الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
دولـــة تجـــاوز الأزمــــات

دولـــة تجـــاوز الأزمــــات

تعُرف الدول القوية فى الأزمات. تجاوز الأزمات قدرة.. وعلامة قوة. 



تعُرف الدول القادرة فى الملمات الكبرى. على خريطة الزمن تغيرت الخرائط، وسقطت دول.. وكيانات كبرى نتيجة عدم قدرة على التعامل مع ظروف تاريخية.. أو محن كبرى. 

عوالم الحاضر.. غير عوالم الزمن السابق. 

 

فى ماراثون تغيرات الحاضر تفوز الدولة القوية
فى ماراثون تغيرات الحاضر تفوز الدولة القوية

 

على خرائط الكوكب خطوط من تشابكات غير مرئية شديدة التعقيد وشديدة الترابط أيضا بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب. 

خرائط العالم فى الحاضر أكثر تأثرا على مستوى الاقتصاد، كما على مستويات ألعاب السياسة.. ومعادلات التوازن والمصالح.  لذلك فإن محن اليوم أكبر وأكثر تأثيرا من محن الماضى.

(1)

فى ماراثون تغيرات الحاضر تفوز الدول القوية وحدها. تنجو الدول الرشيدة وحدها. تتخطى الأزمات الدول مستبقة الأحداث.. ومستبقة الأزمان.. وحدها.

تستبق الدول القوية الأحداث، باستنباطات مؤسسية بتوقعات حقيقية للمستقبل. خطط التوقعات الاستراتيجية للدول الرشيدة تبدو كألعاب «الاستميشن» أو الشطرنج. 

تستبق الدول الزمن وفق تحليل معطيات الحاضر، ووضعا فى الاعتبار ما ورائيات خطوط الخرائط، والبؤر الساخنة الملتهبة على ظهر الكوكب، فى الطريق لأهداف التنمية.. وصولا للمصلحة.

استبقت الدولة المصرية الزمن وفقا لرؤى مستقبلية السبع سنوات الماضية على أكثر من محور. من أول محور الأمن القومى.. انتهاء بمحور الإصلاح الاقتصادى.

تخطت الدولة المصرية جوائح هزمت العالم.. وأوقعت دولا كبرى فى حيص بيص. هزمت الدولة المصرية كورونا.. كما هزمت العشوائيات.. وهزمت الإرهاب.. ودحرت مخطط إسقاط الدولة.. ووضعت شبح الإفلاس فى حمض الكبريتيك.

الأزمة الروسية الأوكرانية واقعة أخرى.. تدخل بالعالم إلى جائحة اقتصاد.. وأزمة غذاء. كفاءة الدولة المصرية.. وقدرتها جعلت مصر من دول قليلة تستطيع الصمود فى وجه وباء من نوع آخر.

 

تخطت الدولة المصرية جوائح هزمت العالم
تخطت الدولة المصرية جوائح هزمت العالم

 

الوباء الجديد وباء اقتصادى.. ونقص فى الغذاء. حتى لو انتهت الأزمة الروسية الأوكرانية.. فى تلك اللحظة التي تكتب فيها هذه السطور. فإن آثارها ممتدة.. ومستمرة.. وسوف تستمر.. على دول كثيرة على ظهر الأرض.. بينما مصر، كعادتها، ترفع لواء القدرة على تجاوز الصعاب.. ولحظات التاريخ الفارقة. 

(2)

القدرة على الصمود فى مواجهة آثار الأزمة الروسية الأوكرانية إشارة أخرى إلى كفاءة الدولة المصرية. إشارة أخرى إلى أن مصر اختارت الطريق السليم. وإشارة أكثر وضوحا على قرارات عبدالفتاح السيسي الشجاعة.. وفى التوقيت المناسب، بالبدء فى خطوات إصلاح اقتصادى.. لو لم يكن.. لما صمدنا لا فى أزمة كورونا.. ولا فى جائحة الأزمة فى القرم. 

الاقتصاد القوى سلاح قد يكون له فى الدول الحديثة قدرة ومدى أوسع من السلاح الباليستى. الاقتصاد القوى.. يضمن قدرة الدولة فى الحفاظ على المتطلبات الأساسية لشعب، بقدرة على ضمان استمرار معاملات المعيشة للمواطنين فى أحلك الظروف.

فى الموازنة الجديدة، وفرت الدولة المصرية 170 مليارا احتياطياً لمواجهة تقلبات الإقليم، ودعم سوق المال المصري فى ظروف يعانى منها العالم كله.

ضمنت مصر أسعار السلع الغذائية، وتوفرها، واستمرار تدفقاتها فى الأسواق، بأسعار أقل (وهذه حقيقة وواقع بلا مبالغة ) من أسعار نفس السلع فى السوق العالمية. 

دعم قرار الإصلاح الاقتصادى، بآثاره، قدرة الدولة على إدارة آثار أزمة روسيا وأوكرانيا، بأقل انعكاسات على السوق وعلى المواطن.. وعلى عملية التنمية.

خيار الدولة المصرية، مهما كانت الأزمات، فى التنمية.. والاستمرار فى قفزاتها نحو المستقبل.

فى أوروبا، ارتفعت أسعار البترول، فى اليوم الثالث للأزمة الأوكرانية إلى 2 يورو للجالون. فى الولايات المتحدة، وصلت أسعار القمح إلى 500 دولار، وهو الرقم الأعلى فى تاريخ تلك التجارة الدولية.

