الجمعة 3 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
ثوابت مصرية.. لا تتغير

ثوابت مصرية.. لا تتغير

بعض الأوطان جريحة فى المنطقة. 



الإقليم ملتهب، والنار قد تتوسع فى الإقليم، حيث بعض الخرائط قد تتغير.. وبعض الوجوه قد تغيرت، لكن المؤكد أنه ليس كل التغيير دائمًا.. فى الطريق إلى ما يرام. 

فى سوريا بعض الطرائف.

أولها قرار حل الجيش السورى.. مفترض أن الجيوش الوطنية ليست شركات، تدار من عل.

لا تخضع الجيوش الوطنية لقواعد الإلغاء بقرارات إدارية. ومفترض أيضًا أن فكرة إحلال الميليشيات محل الجيوش الوطنية، بعد تسليم السلاح، والانضواء تحت ظل المؤسسة الرسمية ظهر أنها فكرة غير سليمة وغير منطقية وغير قابلة للتطبيق. 

لا تنخرط الميليشيات في تنظيمات رسمية . 

بالعكس، أظهرت كثير من الشواهد أن الفكر الميليشيوى عادة ما يقاوم، وينازع، وعادة ما ينزل تحت الأرض متحديًا النظام ومتحديًا التخطيط ومتحديًا أيًا من القرارات المؤسسية. 

الإيمان بفكرة احتمال انضواء الميليشيات فى مؤسسات رسمية، هى أشبه بالفكر الذي يعتقد أن هناك ما يمكن تسميته بجماعات إسلامية معتدلة، يمكن أن تتعاطى مع الجميع، ويمكن أن تتعامل فى مجتمعاتها من منطق قبول الآخر . 

 ( 1 ) 

الطرائف فى سوريا على أشدها . 

فبعد قرار حل الجيش السورى، عينت إدارة العمليات العسكرية، مترجمًا سابقًا وزيرًا للخارجية، وعينت فى المقابل مهندسًا زراعيًا سابقًا وزيرًا للدفاع . 

بعضهم ما زال يرى أن التغيير هو دافع أساسى فى سوريا للأمام . 

 

لكن مرة أخرى، ليست كل التغييرات طريقًا للأمام، ولا كل الوجوه، صالحة للمستقبل، حتى وإن تغيرت نبرة الصوت، ومفردات الكلام، وحتى وإن تغيرت شعارات الإقصاء التي سبق وأطلقها بعضهم فى مواجهة الإثنيات والعرقيات، وتبدلت إلى شعارات فى الإخاء والمحبة.. ورغبات التعاون. 

 

فى المثل العربى: لا يُلدغ المؤمن من جُحرٍ مرتين، لكن فى الأوطان الجريحة، هناك من يُلدغ من الأفاعى أكثر من مرة .. بأكثر من طريقة. 

 

لا يمكن التفاؤل بالمستقبل فى سوريا، لمجرد أن هناك من غيّر الأسماء، أو لأن هناك من قال إنه أتى إلى العاصمة دمشق بسلاح أجنبى، وعلى دبابة مصنوعة فى أوروبا، فاتحًا أذرعه للجميع.. وقابل وقادر على التعامل فى مجتمع يقبل الجميع. 

 

فى المسألة السورية صناديق لم تفتح بعد. 

وفى الأسطورة اليونانية، أن بعض الصناديق هى صناديق باندورا، عندما تفتح، تخرج منها الشرور والآثام، وتخرج منها الدماء، والتنانين الأسطورية، فتعم الجميع، وتحرق النيران الجميع . 

من طرائف سوريا، قرار أمريكي مؤخرًا، بإيقاف حملة ضد محمد الجولانى، كانت قد رصدت 10 ملايين دولار لمن يدلى بمعلومات للقبض عليه. 

تاهت الأسماء، وأصبح الجولانى هو الشرع، مع أن الشرع هو فى الأصل الجولانى، لكن ماذا يفيد.. وقد وصل الجولانى إلى دمشق.. وظهر على السى إن إن!

 

 

 
 

 

( 2 ) 

طغت أحداث السياسة على قمة الثمانى برئاسة مصرية. 

أعادت مصر تلاوة ثوابتها تجاه القضايا الإقليمية والدولية، فى المنطقة التي تشهد تهديدات جسيمة.  المعايير مزدوجة فى أقصى درجاتها وأشكالها، وقواعد القانون الدولى مهمشة فى أقصى جوانب التهميش . 

القانون الدولى فى الإقليم.. ملقى على الأرض، لتعبر من فوقه دبابات الميركافا. 

 

تستقى مصر ثوابتها من قواعد القانون الدولى وقواعد الإنسانية.. لا تخرج الثوابت المصرية عن التأكيد الدائم على ضرورة وحدة وسيادة الدول. 

أعاد رئيس الدولة المصرية التأكيد على الرفض القاطع لأى من سيناريوهات تصفية القضية الفلسطينية.  لن تسمح مصر.. يعنى لن تسمح مصر. الكلام واحد والموانع كثيرة . 

