الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
روح أكتوبر.. ومرشح الضرورة

روح أكتوبر.. ومرشح الضرورة

فى تاريخ الشعوب محطات فاصلة. تغير تلك المحطات الفاصلة وجه الواقع، وتتحداه، وتهزمه، فتخلق تلك المحطات الفاصلة واقعًا جديدًا.. وعالمًا جديدًا.. بملامح جديدة.. وآفاق جديدة.



فى تاريخ الشعوب.. محطات فاصلة. تغير وجه التاريخ، وتغير الجغرافيا والحسابات والمعادلات.

فى أكتوبر 73 غير المصريون الواقع، وغيروا الخرائط، وأعادوا رسم الظرف والتوقيت والمعانى على طريقتهم.. وبإرادتهم.. فامتثلت الظروف والتوقيتات والمعانى.. لإرادتهم.

 

فى التاريخ محطات فاصلة، تضيف إلى المستقبل آفاقًا جديدة، كثيرًا لم تكن تلك الآفاق متصورة.. أو محتملة.. أو مسبوقة. 

 

(1)

 

فى أكتوبر 73.. كسر المصريون المعادلات.. وحطموا الأساطير. كسروا معادلات القوة، وغيروا مصطلحات التكتيكات والاستراتيجيات العسكرية.

تغير منحنى التاريخ فى أكتوبر 73. استعادت مصر الكرامة، والأرض. 

بعد حوالى 40 عامًا من نصر أكتوبر المجيد، أعاد المصريون الكرة من جديد فى 30 يونيو 2013. 

كما لو أنها نفس الروح.. ونفس القدرة. أعاد المصريون تغيير الواقع، وأعادوا ترسيم الخرائط وأوقفوا عجلة النار.

فى أكتوبر 73 كان البطل محمد أنور السادات. فى 30 يونيو 2013 كان البطل عبدالفتاح السيسى.

فى 73 تغيرت خرائط الشرق الأوسط، وأعيدت موازين القوى للتموضع على خرائط الإقليم الملتهب، فاستعادت خطوط الحدود وضعها الصحيح، واستعاد المصرى كرامته.. قبل أرضه. فى 30 يونيو 2013.. توقفت عجلة النار. 

عجلة نار 2013 كانت كبرى مهولة حارقة خارقة. أوقف المصريون الزمن، وأوقفوا الشمس فى الأفق، واستعادوا الدولة والهوية. 

فى 73 كان الجيش المصرى درعًا وسيفًا. أعاد الواقع نفسه، فتكررت المعادلة، ووقف الجيش المصرى بقيادة قائد كاريزما اسمه عبدالفتاح السيسى متوحدًا مع إرادة المصريين دفاعًا عن المصريين.

كانت المواجهة مع غول إرهاب بدا فى الأفق، وأسنانه المدببة تسيل منها دماء الشعب.. وتتساقط تحتها أحلامه.. وآماله.. وتنسحق تحت أضراس الإرهاب كل أمل فى مستقبل أفضل.. أو حتى الأمل فى مجرد دولة.. بمعنى الدولة.

فى أكتوبر 73 كان هناك من يسعى لتغيير الخرائط باحتلال الأرض. وفيما بعد 2011 كان هناك من سعى لتغيير الخرائط من القلب.. من الداخل، باختطاف الدولة، واختطاف الشعب.. واختطاف الوطن. 

حقق محمد أنور السادات معجزة بكل المقاييس العسكرية فى أكتوبر 73. وفى 30 يونيو، حقق عبدالفتاح السيسى معجزة شعبية سياسية بكل المقاييس أيضًا. 

استعادت مصر الأرض فى 73، واستعادت مصر نفسها فى 30 يونيو 2013. 

يظل كل تاريخ إشارة إلى ما استطاع هذا الشعب تحقيقه من انتصارات أشبه بالمعجزات. على رأس كل انتصار يقف قائد. تتطلب المراحل التاريخية الفاصلة، كاريزما، يدخل الحرب على كافة مساراتها.. ثم يوجه للتنمية.. على كافة محاورها. 

على رأس كل مرحلة فاصلة من مراحل الشعوب، يبدو فى البرواز على الحوائط قائد للحرب.. هو هو نفسه قائد السلام. 

تتوج الانتصارات عادة بما بعدها من استقرار وسبل البناء. تتوج الانتصارات عادة بما يليها من تأكيد التفوق على الرسوم البيانية لمتطلبات المستقبل. 

