الأربعاء 2 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«ثمرة الرمان»

«هناك نوع من السحر فى الذهاب بعيدًا ثم العودة متغيرًا».. هذا ما قالته الكاتبة الأمريكية دوجلاس ويجن والذى تحقق مع الرسام المصرى شنودة عصمت الذى ذهب لزيارة أرمينيا وبقى فيها 40 يومًا ليقرر أن الزيارة لا يمكن أن تمر بشكل عابر وأن عليه أن يؤرخ تجربته وشعوره العميق بالحضارة والفنون الأرمينية.



فقد وجد أن الحنين إليها لا ينقطع فضلاً عن وجود قوى موحدة تربط مصر وأرمينيا بخلاف التاريخ والانصهار بين البلدين، فهناك تقارب وامتزاج فنى، سحر يجذب من يزورها فيعود محملاً بأساطيرها لينسج أعمالاً فنية بديعة.

ووظف «شنودة» العشق الذى خلق فى قلبه فور رؤية أرمينيا، مع العشق الموروث فى الدماء لبلده الأم مصر ليقيم معرضًا ناجحًا يحمل عنوان «شجرة الرمان». وهى الثمرة المقدسة لدى الأرمن وتعنى لهم الكثير، فهى أحد الرموز الوطنية لدى الأرمن، ولها مكانة كبيرة فى تاريخ أرمينيا، فهى رمز للخصوبة وللقوة، كما أنها تعنى أيضا للمصرى القديم الكثير حيث جاء، ذكرها فى البرديات المصرية القديمة ومنها بردية «تورين»، فى القرن الثانى عشر قبل الميلاد، وهو المقطع الذى يعكس اهتمام المصريين بالرمان:

شجيرة الرمان ترفع صوتها (خفيض، ومصر، وصاخب)

«بذورى تلمع مثل أسنان سيدتى، وشكل فاكهتى مستدير مثل نهديها.

أنا مفضل لها، كما أعلم، أحلى شجرة فى البستان،

وأبدو فى أفضل حالاتى مع كل موسم».

وقال الشاعر والعالم الصوفى جلال الدين الرومى إن القوة التى تضع حبات الرمان، واحدة واحدة داخل قشرتها،

تعلم فى أى قلب تضعك فلا تقلق».

عن عشق أرمينيا، البلد الوردية الهادئة الزاخرة بالفن والعراقة قال شنودة عصمت: إن معرضه مزيج من الثقافة الأرمنية والمصرية القديمة، وانعكاس الصداقة الثقافية المتشابكة بين مصر وأرمينيا فى الرموز المشتركة والمحبوبة للتراثين الغنيين.

وأشار إلى أنه فى 24 أبريل من قبل العام الماضى وهو يوم تذكار الإبادة الجماعية للأرمن، سمع أغنية وترجم كلماتها وتأثر بها فبدأ فى رسم بورتريه للمطرب، ثم بدأ فى رسم سيكتشات تحت عنوان (سكيتش أرمينز).

وأضاف: زرت أرمينيا وبقيت فيها 40 يوما وعندما عدت وجدت شيئًا مختلفًا حدث بداخلى، وقررت أن أسجل ما رأيت وشعرت به، وعلى الرغم من أنى سافرت بلدانا عديدة لم أشعر بأن هناك دولة يمكن أن أقيم لها معرضا كاملا كأرمينيا، فلديهم تراث عميق ويوجد تشابه بيننا.

فكما لديهم الرمان رمز للخصوبة لدينا حيوان فرس النهر أيضا رمز للخصوبة فى مصر القديمة وقد قمت برسم صورة لفرس النهر يحمل ثمرة الرمان.

كما أن زخارف الأنماط النسيجية الأرمنية شبيهة بالأنماط المصرية التقليدية القديمة وقدمتها على ورق البردى، وقد تأثرت بالصخور هناك وألوانها والمناظر الطبيعية البكر.

وشنودة عصمت هو فنان بصرى، يستخدم العديد من الخامات والوسائط للبحث والوصول لحلول فنية بصرية لإحياء التراث المصرى بعناصر ومفردات بصرية معاصرة من بينهما التصوير الفوتوغرافى والجداريات الكنسية، وتصميم المنتجات المستوحاة من التراث المصرى القديم للمتحف المصرى بالتحرير.

وعن المعرض قالت الكاتبة الأمريكية شون كوبل: شجرة الرمان عرض نموذجى لمواهب شنودة الخاصة كفنان، وهناك سحابة من الرواقية التى تتخلل غالبية مواضيعه. ولوحاته تتألق بالحياة النابضة.