الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
لماذا أنتخب عبدالفتاح السيسى؟

الاستقرار فى مجتمع كان يترنح إنجاز.. وإزاحة الإخوان وحده.. إنجاز

لماذا أنتخب عبدالفتاح السيسى؟

فى انتخابات الرئاسة فى الخارج.. سطر المصريون ملحمة حقيقية، مرة ثانية.. الخارج أمان لأن فى الداخل أمنًا واستقرارًا. الازدحام على مراكز التصويت دليل.. الحشد أمام اللجان صورة حقيقية.. والصور لا تكذب ولا تتجمل.



بالمناسبة.. الانتخابات ليست فقط تنظيم وضوابط للمقرات الانتخابية وقوائم من يحق له التصويت. الانتخابات رأى ووجهة نظر ومساهمة فى اللى جاى.

الانتخابات مشروع قومى.. وشكل للبلد والناس والمستقبل كما تحب. 

مشاهد المصريين أمام لجان الانتخابات فى الخارج كانت مشرفة. صور الآباء مع أبنائهم وأطفالهم لها أكثر من دلالة. 

أولى الدلالات أن المصريين انتخبوا المستقبل. انتخبوا إنجازات مضت ومستمرة.. وتستمر. انتخبوا إنجازات.. حاول بعضهم إهالة التراب عليها.. أو التقليل منها.. أو التشكيك فيها.

بعضهم لا يجيدون إلا التشكيك. 

بعضهم لا يصدق للآن، أنه سقط بالثلاثة فى ذهنية الشارع المصرى.. وبعضهم لا يود أن يصدق أنه بعد أن انكشفت الأقنعة.. وسقطت عن الأوجه الوجوه.. ظهر وحيدًا.. شريدًا.. لا ينظر إليه أحد.. ولا يكلمه أحد. 

بعضهم، فى فترة ما يعلم بها إلا ربنا، صدر للمصريين أنه يتكلم باسم المصريين. وبعضهم، فى فترة ربنا لا يرجعها، قال إنه ثار من أجل المصريين، وأنه دعا للهدم، صونًا لمصلحة المصريين، ولما استوى على كرسى الاتحادية، عام 2012، واجه المصريين بالسلاح الأبيض.. وبالميليشيات.. وزرع القنابل محلية الصناعة على محطات الأتوبيس.. قتلًا للمصريين!

(1)

كله ظهر وبان.. وبقى أن من انخدع من المصريين فى السابق، لن يكررها فى اللاحق.

لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. 

والمصريون يؤمنون بالوطن، أكثر ما يؤمن تجار الأديان أو سماسرة البلدان. 

صور المصريين على أبواب لجان الخارج انتظارًا للتصويت أبلغ رد على محاولات مسمومة للناس إياها قبل الانتخابات.. ومع اقترابها.. وخلالها.

تظهر سموم الحيات عبر الأثير وعلى مواقع التواصل.. وفى الأجواء فى المناسبات. ليس أكثر مناسبة، لقلب الحقائق، أو محاولة تثوير الرأى العام من الانتخابات الرئاسية. 

الاستحقاق دستورى بامتياز.. وتلك النوعية من الاستحقاقات كاشفة.

المناسبات من تلك النوع محطات مفصلية فى تاريخ الأوطان.. والحياد فى المناسبات المفصلية خيانة. لا يجوز الحياد فى تحديد المصائر.. ولا فى تخطى العقبات.. ولا فى خوض غمار المعوقات. 

يدرك المصريون هذا الآن. أو هم أصبحوا أكثر إدراكًا عما قبل. أو قل إن النسبة الأكبر أدركت، ومن انطلت عليه بعض خدع الماضى.. لم تعد تنطلى عليه الآن. 

من لا يدرك.. سوف يدرك.. ومن لا يعلم، بالزمن سوف يتعلم.

لكنهم قليلون من لا يدركون.

أما الذين يكيدون.. فهم يعرفون ويعاندون ويكابرون.. ويضعون الخل فوق الجرح.. فى محاولة لكتم نفس جسد قالوا إنهم يعملون على علاجه.. ويحاولون أن يخمدوا الروح فى جسد.. قالوا من قبل إنهم كانوا يجوبون بقاع الأرض لبقائه!

(2)

مرت مرحلة تصويت المصريين فى الخارج بتحضر. خلال كتابة هذه السطور لم تكن النتائج قد ظهرت بعد، لم يكن اليوم الأخير للتصويت قد اقترب من نهايته بعد. لكن الخلاصة أن المصريين قالوا رأيهم بصرف النظر عن كونه وكينونته. ما زالت النتائج أولية. لم تظهر النتائج النهائية. لكن الشواهد تشير إلى فوز السيسى.

لماذا السيسى؟

لأن السيسى ليس فردًا.. أو هو ليس مجرد قائد أنقذ البلد من عثرات وعثرات كادت تقصف الظهر وتقصف العمر.

السيسى مرحلة تاريخية ملهمة. مرحلة انتقلت بها مصر من حال لحال.

انتقلت من حال لم يكن يعلم نهايته إلا ربنا، لحال استقرت به مصر على طريق التنمية والبناء.. وأهم من التنمية والبناء .. الأمن والاستقرار.

كبيرة كلمة الاستقرار لو تعلمون.

إرساء الاستقرار فى مجتمع كان يترنح وحده إنجاز. إزاحة الإخوان بعدما دخلوا الاتحادية وحده إنجاز.

