الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
سـيدة أصيلـة.. من أسـرة مصرية

سـيدة أصيلـة.. من أسـرة مصرية

لا تقوم المجتمعات الأصيلة على البهرجة.. ولا تستمد مقومات مستقبلها من عادات غريبة أو سلوكيات أغرب، تضرب الأسرة، فتتغير الأحوال، وتتغير الأجيال، فتدخل المجتمعات غرف اللعب بالنار. 



تستمد مجتمعات الشرق «بحضارتها الأقدم» سماتها فى الطريق للمستقبل من القدرة على المزج بين الأصالة والمعاصرة، ويمتد هذا المزج من أول أسس الأسرة وطبيعة تكوينها، وانتهاء بشكل الشوارع.. وألوان العمارات. 

تبدأ التنمية فعليًا وعمليًا فى مجتمع ما بالارتكاز على أراض صلبة من مبادئ نواتها الأساسية هى الأسرة.. ويستند ألف باء التغير، فى خطوات واثقة نحو المستقبل بمساحات من الوعى، ناتجة فى الأساس من شكل تركيبة الأسرة فى مجتمع ما.

 

الأسرة نواة المجتمعات الصلبة، وفى مجتمعات الشرق، الأسرة هى الأساس.. وهى المعيار، وهى المؤشر. فى مجتمعاتنا أيضًا، المرأة هى نواة الأسرة الصلبة، فهى الأم وهى الزوجة، وهى الشريكة.. وهى عمود البيت فى المصطلح الدارج. 

خلال سنوات مضت، ولأسباب مختلفة اضطربت معادلة الأسرة لدى بعض الفئات فى الشارع المصرى، ضمن بدايات فوضى اجتماعية، بدأ المجتمع يعيد فيها النظر، ويستوعب منها الدروس.

لما اضطربت معادلة الأسرة لدى بعضهم، اضطربت الأجيال، واضطربت الأفعال، واضطربت الأفكار، واضطرب الشارع. 

لم يبق حريصًا على قيم الأسرة، إلا من نجا من محاولات الفوضى، وحاز بين يديه من أدوات مقاومة هدم التكوين السليم للأسرة المصرية. نجاة أسر الأصالة، كان أقوى أسباب قدرة المجتمع على مقاومة مؤامرات، استهدفت الفرد، قبل أن تستهدف كيان الدولة. 

ليس صحيحًا أن سمات المجتمعات كلها واحدة، ولا صحيحًا أن كل المجتمعات متشابهة. ليس صحيحًا أن ما يصح فى مجتمع، يصح فى آخر. السبب ببساطة، أن هناك فروقًا كبرى بين مجتمعات الأصالة والحضارة، وبين مجتمعات المولات الزجاجية والواجهات الألوميتال. 

« 1 » 

تستمد مجتمعات الألوميتال خطواتها نحو المستقبل من أرصدة احتياطيات نقدية فى البنوك، ومن قدرات استهلاكية ضخمة لأفرادها من محلات البراندات. بينما فى المقابل، تستمد مجتمعات الأصالة فى طريقها للمستقبل ارتكازها على مبادئ متوارثة، وقيم متنامية، لشعوب قديمة كانت فى أزمنة ما هى الحضارة فى المنطقة، وفى الإقليم، وفى الأقاليم المجاورة أو المقابلة. 

بدأت حضارة وادى النيل قبل بداية التاريخ بالأسرة. أسست الأسرة المصرية للتاريخ قبل اختراع الكتابة، وقبل اختراع التاريخ. أرست الأسرة المصرية أول قرية بمفهوم القرية على ظهر هذا الكوكب، ثم أقامت القرية مجتمعًا، فأقام المجتمع دولة. 

تركيبة الأسرة المصرية الفريدة، كانت أهم مقومات حفظها من تقلبات الأزمان، وشراسة المحن. ظلت مقومات الأسرة المصرية، من القدم للآن، هى العملة الذهبية فى معادلة التطور، مهما كان التطور.. ومهما كانت أشكاله. 

