الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
معادلات التحدى.. فى فترة رئاسية جديدة

معادلات التحدى.. فى فترة رئاسية جديدة

مزيد من التحديات فى فترة رئاسية جديدة. 



المستهدفات.. مزيد من التقدم بثبات ونجاح وسط مناخ إقليمى متوتر. ووسط تداعيات الأزمات العالمية، ونقص الغذاء، وشح الماء.. واضطراب سلاسل النقل بفعل حروب إقليمية.. وطموحات متضاربة كوكبية.. تقلب العالم إلى منطقة غليان كبرى.

 

كلها ملفات شديدة الأهمية على مائدة الرئيس السيسي فى فترة رئاسية جديدة. 

فى الداخل تبقى تداعيات  الأزمة الاقتصادية العالمية أول التحديات.. لكن تحديات الاقتصاد ليست وحدها، إذ إن الاقتصاد وحده ليس كل المستهدف فى دول تنشد الاستمرار فى سبيل التنمية.. مع تحسين أحوال المواطن وحماية الأولى بالرعاية. 

لذلك.. فالتحديات كثيرة ومتنوعة ضمن استراتيجية إعادة بناء البشر والحجر. 

مستهدف الاستمرار فى سياسة الرعاية الصحية الشاملة، كى يصل قطارها إلى المصريين كلهم.

عانى المصريون كثيرًا من أمراض متوطنة، وسياسات علاجية انتقائية. 

لم يعد هذا مستمرًا.. لم تعد الدولة تعالج مشكلة الصحة على طريقة الجزر المنعزلة.. استراتيجية التأمين الصحي الشامل قدمت حلولاً جذرية.. لضمان صحة الجميع مختومة بخاتم وصول الخدمة.. للكل.. كما ينبغى أن تكون. 

 

 

 

(1)

دعّمت الدولة الصناعة والتصنيع بسياسات واضحة السنوات العشر الأخيرة. 

للإنصاف.. طرأ على فكر الدولة تطورات كبرى خلال تلك السنوات. عملت الدولة طبقًا لخطط متكاملة فى إدارة الملفات المختلفة. 

فكرة العمل المؤسسى كانت إحدى الإنجازات. فكرة العمل المتكامل كانت هى الأخرى واحدة من أكبر منجزات إدارة الملفات المختلفة.

فى ملف الصناعة، بدأت الدولة بالتشريعات.. ثم انتقلت إلى دعم المنتج المحلى بإجراءات متعددة.. وحوافز.

انتقلت الصناعة من حال إلى حال، وفقًا لخرائط مدروسة. الاستمرار فى العمل طبقًا لتلك الخرائط تحدٍ آخر على مائدة الرئيس.  على مائدة الرئيس فى الفترة الجديدة استمرار مشروعات التوسع الزراعي.. لتعويض ما فقدته مصر من أراضٍ خلال عهود سابقة. 

بعد يناير 2011 فقدت مصر مساحات مهولة من أراضى الزراعة. فى تداعيات ذلك العام تحول اللون الأخضر على خريطة مصر، إلى طبقات من الخرسانة المسلحة.. أدوارًا فوق أدوار.

أطلق الرئيس مشاريع الدلتا الجديدة.. وبدأت دورة عمل جادة فى توشكى، وظهر اللون الأخضر على ساحل سيناء.. وفى مناطق متناثرة على خريطة مصر. 

التوسع فى الرقعة الزراعية كان واحدًا من أكبر التحديات.. وما زال، ما زالت معادلة التنمية متراوحة ما بين الزراعة.. وما بين الصناعة.

الزراعة ضامن للأمن الغذائى.. والصناعة داعم أول لاقتصاد قوى، استوعب الأزمات العالمية.. وامتصها.. وقاوم فى تماسك.. رغم تداعيات عادية لأزمات كبرى دولية. 

(2)

فتح عبدالفتاح السيسي ملف الشباب منذ الأيام الأولى لتوليه المسؤولية. ملف الشباب متعدد الأوجه ومشاركة الشباب فى المسؤولية فى قطاعات مختلفة كان تحديًا كبيرًا. 