لا تبنى الدول بالحروب هذا صحيح. لا تؤسس التنمية إلا على الاستقرار.. وهذا صحيح أيضًا، لكن تظل الحروب لأجل الأرض والعرض هى التى تفتح الباب الواسع للطريق للمستقبل. تظل أكتوبر واحدة من أكبر ملاحم التاريخ المصرى. وتظل 30 يونيو واحدة من أكبر الملاحم الشعبية فى التاريخ الحديث أيضًا. 

مرة أخرى استعادت مصر الأرض فى 73.. وفى 2013 استعادت الدولة.. واستعادت الهوية.

يبقى عبدالفتاح السيسى الرمز.. والأمل. رمز الحرب ضد الإخوان والإرهاب، والأمل فى استكمال مسيرة بناء وتنمية غير مسبوقة، خاض خلالها عددًا من حروب حقيقية، بمعنى الكلمة وبتوصيف اللفظ، على مسارات مختلفة أحيانًا.. ومتباينة أحيانًا أخرى.. لاستعادة مصر.. كما يليق بمصر.

بروح أكتوبر.. هزم المصريون إخوان الإرهاب، وبروح أكتوبر أكمل عبدالفتاح السيسى تطهير جيوب مصر من براثن الأذى فى معارك ضروس ضد سرطان الإخوان والإرهاب.

أنزل عبدالفتاح السيسى إخوان الإرهاب عن كرسى اغتصبوه.. واستحوذوا عليه فى الطريق لاختطاف وطن والاستحواذ على دولة. 

بدأ عبدالفتاح السيسى.. بروح أكتوبر ملاحم التنمية، واستراتيجيات إعادة تأسيس الدولة.. بمعنى الدولة.

تبقى روح أكتوبر ملهمة.. ويبقى عبدالفتاح السيسى، بروح الهوية المصرية مرشح الضرورة لدورة رئاسية جديدة لإتمام مشروع قومي حقيقي.. واقعي.. أعاد تشكيل الواقع، كما سبق وأعاد تشكيل خرائط السياسة.. ومعادلاتها.. ومن السياسة أعاد تشكيل التاريخ.

 

(2)

 

تتزامن ذكرى النصر المجيد مع الانتخابات الرئاسية.. الاستحقاق الدستورى الأهم فى مصر.

للصدفة دلالة.. وإشارات. الاستمرار على طريق الاستقرار وصولًا للتنمية حرب بمعنى الكلمة. فى المعادلة التى تتحدى فيها دولة كمصر، كبيرة بالموقع والأثر، تندلع الحروب المضادة، وتتلون، وتتغير.

فى إقليم ملتهب، وفى ظروف عالمية شديدة التعقيد وشديدة التشابك، تعمل الحروب المضادة على وقف طموحات الدول المحورية. تتحايل الحروب المضادة على إرادات الشعوب بألوان مختلفة من حيل الشياطين.

قرار الاتحاد الأوروبى الأخير مثال. الحروب المضادة على مواقع التواصل مثال آخر. تصل حيل الحروب المضادة إلى حدود الطرافة أحيانًا كثيرة .

 قرار البرلمان الأوروبى، اعتبر اتهام أحدهم فى قضية سب وقذف اعتداء على الحقوق ومصادرة للحريات! 

ليست غريبة.. ولا هى وقائع غير مسبوقة.

مثل تلك النوعية من المناورات معتادة، مثلما اعتاد المصريون محاولات التشكيك، ومحاولات إثارة الرأى العام بالباطل، وكما اعتادوا أيضًا محاولات التقليل مما أنجزته مصر الدولة بقيادة صادقة جسورة خلال سنوات صعبة مرت.. لم تخرج منها مصر الدولة إلا بالإرادة السياسية الصادقة، والعمل الدؤوب.. والجهود المضنية والتضحيات على الأرض.

يعرف المصريون جيدًا ماذا جرى، وما الذى حدث. صحيح هناك كثير مما لم يأت أوانه من تفاصيل أخرى.. لكن على ما جرى، فإن المصريين يعرفون جيدًا أن هناك من سعى، ويسعى للفوضى باسم الحرية، وأن هناك من حاول وما زال يحاول أن يلبس الشيطان مسوح الرهبان. 

