الثلاثاء 3 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
محاورات أحمد بهاء الدين  مع السادات ليست مذكرات!

محاورات أحمد بهاء الدين مع السادات ليست مذكرات!

حرص الأستاذ أحمد بهاء الدين على كتابة مقدمة لمحاوراته مع السادات، وهى المقدمة التى لم تنشر فى طبعة مكتبة الأسرة سنة 2013، ولا أعرف مَن هو المسئول عن هذا السهو أو الخطأ!



فى هذه المقدمة يقول الأستاذ «بهاء»: عندما بدأ نشر هذا الكتاب مسلسلاً فى عدد من الصحف والمجلات العربية قدمت لهذه السلسلة بالكلمة التالية:

«هذه الأحاديث ليست مذكرات، فالمذكرات تقتضى تغطية مرحلة من المراحل التى عايشها الكاتب بجميع جوانبها وبكل أحداثها وأبطالها، وهى أيضًا ليست كتابًا عن أنور السادات؛ فهذا عمل يقتضى دراسة الشخص التاريخى بكل مراحل حياته وبكل جوانب شخصيته وسياساته، وهذا أيضًا ليس هدف الكتاب!

ولكن هذه السطور اختارت لنفسها مساحة محدودة للحديث، وهى «محاورات مباشرة» دارت بين الكاتب ورئيس الدولة فى مراحل مختلفة وموضوعات متعددة، ولم يكن مقصودًا تسجيل كل ما دار من محاورات، مما يتعلق بمئات الأحداث ومئات الأشخاص؛ ولكننى عمدت إلى الانتقاء الشديد لما تصورت أنه يلقى ضوءًا مباشرًا على تفكير الرجل ودوافعه وطريقة نظرته للأشياء والأشخاص من الزاوية التى أتيح لى أن أراها بشكل مباشر».

 

 

 

ويضيف الأستاذ «بهاء» هذه الملاحظة شديدة الأهمية فيقول:

وليس لدىّ على هذه المحاورات شهود إلا القليل النادر، وليس لدىّ وثائق إلا أقل وأندر، فأنا أسجل هذه الأحاديث معتمدًا على الذاكرة تمامًا تاركًا الحكم عليها للقارئ ورأيه فى أمانة الكاتب ومسئوليته!

وليس لدىّ وأنا أقدم هذه المحاورات فى صورة كتاب الكثير مما يمكن أن يضاف إلى هذا التقديم البسيط، فقط أحب أن أسجل ما تلقيته من الذين عاشوا بعض هذه الأحداث نفيًا أو تأكيدًا، قد زاد من تمسكى بدقة كل سطر كتبته فى هذا الكتاب دون أى تعديل.

الأمر الثانى هو أنه من الممكن بالطبع أن أكتب فى مجال هذه الحوارات عشرة أمثال ما كتبت، فالأحداث غزيرة والكلام كثير، ولكننى أؤكد للقارئ الذى تفضّل وعبّر عن ثقته فى كرم، أننى راعيت كل الحرمات واحترمت كل الخصوصيات، ولم أتطرّق لآراء شتّى للسادات فى شخصيات محترمًا قاعدة أن «المجالس أمانات»، ومكتفيًا فى أضيق الحدود بما رأيت أن له صفة الموضوع العام والشخص العام، وإذا كنت قد تطرقت إلى رواية بعض الأحداث الجانبية والشخصيات؛ فقد كان ذلك فقط فى إطار شرح السياق الذى لا بُد من شرحه لإعطاء جو الحوار مناسبته وظروفه، والحوارات ذاتها هى موضوع الكتاب وجوهره.

والحقيقة عن أى شخص أو موضوع متعددة الجوانب ولا يكتمل للقارئ أو الباحث القدر الكافى من «الحقيقة» إلا بقراءة الشهادات المتعددة من وجهات نظر متعددة فى رواية ما حدث، وذكر ما جرى.

وقد التزمت - كما قلت سابقًا - بألا أعرض معلوماتى وهى كثيرة بالطبع، ولكنى ذكرت ما رأيته بعينى وما سمعته بأذنى، وما كان احتكاكى به شخصيًا مباشرًا، وهو اختيار صعب فى الكتابة، أرجو ألا يجده القارئ صعبًا فى القراءة.

وفّقنا الله جميعًا للوفاء للحقيقة قدر ما نستطيع، أمّا التحليل والآراء فمجالها واسع، وممتد على الدوام». انتهت المقدمة.

الجدير بالذكر أنه أثناء نشر حلقات الكتاب مسلسلة فى مجلة «المصور» تلقى الأستاذ «بهاء» عشرات الردود على حواراته مع السادات وقام بنشرها والتعقيب عليها أيضًا، ولكن عندما صدر الكتاب فقد خلا تماماً من هذه الردود المهمة.