يبدأ عبدالفتاح السيسي ولايته الجديدة، والشباب فى الصفوف الأولى من العمل الوطني. بدءًا من البرلمان كسياسيين.. وفى الأحزاب كحزبيين.. وحتى فى المبادرات والمشروعات القومية.. كمشاركين وراسمى سياسات.

مزيد من دعم تواجد الشباب تحدٍ آخر على مائدة الرئيس. الشباب مستقبل، والعمل فى الحاضر على المستقبل واجب قومى.. وفرض عين على الدولة.

فرض الشباب نفسهم بدعم رئاسى، تمامًا كما فرضت المرأة نفسها بوصفها النصف الآخر من المجتمع. 

مزيد من مكتسبات الشباب مطلب، كما تعمل المرأة المصرية على مزيد من النجاحات فى قطاعات هى الأخرى مختلفة.  أما التحدى الأكبر.. فهو استمرار سياسات الحماية الاجتماعية للأولى بالرعاية.. وسط نسب تضخم عالمية عالية.. ووسط معادلات اقتصادية تتغير فى اليوم أكثر من مرة.. وفى المرة بأكثر من نسبة.

فى رأى خبراء.. كانت سياسات الحماية الاجتماعية هى الأكثر نصيبًا مقارنة بكل قطاعات الدولة منذ تولى الرئيس السيسي. أدخلت الدولة برامج حماية غير مسبوقة، واستهدفت تحويل كثير من الأسر المستفيدة ببرامج أخرى إلى منتجين.. متمكنين اقتصاديًا. 

ربطت الدولة برامج الحماية، برغبات الأسر فى التطوير، وفى تعليم الأبناء، وفى استغلال فرص الرعاية الصحية. 

ربط الدعم المالى بالانفتاح الأسرى على التعليم وعلى الصحة وعلى استغلال المهارات الحرفية كانت فكرة غير مسبوقة، أدت إلى نتائج لم يكن من المتصور الوصول إليها من قبل. 

ضمت الدولة الأسر للبرامج المختلفة على مراحل وصلت إلى ما اقترب من 5 ملايين حتى الآن.

أسر كثيرة خرجت من دائرة العوز إلى دوائر الكسب.

مزيد من السياسات الناجحة فى محور الحماية الاجتماعية تحدٍ كبير الأهمية فى فترة رئاسية جديدة. 

كثير من التحديات تكتسب أهميتها من أنها فى الأساس قضية توعية. لذلك ففى بعض الأزمات.. تبقى تغيير الثقافات أكبر التحديات.

الزيادة السكانية مثال. 

الزيادة السكانية غول يلتهم أى آثار للتنمية. تزيد أعداد المصريين عن 2 ونصف مليون نسمة فى العام الواحد. النسبة غير متصورة فى بلد يعيش سكانه على أقل من 10 % من مساحته الإجمالية. 

الزيادة السكانية مسألة وعى. لما عملت الدولة على مجابهة تلك الأزمة، بتوفير بحل أزمة الإسكان مثلاً، كان طرفًا واحدًا من أطراف الخيط. 

بقى على طرف الخيط الآخر، رفع عبء سلوكيات الزيادة من أذهان طبقات وفئات معينة.

عملت الدولة على إجراءات.. مع مستوجبات رفع الوعى. 

لكن تغيير الأفكار يظل التحدى الأكبر. بقى التحدى مزيدًا من تغيير وعى المواطن، بأن زيادة أعداد الأسرة ليست مسألة خاصة بالأسرة. 

زيادة أعداد الأسرة ضغط على المجتمع كله. على سبيل المثال، تخطت نسب الزيادة فى مشروعات إسكان الدولة أكثر من 45% مما بنته الدولة خلال 50 عامًا مضت، لكن الاستمرار على نفس وتيرة الزيادة السكانية، لا يمكن استيعابه حتى مع الاستمرار فى تلك النسبة من البناء. 

ثم إنه معلوم أن الزيادة السكانية لا تنعكس آثارها السلبية على أماكن السكن وحدها، إنما تنعكس على منظومة المرافق كلها. 

الزيادة تعنى ميزانيات تعليم متزايدة، وميزانيات صحة متفاوتة، وميزانيات دعم تموينى.. ومزيدًا من الاستيعاب لمزيد من الأفراد.. يخصم من ميزانية الإنتاج.. ويقلل من آثار التنمية.. التي هى فى الأصل متسارعة. 