علم المصريون جيدًا، فى أوقات مضت، أن هناك من ساعد، وما زال يساعد أصحاب الشعارات على الفت فى عضد الدولة، وعلى إحداث الكسور فى عمود البلد الفقرى.  علم المصريون من أوقات سابقة لم يكن يعلم بها إلا ربنا، أن هناك من حاول التحايل على الشعب، وأن هناك من صنع القنابل المحلية وثبتها تحت مقاعد محطات الأتوبيس العامة فى الخفاء، بينما كان يرفع فى العلن شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية. 

لا جدال أن الانتخابات الرئاسية واحدة من المحطات المفصلية فى هذا التوقيت الحساس من تاريخ البلد والإقليم والعالم. ولا جدال، أن مناورات محامي الشيطان لن تتوقف، وأن ألاعيبهم، خصوصًا فى هذا الوقت وتلك المناسبات، ستزداد ضراوة، بطبيعة الأمور.. وطبيعة المناسبة وطبيعة التوقيت.

على أطراف خرائط العالم عناكب سوداء. ما أوقفته مصر من عجلة نار، كانت قد دارت لتدخل الشرق الأوسط من أبواب القاهرة لم يكن يسيرًا ولا سهلًا.

وضع عبدالفتاح السيسى رأسه على كفه، فى يوم من الأيام متحديًا مخططًا دوليًا كبيرًا سعى لوضع لم يتحقق ولم يتم. 

لم تمر، رغم مرور سنوات على 30 يونيو لم تمر لدى بعضهم واقعة إسقاط الإخوان فى مصر، وإيقاف عجلة الهدم التى كان لها أن تخرج من القاهرة، لتلون الشرق الأوسط كله بلون دماء الشعوب.. على يد أصحاب الجلابيب البيضاء والذقون المرسلة. 

لم تمر لدى بعضهم، انطلاق مصر عبدالفتاح السيسى، بسرعة سابقت الزمن عكس نظريات الفيزياء، فى بدء خطط التنمية، ووضع البلاد على الطريق الصحيح.

لم تمر، لدى بعضهم للآن، قدرة عبدالفتاح السيسى، على استعادة مصر المكان والمكانة، على خريطة الشرق الأوسط، بحيث لا يجد العالم ملجئًا إلا مصر فى الأحداث الأخيرة فى الأراضى الفلسطينية.. ولم يبق إلا عبدالفتاح السيسى فى الأحداث الأخيرة إلا قيادة.. يطلب منها العالم وقواه الكبرى التدخل.

لأسباب كثيرة يظل عبدالفتاح السيسى مرشح الضرورة. مرشح الضرورة ببرنامج وطنى قوى ضرورة.. وبخطة تنمية ضرورة.. وبطريق مرسوم نحو المستقبل ضرورة.. وضرورة لدولة استعادت نفسها، وفق المفهوم الحقيقى للدولة.. وبالمعنى الحرفى للكلمة والمصطلح.

لا حجر على إرادة المصريين هذا صحيح. ويبقى الاختيار فى الانتخابات الرئاسية والتصويت لأى من المرشحين ورقة فى يد الشعب، يضعها أينما شاء.. ولمن أراد. لكن الصحيح، أن المصريين يعلمون جيدًا من لديه القدرة على الانتقال بالبلد من حال إلى حال.. ومن وضع إلى وضع.. ومن آفاق إلى آفاق أوسع.. وأشمل. 

تجربة مصر عبدالفتاح السيسى خلال سنوات مضت كاشفة. تجربة مصر الدولة خلال مراحل ما بعد استعادة البلد جامعة مانعة.

أهل مصر أدرى بشعابها.. وأدرى بما تحقق على الأرض.

إرادة المصريين نحو استكمال التنمية، فى تكليف جديد لعبدالفتاح السيسى، ظهرت بوادرها فى الشارع المصرى الشهور الماضية، سوف تقابلها بطبيعة الحال المناورات إياها.. لقلب الحقائق وتزييف الواقع والتشكيك فيما تم على الأرض والكذب فى الحكم على ما تحقق على المسارات المختلفة.

قرار البرلمان الأوروبى واحد من مناورات منتظر منها المزيد. لكن فى المقابل، يدرك المصريون جيدًا، أن من كان يدبر للإثم بليل، طفا على السطح الآن فى معركة واضحة، الغرض منها إيقاف العجلة عن الدوران.. مرة بالباطل ومرة بالتماحيك.

