الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
فى ذكرى 3 يوليو.. عبرة

فى ذكرى 3 يوليو.. عبرة

فى حياة الشعوب طفرات تاريخية ومراحل مفصلية يُجبِر فيها زعيم كاريزمى الزمن على مراجعة الحسابات. تُعرف المراحل المفصلية فى أدبيات الأمم بأنها البدايات الضرورية التى تنهى عقودًا شارفت فيها الدولة على الانهيار، نحو صعود جديد على منحنى الحياة فى الطريق لاستعادة الدولة.. واستعادة الهوية.. واستعادة المكان والمكانة.



فى 30 يونيو قام الشعب لاستعادة وطن. فى 3 يوليو أسس عبدالفتاح السيسى وضعًا جديدًا بخارطة طريق جديدة استجابة لرغبات الشارع فى استعاد الوطن. 

(1)

فى نظريات علم النفس الاجتماعى، عادة ما تستفيق الشعوب فى مراحل شديدة الحساسية وشديدة الخصوصية وشديدة الخطورة لتستدعى بطلًا قوميًا ينفض الغبار.. ويحول دفة السفينة.. عن الطريق للهاوية. 

تعددت الشرعيات التى حازها عبدالفتاح السيسى فى الشارع منذ ثورة 30 يونيو.. بدءًا من شرعية الاستدعاء، ثم شرعية الإنقاذ، ثم شرعية شجاعة القرار، وصولًا إلى شرعية التفويض.. وانتهاء بشرعية الإنجاز فى مرحلة التنمية حيثما استعادت الدولة.. الدولة. 

وفى المراحل المفصلية من تاريخ الشعوب، يتغير الواقع على صعوبته فجأة بالحتمية الكاريزمية للمنقذ الجديد. لذلك، فإن كاريزمية المنقذ الذى خرج بمناداة جمعية، تحدث تحولات واختلافات فى شكل المشهد.. فى حين أن تلك التغيرات لم تكن تدخل فى الحسبان.. أو التصور. 

فى 30 يونيو 2013 خرج المصريون بالنداء الأشهر: «انزل يا سيسى»، وفى 3 يوليو حقق السيسى استجابة أعادت ترتيب المشاهد وغيرت الاتجاهات. نزل عبدالفتاح السيسى، متحملًا شجاعة قرار فى مواجهة عدو كان فى طريقه بالدولة إلى الجحيم.

لم يكن القرار سهلًا.. ولم يكن القرار محمود العواقب. لكن الذى حدث أن استجاب القائد الكاريزمى.. لإرادة شعب. 

 

 

 

وقتها توقف الزمن.. فترة من الزمن.. لتعود عقارب الساعة من جديد لحساب الوقت.. بتوقيت جديد. 

(2)

دخل المصريون بعد ثورة يونيو عقدًا مرحليًا أولًا من نوعه. أعادت الجمهورية الجديدة تشكيل الجغرافيا، وأعادت رسم الخرائط، وأعادت حتى توزيع الهضاب والشوارع، وغيرت أماكن المدن الكبرى على خريطة البلاد. 

لم يكن الطريق إلى الجمهورية الجديدة سهلاً.. ولم يكن طريق الإنقاذ مفروشًا بالورود.. أو ممهدًا بالأسفلت الناعم. 

منذ 2011 كان التاريخ المصرى قد واجه أنواء وظروفًا هى الأشد تعقيدًا على مستويات السياسة والاجتماع. لم تمر بالبلاد، على الأقل فى تاريخها الحديث أنواء على هذا الشكل وبهذا المنوال. لم يحدث أن استهدفت مثل تلك المؤامرات بهذا الشكل، وعلى هذا المنوال ولا بتلك الصورة الدولة من قبل. 

وفى المراحل المفصلية فى تاريخ الأمم، لا تتغير الظروف على صعوبتها إلا بأن يفرض القائد الكاريزما السطوة على الدقائق والثواني.. لتعاد الحسابات.. ويعاد النظر.. وتعاد التصورات.

فى 3 يوليو 2013، أعاد عبدالفتاح السيسى رسم الخرائط فى مواجهة عجلة نارية كانت قد انطلقت لإعادة ترسيم الشرق الأوسط.. من بقع مختلفة على الخريطة، فى بروفات أولية.. فى الطريق إلى مصر. 

