رشاد كامل
موسى صبرى لأحمد بهاءالدين :
لسنا فى مجال تبادل الحراب والجراح ولكننا فى حوار مودة!
لم يكتف الأستاذ «موسى صبرى» رئيس تحرير جريدة «الأخبار» بنشر رسالة الأستاذ «أحمد بهاءالدين» ردا على ما كتبه «لعن الله الأنفلونزا يا أحمد بهاءالدين» وكان رد ورسالة «بهاء» بعنوان «متمسك بكل كلمة كتبتها»، وعاد الأستاذ «موسى» ليكتب من جديد تعليقا على بهاء عنوانه «ولماذا ريش الطاووس؟!».
كان الأستاذ «بهاء» قد روى فى كتابه قصة منعه من الكتابة قائلا: كنت فى القاهرة وذهبت كالعادة لزيارة الأستاذ «على حمدى الجمال» فى مكتبه وروى لى ما حدث، كان الرئيس السادات مجتمعا مع رؤساء تحرير الصحف والمجلات، وكان «على حمدى الجمال» جالساً بجواره ومال عليه السادات وسأله هامساً:
- هوه أحمد بهاء الدين مش لسه فى إجازة من الأهرام؟!
وقال له «على الجمال»: أيوه يا ريس؟!
فرد عليه قائلا: طيب يبقى الأهرام مش ملزم بنشر مقالاته!
وهكذا صدر الأمر الثانى بمنعى من الكتابة».
وهكذا كتب الأستاذ «بهاء» ليرد عليه موسى صبرى فى تعليقه:
كانت كامب دافيد هى الموضوع الأول والأساسى فى ساحة السياسة فسأل الرئيس السادات المرحوم «على حمدى الجمال» رئيس تحرير الأهرام أمام باقى رؤساء التحرير وكنا معه فى الطائرة: هل معقول أن يكتب بهاء عن وزارة الثقافة الآن؟!
وسألنى: «على حمدى الجمال بعدها: ماذا يقصد الرئيس، هل يقصد المنع من الكتابة؟ وكانت إجابتى أن الرئيس لايقصد المنع ولكنه يرى فى هذا المقال تهرباً من مناقشة موضوع السلام».
وتحت عنوان «مثل مع الشرقاوى» يواصل موسى صبرى تعليقه:
وأؤكد لك أننى لو كنت كتبت منتقدًا لكامب دافيد أو لاتفاق السلام بأسلوبك الموضوعى الرقيق لما كان هناك جدل حول ما تكتب وشاهدى على ذلك زميلنا وصديقنا الأستاذ «عبدالرحمن الشرقاوى» فلم يكن مقراً لاتفاق السلام، وصارح السادات برأيه فى جلسات نقاش طويلة وكانت وجهة نظره ألا نسمح بسفارة لإسرائيل فى مصر إلا بعد جلاء آخر جندى إسرائيلى.
ولم يغضب السادات ولم يمنع الشرقاوى من الكتابة، وعندما استقال الشرقاوى من رياسة مجلس إدارة ورياسة تحرير روزاليوسف بعد جملة صحفية عنيفة ضد حكومة «ممدوح سالم» بعد أحداث 18 و19 يناير أصدر السادات قرارا بتعيين «الشرقاوى» رئيسا للمجلس الأعلى للفنون والآداب بدرجة وزير، واستمر على أطيب صلة بالشرقاوى.
إن السادات لم يكن يكدره رأى ينقده أو يعارضه، بل كان يؤلمه أشد الألم ما وراء الرأى الناقد من خفايا كان السادات يعرفها بحكم خبرته بالأشخاص وعمله بسلوكهم.. كان هذا هو ميزان السادات فى الحكم على الكلمة المكتوبة!!
وتحت عنوان فرعى «لماذا حشرت اسمها؟» يواصل «موسى صبرى»:
«وإذا كان صحيحا أن السيدة «جيهان السادات» قد عرضت عليك - رياسة تحرير الأهرام - ولى تحفظ على ذلك - فلم يكن من اللائق أيها الصديق العزيز أن تحشر اسم السيدة «جيهان» فى هذا الموضوع، فأنت أول من يعلم إنها لا تملك حق تقديم هذا العرض! وإذا كانت أرادت أن تجاملك فى جلسة عائلية وبصفتها الشخصية فإن هذا لا يعنى عرضا من السادات!
ومع ذلك، فإن كان السادات راغباً فى أن تتولى رياسة تحرير الأهرام بعد وفاة «على حمدى الجمال» فهذا يؤكد أن الرجل يثق فى كفاءتك ونزاهتك، وأنه لا يهتم بخلاف فى الرأى إذا كان نابعاً من موقف شرف واقتناع.
