الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الزيادة السكانية ..الكرة فى ملعب المجتمع

الزيادة السكانية ..الكرة فى ملعب المجتمع

التنمية عملية مستدامة. مستدامة يعنى شاملة ومستمرة ومخططة، والتنمية عملية تشاركية لفت الرئيس «السيسى» فى افتتاح مدينة سايلو فودز الأسبوع الماضى إلى تلك المسألة.



التنمية عملية «متوازنة» أو عملية تبادلية.. طرفا التبادل هنا هما الدولة والمجتمع.

تضع الدولة السياسات والخطط وفق اعتبارات المستقبل والاحتياجات والإمكانيات دعمًا للمواطن ودعمًا للمستقبل. يبقى طرف الحبل الآخر فى يد المجتمع.

الحفاظ على استمرار التنمية واستدامتها مسئولية اجتماعية من طرفها الآخر. الأسرة والفرد والأب والأم والطالب والموظف كلها مرادفات لمفهوم المجتمع.

فى أوروبا يتداولون المثل (رقصة التانجو تحتاج اثنين) يعنى لن يرقص أحد التانجو وحده. جهود الدولة المصرية السبع سنوات السابقة غير مسبوقة على مسار التنمية المستدامة. غير المسبوقة أيضًا هى معادلات تخطيط على جميع المحاور، بدخول ليس له سوابق وبجرأة لمتون قضايا كانت شديدة التعقيد فى الماضى وشديدة التشابك بغرض إيجاد حلول جذرية.

يبقى المجتمع على الطرف الآخر مطالبًا، ليس فقط بالمساهمة فى دفع عَجلة التنمية من جانبه لاستمرارها؛ إنما يظل المجتمع مسئولاً عن تمام دوران عَجلة الاستدامة وفق ما يرسم من خطط.

هذا ما يُطلق عليه فى المصطلح الحديث «المسئولية المجتمعية».

(1) 

الوجبة المدرسية بالجودة والنظام المخطط وجه آخر مهم من أوجه التنمية المستدامة، 8 مليارات جنيه تكاليف مبدئية لاستعادة تلميذ وطالب مصرى قادر بدنيًا وذهنيًا مشروع كبير ومهم عمل امتداد خط محاور تنمية متناغم يعمل على البشر والحَجَر، بما بين البشر والحَجَر من صحة وتعليم وفرص عمل، إضافة لملايين الخدمات بمد الخط على استقامته.

ترسم الدولة المصرية المستقبل كما يجب أن يكون.

دعم خطوات مؤكدة للمستقبل يعنى فى المقام الأول دعم أجيال المستقبل كى تتحقق أهداف أكثر عمقًا.

افتتحت الدولة بمبادرات رئاسية شجاعة تعقيدات متوارثة أضاف الزمن عليها أنواعًا من التنكيس والتسييس لدرجة ظن أغلبنا أنه لا حلول ولا تغيير.

تبقى الزيادة السكانية غولاً يأكل محاولات التنمية. تخصم الزيادة السكانية لهذا النسق وهذه الأرقام آمالاً كثيرة وحياة أفضل تستحقها أجيال قادمة.

صحيح أن مسئولية الدولة التخطيط وبدء إجراءات التنمية على الأرض وفق وعى ورؤية، لكن الصحيح أيضًا، وللإنصاف أن للمجتمع نصيبًا كبيرًا من دعم تلك الخطوات على الأرض.

زاد عدد طلاب المدارس أكثر من 8 ملايين منذ عام 2017 حتى الآن، تصل تكلفة الوجبة المدرسية 8 جنيهات حسب المقدر بجودة ومواصفات معينة تحقيقًا للهدف.

معدل الزيادة السكانية وفق الأرقام والإحصائيات تنعكس على زيادة فى عدد المستفيدين من الوجبة المدرسية بمقدار مليون طالب سنويًا.

لو تكلفة المشروع الطموح والمهم العام الجارى 8 مليارات جنيه؛ فإن الزيادة المطلوبة لاستمراره على نفس معدل الزيادة السكانية هى 8 ملايين سنويًا.