تظل مسألة دعم تغيير الوعى.. أهم التحديات على مستوى الداخل. 

(3)

فى إقليم شديد التشابك وشديد التعقيدات على خطوط السياسة البيانية.. يبقى الحفاظ على الأمن القومى المصري التحدى الأكبر. 

الأطماع المحيطة مهولة.. والخطط الشيطانية متوالية هندسية فى مواجهات مترامية الأطراف والأبعاد.. تتصدى لها الدولة السنوات الأخيرة بجسارة. 

معلوم أن الأمن القومى المصري خط أحمر. ومعلوم أنه لا تفريط فى الأرض تحت أى دعوى وبأية مسميات. 

دفعت مصر ثمنًا غاليًا لتحرير التراب. لا يمكن أن يعود الزمن للوراء. 

ثوابت مصر لا تتغير. 

مستقبل مصر تحميه السياسات الرشيدة.. والميسترال وقت اللزوم. لا تعدو مصر للعدوان.. ولا تميل إلى تعقيد المعادلات أكثر مما هى شديدة التعقيد، لكن رغم كل تلك التشابكات.. يظل الأمن القومى المصري خطًا أحمر.. وتحته مليون خط أحمر.  التحديات كبيرة وكثيرة.. فى الشرق وفى الغرب.. ومن الجنوب أيضًا. 

سبق ورسمت مصر الخطوط الحمراء فى الغرب وقتما استلزم الأمر. تستطيع مصر أن تفرض خطوطها الحمراء.. فى أى من اتجاهاتها الاستراتيجية.. حسبما يقتضى الأمر. 

ثوابت مصر فى السياسة.. سمة أساسية من سمات دولة راقية. 

صحيح السياسة فى أغلب الأحوال لا تكون على مستويات من الرقى.. لكن منطلقات السياسات المصرية أخلاقية على الدوام. 

الأزمة الفلسطينية التحدى الأبرز على قائمة الوضع الحالى. تكررت محاولات الشيطان فى الأزمة، واستعادت مخططًا قديمًا كان يسعى إلى تصفية القضية، ونقل الوضع خارج حدود أرض القضية. 

لم يكن هذا ليحدث، ولا كان متصورًا أن يكتب للمخطط النجاح. 

المحاولات مستمرة.. أو قل إن المحاولات لن تنقطع. صلابة الموقف المصري، تراجعت بالموقف الأمريكى، وساهمت بقوة فى تغيير مواقف دول أوروبا. كسبت مصر معركة إعلامية.. سياسية.. فى مواجهة محاولات الشيطان.

بقيت الحلول مصرية خالصة، حتى ولو لم يذعن لها جميع الأطراف. تبقى حلول القضية وفق التسويات التي لم تحِد عنها القاهرة يومًا.. ولن تحيد عنها مهما حدث. 

تبقى خلاصة حلول القضية فى دولتين.. وتبقى فى قوانين الشرعية الدولية، وأطر قرارات مجلس الأمن فى هذا الخصوص. 

لن ترفع مصر يدها عن الجانب الاستراتيجى الشرقى، إلا وفق حلول عادلة.. تضمن، وترضى قناعات مصر السياسية وقيمها. 

تعمل مصر على الجانب الغربى أيضًا وفق قناعاتها السياسية العادلة، ووفق محددات سلامة الأمن القومى.. بكل ما يضمن ذلك المصطلح بثناياه. 

فى الاتجاه الاستراتيجى الجنوبى.. تنطلق الثوابت المصرية من مصالح الشعب السودانى، ووحدة وسلامة أراضيه. 

تتعامل مصر مع التحديات المتتالية الناتجة عن الصراع فى الجنوب.. انطلاقًا من محددات مرة أخرى لا تحيد عنها. 

اختار المصريون عبدالفتاح السيسي.. ثقة فى قدرته.. وأملاً فى مزيد من الحلول لكل المعضلات.

لا جدال.. المعضلات كبيرة.. فى إقليم أقل ما يمكن أن يوصف به.. أنه ملتهب.