الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
أزمة وعدت.. واللى جاى أفضل

أزمة وعدت.. واللى جاى أفضل

فارق بين الشراكة الاستثمارية وبين البيع . 



فارق بين إدارة أموال بجهود مدروسة واستراتيجية اقتصادية للمستقبل فى مشروعات تنموية وسياحية كبرى، وبين بيع أصول، أو بيع أراضى . 

الدولة لا تبيع . 

الدولة طرحت شراكة استثمارية، متعارف عليها فى العالم وحوله.. وفق قوانينها وتحت سمائها .

 

هذه الدولة التى عملت على لم شمل مصر بعد ما حدث فى 2011 وما بعدها، وحجم ما نزفت من دماء ذكية.. وحجم ما تحملته الدولة من مليارات للحفاظ على الأرض والعرض.. لا يمكن أن يجيز فكرة أنه يمكن لتلك الدولة أن تفكر فى بيع . 

هذه دولة تركت من الدماء أذكاها على مدى خريطتها الجغرافية، وفى كل شبر من فوق أراضيها نموذج على التضحية والفداء.. لا يمكن أن تبيع . 

دعك من الكلام الفارغ هنا وهناك.. دعك من كلام ابن عم حديث على مواقع التواصل. دعك ممن يقولون أى كلام، فى أى كلام .. ثم هم لا يعلمون . 

(1)

لا أفضل أن يطلق عليها صفقة. الصفقة فى المفهوم الجمعى كلمة أحيانًا ما تكون ذات دلالات ليست صحيحة ولا حقيقية. الأفضل أن نسميها اتفاقًا. الأفضل أن نطلق الأسماء على حقائقها، خصوصًا أن هناك من هو جالس يتحين الفرصة، ليدس السم، ويعكر حتى صفو النجاحات.. وينفر من الأبواب المفتوحة والأمل المؤكد فى أن المستقبل أفضل. 

اتفاق رأس الحكمة غير مسبوق، ومشروع شراكة استثمارية على نطاق لم يحدث من قبل فى مصر. 

يعنى إيه شراكة؟ 

يعنى اتحاد على مشروع مالى، بعوائد كبيرة، مصر بالأرض والشريك الأجنبى بالتمويل والتدوير على نسب من العوائد، وفق العقود المبرمة . 

العوائد كبرى، مثلما الاتفاق كبير. 

الآثار ظهرت قبل ساعات من التوقيع.. هوى سعر السوق الموازية للعملة. وهوى أيضًا سعر الذهب.  توقفت المضاربات، وتوقفت عمليات مص دماء الناس، باستغلال أزمة اقتصادية، كانت الدولة تعمل على الخروج منها وحلها فى أسرع وقت. 

ما بعد اتفاق رأس الحكمة غير ما قبله.. غير كل ما قبله. الآتى زيادة فى موارد الدولة من النقد الأجنبى .. الآتى ضبط صارم لسوق النقد الأجنبى، والقضاء على سعرين للعملة، وبالتالى استعادة الاقتصاد المصرى لأقصى درجات قوته وفعاليته. 

التدفقات فى العملة الأجنبية، تعنى دفع عجلة الإنتاج والتنمية، والرواج الاقتصادى يعنى مزيدًا من فرص العمل، ومزيدًا من تقليل البطالة.. ومزيدًا من العمل فى الطريق للمستقبل . 

خرجت مصر من 2011 ومعدلات البطالة فوق الـ 14 ونصف فى المائة. الإعلان الأخير عن معدلات البطالة، انخفض عن 6.9 % . 

كانت البطالة أزمة من الأزمات الكبرى التى واجهتها الدولة المصرية، منذ أيام ما يعلم بها إلا ربنا. 

البطالة، إلى جانب العوار الاقتصادى فى الهيكل العام لأموال الدولة، إضافة إلى مشكلات أخرى كانت كبيرة منها العشوائيات وعلى رأسها الإرهاب.. ومشكلات البنية التحتية كانت كلها أكبر معوقات خلال معادلات التفكير فى المستقبل. 

عدّت تلك الأيام .. ومرت. قضت مصر على الإرهاب واستطاعت أن توقف عجلة الزمن وتغير التاريخ. 

لو لم تتمكن الدولة من التصدى للإرهاب.. أو الإخوان قبله، ما كانت عجلة التاريخ إلا أن انحرفت فى الطريق لستين داهية. 

تسقط البلدان بسرعة.. لكنها لا تقوم بسرعة.. بعضها يسقط ولا يقوم . 

 

 

 

(2)

عزز اتفاق شراكة رأس الحكمة من الثقة فى الاقتصاد المصرى، نبرة صندوق النقد الدولى بعد الاتفاق اختلفت عما قبله. 

ثقة المستثمرين العرب والأجانب فى فرص الاستثمار المباشر فى مصر تدعم هى الأخرى قدرة الاقتصاد على مواجهة التحديات. 

التحديات كبيرة.. والعالم يتغير.. والخرائط الجيوسياسية تلتهب، وتتخذ أشكالًا جديدة، مع خطوط بيانية غير مستقرة بين لحظة وأخرى.

متصور أن خريطة العالم سائلة الآن أكثر من ما قبل الحرب العالمية الثانية.. وأصعب مما كان دائرًا خلال الحرب الباردة قبل جورباتشوف فى روسيا. 

زادت بؤر الصراع على مناطق الغليان.. وزادت مناطق الغليان على مناطق التوتر.. وانقلبت الخريطة رأسًا على عقب فى بؤر أخرى . 

الاقتصاد فى تلك الأحوال ليس فقط غير مضمون، لكن نسب المخاطر فى تلك الفترات هى الأعلى وهى الأكثر تأثيرًا سلبيًا على أسواق المال. 

