الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
ولاية جديدة لعبدالفتاح السيسى

ولاية جديدة لعبدالفتاح السيسى

تشكلت ملامح المشهد الانتخابى فى مصر. الاستحقاق الدستورى الأهم فى مسيرة هذا البلد.



تتنامى بسرعة وبقوة الأصوات المنادية بولاية ثالثة لعبدالفتاح السيسي. التأييد واسع ومن كل اتجاه.. فى الأحزاب.. وفى البرلمان.. فى الشارع.. وفى أوساط أكثر المثقفين. 

الأسباب كثيرة.. ومختلفة.

استمرار عبدالفتاح السيسي لولاية ثالثة يعنى استمرارنا على طريق التنمية.. واستمرار مصر على طريق التحول الجذرى نحو المستقبل. 

ولاية ثالثة لعبدالفتاح السيسي هى الآن وبكل بساطة ووضوح «ضرورة وطنية»، استكمالًا لمشروع قومى، يعيد بناء مصر الحديثة.. أو مصر الجيل الرابع.. أو مصر التي لم تشهد ذلك الاتجاه التقدمى.. من قبل. 

(1)

مرة ثانية وثالثة ورابعة.. لا تبنى الدول بالكلام المزوق.. ولا الشعارات الملفوفة فى ورق سلوفان. 

لا تبنى الدول بالكلام المحشو بالمخدر، حيث يدغدغ المشاعر، ويلعب على أحاسيس وذائقة المستمعين.. ودمتم. 

تبنى الدول بالعمل والكد والتخطيط الحقيقى والفكر الاستراتيجى الذي يغير الحال من شكل لآخر، ومن أفكار وخيالات إلى واقع معاش.. وقيم مضافة فوق العادة. 

مع اقتراب الاستحقاق الدستورى الأهم، هناك من سوف يستمر فى الصيد فى الماء العكر.. هناك من يلعب على وتر «الأزمة الاقتصادية»، ويدفع فى مقابل تلك الأزمة، بدعاوى تسبب الدولة المصرية فيها، وبالإيحاء بأن تلك الأزمة ومعاناة المواطن أزمة مصرية خالصة.

هذا الكلام غير أنه ليس صحيحًا.. فهو ليس واقعيًا. لن تنطلى هذه الحجة على المصريين أمام صندوق الانتخابات.

أمام الصندوق.. سوف يسعى المواطن إلى دس ورقة بصوته الانتخابى دعمًا للاستقرار.. ودعماً للتنمية ودعمًا لمصر المكان والمكانة.  أمام عبدالفتاح السيسي مشروع وطني بامتياز.. لا بد من تكملته. لا بد من استمرار النسق الوطني الأكبر الذي بدأه السيسي مصر (2030). الأزمة الاقتصادية غير أنها عالمية، إلا أنها طارئة بالمعنى الواضح للكلمة. 

لا يعنى طريق التنمية خلو الأمر من مواجهة أزمات. المهم فى الأزمات هى قدرة الإدارة على امتصاصها والتعامل معها، وتخفيف آثارها على المواطن فى المقام الأول.

دعك من الأزمة العالمية، وتعال نتكلم عن اقتصاد متنام، وانتقالات مشهودة فى ملفات الحماية الاجتماعية، وملف الزراعة، وملف التنمية اللوجيستية، ومشروعات البنى التحتية غير المسبوقة، إضافة إلى المشروعات العملاقة.. حياة كريمة مثالًا. 

فيما توقف العالم كله عن الإنفاق، فى تداعيات أزمة كورونا، وتوقف سلاسل الإمداد، وارتفاع مستويات المخاطر حول العالم، كانت الدولة المصرية تمضى قدمًا فيما يتعلق بتنفيذ مراحل حياة كريمة.. بلا توقف ولا تباطؤ. 

 

الأمثلة كثيرة.. ومتنوعة لإصرار دولة تسابق الزمن على تغيير خريطتها الوطنية، وملامحها وشكلها الذي كانت عليه قبل 2014. وقد كان.. تغيرت الخرائط.. لكن ما زال فى الخطط الكثير.. تغيرت المحافظات لكن ما زال فى الإمكان المزيد.