بدأ مخطط ما يسمى بالربيع العربى بتفاعلات شيطانية فى معامل عديدة انتشرت على رقعة العالم، من أقصى الغرب لأقصى الشرق. انتهت كبرى موجات الربيع العربى وإخوان الإرهاب فى قصر الاتحادية.

تعرض ما يسمى بالربيع العربى لمعاملات تسخين فى معامل الخارج. أضيفت لغبار الربيع العربى غازات سامة وخلطات شيطانية. استهدفت خططه الشيطانية إعادة رسم خرائط الشرق الأوسط بإعادة ترتيب مقاعد القيادة فى حروب لم يكن متعارفًا عليها.. فظهرت فجأة.. واتضحت تفاصيلها فجأة.. وانفجرت فى وجوه المنطقة فجأة. 

لعب الشيطان على تفجير الدول من الداخل، وتفجير الشعوب.. وهدم الشعوب.. وإسقاط الشعوب ثم إسقاط الدول.. باستخدام الشعوب نفسها. كان ما يسمى تيارات الإسلام السياسى فى الخلفية.. فى الانتظار. لما دارت عجلة النار فى المنطقة.. أوقفتها مصر. وكان أن توقفت عجلة النار فى مصر.. وبقى لدى إخوان الشيطان، للآن، ثأر من شعب.. استعاد نفسه.. ورمى بأصحاب الذقون من عل. 

هزمت مصر أفكار الثأر لدى جماعات الإرهاب. استحوذت مصر على ثأر لها.. كان مستحقًا.. بالتوازى مع الطريق للتنمية. 

مرة أخرى لم يكن الطريق سهلًا.. ولا معبدًا.. ولا ممهدًا. كان للطريق إلى استعادة الوطن، تكاليف وثمن.. دفعه المصريون.. من خيرة أبناء وخيرة رجال.. وضعوا الوطن فى القلب.. وفوق الرؤوس.. وقطعوا رؤوس التنانين السبعة.. فى ملحمة كبرى. 

(3)

ضمن شرعياته.. حاز عبدالفتاح السيسى شرعية الإنجاز. الإنجاز أجرومية. أو بمعنى آخر، فإن خطط بناء الدول الحقيقية هى فى الأصل مجموعات من القرارات التراتبية القائمة على بيانات من الواقع، وشواهد من الواقع، ومقومات من الواقع فى الطريق لإعادة بناء البشر والحجر. 

بدأ الطريق لإعادة بناء البشر، بفتح مسارات لتنمية الوعى الجمعى وترسيخه على أساس أن العلاقة بين استقرار الدولة وبين التنمية، تبدأ من جيش وطنى قادر.. ومواطن واعٍ يبصر. 

للآن.. هناك الكثير مما لم يكشف عن الفترة ما بين 2011 وحتى تولى عبدالفتاح السيسى المسئولية فى 2014 رئيسًا منتخبًا من جموع المصريين. 

لكن الأكيد أنه سوف يجىء يوم يعرف المصريون أكثر، ويعلم الشارع تفاصيل أكثر عما كان يحاك فى الأجواء من خططٍ لإحراق البلد.. باسم التغيير، وعما كان يدار وقتها لتفجير الشارع، ومن الشارع تنفجر الدولة.. باسم الحفاظ على حقوق الشارع والحفاظ على الدولة! 

على كل، تظل الأحداث الجسام، مهما قيل فيها من تفاصيل ووقائع، تظل حائزة فى طياتها كثيرًا من أسرار.. لتتكشف بالزمن.. كل فترة مزيد من المفاجآت.. ومزيد من الوقائع. 

ستأتى أيام يظهر فيها مزيد من الحقائق عن أشخاص، وحقائق عمن سموهم رموزًا. سوف تأتى أيام لتكشف مزيدًا من أسرار، وتفاصيل لأحداث كانت تدفع البلد بقوة فى الطريق للهاوية. 

خرجت مصر بمعجزة من مسارات الدول الفاشلة، التى كانت قد اقتربت من ذروتها عام 2013. 

وتبقى فى الذكرى عبرة.. وفى الذكريات دروس.