السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
10 سنوات على استعادة وطن

ثورة شعب فى مواجهة محاولة سطو مسلح.. على بلد

10 سنوات على استعادة وطن

ستظل 30 يونيو علامة ضوء مبهرة فى تاريخ شعب.. انفجر فى وجه محاولات السطو المسلح على وطن. وستبقى 30 يونيو ذكرى فارقة لاستجابة جيش مصر.. لشعب مصر الذى خرج للشوارع رافعًا شعار: انزل يا سيسى.



نزل السيسى.. ليتهافت تجار الدين على الجحور.. ويعود تجار الأوطان للجحور مرة أخرى، ومن خارج مصر وحولها سيعودون لمواطن الكلام الفارغ!

 

ثورة أنقذت مصر من الهاوية
ثورة أنقذت مصر من الهاوية

 

 

فى سير الشعوب أحداث جسام مختلفة على امتداد التاريخ. بعض الأحداث تغير الواقع، وبعضها يغير التاريخ. 

بعضُ الأحداث تغير الجغرافيا.. وبعضٌ آخر يغير أشكال الدول ومساحاتها.. كما يغير بعضٌ ثالثٌ الخرائط والطبوغرافيا. 

و30 يونيو، وهذه حقيقة، غيرت تاريخ الوطن، وأحدثت فارقًا هائلًا، منع خرائط المنطقة والإقليم من تغيير.. ولا كل تغيير. 

(1)

لا جدال أن ثورة 30 يونيو أحدثت بالفعل وعلى الأرض تغييرًا شديدًا فى معادلات السياسة فى العالم، وفى المنطقة، ونسجت خيوطًا جديدة لمعادلات هى الأخرى جديدة أوقفت جدلية آثمة كانت تساق بها البلد نحو بئر الشيطان.

لم تكن ثورة الشعب حجرًا شديد الضخامة فى مواجهة إخوان إرهاب، حاولوا الصعود على دماء المصريين قفزًا على الحكم فقط، إنما لعبت 30 يونيو كمحطة كبيرة من محطات هذا الوطن دورًا أساسيًا فى تغيير مخططات أدلجة الدين الإسلامى، فى منطقة كانت تتهافت عليها الكروب، وفى بلد كانت قد تقلبت فيه المواجع، بمحاولات إعادة ترسيم الواقع بخرائط جديدة.. وخطوط إمداد سياسية جديدة.

فى الكتب، تقوم علوم السياسة على توقعات وتكهنات وفق رؤى وشواهد. من جانبها، تقوم التوقعات فى نظريات السياسة على استقراء الأحداث الجارية، وبالتالى استنباط المخرجات وفق تراتبيات خاضعة لمعايير الشواهد المحيطة. 

 

الجماهير استدعت القائد: انزل ياسيسى
الجماهير استدعت القائد: انزل ياسيسى

 

تتشابك السياسة فى أغلب الأحيان مع التاريخ. والتاريخ فى حد ذاته فترات أو محطات، ولكل فترة من فترات التاريخ أو محطاته باب. 

تظل 30 يونيو الباب الأكبر فى مرحلة كتب فيها المصريون أن استعادة الوطن فرض عين. وكتب فيها الجيش ملحمة وفاء وبر لأبناء هذا الوطن الذين هبوا على أبواب واحدة من أصعب مراحل تاريخهم يهتفون: انزل ياسيسى. 

دبّر الإخوان محاولة السطو المسلح على مصر بليل. إن جيت للحق، لا تنفى نيات الإخوان الملوثة بالدماء أبدًا أن هناك من دفع بهم إلى الحكم من الداخل قبل الخارج. 

كانت محاولة الإخوان بداية لأدلجة الدين فى سلسلة كانت تكتب فى أقاصى الكوكب لتغيير تاريخ المنطقة، واعتبرت مصر فى تلك السلسلة بابًا وبوابة لخرائط جديدة على أمل نجاح ترسيماتها.

على مر التاريخ ومصر بوابة المنطقة.. وبوابة إفريقيا.. وبوابة الإقليم. 