وأرجو أن تعرف يا عزيزى أن السيدة «جيهان السادات» هالها وأفزعها وأذهلها موقفك بعد وفاة السادات وبعد عودتك للكتابة فى الأهرام حاملاً لواء الهجوم على السادات، وفى هذا المجال روت لى الكثير عن سعيك لديها لكى يصفو لك السادات فى حياته وقبل أشهر من مصرعه!
وقد كنت أفضل لك فعلا أن يكون نقدك للسادات فى حياته، ولو فى صحيفة عربية، وأنت تمزق اليوم جثمانه بعد موته فى أربع صحف عربية ومجلة مصرية واحدة.
هنا.. كنا رأيناك مستقيما مع نفسك، إما أن تختزن كل هذا المقت للزعيم الراحل، حتى ينطلق منفجراً بعد موته ومعتمدا فقط على «ذاكرة الأنفلونزا» التى خانتك فهذا مالا نرضاه لكاتب نحبه ونحترمه مثل «أحمد بهاءالدين».
وأنت أيها الأخ العزيز لا تزال مصمماً على كل كلمة كتبتها اعتمادا على «ذاكرة الأنفلونزا» وأنت حر فى ذلك وليس لى تعليق على سلوك عنادك إلا أنه مجرد «عناد» لا يجوز لكاتب أن يتشبث به ونحن فى معرض رواية وقائع التاريخ.
وقبل أن ينهى الأستاذ موسى صبرى تعليقه الحاد على الأستاذ «أحمد بهاء الدين» يكتب تحت عنوان «حقائق لا تقبل الجدل».. فيقول: ولكنى أؤكد لك من جديد إنها «ذاكرة أنفلونزا» بل أنفلونزا حادة جدا!!
وقولك إن الأستاذ «نجيب محفوظ» كان يكتب قصصا فى الشرق الأوسط.. ليس صحيحاً على الإطلاق، وإذا كان ينشر القصة فلم يكن نشر القصص يزعج السادات فى قليل أو كثير، ولكن كان يزعجه الأقلام السياسية المصرية التى كانت تطعن سياسة مصر فى مقتل على صفحات «سعودية»، وهذه الأقلام لا تجرؤ أن توجه نقداً لسياسة السعودية مثلا!
ولاشك أن الأسماء المصرية الكبيرة كانت أداة ترويج لمثل هذه الصحف التى شنت أعنف الحملات على مصر وسياسة مصر، وفرق شاسع أن يقرأ الناس لأقلام «مصطفى أمين» و«إحسان عبدالقدوس» و«أحمد بهاء الدين» وبين أن يقرأ للأساتذة «طحنون بن بطى» و«حشر بن المعلا» و«توينى بن أبيه»!
وأؤكد لك مرة ثانية أن قرار السادات بتخيير الكتاب المصريين بين الكتابة فى مصر أو فى الخارج، لم يكن فى خطاب علنى تزعم أنت أنك سمعته بذاكرة الأنفلونزا الحادة جدا.. بل كان فى اجتماع خاص مع رؤساء تحرير الصحف وهذه واقعة لا تحتاج إلى أى جدل!
أما حكاية المطربة «شريفة فاضل» التى تقول أنت عنها، إنها نشرت فى أخبار الناس بصحيفة الأخبار وأن الأستاذ «لبيب معوض» المحامى قد أنذر الصحيفة بمقاضاتها، وأن أخبار الناس نشرت خطاب المحامى فأؤكد لك هذه المرة إنها ليست صحيحة جملة وتفصيلا، فلا أخبار الناس نشرت ولا المحامى احتج ولكنها ذاكرة الأنفلونزا الحادة جداً.
وقد تلقيت رسالة من الأستاذ «لبيب معوض» المحامى يؤكد فيها إنه لم يكن يومًا وكيلًا عن الفنانة شريفة فاضل بل كان خصمًا لها فى إحدى القضايا، وبالتالى فلم يحدث أن أرسل إلى الأخبار خطاباً عنها بهذه الصفة أو غيرها.
وأخيراً يقول موسى صبرى: (وبعد فهذه هى الحقائق أيها الأخ العزيز «أحمد بهاءالدين» ولسنا فى مجال تبادل الحراب والجراح ولكننا فى حوار «مودة نترك بعدها للقارئ أن يحكم لى أو لك ونسأل الله جميعاً أن يحمى ذاكرتنا ومذكراتنا من غدر الأنفلونزا وغير الأنفلونزا.. ولك تحيتى وحبى».
وعند هذا الحد انتهت المعركة السياسية والصحفية أيضا!