(2)

هناك من يرى فى التغيير «حتمية تاريخية» إعمالًا لأهمية مبدأ تداول السلطة. 

هذا الكلام صحيح من حيث النظرية.. لكن تعال نتكلم عن الحالة المصرية الآن من حيث التطبيق.

فالتغيير لا يجب أن يكون مطلوبًا لذاته. إذا كان الواقع مستوفيًا لكل المتطلبات، وكل المستجدات، وقادرًا على معرفة أسباب المشكلات.. وبؤر المرض.. والتعامل وفق المقتضيات والمصلحة. 

 يعنى لا يجب التعامل مع التغيير أنه فعل لمجرد الفعل. لا بد للتغيير من أسباب جوهرية.. ولا بد للتغيير من ضرورات وحتميات.

قد تنشد الشعوب التغيير لتحقيق تطلعاتها، لكن أيضًا، فى الوقت نفسه، وبنفس المنطق تطلب الشعوب الاستمرار لمعادلات السير على طريق الواقع الجديد بكل ما تحمله تلك الكلمة من معان.

مصر الآن فى منتصف الطريق لتحقيق رؤيتها الاستراتيجية 2023. ما تحقق على الأرض فى منتصف الطريق لم يتحقق من قبل. لكن خلال فترات تحقيقه، كان هناك فى الخلفية من يشكك، ومن يضلل ومن يطعن فى القدرة على الإنجاز.

مر الوقت.. وظهر الإنجاز. 

ما زال هناك من يشكك. وما زال هناك من يطعن. لكن المثل الدارج فى الشارع المصري يتكلم عن الذي لا يرى من الغربال! 

لاحظ أن عبدالفتاح السيسي بدأ من الصفر. بدأ من وضع اقتصادى مزر، وسيولة فى الشارع لم يشهدها المصريون من قبل.

بدأ عبدالفتاح السيسي من وضع إقليمى شديد التوتر دخلته مصر أعوام ما بعد 2011، وبدأ السيسي من وضع كان الإرهاب فيه شوكة كبرى تتمحور فى جب وتملؤه بالصديد، أملًا فى إصابة جسد الدولة كله بالغرغرينا. 

بدأ عبدالفتاح السيسي من معدلات بطالة تقارب الـ 16 %. فى سنوات قليلة انخفضت تلك المعدلات إلى أكثر من النصف.

أنجز أكثر من 6 ملايين مصري كانوا معدودين ضمن صفوف البطالة، مشروعات قومية، فى ظروف كانت شديدة الصعوبة خلال 9 سنوات.

استقدام النصف من صفوف البطالة، إلى صفوف العاملين بالمشروعات القومية، وتحويلهم من فئة غير العاملين إلى فئات المنجزين هى فى حد ذاتها تجربة غير مسبوقة. 

بنى هؤلاء الكبارى، وحفروا الأنفاق تحت الماء. 

أنجزت الدولة بهؤلاء، وآخرين، مدنًا جديدة، وعاصمة جديدة، وصنعت بهؤلاء وغيرهم نموذجًا حقيقيًا لما يجب أن تكون عليه بلد تنشد التقدم بالفعل والحقائق.

مرة ثانية.. لا يعنى السير على طريق المستقبل خلو الأمور من مشكلات، واختلافات فى وجهات النظر وفى الرأى. 

كل شىء كان خاضعًا للنقاش.. والحوار الوطني كان إشارة واضحة على أن الدولة لا تحجر على رأى، وأن كل الأفكار قابلة للنقاش أملًا فى الدفع إلى المزيد للأمام.

لكن ما لا يمكن الاختلاف فيه هو ما حدث على الأرض المصرية من تغيرات شديدة لصالح المصريين.. خلال 9 سنوات مضت.

 

 

 

(3)

فى حوار مهم للدكتور عبدالمنعم سعيد مع الإندبندنت اعتبر أن أحد أبرز الإنجازات التي تحققت فى السنوات الأخيرة فى مصر هو «ربط الجغرافيا بالديموغرافيا». 

المعنى كان إشارة إلى النجاح الباهر فى توسيع رقعة الانتشار السكانى على الجغرافيا المصرية التي كانت مرتكزة فى أقل من 7 % من إجمالى مساحة الدولة.

