ظاهرة طبيعية قبل الخامسة لكن بعدها يكون سلوكا عدوانيا سلبيا
ابنى عنيد.. أعمل إيـه؟!
د.محمد محمود العطار / أستاذ رياض الأطفال المساعد- كلية التربية- جامعة الباحة سابقا
مرحلة الطفولة هى أهم مرحلة من حياة الإنسان ففيها بداية التشكيل وتكوين الشخصية إما إنساناً سوياً أو مضطرباً، فمعظم الاضطرابات النفسية والسلوكية التى تنشأ وتظهر لدى المراهقين والبالغين تحدث نتيجة لما يتعرض له الإنسان فى طفولته لذلك يجب على المربين والمهتمين بنشأة الأطفال فهم طبيعة وخصائص هذه المرحلة ومتطلباتها وكيفية التعامل الصحيح مع الاضطرابات النفسية والسلوكية التى تحدث فيها.
والطفل الذى يتصف بسلوكيات العناد المبالغ فيه يرفض كل ما يطلب منه أو يؤمر به حتى وإن كان هذا الرفض ضد مصلحته ورغباته وهذا أسلوب سلبى عدوانى أى أن هذه الحالة نوع من العدوانية ولكن يعبر عنها بطريقة سلبية وكأنه يعبر عن عدوانه بالمعاندة كأسلوب سلبى ومن صفات هذا الطفل المعاند صعوبة إقناعه بأى شيء والاستمرار فى المجادلة التى ليس لها فائدة، وله مقدرة على معرفة ردود أفعال الآخرين فهو ذكى ويشعر بالسعادة أكثر إذا شاهد علامات التذمر على وجوه من حوله فيفتخر بصفته عنيداً ولا يسمع من أى أحد النصيحة.
والعناد قد يظهر ويختفى تحت ظروف معينة وفى مواقف معينة، فقد يظهر فى المنزل ويختفى فى المدرسة والعكس صحيح، وهنا يكون الطفل واعياً لسلوكه العنادى ولكنه يفعل ذلك لتحقيق رغبة أو هدف ما، وعندما يحقق ما يريد فإنه يتخلى عن عناده، وعندما يكون العناد سمة أساسية للطفل فإن ذلك يكون نواة لاضطراب فى الشخصية وهو ما نطلق عليه اضطراب الشخصية السلبية العدوانية.
والعناد ظاهرة طبيعية قبل سن الخامسة ولكنها بعد ذلك تعتبر سلبية، فالطفل قبل العامين لا يملك الاستقلالية الكافية فهو يعتمد على والديه بشكل كبير، لذلك لا تظهر عليه السلوكيات العنادية بشكل واضح، فيما عدا بعض الممانعة، ولكن ذلك لا يعد عنادا لأن العناد موقف وسلوك ينبنى على الشعور بالاستقلالية الجزئية من جانب الطفل ونمو تصوراته الذهنية فيقوم بممارسة هذه الاستقلالية بالرفض والاحتجاج والممانعة وإبداء الرأى المخالف.
أشكال العناد!
توجد أشكال متعددة لعناد الأطفال منها عناد التصميم والإرادة: ويظهر هذا الشكل من العناد عند بعض الأطفال لدى إصرارهم على محاولة إصلاح لعبة، خاصة إذا أصيب الطفل بالفشل عند إصلاحها فى المرة الأولى، عندها يزداد إصراراً على تكرار محاولته مرة أخرى.
العناد المفتقد للوعى: كإصرار الطفل على عدم النوم من أجل مشاهدة برنامج تليفزيونى بالرغم من محاولات أمه النوم حتى يستيقظ مبكراً صباح اليوم التالى، ويكون إصرار الطفل فى مثل هذا الموقف عناداً مفتقداً للوعى والإدراك.
العناد كاضطراب حركى: قد يكون عناد الطفل نتيجة اضطراب سلوكى خاصة حينما يعتاد الطفل على مثل هذا السلوك ليصبح مع العمر سمة من سمات شخصيته، وهذا الشكل من العناد يسبب له نزوعاً إلى المشاكسة والتعارض مع الآخرين، ليمثل بالتالى سلوكاً مرضياً يستدعى استشارة المختصين فى ذلك.
