السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
إفريقيــــا بالمصـــــرى

إفريقيــــا بالمصـــــرى

مكاسب جديدة لجولة رئاسية جديدة إلى عمق إفريقيا.



وصلت الدبلوماسية الرئاسية المصرية إلى مناطق لم تكن قد وصلتها من قبل. فتحت مزيدًا من الملفات، وعززت مزيدًا من التواجد.. وأثمرت مزيدًا من مكاسب، وفتحت مزيدًا من الأبواب. 

تغير الحال.. ومصر النهاردة فى العمق الإفريقى وفى صلب قضايا الأشقاء وفى صف تنمية القارة بالخبرات والمساعدات والقدرات.

ليست صدفة أن تتزامن الجولة الإفريقية مع قرب حلول الذكرى العاشرة لـ 30 يونيو. خلال الجولة الرئاسية، ظهرت إفريقيا وكأنها تتكلم بالمصرى، بعدما عادت مصر، بقوة للحديث بالإفريقى بعد 30 يونيو.

منذ 10 سنوات.. ومصر لم تغب عن القارة. تعاظم الدور المصرى فى القارة السمراء بعد يونيو 2013.. وتنامى.. وزاد الدعم الإفريقى بعدما تأكد الأشقاء الأفارقة، أن مصر حملت على أكتافها وبصدق قضايا القارة السمراء أمام المحافل الدولية.

لم يكن الوصول إلى ما وصلت إليه مصر فى إفريقيا بالسهل، خصوصًا إذا ما قارنته بالحالة خلال عام تعليق عضوية مصر بالاتحاد الإفريقى بعد 30 يونيو 2013.

ما بين تعليق العضوية وبين تسلم مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى عام 2019 كان مشوارًا طويلًا من العمل والجهد.. والنوايا الصادقة.

كان النجاح مصريًا، والاسم إفريقيًا، والمصالح مشتركة، والمنافع متبادلة. قدمت مصر ما لديها للقارة فى كل المجالات. 

سد جوليوس نيريرى فى تنزانيا نموذج، ومشاريع الربط الكهربائى، والطرق، والبنى التحتية، والقوافل الصحية.. نماذج أخرى.

مزيد من الإجراءات على البعد الإفريقى لا تزال على قائمة توجهات الجمهورية الجديدة فى الطريق لمزيد من التعاون مع القارة السمراء.

مكاسب مختلفة ومنافع خلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى. مكاسب كبيرة ومنافع خلال رئاسة مصر للكوميسا.. واليوم تحشد مصر الأصوات لمجلس السلم والأمن الإفريقى.

(1)

هيمنت ملفات متنوعة على زيارة الرئيس لـ أنجولا وزامبيا وموزمبيق. الزيارات هى الأولى لرئيس مصر لكل من أنجولا وموزمبيق. ملفات عدة فتحت الزيارة لها آفاقًا جديدة من التعاون والمشاركة. هيمن الاقتصاد على قطاع كبير من الزيارات، لكن المكاسب السياسية كانت أكبر.. حشدت مصر مزيدًا من الدعم للحق المصرى فى قضية «سد النهضة» الإثيوبى.. إضافة إلى ما هيأته الزيارات من مساندات لترشح مصر لمجلس السلم والأمن فى الدورة المقبلة.

بحث رئيس الدولة المصرية سياقات مختلفة من التعاون المتبادل فى الاقتصاد والتجارة والاستثمار، وقدم يد التعاون لكل ما يطلبه الأشقاء الأفارقة فى إطار الأولوية التى تضعها القاهرة لمتطلبات واحتياجات القارة على أجندة سياستها الخارجية. 

وصف مراقبون الجولة الرئاسية بالنقلة النوعية فى العلاقات المصرية الإفريقية، وأشار آخرون إلى استهداف الرئيس دولًا أعضاء بمنظمة «سادك» (مجتمع تنمية إفريقيا الجنوبية), المنظمة، ومقرها بتسوانا، وتضم 14 دولة، والمنظمة على أهميتها، فإن طرق أبوابها لم يكن يحظى باهتمامات الإدارة المصرية على مدى عقود فاتت.

احتل التعاون الاقتصادى أولوية كبيرة خلال الزيارة، لكن فى الوقت نفسه، كان البعد السياسى على قائمة المناقشات وتبادل الرؤى ومساحات التشاور، خصوصًا فى ظل تحركات القاهرة النشطة فى ملفات ساخنة فى الجوار والإقليم. 

الملفات ساخنة فى السودان وليبيا، ومزيد من التعاون مطلوب وضرورى فيما يتعلق بقضايا مثل مكافحة الإرهاب.. مكافحة الإرهاب والقدرة على دحره تجربة مصرية فريدة.. لا تمانع مصر أبدًا فى نقل تلك الخبرات إلى من أراد.

يمكن اعتبار الخبرات المصرية فى مكافحة الإرهاب واحدة من الأدوات الفعالة لمزيد من التعاون الأمنى والسياسى مع عديد من دول القارة. خصوصًا الدول التى لا تزال تعاني من قلاقل جماعات وتنظيمات إرهابية تمنع عنها الاستقرار، وتتسبب فى ضرر كبير بفرص التنمية داخليًا.. على مستوى تلك الدول، وخارجيًا على مستوى القارة.