كانت معادلة الجغرافيا والديموغرافيا الأساس لأغلب المشكلات المصرية. 

كانت بشكل أو بآخر، إلى جانب أسباب أخرى، واحدة من العوامل المساعدة على تنمية التطرف فى عهود سابقة. 

كانت تلك المعادلة السبب فى أمراض المصريين، وفى بطالة المصريين.

كانت سببًا فى المعاناة، وفى دوافع الهجرة غير الشرعية. وكانت أيضًا سببًا فى ضعف الإنتاج.. وانخفاض القيم المضافة. 

كانت المعادلة الأزمة كالتالى: لدينا مليون كيلومتر مربع.. و105 ملايين شخص.. فكيف نوفق بينهما؟

كنا نعيش على سبعة فى المئة من أرض مصر عام 2010، أصبحنا نعيش على 15 فى المئة من مساحة مصر.

لم يسبق لمصر أن عرفت تلك الحلول من قبل.

لم يسبق أن اتخذت قيادة سياسية ذلك القرار، لحلول ناجزة على الأرض وفق تلك الرؤية من قبل.

نأتى مرة أخرى لنظرية الغربال فى التعبير المصري الدارج.

لا يمكن أن يشكك إلا غير قادر على الرؤية فى نجاح الدولة المصرية خلال أقل من 10 سنوات، فى التعامل بجدية مع معادلات الزيادة السكانية المطردة.. وشديدة التنامى فى مصر.

لاحظ أن معدل التنامى السكانى يزيد على 2 ونصف المليون نسمة سنويًا. صحيح استمرار التنامى مشكلة، لكن استمرار الزيادة على الوضع الذي كانت عليه الدولة المصرية بمساحاتها القديمة كانت سوف تكون كارثة. 

(4)

مصر تعيش الآن أجواء ما قبل الانتخابات. رشح حزب الوفد رئيسه عبدالسند يمامة ورشح حزب الشعب الجمهورى رئيسه حازم عمر. أحزاب أخرى ما زالت تناقش مرشحها.

هناك شاب ما أتى من لبنان وقال إنه يطرح نفسه مرشحًا رئاسيًا. هذا الشاب قدم نفسه من خلال مواقع التواصل، وواضح أنه ينتوى أن يدخل الانتخابات على طريقة التريند. 

على كل.. مساحة الديمقراطية تسمح له ولغيره بطرح اسمه، ومحاولة استمالة أصوات الناخبين.

لكن، ومن وجهة نظر شخصية، فإن هذا الآتى من لبنان انتحر بإلقاء نفسه من الطابق الخامس والأربعين عندما أعلن عن تأييده للإخوان.

لن نقول «غباء سياسى».. بقدر ما يمكن تصنيف الأمر على أنه «عدم فهم حقيقى وواضح للحالة المصرية بعد مرور سنوات على حكم الإرهاب».

ثم إنه إذا كانت الدول لا تُبنى بالشعارات والكلام المزوق، فإن الانتخابات الرئاسية فى الأساس لا تدار من على تويتر أو فيس بوك. 

كل ما يتمناه المصريون من هؤلاء المرشحين أن يعلنوا ما عساهم أن يقدموه للبلد فى ظروف فائقة الحساسية على مستوى الداخل وعلى مستوى الخارج.

ما الذي يمكن أن يضاف إلى ما تم؟ ما هى الخطط الواقعية للتعامل مع الأزمات العالمية، فى إقليم ملتهب، تتقاطع فيه الرؤى والطموحات، وتتفاعل فيه معادلات سياسية تصل فى بعض البلدان المحيطة بالخريطة المصرية إلى مرحلة الغليان؟ 

فى حواره مع الإندبندنت لفت الدكتور عبدالمنعم سعيد إلى نقطة مهمة. قال إننا نعانى فى مصر نقصًا فيما يتعلق باستطلاعات الرأى العام.. وأننا فى حاجة ماسة إلى استطلاع الرأى العام، استطلاع علمى حقيقى، كى نحلل ما يراه الشعب بالفعل، لا ما يتواتر موجهًا على مواقع التواصل. 

قال عبدالمنعم سعيد إن فى مصر تشويهًا منبعه وسائل التواصل الاجتماعى.

وهذا الكلام صحيح مليون بالمائة.