الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
مكاســب الحـــوار الوطنــــى

عـــن بيـــان الحركـــة المدنيـة.. الـذى خصـم مـن رصيدها

مكاســب الحـــوار الوطنــــى

انطلق قطار الحوار الوطنى.



القطار سريع.. يجوب المساحات.. ويدخل المناطق التى كانت محظورة. 

أول قطار من نوعه تشهده مصر الحديثة. القطار علامة الجمهورية الجديدة.. وهو واحد من أهم الطرق وصولًا إلى النتائج.

الحوار الوطنى مكسب للمصريين. مكسب للجميع.. حكومة ومعارضة.. يمينًا ويسارًا.. مكسب للأحزاب والقوى السياسية على اختلاف توجهاتها.. ورؤاها.. وأفكارها.. وشخصياتها.

 

 

(1)

 

لذلك بيان الحركة المدنية الذى صدر قبل أيام.. ليس سليمًا.. ولا منطقيًا.. ولا متصورًا.  افتقد البيان أدب اللياقة.. وأصول الحوار. أو قل إنه ربما من صاغ البيان.. لم يتوصل للآن للمعانى العميقة من فلسفة الحوار.. وفلسفة الدعوة الرئاسية إليه.

بدا من بيان الحركة المدنية أنها تتكلم فى البيان باسم المعارضة المصرية كلها.. وهذا ليس صحيحًا.. فالحركة ليست هى المعارضة كلها.

بدا فى البيان أن الحركة المدنية ما زالت تتكلم عن شروط.. واستباقيات. هذا الكلام أيضًا غريب.. لأنه ليس مقبولًا أن تتكلم عن حالة حوار بشروط مسبقة.. واستباقيات موضوعة من طرف واحد.

الاختلاف مقبول.. ومبدأ التعاطى مع كافة الاختلافات كان الأساس فى الدعوة الرئاسية التى أدخلت مصر كلها فى حوار.. لكن الكلام هنا عن بعض مفردات بيان القوى المدنية.. وصياغاته.

مرة أخرى.. لا بد من التأكيد على أن الاختلاف مقبول.. وأن السياسة اختلاف.. والاقتصاد سجال. والاختلاف هو «أس» فلسفة الدعوة إلى الحوار مع الجميع وبين الجميع.. لكن الاختلاف لا يعنى صياغات معيبة.. وكلامًا فى غير محله. 

ما معنى أن الحركة المدنية «تتحلى بأقصى درجات ضبط النفس.. وتحضر الحوار الوطنى»؟ 

قبل الحوار لم تتوقف الحركة المدنية عن محاولة فرض «الإملاءات».. وبعد بدء الحوار فى مشهد شديد الدلالة تتكلم الحركة المدنية عن ضبط النفس؟

سبق ووضعت الحركة المدنية العربة قبل الحصان.. سبق ورفعت ملف المحبوسين احتياطيًا على رأس قوائم المطالبات قبل قرارها المشاركة فى الحوار.

استجابت الدولة.. فى وقائع كثيرة.. ومسائل أكثر وإجراءات قدمتها فترة الإعداد للحوار تأكيدًا على حسن النوايا.. وتأكيدًا لرغبة فى التعاطى مع الجميع.

بدا مشهد افتتاح الحوار الوطنى مهيبًا.. ودالًا على أن الحوار للجميع. كلمة الرئيس للحوار أكدت دعم رأس الدولة لمخرجاته.. مهما كانت.. على أن يتوافق عليها الجميع.. بعد مناقشات.. ومداولات. 

وعدٌ رئاسىٌ كرره الرئيس أكثر من مرة: الدولة عازمة على التعاطى بكل الطرق الدستورية المتاحة لتحقيق مخرجات الحوار الوطنى وتطبيقها.

المكاسب مضمونة إذن.. والمطالب على اختلافها محققة بعد انتهاء الحوار. كيف يأتى اليوم، من يتكلم عن «ضبط النفس» فى مشهد افتتاحى احتوى الجميع.. وقبل بدء الحوار.. وقبل بدء الجلوس على الترابيزات.. لاستكمال المصارحة.. والمطارحة.. وإلقاء كل الأفكار على تنوعها على ترابيزات البحث؟ 

 

(2)

 

هل بيان الحركة الوطنية كان تهديدًا بالانسحاب؟ هل كانت «حركة» من نوع ما.. للحركة الوطنية لشىء من المناورات؟

إن جيت للحق.. سواء هذا أو ذاك.. وسواء كده أو كده، فالحركة الوطنية سوف تكون أكبر الخاسرين لو طرأ على بالها التفكير فى الانسحاب من الحوار.

 

الرئيس السيسى يلقى كلمة فى افتتاح الحوار الوطنى
الرئيس السيسى يلقى كلمة فى افتتاح الحوار الوطنى

 

الحوار أمل للجميع. أمل للمصريين فى الشارع السياسى، وأمل معقود عليه الكثير فى الأوساط الحزبية.. والتكتلات السياسية. 

الخارج عن دوائر الحوار هو الخسران. 