خلال أيام «تنذكر ولا تنعاد» فيما سمى بالربيع العربى، لم تكن خطة استيلاء الإخوان على الحكم فى مصر مجرد سطو مسلح على وطن، إنما كانت بداية وفتحًا لبوابة واسعة تتسرسب من خلالها كالماء.. خلايا سرطان الراديكالية الدينية وجماعات التطرف فى جسد المنطقة، وتنساب فى أروقة الشرق الأوسط، لتعاد أشكال التوازنات ومواقع القوى، وتعاد فيها ترتيب الاستفادة من الثروات، وتعاد منها رسم تفاصيل معادلات السلاح والهيمنة.

قطعت 30 يونيو الطريق على تجار الوطن.. ونزل عبدالفتاح السيسى استجابة لشعب.. لم ير أنه من الممكن أن يقيم على كرسى رئاسته جاسوس.. ولا أن يسلم دولته لحكم مرشد الإخوان.

(2)

فى الأحداث الجسام فى تاريخ الدول، قد تتوقف عجلة التاريخ أمام إرادات الشعوب. على رأس المراحل الفاصلة يظهر أبطال يديرون أقراص الزمن.. لتتوقف عجلة الوقت وتثبت التوقيتات. 

 

لا يعرف المصريون الإسلام مخلوطا بالدماء
لا يعرف المصريون الإسلام مخلوطا بالدماء

 

استجابة عبدالفتاح السيسى لمطالبات المصريين فى 30 يونيو أوقفت عجلة الزمن.. وأوقفت المخططات ومزقت خرائط الشيطان. 

استعادت استجابة السيسى وطنًا كاد أن يخطفه قبل الإخوان تجار شعارات.. وبعد الإخوان أرزقية بذقون طويلة، وجلابيب قصيرة، مدوا الموائد ليأكلوا على الأرض فى القصر الرئاسى!

> لأسباب جوهرية سقط إخوان الإرهاب من عَل فى سماء مصر. 

 لا يفهم المصريون الإسلام مخلوطًا بالدماء. لا يعرف المصريون أقوالًا للصحابة والتابعين محرضة على الفوضى والدمار. لا يعرف المصريون دينًا يأمر بالقتل والذبح وتفخيخ محطات أتوبيسات النقل العام. 

لا يعرف المصريون إسلامًا يفرض على الشعب التسليم بأخونة الدولة.

لذلك، فعلى مر التاريخ الإسلامى لم تفلح محاولة ولو وحيدة لأدلجة الدين فى سيرة المصريين.

الأيدلوجية سياسة، والدين روح وسمو.. لم يؤمن المصريون طوال تاريخهم أن للدين أبعادًا فى السياسة، وأن للسياسة أجزاء فى الدين. 

لذلك سقطت تيارات الإرهاب الدينى ولم تستطع تغيير المعادلات. لذلك لم تنجح محاولات خلط السياسة بأقوال الصحابة، ولم تنجح تيارات أدلجة الدين فى إقناع المصريين بتأويلات خاصة افترضت معاداة الآخر، والحجر على الرأى، والقتل على الهوية.. استحواذًا على الحكم. على مر التاريخ لم تنجح معادلات الخراب فى مصر لأسباب لها علاقة بطبيعة المصريين.. وبطبيعة روح التدين لدى هذا الشعب. 

للإنصاف.. استطاع المصريون تكريس إسلام خاص على مر التاريخ. إسلام المصريين وسطي صحيح. 

لم يطعن المصرى يومًا فى عقيدة.. ولم يحدث فى التاريخ أن أقام المصرى تفريقًا على الهوية.. أو على الإيمان أو على المعتقد. 

لذلك لم ينجح الإخوان فى تمرير معادلة دينية ملغومة إلى الشارع المصرى.

خلال مشروع لم يكن ليكتمل بالحتمية التاريخية والاجتماعية، حاول إخوان الإرهاب فيما بعد يناير 2011، إدخال المصريين إلى بوابات تسييس الدين، وأدلجة العقيدة.. وصولًا إلى أهداف السطو العام. 

لم ينجحوا. ولم يكن ليكتب لهم النجاح. 

(3)

عندما تدخل السياسة فى الدين، تكثر الفتن، وتكثر الفوضى. يرفع هؤلاء علمًا برموز دينية، فيحتكم آخرون إلى أعلام أخرى برموز هى الأخرى دينية. 

طوال التاريخ.. لم يرتض المصريون حكمًا بالدين.. ولا على الدين ولا ارتضوا بالدين حاكمًا.  السبب أن مصر، بالحضارة وبحكم محطات التاريخ كانت قد اكتسبت روحًا كوزموبوليتانية، تؤمن بالحق فى الحياة للجميع، وتعتقد فى الحق لله.. للجميع. 

