![دروس السادات لليسارى لطفى الخولى!](/Userfiles/Writers/140.jpg)
رشاد كامل
حكايات صحفية
دروس السادات لليسارى لطفى الخولى!
إن فكرة هذه الدراسة «مدرسة السادات السياسية» نبتت خلال لقاء تم بين الرئيس السادات والأستاذ «لطفى الخولى» بناء على طلب مفاجئ من الرئيس السادات نفسه أوائل عام 1974.
وكان لطفى الخولى وقتها قد تم إبعاده عن جريدة الأهرام وعن رئاسة تحرير مجلة الطليعة الشهرية وتقديمه مع آخرين لمحاكمة سياسية غيابية من خلال ما يعرف باسم لجنة النظام بالاتحاد الاشتراكى -التنظيم السياسى الوحيد وقتها- التى ترأسها «محمد عثمان إسماعيل» وصدور الحكم بإسقاط عضويته من اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى ومسئولية مقرر لجنة العلاقات الخارجية.
ومنذ ذلك الوقت نهاية سنة 1972 حتى عشية حرب أكتوبر 1973 انقطعت مقابلات لطفى الخولى ومناقشاته المباشرة مع الرئيس السادات حتى بادر السادات بدعوته للقائه وكان ذلك فى بيته بالجيزة على ضفاف النيل.
يعترف «لطفى الخولي» أنه حرص على كتابة وتدوين مذكراته عن هذا اللقاء وغيره من اللقاءات التى جرت بعد ذلك، ويقول هذا اللقاء:
![](https://sabah.rosaelyoussef.com/UserFiles/NewsInnerImages/2025/01/15/61424/1_20250115104858.jpg)
«فى هذا اللقاء حرص الرئيس السادات على أن يبدو فى صورة القائد العسكرى والسياسى الذى فاجأ الجميع -على حد تعبيره- بالحرب والنصر وفتح الطريق إلى السلام فى منطقة كالجحيم بصراعاتها وأزماتها المعقدة والتى لا يقدر على إطفاء نيرانها إلا بشر تمتزج فى عروقهم حكمة «غاندى» ودهاء «معاوية» وعبقرية «روميل» وذكاء «تشرشل»!
كان واضحًا أنه يعنى نفسه أول ما يعنى بهذه الكلمات وهو يستقبلنى بزيه العسكرى الخاص الذى وضع بنفسه تصميمه كما أخبرنى مزهوًا ببدلته وانتصاره معًا».
وعندما علق لطفى الخولى على حديث السادات يقول:
«أوقفنى -السادات- عن الاسترسال فى الحديث بحركة من يده وقال بحدة: «اصحوا وافهموا يا جماعة يا بتوع الكلام الكبير «المجعلص» إياه قبل حرب أكتوبر حاجة وبعد حرب أكتوبر حاجة تانية فى كل شىء.. عندنا «عند العرب» عند السوفييت «روسيا الآن» وكذلك عند أمريكا.. لا تنس أبدًا أننا انتصرنا لأول مرة على إسرائيل.. زلزلناها.. ده كلامهم مش كلامي.. رغم إنكم بتتفلسفوا وتقولوا ده نصر تكتيكى وأنها حرب للتحريك لا للتحرير إلى آخر هذا الكلام الفارغ.. المهم فى كل هذه العملية هو أمريكا.. أمريكا هى شريان الحياة لإسرائيل.. وهى القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية الأولى فى العالم.. والمشكلة أننا عاديناها بسبب إسرائيل.. وإسرائيل غذّت هذا العداء فى أمريكا.. إذا جيت أنا وأثبت قدرتى على مناطحة إسرائيل وفى نفس الوقت أوقفت العداء لأمريكا فى مصر وبالضرورة فى المنطقة كلها، أمريكا اليوم ترحب جدًا بى وبكده نضع إسرائيل فى مأزق.
أمريكا اليوم مستعدة لعمل توازن بينى وبين إسرائيل وأنا مقدرش أطلب أكتر من كده.. أمريكا تغيرت تحت قيادة «نيكسون»- الرئيس الأمريكى وقتها- «وكيسنجر» بالذات!!
وتوقف- السادات- فجأة عن الحديث وراح يملأ غليونه قبل أن يستأنف:
- بما إنك تقابل محمد هيكل يعنى اسأله «شوان لاي»- الزعيم الصينى وقتها- قال إيه عن «كيسنجر».. هيكل قال لى أن «شوان لي» وضعه خلال استعراضه لليهود العظام فى تاريخ الإنسانية بجانب «ماركس» و«إينشتاين»، كيسنجر وأنا تفاهمنا على دور «مصر الجديدة» بعد حرب أكتوبر، حرب أكتوبر هى الخط الفاصل بين مصر هزيمة 1967 وبين مصر انتصار أكتوبر، ومن هنا مشوارى يختلف بالضرورة عن مشوار «عبدالناصر الله يرحمه».
