الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
خريطة مصرية.. لحل الأزمة السودانية

خريطة مصرية.. لحل الأزمة السودانية

تبقى المبادرة المصرية هى السبيل الأمثل لحل الأزمة فى السودان. تبقى القاهرة الأدرى بأحوال السودانيين. تبقى مصر أيضًا الأكثر رغبة، والأشد تضررًا من انعكاسات أزمة قد تأكل الأخضر واليابس فى جنوبنا الاستراتيجى. 



مصر الأكثر دراية بأحوال السودان.. ليس فقط بحكم الجوار.. لكن بحكم الجغرافيا والتاريخ. 

وبحكم الروابط بين الشعبين.. وبحكم ميراث تاريخى وحضارى هائل.. ربط البلدين.. وما زال يربطهما.

حدد بيان ومؤتمر دول الجوار خريطة الطريق لحل الأزمة السودانية. الحلول اصطبغت بالرؤية المصرية لإنقاذ السودان والسودانيين. 

اتجاهات الرؤية المصرية كانت واضحة فى بيان المؤتمر. والرؤية المصرية التي جاءت فى كلمة رئيس الدولة عبد الفتاح السيسى، كانت الأقرب والأسرع لحل الأزمة.. والخروج بالسودان من النفق الضيق. 

يضيق نفق السودان يومًا بعد يوم. الصراع المحتدم يضرب أول ما يضرب الأبعاد الإنسانية والمعيشية للشعب السودانى. 

شهد السودان ألوفًا من ضحايا الاقتتال منذ اندلاع الأحداث للآن. ما يقترب من 3 ملايين نازح بسبب الحرب. أكثر من مليون فروا إلى دول الجوار.. والباقى فى الطريق. 

تتحمل مصر الجزء الأكبر.. والأثقل من الأزمة لأسباب مختلفة. أول الأسباب أن القلاقل فى الجنوب الاستراتيجى المصري تدفع فى اتجاه كثير من العواقب التي يمكن أن تشكل تهديدًا للأمن القومى المصري. 

معاناة السودانيين أيضًا، بهذا الشكل وبهذه الطريقة، بعد آخر تلمسه القيادة المصرية، وتستهدف الحد منه. 

 

مصر تقود جهود إنقاذ السودان
مصر تقود جهود إنقاذ السودان

 

لذلك تتأسس الرؤية المصرية، على إيجاد سبل سريعة وناجزة.. وحقيقية لوقف إطلاق النار.. والعودة إلى صياغة التفاهمات إنقاذًا للوضع. 

(1)

توافقت دول الجوار جميعها على الرؤية المصرية لإنهاء النزاع فى مؤتمر دول الجوار. تبقى المبادرة المصرية الأمل.. أو الأكثر قربًا من حلول واقعية وحقيقية لإنهاء الصراع. 

فى الوقت نفسه، لا تخصم الرؤية المصرية من أى جهود أو مبادرات أخرى لحل الأزمة، سواء المبادرة السعودية الأمريكية، أو مبادرة الايجاد أو مبادرة الاتحاد الإفريقى. 

تتأسس الرؤية المصرية على وقف التصعيد فورًا، والبدء فى مفاوضات جادة لما بعد إيقاف النار. 

شددت مصر على ضرورة الجدية فى خطوات الحل، إذ إنه رغم محطات سابقة لمحاولة التسوية، فإن القتال سرعان ما يعود من جديد. 

بداية الحل فى إيقاف مستدام لإطلاق النار، وفتح طرق آمنة لتسهيل وصول المساعدات ومواد الإغاثة للمدنيين فى المناطق الأكثر احتياجًا.  سياسات مصر واضحة وثوابتها مؤكدة فى طرح الحلول لكافة الأزمات فى الإقليم... كما فى التعامل مع المواقف والظروف والأزمات الدولية. 

لا تتدخل مصر فى شؤون الدول الداخلية، وتنطلق مفاهيمها لإدارة الصراعات دائمًا من الحوار كخيار وكبديل استراتيجى دائم. 

فى الوقت نفسه، تدعم مصر وحدة الدول، ودعم مؤسساتها وجيوشها الوطنية. 

فى الأزمة السودانية، لم تنحز مصر إلى طرف ضد آخر، الدعوة المصرية إلى إطلاق حوار عام جامع شامل بين السودانيين.. لوضع خطة عمل للتوصل إلى حل شامل إشارة. 