لم يفهم إخوان الإرهاب معادلات الإيمان المصرى.. ولا فهموا سيكولوجية شعب، لا فى السياسة.. ولا فى الاعتقاد. 

لذلك كانت سنة حكم الإخوان فتنة.. وقى الله شرها. وكانت 30 يونيو نهاية حتمية لمرحلة اقتربت فيها الدولة والحضارة والثقافة من حواف الهاوية.

لذلك أيضًا، ستظل ذكرى 30 يونيو مثالًا على قدرة شعب.. وعلى إرادته. 

ستظل تلك الذكرى إشارة على إرادة شعب، وقدرة تجلت عندما تجلت الإرادة، لحماية المصير واستعادة الهوية.

وستظل دولة 30 يونيو نموذجًا على واحدة من أبرز محطات التنمية.. بأياد مصرية.. وإرادة مصرية.. وقرار مصرى حر. 

وبعد 10 سنوات.. على ذكرى يونيو.. كانت مصر تغيرت.

تغيرت الخرائط، وانعقدت التنمية على الجوانب وفى المحيط. 

لم يكن النجاح سهلًا.. ولم تكن الطرق مفروشة بالورود. اعتمدت دولة 30 يونيو العمل.. ثم العمل.. وصولًا للمستقبل. 

واجهت دولة 30 يونيو تحديات على مسارات عدة. اختبرت قوة الدولة وإرادتها أزمات مختلفة. بدأت الجمهورية الجديدة بقرار شجاع.. واستمرت على نفس نسق القرار المناسب فى الوقت المناسب.. بلا رهبة.. وبلا تسويف أو تأجيل. 

خطت مصر بعد 30 يونيو، بدولة 30 يونيو مسرعة على طريق بدأ أولًا باستعادة المكان والمكانة فى الإقليم.. وصولًا إلى قرارات إصلاح على كل المستويات. 

خاضت الدولة مسارات عدة.. بالتوازى. فى الداخل والخارج، فيما كانت التنمية خيارًا أولًا ووحيدًا للدولة. 

عمل عبدالفتاح السيسى على توازى المسارات، مع أولوية الاعتبار للمواطن. 

فى مسارات التنمية الشاملة وسياقاتها تستلزم الظروف رؤى جذرية، بحلول واقعية.. للعبور من مناطق كانت قد ضاقت واستحكمت.

يكفى أن هذه دولة كانت قد قاربت على إعلان إفلاسها عام 2013. 

(4)

أول ما اكتسبه عبدالفتاح السيسى من شرعيات متعددة لدى الشارع المصرى كانت شرعية الإنقاذ.

فى المراحل المفصلية فى تاريخ الشعوب، تختلف المعادلات الكيميائية، وتتغير قوانين الفيزياء، وحساب المثلثات طبقًا للحتمية الكاريزيمة للمنقذ الجديد. 

فى أوروبا ، على سبيل المثال، فيما بعد الحرب العالمية، شكل الزعيم الفرنسى شارل ديجول نموذجًا فى تاريخ العالم الحديث لتلك المراحل التى تقلب عجلة الزمن.. وتوقف التاريخ.. وتعيد عكس حركة العجلة فى الدوران. 

طلب الشارع الفرنسى فى مرحلة شديدة الخطورة، وشديدة الحساسية فى تاريخ بلاده وقتها، بطلًا منقذًا، حيث كانت الدولة على حافة الهاوية.. وكان الشارع قد وصل إلى الهاوية.. وكانت أغلب مؤسسات الدولة قد دخلت إلى ما بعد الهاوية.

فى المراحل المفصلية فى تاريخ الشعوب، ينسحق الزمان والمكان، بتحولات فى اتجاهات الهواء لم تكن متصورة، وطفرات فى اختلاف المشاهد.. لم تكن تدخل فى الحسبان. 

فى 30 يونيو 2013 أجبر عبدالفتاح السيسى حركة الزمن على تغيير الاتجاه، متحملًا شجاعة قرار فى مواجهة عدو كان فى طريقه بالدولة إلى الجحيم.

نزل عبدالفتاح السيسى الميدان.. نزولًا على إرادة المصريين.