اتفاق رأس الحكمة، نموذج على قدرة الدولة على إيجاد الحلول لدعم اقتصادها.. وإشارة قوية على قدرة الدولة على مواجهة التحديات مهما كانت صعوبتها. 

لا يخفى على أحد أن التحدى كان صعبًا. وصول الدولار فى السوق الموازية إلى ما فوق السبعين جنيهًا كان تحديًا أكبر من نوعه. 

مشروع تطوير رأس الحكمة.. استغلال أصول. استغلال الأصول خطوة تقوم بها الاقتصاديات الكبرى .. فى حلول مستدامة. 

تسعى الدولة المصرية إلى تشجيع الاستثمار المحلى وجذب المستثمرين الأجانب، تشجيع الاستثمارات المباشرة فى دنيا الاقتصاد واحدة من أهم الحلول متوسطة وطويلة الأجل لزيادة الموارد من العملة الصعبة. ولدى مصر مزيد من فرص استثمارية كبيرة أخرى فى المستقبل. 

(3)

قبل سنوات، لم تكن المنطقة الشمالية الغربية لمصر قد استغلت بالشكل الأمثل. مناطق كثيرة على الخريطة المصرية كانت تحوى كنوزًا، وتبشر بفرص تنموية كبرى لم تكن تبشر بالجديد لغياب الرؤية.. وافتقارها للظروف المواتية. 

كان أبرز ما فى الأوضاع افتقار تلك المناطق إلى مقومات الاستثمار. ربما أول ما كانت تلك المناطق تفتقر إليه.. كان بنية تحتية تؤهلها للاستثمار. 

استفادت منطقة رأس الحكمة، فى نطاق الساحل الشمالى، مع مناطق أخرى من عمل الدولة على التطوير. بدأ التطوير من إعادة التخطيط، ثم امتد لاكتمال بنى تحتية غيرت فيها الدول الخريطة على مدى عشر سنوات . 

الساحل الشمالى الغربى كنز مصرى خالص. 

واتفاقات الاستثمار فى تلك المنطقة قادرة على مزيد من دعم وتغيير المنطقة وتحويلها إلى كيان سياحى على نطاق واسع وعالمى. 

ميزة الاتفاق على تلك المنطقة، ليس فى التخطيط لتجمع عمرانى سياحى ضخم.. لكن حجم مشروع رأس الحكمة، بداية لتحريك جميع القطاعات الاقتصادية، بمزيد من الأيدى العاملة المصرية، وبأنشطة استثمارية مصرية خالصة، فى خلطة مميزة تساهم فيها قطاعات حكومية، وقطاعات خاصة.. وبخامات مصرية، وعاملين مصريين، ما يخلق حالة أخرى من حالات التكامل الاقتصادي، بمزيد من استمرار الاقتصاد المصرى على الطريق الصحيح . 

رأس الحكمة بداية نهاية الأزمة الاقتصادية.. بآفاق مبشرة . 

(4)

حسب الاتفاق تحصل مصر على 35 % من أرباح المشروع . 

النسبة مقبولة ومعقولة.. ناهيك عن توقعات بحوالى 8 ملايين سائح إضافة على حصة مصر من السياحة كل عام. 

تعمل مصر على خطة رفع معدلات السياحة إلى حوالى 30 مليونًا. 

رأس الحكمة وفق النسبة المعلنة، فإنها سوف تتيح ما يقترب من ثلث الرقم المستهدف من السائحين على مستوى الجمهورية . 

النقطة أن فعالية الاتفاق، وآثاره الإيجابية ظهرت حتى قبل ساعات من توقيعه، انخفض سعر الدولار بشكل لافت فى السوق الموازية، مزيد من التراجعات استمرت بعد التوقيع.. السوق الموازية للعملة الأجنبية تتهاوى، وستستمر فى التهاوى مع التدفقات المتوقعة. 

فرص إحداث التوازن فى سوق الصرف اقتربت أو بدت أكثر اقترابًا.. المنتظر القضاء تمامًا على السوق الموازية. 

سعران لصرف العملة الأجنبية كانت مشكلة كبرى، عادة ما تكون ثنائية سعر الصرف أزمة تحول دون أى شراكات اقتصادية أو استثمارات أجنبية. 

يرغب المستثمر فى سعر موحد للصرف . يرغب فى استقرار السوق الرسمية، يرغب فى سعر صرف حقيقى.. لا هو مبالغ فيه، ولا هو سائر على هامش غير رسمى فى سوق غير رسمية هى الأخرى. 

ضبط سوق الصرف يعنى عودة تحويلات المصريين فى الخارج إلى القطاع المصرفى بالمعدل الطبيعى، خلال الفترة الماضية كان الكثير من تلك التدفقات يذهب بطرق مختلفة إلى السوق غير الرسمية، سعر الدولار كان زائدًا على سعره الحقيقى بأكثر من 100 بالمائة. 

ارتفاع أسعار السلع كان نتيجة طبيعية لوضع أحدثه خلل السعر فى السوق السوداء، كان الوضع فى أمس الحاجة إلى تدفقات مالية أجنبية، تصل بالأمور إلى حدود التوازن.. وتفتح الباب أمام مزيد من أدوات الدولة للقضاء على السوق الموازية. 

التوقعات حالياً تشير إلى استقرار الدولار فى المستويات ما بين 37 و40 مع دخول الصفقة حيز التنفيذ.  الفائدة لن تقتصر على سعر الدولار فقط بل على قطاع السياحة هو الآخر، والذى سيجنى نتائج جيدة.   قطاع السياحة من القطاعات التى توليها الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا فى الفترة الحالية، خصوصًا وأنه أحد الأبواب المهمة لرفع معدل الاحتياطى النقدى للبلاد.

مبروك علينا .. اتفاق رأس الحكمة .