الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
ألـــف ســـلام للشـــهيد

ألـــف ســـلام للشـــهيد

فى يوم الشهيد نقف إجلالًا لأبناء مصر المخلصين.



ليس أكثر من إراقة الدم فداء للوطن. لولا دماء هؤلاء لما بقى الوطن. 

لولا فداء المنسى وأقرانه.. لولا إصرار عبدالمنعم رياض وجنوده.. لما استقرت سيناء داخل الخريطة المصرية. ولولاهم لما استعادت مصر نفسها.. فيما بعد ربيع عربى شوه الأجواء.. ولوث المناخ.. وألقى بزعابيبه على دول أخرى لم تستطع أن تتخلص من آلامه.. وآثامه للآن.

صمد الوطن بصمود أبنائه.. ودمائهم.. وأرواحهم.

بقيت مصر.. واستعادت المكان والمكانة.. والاستقرار رغم ربيع عربى، جاء فى شكل تسونامى شديد القوة شديد البأس بحجج الحريات تارة، وبحجج حقوق الديمقراطية تارة.

فى فترة ما، كان هناك من تلاعب بالشعارات، وكان هناك من خدعته الشعارات.. وانطلت عليه الحجج، فى وقت كانت فيه سيناء.. ينعقد عليها الرهانات.

انعقد على سيناء الرهانات مرتين فى تاريخنا الحديث. مرة بداية من خمسينيات القرن الماضى.. وأخرى فيما بعد 2011 تلك الأيام التي تنذكر ما تنعاد.

لن تُعاد.. ولن تُعود.

فازت الدولة المصرية فى المرتين بدماء أبنائها. وهدم شهداؤها صالات القمار، وموائدها الخضراء.. ورموا أفيشات اللعب فى صناديق المهملات.

هزمت مصر الإرهاب.. وبدأت التنمية. لكن لم تتوقف محاولات الشر.. ولن تتوقف.. بقى أن يأكل الشر نفسه، أو تدهسه جحافل رجالة دماؤهم أرخص ما لديهم.. إن كانت القضية قضية وطن. 

(1)

كانت يناير 2011 سببًا وطريقًا ممهدًا لجلوس الإخوان على كرسى الحُكم فى 2012. 

وكانت 2012 سببًا فى بدء حلقات من سلاسل انتقامية، مدفوعة بممارسات جماعة إرهابية لم تستطع أن تستوعب هزيمتها فى معركة وجود بعد الإطاحة بها فى 30 يونيو 2013.

جعل إرهاب الإخوان كل فئات المصريين هدفًا مشروعًا له. كانت بؤرة الإرهاب فى سيناء.. أو كانت المعادلة، تحويل سيناء لمركز إرهاب إقليمى، فى الطريق لتغيير السمات السياسية فى مصر وفى الإقليم.. وبالتعاون مع دولٍ فى الإقليم.. ودولٍ أخرى على خارج المنطقة.

استهدف الإرهاب من سيناء المؤسسات الأمنية والقضائية والدينية بخطط أفعوانية، إضعافًا للدولة، ومحاولة للخصم من رصيد الثقة فيها لدى المواطن.

كانت المحاولة أن تتشكل سيناء بوصفها مركزًا لإشاعة الفوضى فى أنحاء مصر. الفوضى كانت تُحضر على أكثر من نار.. وكانت الموائد تفرش بالمفارش المطرزة، خليطًا من حروب سلاح.. وحروب شائعات.. غير الاستهداف بأقوال ملفقة، وأرقام مزيفة. 

تأثر تواجد الإرهاب فى سيناء بعوامل عدة.. كان واحدًا من تداعيات يناير وما قبلها، انتهاءً بالاضطرابات الإقليمية المحيطة. 

 تنامت محاولات النفاذ إلى الأراضى المصرية وفق خطط مختلفة، طبقًا لمخططات متعددة، إضافة إلى ما وفرته الصراعات فى سوريا والعراق وليبيا من أسواق غذت التدفقات العابرة للحدود للمقاتلين والأسلحة ورؤوس الأموال.

بين خمس دول عربيّة غيرها «الربيع العربى».. وغير تركيبتها الجغرافية.. وغير تراكيبها الاجتماعية، وأزهق اقتصادها، ودمر جيوشًا.. وحدها صمدت مصر. 

صمدت مصر بدم الشهيد.. وروح الشهادة فى سبيل تراب مقدس.. على يد رجال منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.. وما بدلوا تبديلا. 

صحيح كشف ما يسمى بالربيع العربى.. هشاشة بعض الأنظمة، لكن فى نفس الوقت كشف الربيع العربى أيضًا مدى استعداد الإخوان المسلمين لاستغلال كل الفرص، واستعداده للتحالف مع باقى الشياطين للانقضاض على السلطة والاحتفاظ بها إلى ما لا نهاية.

وحدها مصر تعافت من فخ «الربيع العربى». العامل الأساسى كان صلابة المؤسسة العسكرية بوصفها العمود الفقرى للدولة.. وبوصف أولادها البررة.. خيرة أبناء هذا البلد.

(2)

إن جيت للحق، ستظل تداعيات سوداء لما يسمى بالربيع العربى لائحة. 

ما تزال آثار الربيع العربى تتفاعل فى دولٍ عربية كثيرة. هنا يظل السؤال المُلح.. حتى لا ننسى: ليبيا إلى أين؟ سوريا إلى أين؟ اليمن إلى أين؟

تحوّل «الربيع» إلى كابوس لا نهاية قريبة منه.. أو له. 

فى مصر.. لم تكن الحرب على الإرهاب سهلة. كانت تلك الحرب أقوى من حروب منظمة أخرى كثيرة فى التاريخ، أدت إلى تغيير الخرائط، وإعادة رسم الآثار الجيوسياسية للبلدان. 