انطلاقًا من ثوابتها، تواصل مصر جهودها لدعم كل الشعوب العربية والإسلامية، لحفظ سيادتها وسلامة أراضيها. 

 

رسائل الرئيس السيسي خلال القمة كانت شديدة الوضوح. ومنه إلى المجتمع الدولى بضرورة تحمل مسؤولياته تجاه قضايا الإقليم العادلة خصوصًا القضية الفلسطينية. 

فى بيانها، أكدت مجموعة الثماني على جهود وثوابت الإدارة المصرية.

وقف فورى لإطلاق النار فى غزة، وحل سياسى للوضع فى سوريا. 

 

فى المنطقة لابد من حلول سريعة. لم يعد للأمور أن تسير سيرًا حسنا وفق سياسات المعايير المزدوجة، أو العمل على التجاهل التام للقانون الدولى وروحه. 

استمرار الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، وامتداد الصراع إلى لبنان، وصولاً إلى سوريا، قد يترتب عليها اشتعال المنطقة. 

 

اشتعال المنطقة، يعنى أن النيران سوف تطول الجميع. ستطول الجميع على مستويات الاقتصاد كما هى على مستويات السياسة وجغرافيا السياسة. 

 

أدان رئيس الدولة المصرية الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضى السورية. إعلان تل أبيب إلغاء اتفاق فض الاشتباك لعام 74 غير قانونى.. وغير أخلاقى فى الأحداث التي تمر بها سوريا. 

لكن إن جيت للحق، فإن الأحداث التي تمر على سوريا، كانت السبب الأساسى والرئيس والفرصة الذهبية للتغولات الإسرائيلية. 

تدعم مصر وحدة واستقرار الأراضى السورية. تدعم أيضًا أى جهد يُسهم فى إنجاح العملية السياسية الشاملة.. لكن دون إملاءات أو تدخلات خارجية. 

من ناحية الأزمة فى فلسطين وفى قطاع غزة، فإن نجاح أى تصور لليوم التالى، لن يتحقق إلا إذا تأسس على تدشين دولة فلسطينية مستقلة. 

( 3 ) 

فى افتتاح «قمة الثماني»، عكست كلمة رئيس الدولة المصرية رؤية استراتيجية واضحة تستند إلى المبادئ والقيم . 

تركز تلك الرؤية على إمكانيات وطرق وسبل تحويل التحديات إلى فرص للتعاون والتنمية.

عكس الخطاب دور مصر المحورى فى المنطقة، وعكس أيضًا حرص القاهرة الأكيد على تعزيز التعاون الدولى، خدمة للشعوب، وإسهامًا فى تحقيق السلام والاستقرار على المستويين الإقليمى والدولى.

قدم رئيس الدولة المصرية رؤية كاملة متكاملة للتعامل مع التحديات التي تواجه الدول النامية، مشيرًا إلى مسائل أساسية، منها نقص التمويل وتفاقم الديون والفجوة الرقمية، وكلها عوامل هى فى الحقيقة تشكل عقبات رئيسية أمام تحقيق التنمية.

أشار الرئيس إلى أهمية العمل الجماعى لتنفيذ المشروعات والمبادرات المشتركة فى تكنولوجيا الطاقة الجديدة والمتجددة والزراعة . أشار الرئيس إلى ضرورة التركيز على المشروعات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها المحرك الرئيسى للتنمية. 

انعكس فهم مصر العميق لاحتياجات الدول النامية، على كلمة رئيس الدولة، التي انطلقت من يقين بأن الحلول المشتركة هى الطريق الأمثل لتحقيق التقدم.

 

فى القمة، قدم رئيس الدولة المصرية خريطة طريق لتعزيز التعاون المشترك بين الدول النامية. 

الرؤية المصرية لذلك التعاون تتماشى مع التحديات الدولية، فى خطوات عملية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التكامل بين «دول الثماني» كلها . 

فى القمة، عكست مشاركة رئيسى تركيا وإيران، إدراكًا واضحًا لأهمية الدور المصري، الأمر الذي يعزز دور القاهرة على التوسط وبناء جسور الثقة بين الدول ذات الأولويات المختلفة. 

تسعى مصر على الدوام، لتوظيف مكانتها كقوة سلام . 

تتعاطى دول السلام مع رغبات التعاون بين الدول على أساس المصالح المشتركة وعدم التدخل فى شؤون الدول الداخلية. 

 

رئاسة مصر لمنظمة الدول الثماني، منذ مايو الماضى، مسؤولية دولية كبيرة تعكس الثقة المتزايدة فى الدور المصري وإمكانياته، وفعاليته فى تعزيز التعاون الاقتصادى بين الدول الإسلامية. 

 

استضافة القمة فى العاصمة الإدارية الجديدة حملت رسالة واضحة بأن مصر تمضى قدمًا فى تحقيق التنمية المستدامة وتوفير بيئة داعمة للاستثمار.. وهو ما يجعلها نموذجًا يُحتذى به فى المنطقة.