كان رد الأستاذ موسى صبرى رئيس تحرير «الأخبار» وقتها واحدًا من هذه الردود وقد نشره فى صحيفة الأخبار بتاريخ 18 ديسمبر سنة 1986، وبعد أربعة أيام ينشر موسى صبرى ردًا على مقالة من الأستاذ «أحمد بهاءالدين» بتاريخ 22 ديسمبر وينشره ويرد عليه أيضًا.

جاء مقال الأستاذ موسى صبرى بعنوان «لعن الله الأنفلونزا يا أحمد بهاءالدين»، وكان ردًا ساخنًا وغاضبًا أيضًا وفيه يقول:

فى كتاب الأستاذ «أحمد بهاءالدين» محاورات مع السادات» الذى ينشره على حلقات فى عدد من الصحف العربية فصول كثيرة كان يمكن أن أتعرض لها بالتعليق، وربما بتعليق واحد يقول إن الكاتب العزيز اعتمد - كما سجل على نفسه - فى كل ما كتب على ذاكرته فقط ولكن ذاكرته خانته بل غدرت به عندما صوّر الزعيم الراحل وكأنه تلميذ جاهل بالسياسة، منافق مع كل الناس، غبى لا يحفظ الدروس وكلما أقبل على امتحان أو سقط فى امتحان؛ سعى إلى أستاذه «أحمد بهاءالدين» حيثما كان، يستلهم منه الحكمة والنصيحة والرشاد وكثيرًا ما كان الأستاذ يضيق بهذا التلميذ البليد ويستأذن فى الانصراف ولكن التلميذ يتشبث به أن يبقى وفى هذه الأجواء جرت الـ «محاورات مع السادات»!

وتحت عنوان فرعى «قليلاً من التواضع» يمضى الأستاذ موسى صبرى قائلاً:

نعم كنت أريد أن أقول لأحمد بهاءالدين.. قليلاً من التواضع يا أخى يصلح الحوار.. ولكننى آثرت الصمت، وأنا أقرأ له فى الشرق الأوسط كل اثنين فصلاً جديدًا، حتى وصل إلى الفصل الخامس والعشرين قبل الأخير، وإذا به يتناول واقعة حدثت بينى وبينه ولم يكن معنا ثالث.. وكانت فى غرفة نومه وهو طريح الفراش بسبب الأنفلونزا.

ولعنة الله على تلك الأنفلونزا التى هيأت للكاتب قصة خيالية وحوارًا حدث عكسه تمامًا، فلقد شاء أن يجعل من زيارتى له وحوارى معه فى سياق الخط الدرامى لقصته، وهو أن السادات ظل يلهث وراءه ويسعى أن يلقاه.. وكان دائمًا يستجيب على مضض وضجر ولكنه فى هذه المرة قال لا لن أقابل السادات!

ومرة أخرى قليلاً من التواضع يا أخى يصحح الوقائع!

وتحت عنوان «هذه هى الحقيقة» يواصل الأستاذ «موسى صبرى» رده:

كتب أحمد بهاءالدين أننى طلبته بالتليفون أكثر من مرة وكان الرد أنه مريض وبعيد عن التليفون، وأننى تصورت أنه يتهرب منّى ولذلك فاجأته بالزيارة فى منزله لأقول له إن السادات تحدث معى طويلا عنه وأنه يريد أن يلقاه وأن القطيعة بينهما يجب أن تنتهى! ولكن «بهاء» رفض هذه الدعوة وأصر على الرفض لأن السادات ألقى خطابًا عنيفًا هاجم فيه الكُتاب المصريين الذين يكتبون فى صحف عربية، ووجّه لهم اتهامات يرفضها «أحمد بهاءالدين» وهو مُصر على الكتابة فى الخارج.. ولذلك فإن اللقاء لا جدوى منه..

 

 

 

وهكذا سافرت أنا من القاهرة إلى أسوان للقاء «السادات» وحدى رغم أننى التزمت أمام السادات أن أحضر أحمد بهاءالدين معى!

ويؤسفنى أن أسجل أن الحقيقة لوجه الله والتاريخ تخالف تمامًا ما سطره قلم أحمد بهاءالدين وأنا مضطر أن أروى ما جرى!

اتصل بى المرحوم «أمين عدلى» العضو المنتدب السابق لمؤسسة «أخبار اليوم» وأبلغنى أن «بهاء» فى القاهرة وأنه مريض وأنه يريد رؤيتى، واقترح «أمين عدلى» أن أكون البادئ بالسؤال عنه!

وفعلاً سألت عنه تليفونيًا وهو الذى رد عليّ واتفقت معه على زيارته فى اليوم التالى!!

والأسبوع المقبل نستكمل تفاصيل ما جرى!