تكبدت مصر خسائر شديدة على المستويين الاجتماعى والاقتصادى بعد يناير 2011. كانت الكلفة أكثر على معايير متعددة فى الحرب على  الإرهاب .. وفى استعادة سيناء، بالتوازى مع بدء التنمية فيها. 

 

 

 

اليوم.. بعدما هزمت مصر  الإرهاب، وأنزلت جماعاته إلى أرض سابعة حيث يصلون سعيرًا، لا تغيب عن الأذهان سيرة رجال مخلصين، نزلوا هناك.. فكفوا يد الشيطان.. وحرقوا الرايات السوداء مهما كان الثمن.

بدأت الدولة التنمية الشاملة، بالتوازى مع الحرب على  الإرهاب . حروب التنمية فى مصر وأركانها.. لا تقل عن حروب  الإرهاب.

تقتل التنمية هى الأخرى  الإرهاب، وتوئده.. وتقطع التنمية الطريق على الأفّاقين وتُجار الأوطان وتُجار الأديان. 

التنمية شاملة على خريطة مصر كما رسمتها الدولة المصرية.. وتظل تنمية سيناء ذات خصائص خاصة.. وقيم مضافة خاصة على مسارات السياسة.. وفى مراحل التاريخ. 

 لم تكن سيناء الآن.. كما هى عليه.. وعلى ما هى مقبلة عليه.. لولا رجال آمنوا بربهم فزادهم.. ربهم هدى.

(3)

وسط غياب شبه تام للتنمية طوال تاريخها.. كان أن لجأت التنظيمات الإرهابية إلى محاولة التوطن هناك، فى ملاذات آمنة وقلاع تتحصن فيها قوى لم تعدم أحدث أنواع الأسلحة، وأخطر أنظمة الاتصالات، وأوسع طرق الإمدادات.. ناهيك عن التمويل.. واستيراد المقاتلين.

بذل أبناء هذا الوطن جهودًا هائلة لتطهير سيناء ونزع جذور الإرهاب.

مرة أخرى لم تكن المعركة سهلة.. صعوبتها كانت فى التوازى بين العمل على التنمية بواد البناء.. بالتوازى مع العمل على الأرض بالسلاح فى مواجهة أصحاب الجلابيب البيضاء. 

تولى عبدالفتاح السيسي القيادة فى مرحلة مفصلية. مرحلة كانت فيها الدولة تترنح خروجًا من ما سمى من باب الأدب بالربيع العربى. 

تولى عبدالفتاح السيسي بتكليف من المصريين.. وقبلها كان قد خرج بتكليف من المصريين أيضًا.. لإعادة مارد الإخوان إلى القمقم.

لا تخرج الشعوب من مراحلها المفصلية بالساهل. لا تنجح الشعوب فى هزيمة «عفاريت الزمن» بيسر. لذلك يبقى دائمًا أثر الشهيد الذي يمهد الأرض للحياة.. ويُعيد تصاريف الزمن.. لأبناء البلد فى الطريق للمستقبل.

فى كثير من البؤر على الخريطة، كانت عفاريت الزمن، فى بعض البلدان أقوى من محاولات الشعوب فى الخروج من المراحل الخطرة. استدرجت شعوب كثيرة من المراحل الخطرة إلى مراحل أكثر خطورة. 

استُدرجت شعوب أخرى من المراحل الأكثر خطورة إلى مراحل «خيوط العنكبوت». ومن مراحل خيوط العنكبوت، دخلت شعوب مراحل «اللى يروح ما يرجعش».

للآن تُعّافر تلك الشعوب رغبة فى استقرار مفقود.. وأملا فى تماسك مفقود.. ورغبة فى حدود آمنة مفقودة. 

تُعافر بعض شعوب، من أجل مجرد خطوة موحدة لتشكيل حكومة. هذا غير تأثيرات شديدة السلبية على الهوية، وعلى النسيج الاجتماعى، وعلى الاقتصاد، وعلى شكل الدولة، وعلى تشكيل مؤسساتها.. وعلى ماهية عمل تلك المؤسسات.

معركة مصر مع الإرهاب لم تكن سهلة. 

حاربت مصر الإرهاب نيابة عن المنطقة. وروى أبناء مصر بدمائهم.. تراب خلاص المصريين.. نيابة عن الإقليم.  حاربت مصر نيابة حتى عن دول أوروبا.. ودول الغرب، ولو أن بعض دول الغرب كانت هى التي وضعت بذوره ، وبعض دول الإقليم كانت هى التي تغذى نباته.

كان الهدف مصر باب المنطقة.. ومبتدأ الحكاية.. لذلك لم تكن المعركة فى مواجهة الإرهاب سهلة.. ولا كان الطريق ممهدًا.. لولا قدرة رجال طووا الأرض.. إلى أقصى ما يمكن أن تبلغ بهم الأرض. 

انتصرت مصر بهؤلاء الرجال فى مواجهة «إشكيف» كان يخطط كى يأكل الأخضر واليابس.. وكان يخطط للقتل على الهوية.. والقتل على الرأى.. وصولا للقتل على المذهب.. وعلى وجهات النظر.

كان إشكيفًا يعمل على تغيير الهوية، وابتلاع التاريخ.. والتلاعب الجغرافى.. وبالمنطق وبحق المصريين فى الأمن والأمان. 

 فى تلك النوعية من المعارك، تفقد الشعوب كثيرًا من أبنائها، ومن مواردها، ومن دمائها.. حفاظًا على أبنائها ومواردها.. ودماء الآمنين فيها.

لذلك دائمًا ما يبقى الأثر.. وتبقى السيرة.