الحلول السريعة والناجزة للأزمة السودانية مطلوبة اليوم أكثر من أمس وأول أمس. الحلول السريعة، الآن، هى الطريق الأقرب للحفاظ على وحدة السودان، وتكامل أراضيه ومنع أى محاولة للتدخل الخارجى تحت أى ذريعة وبأى حجة. 

 

مئات الآلاف من السودانيين وصلوا الأراضى المصرية بعد الأحداث
مئات الآلاف من السودانيين وصلوا الأراضى المصرية بعد الأحداث

 

(2)

مرة أخرى المبادرة المصرية لحل الأزمة فى السودان تظل الأكثر قربًا إلى الحلول الواقعية الناجزة. دعوة القاهرة لمؤتمر دول الجوار تتفق تمامًا مع التحركات التي بدأها رئيس الدولة المصرية عبد الفتاح السيسي منذ الساعات الأولى لاندلاع الصراع. 

تبنت مصر مبادرة كانت الأولى أيضًا لرأب الصدع وإنهاء النزاع. تنظر مصر إلى النتائج، وترغب فى الحلول، لم تعمل مصر أبدًا وفق سياسة كسب الأبناط أو استجلاب الأضواء. 

تتحمل دول الجوار تداعيات الأزمة فى السودان، وتتحمل مصر جزءًا أكبر من تلك التداعيات. 

سيولة الوضع فى السودان، وتأثير تلك السيولة لن تتحملها دول الإقليم، ولن تتحمل انعكاساتها المنطقة. 

انعكاسات الأزمة لو تصاعدت مزيدًا من التصاعد على المنطقة، لها بالضرورة مردوداتها على الوضع الدولى. 

لذلك لفت عبد الفتاح السيسي إلى ضرورة تحمل المجتمع الدولى تبعات الأمر، وتبعات تلك السيولة.. ويعمل جاهدًا على حلول هو الآخر. 

سبق المجتمع الدولى بوعود كثيرة لتحمل بعض تبعات وآثار الهجرة من مناطق النزاعات على الدول المجاورة. 

لم تتحقق تلك الوعود فى وقت تحملت فيه الدول المستضيفة للاجئين مزيدًا من الالتزامات. 

فى الأزمة السودانية تأثرت تشاد فى هذا الصدد، وتأثرت جنوب السودان من حجم النازحين من السودان.

لكن تظل مصر الأكثر تأثرًا، إضافة إلى ما لديها من جنسيات عربية وأجنبية متعددة نزحوا من مناطق الحروب، لملاذ آمن فى مصر. 

تتحمل إفريقيا.. وفى القلب منها مصر أعدادًا من اللاجئين مخففة الضغط على أوروبا. 

تجربة مصر فى منع الهجرة غير الشرعية ظاهرة وواضحة بشهادة الدول الغربية والمنظمات الأممية. 

تعاملت مصر مع ضيوفها بنفس سياسات العناية والرعاية التي يحظى بها المواطن وبكافة سبل الرعاية. 

فى دول أخرى إفريقية، تظل أزمة اللاجئين أزمة كبرى، مرتبطة بعدم قدرة تلك الدول على استيعاب الأعداد أو تقديم الدعم. 

(3)

أى محاولة للتدخلات الأجنبية فى السودان لن تكون مقبولة فى مصر. مرة أخرى لن تسمح القاهرة بأى تدخل تحت أى ظرف أو بأية ذريعة. 

استمرار الوضع على ما هو فى السودان لن يكون مقبولًا أيضًا، ضمانًا لحقوق الشعب السودانى، وضمانًا لوحدة الأرض والبلاد. 

أتت الدعوة المصرية لقمة دول الجوار بعد جولات دبلوماسية موسعة طرحت فيها القاهرة الحلول، ووحدت فيها الآراء والرؤى بين دول إفريقيا ودول الجوار. 

تتركز الجهود الآن، بدفع مصري وبالتعاون مع كل الأطراف، للتوصل إلى وقف الصراع، وصولًا إلى جلسة تجمع كل الأطراف السودانية والتوصل إلى اتفاق ملزم لوقف إطلاق النار.. ثم التدرج فى حلول باقى المشكلات.