حسب المثل: اللى مايشوفش من الغربال. والمصريون فى الخارج وفى الداخل يرون جيدًا ويعرفون جيدًا ويفطنون جيدًا.. لذلك راحوا يصوتون.

انتخابات الخارج كانت إشارة.. انتخابات الداخل سوف تكون على نفس القدر.. وبنفس الصورة.. وأكثر.

كمواطن سأصوت لعبدالفتاح السيسى. هذا اختيارى.. وكل له حق الاختيار. فى المقابل هناك من سيصوت لفريد زهران.. وهناك من أعلن وبوضوح تأييده لحازم عمر، أو لعبدالسند يمامة.

كلهم أحرار.. والفيصل هو الصندوق. الفيصل هى برامج المرشحين. الفيصل هى رؤية كل مرشح لما هو قادم.

الفيصل فى قدرة المرشحين على اجتذاب الناخبين. الناخب يذهب إلى الصندوق وصوته إلى من يثق فيه، ويثق به، ويلمس على الأرض آراءه.. وأفكاره.. ورؤيته للمشاكل والعقبات.. وحلوله الواقعية للمشكلات. 

فروق كبيرة بين الآراء الواقعية للأزمات.. وبين الشعارات والكلام الحنجورى.. وكلام من عينة: «سوف.. وسوف.. ويجب.. ولابد».. وإذا بكل تلك التسويفات ضجيج بلا طحين. 

على الأرض تختبر الرؤى.. والواقع أكبر مقياس على ما إذا كان سيصمد الكلام البراق الملفوف بورق مفضض أو سوليفان أم لن يصمد. 

يعرف المصريون جيدًا أن الواقع ليس ممهدًا.. والأجواء لا تفوح منها عبير الورود.. ولا روائح الزنبق وعبق الأوركيد. 

تزداد الصعوبة فى الإقليم.. وتتغير الخرائط فى العالم.

من كان يدرى فى الماضى، أنه سوف يأتى زمن تتغير الجغرافيا، وأنه سوف يظهر من يحاول أن يغير التاريخ.. وأن هناك من سيعمل على صناعة تاريخ.. من لا شىء؟ 

لكن جاء اليوم الذى ظهرت الطموحات الإقليمية المبنية على القوة أحيانًا.. والقائمة على تزييف الحقائق أحيانًا أخرى. 

(3)

المشكلة الاقتصادية ليست هى الأزمة كلها.. أو ليست هى محبس الأزمة ومنتهاها. المشكلة الاقتصادية العالمية، رد فعل.. وانعكاس للأزمات الأصلية.. وهى رد فعل لتفاعلات السياسة، وشدة الأنواء على نقاط محددة على خرائط العالم.. والمنطقة.. والدول المجاورة.. والدول المحيطة. 

على جانب آخر.. ما زلنا فى مراحل من المعاناة بسبب هوجة ما أسموه وقتها «الربيع العربى».

مراحل الفوضى فى التاريخ البشرى، لا تنتهى بسرعة، وآثارها لا يمكن للزمن استيعابها إلا بعد عقود. 

يواجه العالم أزمة غذاء، وأزمة ماء.. ويواجه أزمة ثقة فى الدول الكبرى.. وفى مسالك الدول الكبرى السياسية نحو العالم الأقل قدرة.. ونحو القضايا الأزلية التى تحتاج إلى نظرة.. وعدل فى الرؤى.. وفى الاستنتاجات وفى أهداف التحالفات. 

كم هائل من التحديات.. تحتاج إلى قائد على رأس الدولة. كم هائل من التحديات لا يمكن أن ينفع معها كلام «المثقفين» على مقاهى الزمالك.. أو البارات الشعبية. العيب ليس فى الثقافة، لكن العيب فى «ثقافة الأحلام».. والتلاعب بالكلام بمصائر الشعوب، وبأولويات الأوطان.

العيب لدى بعضهم فى ادعاء «المظلومية».. والاستعانة بالخارج على اضطرابات شخصية.. والاستعانة بالخارج على ألعاب بهلوانات، لما اكتشفها المصريون.. ذهب أصحابها مغاضبين.. يقولون إنهم ظلموا.. لكن الله ليس بظلام للعبيد.

الانتخابات هذه المرة مختلفة. هى الأكثر اختلافًا عما سبق. ربما هى الأكثر اختلافًا منذ يوليو 52.

3 رؤساء أحزاب فى المنافسة. لا حظر على الآراء ولا على أنشطة الحملات ولا على تصريحات المرشحين. كلهم طلعوا فى التليفزيونات وقالوا ما يريدون على الشاشات. بعضهم قال إنه لا يعجبه المسار الحالى.. وبعضهم قال إن لديه إذا فاز ما هو أفضل.

الكل قال ما يريد.. لكن تبقى إرادة المصريين.

مرة ثانية.. هذا الاستحقاق الانتخابى شديد الاختلاف عن كل ما كان قبله وعن كل ما سبقه.

كان لدى الجميع الفرصة للكلام والحديث.. وكانت الفرص سانحة.. للمقارنة والمفاضلة.

لابد من التأكيد مرة واثنتين وثلاث وعشر على أن الديمقراطية ممارسة وليست شعارات. 

وعلى أن السياسة دراسات وإجراءات شجاعة فى مواجهة الملمات والأزمات. السياسة قدرة علي حلول حقيقية وواقعية للمشكلات.. ليست السياسة كلامًا في الهواء. وليست السياسة تضليلًا ولا هى تماحيك بعد سقوط اجتماعي أو عدم قدرة سياسية.