رشاد كامل
أحمد بهاء الدين لموسى صبرى: متمسك بكل كلمة كتبتها دون أى تعديل!
فشلت جهود الأستاذ «موسى صبرى» فى ترتيب لقاء الأستاذ أحمد بهاء الدين مع الرئيس السادات لإزالة غضب السادات من بهاء، وأن يقوم موسى بالاتصال ببهاء، ويخبره بأن السادات يرحب بلقائه!! ويقول موسى صبرى في رده على بهاء تحت عنوان «لعن الله الأنفلونزا يا أحمد بهاء الدين» (الأخبار 18 ديسمبر 1986):
- كنت فعلا أريد أن يجرى هذا اللقاء، ولم أتصل ببهاء فى اليوم التالي، ولكننى اتصلت به فى اليوم الثالث ولم أجده فى القاهرة وأبلغت السيدة الفاضلة زوجته أن تقول له إذا ما اتصل بها من الكويت أن كل شيء يجرى على ما يرام.
ثم عدت إلى القاهرة واتصلت ببهاء فى الكويت، وقلت له إن الرئيس يرحب بلقائه بعد إنهاء أعماله فى الكويت وعودته إلى القاهرة وأن الرئيس سعيد بذلك!
تحت عنوان «لعن الله الأنفلونزا» يواصل موسى صبرى رده:
هذه هى القصة كما حدثت تماما، ولست أدرى لماذا تحورت إلى نقيضها فى خيال «أحمد بهاء الدين» ولعن الله الأنفلونزا!
وأقول للعزيز بهاء.. من المستحيل أن يعتمد كاتب على ذاكرته ولولا أننى سجلت هذا الذى جرى فى مذكراتي، لما استطعت أن ألم بتفصيلاته الدقيقة وقد وقع «بهاء» فى أخطاء عديدة بسبب الاعتماد على الذاكرة فقط.
مثلا ذكر فى هذا الفصل من الكتاب الذى ينشر اليوم فى المصور أن السادات ألقى خطابا عنيفا هاجم فيه الكتاب المصريين الذين يكتبون فى صحيفة الشرق الأوسط «وهم» مصطفى أمين وإحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ.
والصحيح أن السادات لم يلقِ خطابا عنيفا أو غير عنيف فى هذا الموضوع، الصحيح أنه قال إن على أى كاتب مصرى أن يختار بين أن يكتب فى صحافة بلاده أو صحافة الخارج، وكان ذلك فى اجتماع دعا إليه السادات القيادات الصحفية فى استراحة القناطر، وأصدر فيها قرارا بتعيين «إبراهيم سعدة» رئيساً لتحرير أخبار اليوم لأنه رفض عرضاً ماليًا كبيرًا من صحيفة «الشرق الأوسط» وقال «السادات» إن شاباً يفعل ذلك بينما الشيوخ يهرعون إلى الصحف العربية، وكان يقصد مصطفى أمين وإحسان عبدالقدوس فقط، ولم يكن نجيب محفوظ ممن يكتبون فى صحيفة الشرق الأوسط أو غير الشرق الأوسط.
وقد استجاب كل من «مصطفى أمين» و«إحسان عبدالقدوس» لقرار السادات وأعلن كل منهما أنه اختار الكتابة فى صحافة بلاده فى بيان قصير من ثلاثة أسطر، لا فى مقال كما ذكر أحمد بهاء الدين فى كتابه الذى اعتمد فيه على ذاكرة الأنفلونزا!!
ولم يقل لى أحمد بهاء الدين- كما نشر- إنه لا يمكن أن يعد بقبول ما جاء فى خطاب الرئيس مهما كانت الظروف لسبب بسيط هو أن محور حديث بهاء كله كان عن أنه سينهى أعماله فى الكويت ويحضر للاستقرار فى القاهرة.
وتحت عنوان «حكاية شريفة فاضل» يواصل موسى صبرى رده فيقول:
بقيت قصة كتبها بهاء، إنه رواها لى وهى أنه طلب منى أن أبلغ السادات أنه- أى بهاء- يريد أن يتمتع بالحقوق التى تتمتع بها المطربة «شريفة فاضل» التى تغنى فى كباريه فى مصر وكباريه فى لندن، وأنه يطالب بهذا الحق وبالمساواة مع شريفة فاضل فى كباريهات الصحافة!!
أقسم غير حانث أننى لا أذكر شيئا من هذه القصة.. ولا أنفيها وربما يكون «بهاء» قد ذكرها لى لكننى أستبعد تماما أن يشبه بهاء صحافة مصر بالكباريهات وهو يغنى فى هذه الكباريهات منذ أكثر من ثلاثين عاما.
ويختتم موسى صبرى رده الطويل قائلا:
وبعد، أرجو أن يتقبل العزيز «أحمد بهاء الدين» هذا التصحيح منى بصدر رحب فإننى حريص على حقائق التاريخ حرصى على مودته».