 

مصر تقود إفريقيا إلى المستقبل
مصر تقود إفريقيا إلى المستقبل

 

(2)

حشد التأييد لوجهة نظر مصر فى قضية «سد النهضة» واحد من أهم مكاسب الجولة الرئاسية لدول جنوب إفريقيا.

الحقوق المصرية ظاهرة فى مسألة السد. والمطالب المصرية عادلة، والتأييد الإفريقى لمصر فى تلك القضية شديد الوضوح.

فى الفترة الأخيرة، بموجب الأحداث الأخيرة، فإنه قد يجد السودان ما يشغله من أزمات داخلية عن قضية السد مع استمرار إثيوبيا فى نهجها غير المتوازن والمخالف للأعراف والقوانين. 

لذلك ممكن حسبان الزيارة الرئاسية، مزيدًا من توضيح وجهة النظر المصرية، للأشقاء فى جنوب القارة، وكسب مزيد من تأييد أكبر عدد من الدول الإفريقية. 

من الأمن والاستقرار فى القارة.. إلى ترشح مصر لمجلس السلم والأمن.. السياق متصل والنقاط متواصلة.

ترشح مصر لعضوية «مجلس السلم والأمن» الإفريقى خطوة أخرى جديدة أكيدة على مسار تعزيز الحضور المصرى فى القارة. البادى أن هناك ترحيبًا من دول القارة بالدور المصرى فى كيفية التعاطى مع الملفات الإقليمية الإفريقية. لدى مصر تراكم خبرات فى هذا الإطار، سواء خلال رئاستها الاتحاد الإفريقى خلال السنوات الماضية، أو من خلال الاطلاع الدائم لقيادتها السياسية على المستجدات على خريطة القارة، انطلاقًا من ثوابت احترام حقوق الدول فى إدارة شئونها، مع عدم التدخل.. مع التأكيد على الحفاظ على وحده التراب الوطنى.

لدى مصر دور كبير تلعبه ومنتظر أن تستمر فى أداء مسئولياتها فى إطار دعم الاستقرار الأمنى ومكافحة الإرهاب فى القارة. لدى القاهرة سوابق تعاون مختلف التفاصيل مع كثير من دول القارة.

لدى القاهرة أدوار عدة فى منطقة الساحل والصحراء، ولديها من الخبرات ما يزيد من قدراتها على تحقيق مسئوليتها فى ملف السلم والأمن.

خلال السنوات الماضية، كان لمصر دور محوري وفاعل فى القضايا السياسية التى واجهتها وتواجهها القارة، إضافة إلى دورها الحالى فى محاولة إيجاد حلول للأزمة السودانية، بجانب تطورات القضية الصومالية. 

ثوابت مصر واضحة.. ومعلنة فيما يتعلق بالتعاطى مع القضايا الإفريقية. تنطلق تلك الثوابت من حفظ الحقوق، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، مع التأكيد على الحلول السلمية، وحصر القضايا الإفريقية فى الإطار الإفريقى. 

(3)

أولت مصر اهتمامًا مستحقًا بالقارة السمراء بعد ثورة 30 يونيو. تواصل الاتصال المصرى الصادق بقضايا القارة، وصولًا إلى تولى مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى لمدة عام.

تعددت زوايا الاتصال المصرى والاهتمام، لكنها شملت كل ملفات التنمية فى القارة. غير السياسة، دعمت مصر فى الاقتصاد، وراعت مطالب الأشقاء فى اتجاهات الاجتماع.. والصحة والتعليم.

نشاط واضح للقاهرة بفاعلية فى كل تلك الملفات، ارتبطت فيه سياسات القاهرة ببرامج الاتحاد الإفريقى 2063، الذى يضم 18 قطاعًا يتم تنميته وتحديثه بالتوازى.

ويبقى محور الاقتصاد.. وفى هذا السياق كان لمصر دور بارز على محاور التجارة البينية، أو من خلال اتفاقية التجارة الحرة، وعن طريق استثمارات ضخمة سواء فى الإطار الإفريقى الإفريقى، أو فى إطار الدول المانحة، أو فى إطار الدول التى تقدم مساعدات أو فى إطار مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية.

شجعت مصر القطاع الخاص على ضخ استثمارات بالمليارات للبنية التحتية. 

لمصر فى ملف البنية التحتية خبرة كبيرة ظهرت فى مشروعات السدود، والطرق،

والمشروعات العملاقة سواء لحفظ المياه، أو لدعم إعادة الإعمار بعد تسوية النزاعات. 

لمصر فى إفريقيا شركات مصرية راكمت من خبراتها سنوات عملها فى الداخل الإفريقى ما أكسبها صيتًا وسمعة وقدرة على أداء ما يوكل إليها من مهام تنمية.

تولت الشركات المصرية أكبر المشروعات فى أنحاء القارة السمراء، بالتركيز على برامج خطة الاتحاد الإفريقى.

قدمت الخبرات المصرية الكثير على خطوط التنمية وتطوير البنى التحتية والطرق البرية والسكك الحديدية، إضافة إلى مشاريع ربط القارة بالموانئ والمطارات لتسهيل التجارة بين دول القارة.

باتت مصر تعرف جيدًا لغة الأشقاء الأفارقة.. بينما أصبح الأشقاء يتكلمون بالمصرى.