هذا بالنسبة لوجبة مدرسية يومية، ناهيك عن نفس الزيادة على اختلاف تكاليفها بالنسبة لخدمات التعليم، وتطوير المدارس، وتأهيل المناهج، وقدرة استيعاب الفصول.

الزيادة المضطردة فى عدد السكان مرة أخرى غول يلتهم التنمية؛ انعكاسًا على إجراءات دؤوبة للدولة على كل القطاعات.

لم تعد الزيادة السكانية «حرية شخصية» لأسرة ترى أن «العيال بَرَكة» و«العيل بييجى برزقه»، ونِعْمَ بالله فى الأرزاق والأعمار والمقدّر والمكتوب، لكن لا ترموا بأنفسكم فى التهلكة.

الزيادة هى عملية بيولوچية بحتة بلا تخطيط ولا استشراق لقدرة الأسرة وقدرة الدولة فى المستقبل تهلكة ومُهلكة. لذلك سأل الرئيس السيسى عن «الكم ولا الكيف؟!». يعنى المطلوب عدد امن أعضاء جُدد للأسرة مَهما كان العدد ومَهما كانت النتائج، أمْ أن المطلوب عدد معقول لتنشئة سليمة وقيمة مضافة للأسرة والمجتمع فى المستقبل؟!

الإجابة لدى الطرف الآخر فى معادلة التنمية يعنى الإجابة عند المجتمع.

 

الدولة تضع السياسات وفق اعتبارات المستقبل ويبقى دور الأسرة
الدولة تضع السياسات وفق اعتبارات المستقبل ويبقى دور الأسرة

 

(2) 

على مواقع التواصل الهرى لا يتوقف، والأسبوع الماضى زاد كلام بعضهم للمقارنة بين الصين ومصر.

الكلام لم يكن فى محله، ولا كان على قدر تفهُّم المشكلة وتداعياتها وظروفها. الزيادة السكانية كنز فى حالة ما إذا كانت مؤهلة للإنتاج، فيتناسب مع المساحة الجغرافية للدولة بقيمة مضافة تتزايد مداخيل ناتج محلى بالتوازى مع تزايُد الأعداد.

يصبح عدد السكان واحدًا من أهم موارد الدولة، فقط فى حالة ما إذا كانوا منتجين متعلمين بصحة جيدة وقدرة على المساهمة فى التنمية. غير هذا فالزيادة السكانية عبء على الدولة وعلى أجهزتها وعلى مجهوداتها.

الرقعة الجغرافية فى الصين، من جانب آخر، تستوعب الزيادات، مؤهلة للزراعة، مهيأة لإضافات للناتج المحلى.

فى المقابل مازال المصريون تقريبًا على نفس المساحة المستغلة فى إجمالى المساحة الكلية لمصر طوال أكثر من 60 عامًا.

فى هذا الإطار خططت الدولة لمدن جديدة وتوسعات جغرافية هى الأخرى جديدة توجها مشروع «حياة كريمة» لتغيير حياة الريف المصرى.

باستمرار الزيادة على هذا النحو سوف تتحول المعادلة إلى ملاحقة التنمية للزيادة السكانية، بدلاً من الأمل الذى هو ملاصقة الزيادات للتنمية.

حسب الإحصائيات العالمية فإن معدل النمو السكانى فى مصر 5 أضعاف النمو السكانى فى الصين، و8 أضعاف الزيادة السكانية فى كوريا.

تنمو الصين بنسبة 0.56 % سنويًا، بينما وصل معدل الزيادة فى مصر 2.4 %.

مسئولية التنمية فى الدول الحديثة تبادلية.. للدول دور وهذا صحيح.. لكنْ للمجتمع دور أيضًا.

خطوات التنمية ليست مدنًا من باب واحد تحمل مسئولية فتحه وإغلاقه للدول وحدها.

التنمية ثقافة، ورؤى وإجراءات دولة، تضع بها البلد على الطريق الصحيح. يبقى دور المواطن فى «طريقة سيره» على طرق ملائمة كريمة مَهّدتها الدولة.

التنمية حبل من طرفين.. طرفه الآخر فى يد مجتمع يتفهم.