العناد مع النفس: وقد يعاند الطفل نفسه كرفضه تناول الطعام وهو جائع برغم محاولات الأم بضرورة تناول الطعام.
أسباب العناد!
السيطرة الزائدة وشدة الوالدين وعدم الاهتمام برأى الطفل، ما يجعل الطفل يأخذ الاتجاه المخالف واتباع المعاندة ليحافظ على تماسك شخصيته التى يشعر بأنها مهددة بفقدان استقلاليتها.
● يحدث العناد كاستجابة انفعالية مصاحبة لأزمة نفسية حادة ويكون ذلك حينما ينتقل الطفل إلى بيئة جديدة بعيدة عن الوالدين.
● يبدأ العناد عند حدوث خلل فى النمو النفسى مرتبط بأسلوب الوالدين فى تدريب الطفل على النظافة.
● رغبة الطفل فى تأكيد ذاته واستقلاليته عن الأسرة خاصة إذا كانت الأسرة لا تنمى ذلك الدافع فى نفسه.
● كثرة الأوامر والعقاب، كذلك كثرة الرفض لاحتياجات الطفل، ومقارنته بالآخرين.
نعمل إيه؟
على الآباء والأمهات أن يدركوا أن سلوك العناد سلوك طبيعى فى حالة الصغار ممن هم فى مرحلة الطفولة المبكرة وذلك حتى يرتاحوا نفسياً، وأن مقابلة سلوك العناد عندهم بطريقة غير صحيحة سينتج عنه ضرر محقق، ولذلك يجب فى مثل هذه الحالات تقليل الأوامر للطفل بقدر الإمكان، وعدم الإهمال بالرفض وفى نفس الوقت الإصرار على العناية بالعمل المطلوب مع إعطاء الطفل الوقت الكافى لاكتساب الأسباب، وكذلك محاولة تفسير السبب وراء إعطاء هذه الأوامر وتوضيح ما هى الدوافع التى تكمن وراء اختيار أساليب معينة من السلوك، أو إعطاء أوامر معينة بفرض تجنب سلوك، ومن ثم يجب اتباع الآتى: على الوالدين التحلى بالصبر والهدوء وعدم الانصياع لآراء الطفل، ومنحه الوقت الكافى لكى يعبر عما بداخله والاهتمام بما يقول وإن لم يكن صواباً.
الطفل العنيد يخاف عقاب الله أكثر من غيره لأنه يشعر أن هناك قوى خارقة تذكره بالخالق سبحانه وتعالى وأن عقابه شديد، فعلينا غرس حب الله فيه ونحدثه عن مخلوقات الله وقوته وعظمته، واجعليه يستغفر الله كلما فعل سلوكاً خاطئاً حتى نغرس فيه الاستقامة منذ الصغر.
ينبغى على الوالدين تغيير أسلوب معاملتهم للطفل فعليهم معاملة الطفل العنيد برفق ولين واستخدام أسلوب الحوار والإقناع حتى لا يعاند، وكذلك مساعدته على إثبات ذاته.
تحقيق استقلاليته بصورة إيجابية، والتقليل من التدخل فى أعمال الطفل ولعبه وعدم تقييد حريته فى اللعب.
محاولة كسب ثقة الطفل وإعطائه فرصة التعبير عن حاجاته، وعدم استخدام المعاندة والتسلط مع الطفل.
الحرص على جذب انتباه الطفل قبل إعطائه الأوامر مع تجنب الإكثار من الأوامر على الطفل وإرغام الطفل على تنفيذها.
وأخيراً نشير إلى أن الطفل عندما يمر عبر مراحل نموه النفسى قد تظهر لديه علامات العناد وهذا يشير إلى مرحلة طبيعية من مراحل النمو، وهذه المرحلة تساعد الطفل على الاستقرار واكتشاف نفسه وإمكاناته وقدراته على التأثير فى الآخرين، إذ إنه ليس كل عناد اضطراب يحتاج للعلاج.