وقتها توقف الزمن، فترة من الزمن، ثم عادت عقارب الساعة بعد فترة لحساب توقيت جديد.  دخل المصريون فيما بعد 30 يونيو عقودًا مرحلية أولى من نوعها، فى الطريق لجمهورية جديدة، وأعادت رسم الخرائط، وأعادت مد المساحات، كما غيرت أماكن المدن الكبرى على خريطة البلاد.

لم يكتسب عبدالفتاح السيسى الشرعية بصناديق الانتخابات فقط عام 2014، إنما على مر 10 أعوام بطولها وعرضها، تعددت مكتسبات عبدالفتاح السيسى الشرعية.

حاز السيسى أولًا شرعية الاستدعاء، ثم حاز شرعية الإنقاذ. بعدها حاز شرعية القرار، فوصولًا إلى شرعية التفويض، فى الطريق لشرعية الإنجاز فى قفزات على طريق التنمية.. بعد أن استعادت الدولة.. الدولة.

على مشارف الجمهورية الجديدة استعادت مصر مكانتها كدولة قوية قادرة، ترفع شعارات تنمية حقيقية شاملة ومتكاملة تعمل بها على الأرض، لتعيد التموضع فى أماكن مستحقة فى المنطقة والإقليم، بهيمنة مستحقة فى المحيط.. وبخطوط حمراء وقت اللزوم، مع أياد ممدودة ورغبات صادقة فى الانفتاح على الجميع. 

(5)

فى 3 يوليو 2013، أعاد عبدالفتاح السيسى رسم الخرائط فى مواجهة عجلة نارية كانت قد انطلقت لإعادة ترسيم الشرق الأوسط.. من بقع مختلفة على الخريطة، فى بروفات أولية ما قبل افتتاحية.. فى الطريق إلى مصر. 

بدأ مخطط ما يسمى بالربيع العربى بتفاعلات شيطانية فى معامل عديدة انتشرت على رقعة العالم، من أقصى الغرب لأقصى الشرق.

فى معامل تسخين الربيع العربى، حيث أضيف كثير من أنواع أشد السموم فتكًا على خلطاته، وأضيف المزيد من غازات السيانور على وصفاته. 

كانت الفكرة الجهنمية تستهدف إعادة ترسيم مساحات وحدود وخطوط التماس فى دول الشرق الأوسط، بعدها إعادة ترتيب مقاعد القيادة والريادة، بنوعية جديدة من الحروب لم يكن متعارف عليها ذلك الوقت.

كانت الحروب الجديدة خبيثة. استهدفت تفجير الدول من داخلها، وتفجير أوضاع الشعوب نفسها بنفسها، وهدم الأوطان هدمًا من داخلها، وإسقاط الدول باستخدام الشعوب نفسها! الفكرة فى مجملها، وبموضوعية شديدة، كانت أكثر من ساذجة، وأكثر من حمقاء لأكثر من سبب.

أول الأسباب وأهمها أن هناك من كان مقتنعًا بإمكانية نجاح خطة للتعاطى المقنن مع جماعات الإسلام الراديكالى (على رأسهم الإخوان الإرهابيون) وفق استراتيجيات جديدة فى الشرق الأوسط!

سذاجة الفكرة بدت من الطرفين.. الطرف المخطط والإخوان. 

لم يكن من خطط إيمانًا بتلك الفكرة يعرف الإخوان جيدًا.. كما أنه لم يكن يعرف المصريون جيدًا أيضًا.

لم تكن الأزمة فى مخططات الخارج وحدها.. إنما كانت أزمة كبرى فى الداخل أيضًا. فى الداخل المصرى، ساعدت عوامل دفع كثيرة فى اكتساب الإخوان مساحات.. أسرعت فى دفع عجلة النار نحو الدوران.

لم يكن هناك، حيث يتم التخطيط والتدبير، من يتصور أن هناك من هو قادر على إيقاف تلك العجلة.. ولا حتى الحد من سرعتها. 

لذلك كانت الصدمة الكبرى والحدث الجلل أن خرج عبدالفتاح السيسى مدفوعًا بمطالب الاستدعاء الشعبى، مشفوعًا بشرعية قرار شجاع، ليوقف عجلة النار عن الدوران. 