كان رد الأستاذ «موسى صبرى» حديث الوسط الصحافى والسياسى، وكان السؤال الملح: هل سيرد بهاء على مقال «موسى» أم سيتجاهله ويلوذ بالصمت عملا بحكمة قديمة. تقول: «إنه يكتب.. ماذا يكتب دعه يكتب»!
لكن الأستاذ «أحمد بهاء الدين» قرر الرد وكتبه وأرسله إلى موسى صبرى، وصدرت الأخبار صباح 22 ديسمبر 1986 - أى بعد أربعة أيام فقط من مقال موسى صبرى.
وعلى الصفحة الأولى من الأخبار صورتان لموسى صبرى وأحمد بهاء الدين، وتحتهما عنوان بارز يقول: «رسالة من أحمد بهاء الدين وتعليق من موسى صبرى» وعدة سطور تقول:
تلقت الأخبار ردا من الأستاذ أحمد بهاء الدين على مقال موسى صبرى، لعن الله الأنفلونزا يا أحمد بهاء الدين، وتنشر الأخبار رد «أحمد بهاء الدين» كاملا ومعه تعليق من موسى صبرى، كان عنوان رد الأستاذ «بهاء» متمسكا بكل كلمة كتبتها وجاء رده كالتالى:
الأخ العزيز موسى صبرى..
نعم، لقد كتبت ما كتبت معتمدا علی ذاكرتى، وقد كنت أمينا مع القراء فذكرت ذلك بوضوح فى مقدمة الكتاب الذى ينشر مسلسلا فى مجلة «المصور» المصرية وفى أربع صحف عربية أخرى فى الوقت نفسه وتركت للقارئ أن يصدق ما يريد من منطلق رأيه فى مدى صدق كل كاتب من الذين يقرأ لهم.
ولست أشك فى أنك كتبت ما كتبت- ردا على كلامى- معتمدا على ذاكرتك فقط، وإن كان ذكاؤك المعروف لم يخذلك فاستدركت فى آخر ردك المفصل الطويل قائلا: إنك تنقل ما كتبت من مذكراتك واسمح لى «دون زعل» أن أشك فى وجود مذكرات لك فيها هذا الكلام، لسبب بسيط جدا، وهو أن كل الواقعة التى أزعجتك بغير مبرر، هى واقعة عابرة وتافهة، لا يكتب مثلها أحد فى مذكراته إلا إذا كان يسجل يوميا ماذا أكل وماذا شرب بالتفصيل، وأقترح إذا كان الكلام مسجلا كما تقول فى مذكراتك أن تطلعوا عليه أى صديق مشترك لنا وسوف أقبل شهادته بلا تردد!
وبالتالى فإن تعليقى الوحيد هو أننى متمسك بكل كلمة كتبتها دون أى تعديل بما فى ذلك واقعة زيارتك لى لاصطحابى معك إلى أسوان لمقابلة الرئيس السادات.
وأؤكد لك أننى لم أطلب مقابلة السادات قط منذ ديسمبر 1977، وبالتالى لم يحدث قط أن رفض السادات مقابلتى، وقد كنت أقول لمن يحدثنى فى هذا الموضوع فى تلك الفترة: لا شك أنه يشرفنى دائما أن أقابل رئيس دولتى مهما كان الخلاف السياسى، خصوصا إذا كان السادات بالذات الذى عرفته جيدا، ولكن أى لقاء سيكون غير ذى موضوع، فأنا مختلف معه سياسيا وعلى مسائل جوهرية، والرئيس قد أمر بمنعى من الكتابة فى جريدة الأهرام لهذا السبب، وأن نلتقى معناه إما أن يعدل الرئيس السادات عن آرائه السياسية، وهو أمر غير معقول طبعا، وإما أن أغير أنا من آرائى السياسية من أجل أن أعود إلى الكتابة فى الأهرام، وهو أيضا أمر غير وارد، فما هو المتوقع من هذا اللقاء؟
وتحت عنوان فرعى «رئاسة تحرير الأهرام» يواصل أحمد بهاء الدين: وقد حدث كما- لا شك- تعلم بعد ذلك بسنوات أن عرض علىّ الرئيس السادات العودة إلى تولى رئاسة تحرير جريدة الأهرام بعد وفاة المرحوم «على حمدى الجمال» ونقلت إلىّ هذا العرض السيدة «جيهان السادات» فى منزل الرئيس بالجيزة، ولكنى اعتذرت لنفس السبب السابق المنطقى وهو أنه من غير المتصور أن أتولى رئاسة تحرير جريدة تعبر وقتها عن سياسة أنا مختلف معها جذريا طبعا، تستطيع السيدة «جيهان السادات» إذا أرادت أن تكذب هذه الواقعة أيضا، ولكننى مرة أخرى أقول إننى أسجل بأكبر قدر من الأمانة ما حدث، ومن حق أى إنسان بعد ذلك أن يقول ما يشاء».
ولرد الأستاذ بهاء على مقال الأستاذ موسى بقية.