى القضية الفلسطينية الحلول معروفة، وموصوفة وواضحة، بالصورة التى يصبح فيها القبول بمشاريع غير واقعية تفتقر لأدنى معايير قواعد القانون الدولى والإنسانى لن تؤدى إلا إلى مزيد من موجات العنف وعدم الاستقرار فى المنطقة. 

موجات العنف الناتج عن غياب الحلول العادلة سوف تطال الجميع، وسوف تضر الجميع، وسوف تشكل خطورة على الجميع.

والخطة المصرية هى الأقرب للحلول. أو هى الحل الوحيد العادل والشامل، وأى بديل آخر لا يمكن ويستحيل.

التجارب السابقة وشواهد التاريخ أثبتت أن تجاهل موجبات السلام واستحقاقاته لم تؤد إلا إلى مزيد من معاناة الجميع.

ضربت حرب 7 أكتوبر إسرائيل فى السوادة، وأثبتت أنه لا سبيل أمام العنف إلا العنف المضاد، وأن المقاومة فكرة، وأنه لا سبيل إلى الاستقرار إلا بالحلول الناجزة القائمة على إيفاء الحقوق واستيفائها.

لذلك فالخطة المصرية هى الحل الوحيد المستند إلى القانون والشرعية والإنسانية والتاريخية، وهى الحل الذى يضيف إلى القضية زخم الإيجابية والتقدم للأمام وإنهاء الصراع المستمر طوال عقود.

الرؤية المصرية هى الحل العادل فى مواجهة استعراضات وصفتها صحف العالم بالحماقة والتعاطى مع قضايا الشعوب الوجودية بطرق الصفقات التجارية.

فى الصحف الأمريكية وصحف أوروبا قالوا أكثر، ووصفوا الوضع الحالى والمتسببين فيه بمزيد من السخرية والتقريع، لأن العالم يغلى والمنطقة على الحافة.

المشروع المصرى، فى مواجهة الطرح الأمريكى يظل هو الأكثر شجاعة، واضعًا نفسه بقوة فى مواجهة وضع لم يعد يحتمل مزيدًا من التسويف.