مرة ثانية.. اعتبار اتهام أحدهم فى واقعة سب وقذف يعاقب عليها القانون تضييقًا على الحريات نكتة. ومحاولات الخلط المستمرة، بين المعنى الحقيقى للحريات وحقوق الإنسان، وبين التجاوزات وإثارة النعرات ومحاولات التثوير والخروج عن الأدب.. نكتة أكبر.

كثيرًا ما تخرج النكات عن مسار الطرائف لتدخل مسارات الفتن. كثيرًا ما تخرج النكات عن مساراتها.. لتدخل كهوف قلة الأدب.. والوقاحة، بمحاولة الافتئات على قضاء مصرى قدير، وبالتشكيك فى مسار استحقاق دستورى أعلنت فيها مؤسسات الدولة كلها حيادها فيه.. قبل أن يبدأ.

 

(3)

 

حياد مؤسسات الدولة فى الاستحقاق الدستورى معلن وواضح.. والشواهد دالة عليه ومؤكدة له وهو طبيعى، لكن يبقى حياد المواطن فى تلك المرحلة الدقيقة والمناسبة المهمة مخالفًا لكل مقتضيات الوطنية.. والوعى.

لا يملى أحد على أحد الاختيار بين مرشحين فى الانتخابات الرئاسية هذا صحيح، لكن فى الوقت نفسه، لابد لكل منا أن يضع مستقبل ذلك البلد، وسط كل تلك المتغيرات الإقليمية، والأنواء الدولية.. وتحديات الوضع الداخلى، وما حققه عبدالفتاح السيسى فى مرحلة فاصلة من مراحل مصر، فى الحسبان وقت التصويت، ووقت الاختيار. 

صوتك أمانة.. والمستقبل لا يبنى بالآمال ولا بالشعارات. صحيح الأمل حياة، لكن لا تنتج الآمال وحدها.. ولا تثمر الشعارات دون عرق ودون خطط.. ودون جهد.. ودون رؤية حقيقية تحسب للواقع، وتتعامل مع المتاح، وتدفع للقادم.

تستلزم المراحل الفارقة فى تاريخ الشعوب، زعيمًا كاريزميًا له القدرة على العمل والإنجاز، كما كان لديه الاستعداد على أن يضع رأسه على كفه، لإنقاذ الوطن، ومواجهة ما دبر له من شراك.

يكفى لعبدالفتاح السيسى إنقاذ مصر من مخطط الشر، ويكفى له قيادة مصر فى مرحلة بالغة التعقيد، اقتربت فيها الدولة من حواف الهاوية، وخاض فيها الإرهاب معركة وجود مع الشعب، لولا عبدالفتاح السيسى.. ومن خلفه جيش مصرى وطنى قدم الغالى والنفيس.. فى حكاية لن تتوقف الأجيال القادمة عن روايتها.. مثلما لن تتوقف الأجيال القادمة عن رواية بطولات أكتوبر المجيدة.. وبسالة جندى مصر واجه العالم.. فى سبيل الأرض. 

كمصرى له حق التصويت، أدعم عبدالفتاح السيسى فى دورة رئاسية جديدة لاستكمال ما بدأ.. وصولًا لإتمام مشروع قومى متكامل لتنمية شاملة غير مسبوقة فى تاريخنا الحديث. لا تنمية بلا استقرار.. حقق عبدالفتاح السيسى انتصارات على الإرهاب. حقق طفرات على محاور التنمية. أعاد عبدالفتاح السيسى الدولة للدولة. أعاد عبدالفتاح السيسى مصر للمصريين.

فى 30 يونيو استجاب السيسى لنداء الشارع: انزل يا سيسى. وقتها قال جملته المشهورة: «هتتعبوا معايا». 

لم يعدنا السيسى بأنهار اللبن والعسل.. فى يوم وليلة. لم يقدم الرجل وعودًا مرسلة، ولا قال كلامًا مزوقًا.. غير قابل للتحقيق.

عمل عبدالفتاح السيسى على ما قال، وأنجز فيما خطط، ليتغير الواقع من حال لحال.. فتغيرت خريطة الدولة، واتسعت، وظهرت عليها المدن الجديدة، وشبكات الخدمات، وسياسات دعم المواطن، وتوسعت مساحة بلد كانت أغلبها صحراء.

حقق السيسى طفرات على مسارات المستقبل، فى الداخل والخارج. بقى أن تكتمل خطط مصر المستقبل.

بقى أن يستمر عبدالفتاح السيسى فى مشروع وطنى.. فريد.. دخلته مصر.. بقدرة وعزيمة.. وسوف يستمر.