الأربعاء 25 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الملك والبهلوان!

الملك والبهلوان!
الملك والبهلوان!


فى اللازمان واللامكان نطرح فكرة من خارج القضبان..حدوتة مش جديدة.. حدوتة الملك والبهلوان.. أيام زمان كان الملك يجلس على عرشه عاليا ويأتى إليه البهلوان يلقى النكات والأحجيات ويسخر من كل ماضٍ وآتٍ... يسخر من السلطان.. دون أن يشعر السلطان... وإن شعر السلطان انزعج وأصبح البهلوان فى خبر كان.. اشطح بخيالك قدر الإمكان... حلق به بعيدًا... أغلق عينيك وتخيل... ترى ذهبت إلى أين وماذا رأيت... يمكنك أن تحتفظ بخيالك لنفسك أما أنا فقد قررت أن أشاركك خيالى وشطحاتى... أقتسم معك تساؤلاتى وإجاباتى ... قررت أن أعبر إلى داخل عقلك وأزلزله لأنفض عنه تراب التوك شو اليومى المكرر والمشاهد المملة المستهلكة وأدخله فى عالم افتراضى بنيته بنفسى ونسجت خيوطه بعناية قدر المستطاع.
 
وأعدك ألا تكون تلك الشطحة الأولى والأخيرة فى هذا العالم المجنون الذى نحياه... تتحول فيه الشطحات إلى حقائق.. من يدرى؟
 
أهلا بكم فى برنامج «البرنامج»
 
باسم يوسف: معى اليوم فى حلقة خاصة د. نادية رضوان أستاذ علم الاجتماع السياسى ... ود. منى الحديدى أستاذ الإعلام ويحاورون الضيف غير المتوقع المشير عبد الفتاح السيسى.
وهنا علت أصوات الجماهير متداخلة ما بين صيحات إعجاب وتصفيق مع الزمجرة والألفاظ النابية مكونين معا خليطا مصريا أصليا.
 
«دخل المشير السيسى وجلس محييا الجميع»
 
باسم يوسف: من فضلكم دى حلقة من نوع جديد... دعونا نلتزم بآداب الحوار حتى نخرج بحلقة جيدة للجمهور.
 
وهنا بدأت د. نادية رضوان حديثها قائلة:
 
د. نادية الحقيقة أنا لابد أن أسجل اعتراضى مبدئيا على وجود المشير السيسى فى حلقة مثل هذه ونوعية برامج مثل هذه فهو أعلى قامة من أن يشارك هنا.
 
باسم: ولكنك يا دكتورة وافقت على الظهور فى البرنامج
 
د. نادية: لقد خدعت من قبل الإعداد... لم يخبرنى أحد أنك المذيع فقد أتيت بناء على معرفتى بأن دورى هو قراءة للشارع المصرى حول موقف ترشح السيسى.
 
باسم: أعدك يا دكتورة أننى لن أسخر «ده إذا قدرت» وحوارى مع حضرتك سيكون فى سياق قراءة الشارع المصرى.
 
د. نادية: إذا كان على هذا الأساس فأنا أوافق
 
وهنا تدخل أحد الشباب من الجمهور «إزاى حضرتك شايفة أنه لا يليق به التواجد فى مثل هذه الحلقة... المشير خلع البدلة واترشح للرئاسة ولازم ينزل للناس ويخاطبهم بكل لغة يفهموها ويتخلى عن برجه العالى... أنتوا ليه بتنصبوه إله.
 
د. نادية: أنا لم أأله السيسى فقط عليه أن يختار من يحاوره فلدينا العديد من القامات الإعلامية المتميزة التى تليق باسمه ومنصبه... لماذا باسم يوسف.. من هو.. وما هو تاريخه.
 
وهنا ضم باسم حاجبيه مستنكرًا ما يقال ولكنه كان مستمتعا بمناقشة الجمهور.. حين انتفض من نوبة سرحان على صوت زغرودة سيدة فى الأربعين من عمرها قائلة: «يسلم فمك يا دكتورة... خدتيها من على طرف لسانى إيش يكون باسم يوسف ده علشان يتوصل للسيسى.
وهنا ضحك باسم ساخرًا قائلا لنفسه «كم هو ممتع أن ترى كارهيك وتستمع إليهم وجها لوجه»
فى حين تدخلت د. منى الحديدى
 
د. منى: لماذا تستخفون وتحقرون من شأن باسم يوسف.. تذكروا أنفسكم جيدًا عام حكم الإخوان وكيف كان باسم يرضيكم وينطق بكل ما تريدون قوله ويتحدث بلسان حالنا جميعا... إنه إعلامى ساخر تتلخص وظيفته فى أن يسخر مما نفعل ومعه الكثير من الحق فى أغلب مواقفه.
 
