الأربعاء 25 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نفسي ألبس فستان أوجيبه!

نفسي ألبس فستان أوجيبه!
نفسي ألبس فستان أوجيبه!


هى رحلة أكيدة تحدث يوميا مع البنت «مصرية» وأخواتها بداية من كلمة صباح الخير وهى تفتح عينيها صباحا ويبدأ منها العد التنازلى لمحاولات التحرش كل يوم وفى كل منطقة وفى أى وقت «مصرية» معرضة للتحرش وانتهاك الكرامة وقد يتطور الأمر وصولا إلى هتك العرض.. إذن لابد من الاستعداد الكافى وتجهيز العدة والعتاد.
 
∎ الموقعة الأولى.. الدولاب
 
مبدئيا دعنى أصف لك صورة لهذا الدولاب من الداخل فهو مقسم عدة أقسام:
 
أولا: الملابس المركونة التى أتت فى غفلة من الزمن حين كانت تتصور أنها أنثى فداعب خيالها مظهر أنثوى حالم ناعم ترتدى فيه جيب أو فستانا، وقد شل هذا المظهر الحالم تفكيرها تماما وساقها حتى الكاشير ودفعت ثمنه كاملا وطارت به على المنزل من الفرحة لتريه لأسرتها وهنا كانت صدمة كبيرة!
 
الأم: إيه يا بنتى ده إنتى اتجننتى إنتى عاوزه تنزلى بيه الشارع إزاى ده ؟!
 
مصرية: يا ماما ده طويل وبكم ورقبة.
 
الأخ: وافرضى يا فالحة الهوا طيره ولا اتعرضلك واد صايع ورفعهولك.
 
الأم: شيليه شيليه هينفع فى جهازك ابقى البسيه لجوزك فى البيت!
 
الأخ: حرام يا ماما سيبيها تفرح بيه.
 
وهنا انفرجت أسارير مصرية..
 
ثم أكمل الأخ جملته ... بس بشرط تلبسى تحتيه بنطلون وبودى علشان لو حصل حاجه كده ولا كده تبقى مستورة.
 
مصرية: بس احنا فى عز الحر!
 
الأم: هاتى بنطلون وبودى قطن وبطلى حجج يا أختى!
 
وبحكم العادة أصبحت العين لا تذهب إلى هذا الجزء من الدولاب من الأساس فتلك الملابس مركونة لحين وصول العريس المنتظر.
 
القسم الثانى بالدولاب وهو قسم ملابس الأحلام الوردية فهو يحتوى على عدد من الجيبات القصيرة جدا بالإضافة إلى الهوت شورت وبعض البلوزات بدون أكمام.. جدير بالذكر أن بعضا من تلك الملابس كان ميراثا خاصا لمصرية من جدتها أهدتها إياها ظنا منها أنه لا يزال بعض الآدميين يمشون فى الشوارع المصرية كما كان فى حقبة الخمسينيات.
 
تنظر إليها مصرية بحسرة متسائلة: هل سيأتى يوم وأتمتع بأبسط حقوقى فى انتقاء ملابسى؟
 
القسم الثالث وهو يحوى عادة بعض الملابس المتاحة وهى لا تتعدى بعض البنطلونات والبلوزات محدودة الألوان حتى لا تكون مصدرا للفت الأنظار.. مستورة الذراعين والصدر يصل طولها إلى منطقة الأرداف وربما تتخطاها واسعة لا تحوى أى ملامح تميز مثلها مثل الأخريات فحين تنظر للفتيات فى الشارع تشعر أنهن ينتمين إلى فريق واحد غير متناهٍ.
 
بالإضافة إلى عدد من الجاكيتات «الكارجينز» حتى إذا صادف الأمر بلوزة قصيرة الأكمام أو فاقعة اللون فيبقى الكاردجين على أهبة الاستعداد لطمس أى ملامح أنثوية.
 
∎ الموقعة الثانية.. طريقة اللبس
 
إذا تخطينا مرحلة الملابس الداخلية نصل إلى المايوه أبو كباسين ومن تحته الشورت فتلك أشياء أساسية حتى تشعر «مصرية» بالأمان اللازم حتى إذا ما جذب حيوان ما أزرار البلوزة أو قطع البنطلون بآلة حادة فيبقى هناك طبقة داخلية.
وإذا كانت هناك بلوزة شفافة بعض الشىء أو قصيرة الأكمام فالبودى الكارينا لا غنى عنه، يأتى أحيانا فى مخيلتى أن توكيل كارينا هذا لم يكن لينجح فى أى مكان آخر غير مصر فأين تجد كل تلك الطبقات والفتيات المحشوه بالملابس فى بلد غير ذلك؟
 