حسب الشواهد، وطبقًا للرؤى، ومن استعادة لذكريات سنوات فاتت، واستعادة لاستعراضات بهلوانات سياسة ظهروا، وتجار أوطان تواروا بعد ضوء، فإن الوصف الأمثل للتفكير الغربى فى إدارة استراتيجيات الربيع العربى، على اختلاف أساليبها.. وضغوطها.. ومناوراتها لم يكن يخلو من سذاجة.

ليست سذاجة ناتجة فقط عن إغفال التفكير الغربى قدرة الجيش المصرى ومؤسسات الدولة فى التصدى لوقوع البلاد فريسة تيارات ظلامية.. لكن تبدو حماقة الفكرة من افتراض التفكير الغربى أنه يمكن اعتماد جماعات الإسلام الراديكالى بديلاً ممكنًا لتولى الأمور فى شارع مصرى ذي طبيعة خاصة، بخصوصية دينية.. تستمد وسطيتها من اعتبارات تاريخية.

خصوصية التدين المصرى هى التى جعلت من المواطن البسيط نفسه حائط صد طوال التاريخ فى مواجهة ألوان من التطرف الدينى، وحائط صد أيضًا لمحاولات مختلفة لصبغ الشارع بإسلام مسيس.. وتطرف متخف. 

على مر تاريخه، استقل المصرى بإسلام عادي.. بلا مبالغة.. ولا تشدد. وقف الشارع المصرى بخصوصيته، أكثر من مرة، وفى أكثر من محطة تاريخية فى مواجهة الراديكالية الدينية.. بأفكارها ضيقة التغلق.. وتقفل الرغبة فيها، وتقدم الله بصورة خاطئة.. وتتعبد إلى الله بصورة هى الأخرى خاطئة. 

كان إسلام الشارع المصرى الوسطى عاملًا مهمًا وأساسيًا من عوامل استدعاء عبدالفتاح السيسى، لتخليص المصريين من إسلام فاشي.. اعتبر أن وصوله للكرسى فى غفلة من الجماهير.. غير قابل للتغيير حتى بعد أن استفاقت الجماهير!

(6)

أولى مقومات نجاح مخطط الربيع العربى كان النجاح فى استهداف الجيوش الوطنية للدول. هدم الجيوش الوطنية كان الطريق الوحيد والأوحد والأساسى والأهم لتمرير الربيع العربى.. تحت شعارات مختلفة. 

لذلك كان ما كان فى العراق ، حيث وقف المواطن فى مواجهة جيشه، فى بغداد والموصل.. وفى العاصمة تونس وقف المواطن فى مواجهة قواته المسلحة على الساحل.. وفى الجنوب. 

فى مصر كان الأمر مختلفًا.. إذ إن هناك من فطن للعبة.. وفوت على من خطط المخططات.

قطع الجيش المصرى دابر المحاولة اعتمادًا على أكثر من سبب. أولًا القدرة، وثانيًا العقيدة والوطنية، وثالثًا اعتبارات جوهرية راجعة لتفرد الجيش الوطنى المصرى بمقومات خاصة مقارنة بالجيوش الأخرى.. فى بلدان أخرى. 

فى الأيام الصعبة كان عبدالفتاح السيسى فى خلفية المشهد، يراقب ويتابع. كان يقيس هنا، ويعمل هناك.. فى القلب من جيش وطني لعب رجاله أدوارًا نادرة، وقدموا حتى ننجو نماذج الفداء والتضحيات صونًا للأرض وللعرض. 

ولما سقطت الأقنعة فى 30 يونيو، وتوارت الوجوه، وبدت السوءات.. نزل الملايين فى الشوارع والميادين استدعاء لعبدالفتاح السيسى لتخليص مصر. 

وقتها كان الجناة.. مجموعة من الفاشيين انكشفت أنيابهم، وتعرت محاولاتهم لاختطاف الوطن.. وعاونهم بعض من «رموز ثورة» تاجروا بالبلد.. وعرضوها للبيع فى فاترينات السياسة.

كانت يناير 2011 فتنة وما بعدها فتنة وقى الله شرها.. وستظل 30 يونيو اتجاهًا تصحيحيًا لأكبر موجة من موجات السيولة والاهتزاز التى دخلتها مصر فى تاريخها الحديث. ستبقى 30 يونيو.. ذكرى إرادة شعب.. لاستعادة  وطن. وذكرى استجابة جيش.. لنداء ولاد البلد.