وهنا اعترضت د. نادية قائلة: «إن ما يفعله ليس أكثر من أكل عيش.. دعونا لا نعطى الأمور أكثر من حجمها».
 
واستطردت د. منى: ولكن رأيى لا يلغى اعتراضى على وجود مرشح رئاسى أيا كان اسمه فى برنامج ساخر فهذا ليس بالمكان المناسب لعرض برنامج انتخابى.
 
وهنا تدخلت إحدى الشابات من الجمهور... «بس إحنا عاوزين نشوف السيسى من قريب كبنى آدم عادى بيسمع وبيضحك ويسخر زى أى مصرى عادى.. عاوزين نحس أنه قريب مننا ويشبهنا ومفيش غير باسم اللى يقدر يعمل ده».
 
وهنا تدخل باسم: ولكننا هنا ليس بصدد عرض برنامج انتخابى .
 
د. منى: ولماذا اللقاء إذن؟
 
هنا أجابت د. نادية متطوعه عن باسم
 
د. نادية: قبل أن تجيب وتزيح الستار عن أسئلتك دعنى أخبرك ماذا يريد الشارع أن يعرف مَنْ السيسى.. شعبنا يريد أن يعرف من أين تأتى المشكلة وما هو الطريق إلى حلها.. وكم من الوقت سيستغرقه الحل وما هى المعطيات المتاحة لدينا لحل الأزمة.. إذا كانت أسئلتك فى هذا السياق من الممكن أن تكون تلك حلقة جيدة للناس.
 
وهنا تدخلت إحدى السيدات من الجمهور «إحنا وراك ياسيسى فى أى حاجة تعملها تقطع النور.. تقطع الميه.. برده بنحبك واعمل ما بدالك».
 
وهنا قاطعها أحد الشباب «يا ناس ارحمونا بقه.. بطلوا تنفخوا فيه.. انتوا عاوزين تعملوا فينا إيه أكتر من كده».
 
ترد السيدة: وأنت مالك أنت.. مش كفاية خربتوها وجالنا اللى يعدلها كمان عاوزين تطفشوه.
 
وهنا استعد الأمن لإخراجهم حرصا على سلامة سير المقابلة..
 
انزعج باسم وعلا صوته:
 
لماذا أخرجتموهم.. إن الرأى والرأى الآخر هو من أهم متطلبات المرحلة.. فالرأى الواحد قد يضرنا جميعا.
 
وهنا تدخلت د. نادية: من أجل هذا تقدم برنامجا ساخرا وتنتقد كل من حولك بشكل غير أخلاقى ومثير للاشمئزاز فى أغلب الأحيان.. اسمح لى أن أقول لك إن الرأى المضاد ليس هذا هو وقته المثالى بل إنه قد يعطل سير السفينة... فنحن لا نزال نعانى من آثار حادثة غرق ونلملم أشلاءنا... فهل تعتقد أن انقسامنا على بعضنا البعض مفيد فى تلك الحالة.
 
وهنا تدخلت د. منى : الرأى الآخر لا يعد انقساما على الإطلاق بل إنه يعد متنفسا صحيا وطبيعيا فى ذلك الوقت بدلا من التظاهرات والاحتجاجات.. بطبيعة الحال ليس هناك شخص سنتفق عليه جميعا فما يقدمه باسم أشبه بفن الكاريكاتير ولكل منا الحق فى التعبير عن رأيه بالشكل الذى يراه صحيحا.
 
وهنا يتدخل باسم بجدية للدفاع عن نفسه.. حتى أثبت لك د. نادية أننى لا أسعى للهدم.. دعينى اقتبس من أسئلتك لأوجه سؤالى الأول للسيد المشير.. إذا قررت سيادتك أن تطلعنا على أكبر مشكلة لدينا من وجهة نظرك وتشركنا معك بالحل.. فما هى تلك المشكلة؟
حين همَّ سيادة المشير للرد.
 
تطوع أحد الرجال بالقاعة «يا باسم بيه مفيش مشكلة ملهاش حل عند الجيش.. دى المؤسسة الوحيده التى لم تنهار قبل أو بعد الثورة.. إحنا مش محتاجين نسأله إحنا واثقين فيه».
 
فتدخلت إحدى الشابات المنتقبات «بس أنا عاوزة أعرف المشكلة فين وإيه حلها.. يمكن يبقى ليا دور فيه من فضلك متتكلمش بلسانا وعبر عن نفسك أنت وبس».
 
وهنا تدخلت سيدة كبيرة فى السن «يابت اتلمى بقه عيب كده .. مش كفاية اللى عملتوه فى البلد.. مشبعتوش إرهاب وقتل سيبوا لنا بقه حاجة عدلة نتعكز عليها».
 
ردت بعصبية قائلة «حضرتك تعرفى إيه عنى علشان تقولى عنى إرهابية».
 