∎ الموقعه الثالثة.. إعداد الحقيبة
 
لابد من إعدادها الإعداد المظبوط قبل الخروج.. فتلك الحقيبة لها مواصفات خاصة جدا يجب أن تكون كبيرة الحجم فضفاضة مزودة بعدد من التوك الصلبة حتى تتحول إلى أداة دفاع عن النفس فى وقت اللزوم، هذا بالإضافة إلى حزام طويل كروس لتفادى وقائع النشل فى الأماكن المزدحمة يوجد بداخلها عدد واحد قصافة صغيرة بها مطواة هذا فى حالة أن قامت الست الوالدة بالتفتيش وعثرت على سكين المطبخ.. علبة إسبراى مزيل للعرق للتشويش على نظر المتحرش للتمكن من الهرب هذا أيضا إذا تمت مصادرة رشاش الفلفل والشطة عند باب الشقة.. مرآة كبيرة تستطيع بها مراقبة أى شخص يأتى من الخلف.. بالإضافة إلى صافرة صغيرة لاستخدامها فى حالات الخطر للفت أنظار الناس تجاهها وتخويف المتحرش وفضحه.. عدة الخياطة والجروح وتحوى إبرة وفتلة وبلاستر طبى وكريم حروق للتعامل مع إصابات الآلات الحادة والسجائر.. وأخيرا توكة صغيرة للم الشعر على شكل كوعبيرة لتفادى لفت الانتباه بالشعر المسبسب والكاردجين السالف ذكره حتى يكون أداة ستر فى الوقت المناسب.
 
∎ الموقعة الرابعة.. التفتيش والرقابة
 
وهذا الدور عادة ما تقوم به الأم لعد عدد طبقات الملابس والتأكد أنها بأمان مع إلقاء نظرة خاطفة على الماكياج لتخفيفه إن وجد أو إذا استطاعت رؤيته بالعين المجردة، بالإضافة إلى تشمم رائحة البرفان والتجاوز عنه إذا كانت رائحته كريهة، هذا بالطبع إذا تخطينا مرحلة إقناعها بعدم رش منقوع البصل والثوم ظنا أنها أداة لإبعاد الرجال.
 
∎ الموقعة الخامسة والأخيرة.. المواجهة
 
وفيها يجب التمسك بعدة أشياء أساسية بداية بالمشية السريعة المنظمة.. ممنوع منعا باتا أكل اللبان أو الالتفات يمينا ويسارا.. ممنوع التحدث فى الموبايل.. ممنوع الاستجابة لأى نداء من نوع «يا آنسة.. يا آنسة» .. ممنوع الابتسام.. مع التمسك جيدا بالشنطة من تحت الإبط لإخفاء أكبر جزء ممكن من الصدر وحمايته، أما إذا كانت الشنطة كروس قليلا للوراء لإخفاء جزء من الأرداف وحمايتها أيضا.. كل هذا مشمول بنظرة جادة متحفزة ووجه متجهم كئيب ومشية عسكرية سريعة سلبتها كل ملامح الأنوثة وخصالها!
 
كل هذا كان معاناة يومية للبنت «مصرية» ربما تنتهى فى لحظة وصولها البيت وبداية شعورها بالأمان وعبورها نفسيا لمحاولات التحرش اللفظى التى تعرضت لها .. ومن الممكن أن يكون هناك حلقة أخرى للمعاناة تبدأ مع وصولها البيت إذا كانت تعرضت «مصرية» للتحرش الجسدى بالفعل ..
 
كانت تلك رحلة فتاة مصرية من وقت فتحت عينيها للدنيا وصولا إلى لحظة الانزلاق فى السرير لتغمض عينيها مرة أخرى ربما يمر اليوم بسلام وربما لا .. فى كل الحالات سنعبر أزماتنا ونجدد يومنا بيوم آخر ودعونى أستعين فى خاتمتى بتعليقى الخاص على الفيس بوك يوم حادثة التعدى على فتاة التحرير... قلت «هامشى فى الشارع إللى يعجبنى وألبس إللى يعجبنى وإللى هيبصللى بعين هافقعله التانية ... واللى هيمد إيده هاقطعله التانية واللى أبوه وأمه والقانون مقدروش يربوه يجيللى وأنا هاتصرف معاه».. واعلموا يا رجال مصر أننا معشر النساء لن ننام ملء جفوننا إلا إذا شعرنا أن فى الشارع رجاااااااااااااااااااااااااااااااالا.