![](https://sabah.rosaelyoussef.com/UserFiles/NewsInnerImages/2025/01/15/61424/2_20250115104909.jpg)
ويمضى لطفى الخولى فى ذكرياته ومقدمته عن مدرسة السادات السياسية ولقاءاته المتعددة مع الرئيس السادات فيقول:
خرجت من اللقاء مع السادات وقد بات مؤكدًا لى أنه أدار ظهره إلى الحركة الوطنية فى مصر وحركة التحرر العربى وأنه ماض نحو تحالف مع الولايات المتحدة، وعقدت اجتماعًا لأسرة تحرير «الطليعة» وأطلعتهم على تفاصيل الحديث مع السادات وانتهينا إلى ضرورة العمل على تنبيه الرأى العام فى مصر والوطن العربى إلى خطورة ما يحدث تحت السطح على مستقبل الوطن العربى كله بين «السادات» وكيسنجر وانعكاساته الداخلية والعربية والدولية!
وكونا فريق عمل يقوم بإعداد مسح شامل لأحاديث وخطابات وتحركات السادات السياسية، واكتشفنا أنه ليس من السهل الإقدام على كشف تفكير وحركة السادات فى مشواره الجديد بالوسائل التقليدية للنشر! ومن هنا نبعت فكرة الدراسة المعملية لهذا المشوار واتفقنا على أن أوالى السعى إلى كشف المزيد عن «أسرار مشوار السادات» من خلال اللقاءات معه.
وتبينت أن السادات يستدعي- أيضًا- عددًا من الكتاب والسياسيين من مختلف الاتجاهات إلى اللقاء معه حيث يطرح «اختيارات مشواره» على أنها أفكار للمناقشة وذلك بقصد معرفة ردود الفعل المتوقعة تجاهها!!
وعن كواليس العمل فى هذه الدراسة المهمة والصعوبات التى واجهتها فيقول:
كانت الظروف الموضوعية والذاتية قد أتاحت لى من خلال ممارستى للسياسة والصحافة النفاذ بشكل مباشر إلى عقل وتصورات وحركة السادات إنسانًا ونظامًا، وذلك عن طريق حوار متصل حينًا ومتقطع أحيانًا أخرى على مدى جلسات خاصة عديدة معه، كان بعضها يمتد إلى أربع ساعات(!!)
وكانت المواد الخام التى تجمعت تتكون من: حصاد عملية شاملة ودقيقة شارك بالجهد الأكبر فى إجرائها زملائى من أسرة «الطليعة» لكل خطب الرئيس السادات المكتوبة والمرتجلة وأحاديثه الصحفية فى الداخل والخارج والنقلات المميزة لحركته فى الواقع وذلك منذ صعوده إلى قمة السلطة خلفًا للرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» فى سبتمبر 1970.
المذكرات الخاصة التى دونتها عن محادثاتى مع الرئيس السادات عقب كل مقابلة جرت بينى وبينه على مدى المسافة الزمنية الممتدة من عام 1971 حتى عام 1976، وكانت جميع هذه المقابلات قد تمت بمبادرة منه عدا ثلاث منها وقعت بطلب منى بعد المناقشة مع الزملاء فى الطليعة وذلك لأسباب محددة فى ظروف معينة.
مجموعة الوثائق الرسمية السرية والأوراق الخاصة بالسادات التى شاء أن يطلعنى عليها وشارك فى اطلاعي عليها السيدان «إسماعيل فهمي» وزير الخارجية وقتذاك وأسامة الباز الوكيل الأول لوزارة الخارجية. وأيضًا بعض أوراقه الخاصة التى سجل فيها- على حد تعبيره- ملاحظاته على شريط الأحداث الطويل، قبل وبعد توليه الرئاسة، وأخيرًا بعض التسجيلات- كاسيتات بصوته يروى فيها تاريخ حياته ودوره فى ثورة يوليو وبعد غياب عبدالناصر ورؤياه لمصر المستقبل».
ومن هنا كانت الضرورة نشر الدراسة على أوسع نطاق ممكن داخل مصر وخارجها ولم يكن ذلك ممكنًا إلا عبر الصحف اليومية ولاسيما الأهرام.
وللحكاية أسرار أخرى!