وهنا شعر الأمن بالخطر وقام بالمهمة المطلوبة.. وأخرج السيدتين من القاعة.
 
«وصلتنا أخبار أنهم الآن يرقدون فى العناية المركزة بمستشفى قصر العينى يعانين من إصابات بالغة نتيجة للضرب المبرح المتبادل.
 
فى حين يستعد باسم لإكمال المقابلة وقف مجموعة من الشباب يحملون لافتات مكتوبا عليها بخط اليد «بكره باسم يوسف» «بكره السيسى» «يلعن أبوالبلد دى» «عاوزين نهاجر».. ثم خرجوا فى هدوء قبل أن يتطوع الأمن بإخراجهم.
 
وبعد أن تسرب إلى باسم شعور دفين باستحالة إنهاء هذا الحوار وسط الجمهور دون إصابات.. أو اعتقالات.. فضل إنهاء الحلقة فى هدوء.. موجها سؤالا أخيرا لكل الحضور.. ترى إذا أذيعت تلك الحلقة ماذا سيكون رد فعل الجمهور؟
 
وبعد محاولات مستميتة لإسكات الجمهور بعد عاصفه من الشتائم والتصفيق.
 
قالت د. نادية: أنا غير موافقه على إذاعة الحلقة لأن أسهم السيسى ستنخفض تماما بعد إذاعتها خصوصًا بين الطبقة المثقفة.. أما الطبقة البسيطة فمن الممكن أن يتقبلوا هذا.
الجدير بالذكر أن من وافق على رأى الدكتورة كانوا أكثر الناس بساطة من بين الحضور الذين طلبوا عدم إذاعة الحلقة حتى لا يسقط السيسى من نظر محبيه.
 
ثم علقت د.منى: أرى أن الطرفين خاسران فى حالة نزول الحلقة... سيخسر باسم طبيعة برنامج الساخرة القريبة من الناس وسيظهر السيسى بشكل غير لائق مرشح رئاسى.
 
وهنا اختلطت أصوات الجماهير بعبارات ... «ذيع» «أوعى تذيع»   «ذيع» «أوعى تذيع».
ختم باسم اللقاء شاكرا كلا من الحضور والجمهور قائلا جوا نفسه «أذيع.. مذيعشى.. أنا خايف أذيع أحسن امشى».
 
هل لاحظت شيئًا.. هل رد السيسى؟.. هل علق السيسى؟.. هل صرح السيسى؟؟ أو أضاف أو استطرد؟؟
 
بالطبع لا.. تعرف لماذا؟؟.. لأنك لا تعطيه حق الرد سيدى الشعب العظيم.. أصبحنا جميعا وكلاء عنه.. ننطق بلسانه.. نعلن والخبر وننفيه .. نبرر الخبر أو نلغيه.. اتركوه يتحدث عن نفسه حتى نراه عن قرب.. بل اتركوه يأخذ فرصته الطبيعية فى الإصابة والخطأ كبنى آدم وليس إلهًا.
 
حقيقة أنا لم أر أمراضنا الاجتماعية عن قرب مثلما رأيتها أثناء إجرائى لهذا التحقيق.. دعنى أعترف لك أن هذا أول تحقيق أجريه فى الشارع عن حق.. فقد كنت متحمسة جدًا لإثارة الجدل حول شخصين يمثلان قطبين مختلفين وفريقين أصبحا لا يجتمعان معًا.. تخيلت كم الآراء المثرية التى سأتعرض لها وتلهفت لتصويرها وتسجيل ردود فعل طبيعية.
 
 
تعبر عن واقع الشارع.. نزلت وأنا متخيلة أن الناس تتهافت على الكاميرا للتصوير ولكن ما إن كنت أنطق باسم باسم يوسف والسيسى ويرفض الجميع التصوير.. ولكنهم يتهافتون على الإدلاء بآرائهم.. ليس حبًا فى السيسى بمقدار ما هو كرهًا فى باسم.
 
الغريب فى الأمر أن الجميع يشتم فى باسم ولكنه يتابعه عن كثب ويردد عباراته ويركز فى قفشاته وألفاظه.. قابلت سيدة إخوانية خافت أن تعيب فى السيسى قابلت أشخاصا حاولوا ضربى لاعتقادهم أننى أنتمى لفريق إعداد باسم يوسف.
 
قابلت أشخاصا شتمونى بألفاظ نابية بمجرد أننى حاولت أن أقول إن السيسى لابد أن ينزل من برجه العالى ويلتحم بالجماهير.
 
أنا لم أتخيل شيئا.. لم أتخيل آراء الجمهور.. جميعها من الواقع الشعبى المصرى الأصيل، نظرة عن قرب لواقع مرير ومتناقض.
 
قرب قد يصيبك الاشمئزاز وعدم الاتزان.