تخسر الحركة المدنية لو تمادت.. كما خسرت نقاطًا ببيانها الأخير. 

الحوار الوطنى مهمة وطنية. تغير غير مسبوق، وموائد جدل سياسى لم يسبق أن تم مدها من قبل.

الجميع يعمل على أن يربح. الدولة.. والمعارضة. 

مرة ثانية لا بد من التأكيد على أن الحركة المدنية.. ليست هى وحدها المعارضة. أو ليست هى المعارضة وحدها. 

يعنى غير الحركة المدنية، هناك تكتلات أخرى سياسية، وحزبية، ليست محسوبة على الحركة المدنية، ولتلك التكتلات والأحزاب مطالب ورغبات فى مكاسب من الحوار. 

لو خرجت الحركة المدنية مختارة.. فليس هذا معناه أن المعارضة خرجت. 

لو خرجت الحركة المدنية.. فليس هذا معناه أن الحوار مع المعارضة توقف. 

الحوار لن يتوقف.. لأن الدولة جادة فى إتمامه.. كما كانت جادة فى التحضير له. يكفى الدلالة على اهتمام الدولة بأن يخرج الحوار شاملًا كاملًا متكاملًا استغرقت فترة التحضير له أكثر من عام. 

لم يكن يوجد هناك فى أرض المعارض، حيث الجلسة الافتتاحية للحوار الوطنى من كان يريد أن تنفصل الحركة المدنية عن الإجماع. 

شمل الإجماع الكل.. كان الإجماع بحرفية الكلمة.. ودلالة اللفظ. لماذا هناك بعد أن وصلنا لتلك المرحلة غير المسبوقة من الحوار السياسى من يخرج ليناور.. وينثنى.. وينفرد.. ويلمح إلى ما هو غير الحوار.. أو بعيدًا عنه.. أو بعيدًا عن أدبيات وفلسفة وضعتها الدولة.. بصدق ومصداقية.. وإتاحتها للجميع على اختلاف التوجهات؟

 

(3)

 

دعت الدولة للحوار رغبة فى مكاسب التعاطى مع الجميع. رغبة فى أفكار ورؤى ومشاركة فاعلة مع كل المصريين فى مرحلة اجتماعية واقتصادية وسياسية دقيقة على مستوى العالم.. وعلى المستوى الداخلى. 

المشاركة مكسب تستهدفه الدولة، للإفادة فى التعاطى مع أوضاع اقتصادية، واجتماعية، عكستها تغيرات هائلة فى المحيط العالمى. 

لم تدع الدولة للحوار منطلقة من ضعف.. أو من قلة حيلة. بالعكس، الدعوة للحوار كانت منطلقة من قوة قيادة حققت كثيرًا من المكاسب بانعكاسات شديدة التأثير الإيجابى على كافة القطر المصرى. 

استعادت الدولة مصر من الإرهاب. استعادت الدولة الاستقرار. خطت خطوات كبرى، وواسعة على طريق التنمية.. وخطوات أيضًا واسعة على طريق المشروعات الوطنية. 

تغيرت مصر بعد تهديدات وجودية، مدت لها المساحات أحداث يناير 2011، ثم خلفتها تداعيات لتلك المساحات من السيولة والفوضى بوصول إخوان الإرهاب إلى الحكم.  الدعوة للحوار إذن دعوة رشد.. مختومة بالصدق.

دخلت المعارضة الحوار لديها مطالب، وطمعًا فى مكاسب. تلخصت مطالب المعارضة فى تعديلات على قانون الحبس الاحتياطى وتغيير النظام الانتخابى، والمحليات ومباشرة الحقوق السياسية، والإشراف القضائى على الانتخابات الرئاسية. 

استجاب الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى المطلب الأخير قبل بدء جلسات الحوار الوطنى، وخلال فترة الإعداد له. 

استجابت الدولة، إلى مطالب بعض أطياف المعارضة فى الإفراج عن المحبوسين فى قضايا رأى.. استخدم رئيس الجمهورية سلطاته فى العفو بعد أحكام قضائية مشمولة بالنفاذ. 

لاحظ أن أغلب المشمولين بالعفو الرئاسى حوكموا ودخلوا لقضاء عقوباتهم بأمر القضاء، وبأحكام نافذة. 

استخدم رئيس الدولة سلطاته الدستورية للعفو فى مزيد من التأكيد على أن الدولة ليست فى خصومة مع أحد.. وأن الدولة لديها من السعة ما تستوعب فيه جميع أبنائها.. ما دامت أياديهم لم تتلوث بدماء المصريين. 

قدمت الدولة حسن النوايا.. مكللة بالإجراءات الفعلية على الأرض. بدا الحوار بالفعل شاملًا للجميع. لا يصح أن يأتى أحدهم الآن ليقول إنه تعمد «ضبط النفس.. أو أنه يراقب من بعيد». 

لا تصح دعوات «فردية» بمحاولة احتكار «قوى المعارضة».. خصوصًا أن المعارضة كلها كانت فى أرض المعارض.. حيث يتحاور الجميع.. من أجل الجميع.