حسب تقارير البنك الدولى، ارتفعت نسب التضخم فى الدول الغربية، أكثر من 3 درجات فى المائة، وفى الولايات المتحدة، زادت أسعار المواد الغذائية، إلى أكثر من 50 % فى الأسبوع الثانى لأزمة القرم، ووصل الرقم إلى أكثر من 60 % فى الأسبوع الثالث.

فى ألمانيا.. ارتفعت أسعار الوقود 28 % فى الأسبوع الثالث من الحرب، وبثت وكالات الأنباء صورا لطوابير السيارات على محطات البنزين فى بعض المدن والضواحى الألمانية.. فيما تضرب المستشارية الألمانية أخماسا فى أسداس عن الذي يمكن فعله، لتوفير مستلزماتها من الطاقة.. الفترة المقبلة. 

فى ألمانيا تقول التقارير، أن هناك من خبراء الاقتصاد الأوروبى من يتوقعون كارثة مدوية لو استمرت آثار أزمة القرم إلى الشتاء المقبل.

لو استمرت الأزمة، بآثارها السلبية الشديدة، فالمعنى وصول التضخم فى أوروبا إلى أعلى من أعلى معدل له فى التاريخ.. إضافة إلى نقص حاد فى وقود التدفئة يصل إلى 42 %. 

استطاعت مصر تجاوز كل تلك الآثار. بقيت السلع فى الأسواق، ونزلت الدولة بثقلها ودخلت سوق «الرغيف السياحى» لإحداث معادلة توازن.. للتخفيف من آثار الأزمة.. والحفاظ على متطلبات المواطن. 

استمرت تدفقات السلع الغذائية، فى مجمعات وزارة التموين، بينما ضخت القوات المسلحة، سلعا أخرى، وأعلنت الداخلية حملة «كلنا واحد».

على مواقع التواصل، هناك من يعمل على الضرب تحت الحزام، بكلام ابن عم حديث عن ارتفاع أسعار السلع!

فى دول أخرى كبرى، يتساءلون عن السلع. فى مدن مختلفة، بدول كبرى أوروبية، بدأوا الأسبوع الماضى فى تداول رسائل على الموبايل عن توقيتات وأماكن تواجد بعض السلع فى السوبر ماركت.. ومحلات البقالة!

 

ضمنت مصر أسعار السلع الغذائية واستمرار تدفقها
ضمنت مصر أسعار السلع الغذائية واستمرار تدفقها

 

(3)

آخر تقارير صندوق النقد الدولى تؤكد مزيدا من الطفرات فى أسعار الطاقة والسلع الأولية على رأسها القمح، بزيادة نسب التضخم نتيجة انقطاع سلاسل إمداد السلع والبترول على خريطة العالم. 

تقول تقارير البنك الدولى، أن الانعكاسات تشمل ضررا وصفه صندوق النقد بأنه «أكثر تدميرا» فى حالة استمرار الصراع، خصوصا على الأسواق المالية الأوروبية وعلى المواطن فى الغرب.

وفق تحليل لوكالة رويترز فإنه منتظر أن يواجه المواطن فى دول أوروبا، ضررا شديدا، وكبيرا فى مستوى المعيشة. 

مرة أخرى لا بد من التأكيد عى أن خسائر متوقعة حوالى تريليون دولار، على اقتصاد العالم، لو انتهت الأزمة بعد أسبوعين من بدئها، فما بالك استمرارها للآن؟ 

وسط كل تلك المتغيرات، وقفت مصر قادرة على إدارة الأزمة، كما أدارت أزمات سابقة.. بتفوق ومهارة.

مرت مصر بظروف مماثلة، من أول قرار تعويم الجنيه تنفيذا لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، انتهاء بأزمة كورونا التي أوقفت تدفق السلع وإمدادات الغذاء فى العالم.

استبقت الحكومة قرار تعويم الجنيه، بالتدخل لمواجهة موجة تضخمية كانت موضوعة بالاعتبار. تدخلت الحكومة لضبط الأسعار، وخططت معادلات اقتصادية أثبتت قدرة الدولة على المناورة فى الأداء.. وصولا لاقتصاد قوى.. وخدمات متوفرة.. مع استمرار التنمية.

تخطت مصر أزمة كورونا، بينما تعانى من آثارها دول كبرى للآن.

بعضهم على مواقع التواصل، استحدثوا حوارا طريفا بإدانة قرار الدولة وقف تصدير الفول والبقول!! 

دعك من أحاديث التلاعب ومحاولات الدس.. وألعوبات استغلال الأزمات.. إما للتربح.. أو للضحك على الذقون.

منين يطالبون بتدخل حاسم من الدولة، ومنين يحاولون المزايدة على قرارات الحكومة لضمان توفر السلع فى الأسواق.. على دخلة رمضان؟

بعضهم زايد على قرار الدولة بالتدخل فى تسعير الرغيف السياحى أو الحر! 

هم نوعان، إما كتائب الجماعة إياهم على مواقع التواصل.. وإما متربحون من الأزمات، وتجار حروب.. «عاوزينها سايبة».

لكن هذه دولة قادرة على تجاوز الأزمات.. وخيارها الوحيد استمرار التنمية.. ودعم جودة حياة المواطن.