رغم تغير الأزمان، ظلت معايير القيمة فى نواة المجتمع المصرى الأولى صاحبة الأولوية.. وبدايات المشاريع الاجتماعية على ضخامتها. ليس صحيحًا أن هناك تعارضًا بين الحداثة، وبين مقومات الأسرة المصرية الأصلية. 

ليس صحيحًا أن هناك تعارضًا بين الحداثة، وبين تمسك الأسرة المصرية بالقيمة السليمة، وبالفضيلة، وبمعايير الحق والخير والجمال. 

بالعكس.. لا تستمد مجتمعاتنا مقومات الطريق للمستقبل، إلا بمبادئ بدايات التكوين. نحن مجتمعات نعيش على الرمز.. الرمز فى البيت، والرمز فى الدين ،والرمز فى السياسة أيضًا. 

نحن مجتمعات لا نحيا إلا بمفهوم «الكبير».. كبير فى الأسرة، وكبير فى القرية، وكبير فى العائلة. اختلال مفهوم القيمة، أو أى خلل فى مفهوم الكبير هو الطريق للفوضى. 

الأسرة هى كبير المجتمع، ورب الأسرة هو كبير الأسرة.. بينما تظل ربة الأسرة هى الحارس على قيم الأصالة فى محيط العائلة، بعيدًا عن التكلف والبهرجة.. وضمانا للحفاظ على الأسرة وكبيرها. 

لذلك فالأسرة المصرية هى أقوى ما حفظ حضارة هذا المجتمع، منذ تعلم الإنسان كتابة التاريخ.. وحتى نهاية التاريخ. 

« 2 » 

لأسباب كثيرة توالت ردود الأفعال بين الاستحسان والانبهار بحوار السيدة انتصار السيسى. ستستمر ردود الأفعال، لفترات طويلة، سواء فى الشارع المصرى، أو فى الشارع العربى.. وعلى مواقع التواصل. 

أولى تجليات الحوار إظهاره سيرة ومسيرة أسرة مصرية تأسست على المبادئ، وتشربت من أصالة نشأة، وتعاملت مع متطلبات حياة.. برغبة فى التقدم، وتمسك بالتقاليد. 

أظهر الحوار مسيرة أسرة مصرية استمرت بالقيم، وتقدمت بالثوابت. أهم أسباب ردود الفعل بهذا القدر من الاستحسان كان بساطة السيدة انتصار، وتلقائيتها، وتواضعها، وإحساسها بمسئوليتها المقدسة كزوجة وأم.. مهما تغيرت الظروف. 

خرجت أسرة الرئيس السيسى من أحياء مصر الشعبية الأصيلة، وطافت العالم، ولم تتغير المبادئ، ولا تبدلت المفاهيم. 

تعددت مناصب رب الأسرة على طول مسيرته فى عمل شاق، وصولا لأعلى منصب على رأس الدولة، فلم تتغير المعادلات داخل الأسرة، ولم تتغير التراكيب الحميمية تجاه الجيران، أو تجاه ذكريات نشأة، أو فيما يتعلق بآداب التنشئة، فى معادلات الانتماء لمجتمع هذه الأسرة جزء منه أولًا واخيرًا.

إشارات السيدة انتصار السيسى كانت واضحة، فلا الرئيس تغير منذ أن كان ضابطًا فى القوات المسلحة حتى أصبح رئيسًا للجمهورية، ولا هى.. ولا أسرتها. 

ظهر من الحوار أن التواضع طبع عائلى، فى أسرة تأسست منذ البدايات على حفظ المراكز.. وتبادل الأدوار لو اقتضت الظروف، وأثبت الحوار أنه لا تتعارض بين مرونة التعاملات بين أفراد الأسرة مع قاعدة «الراجل راجل والست ست». 

أظهر كلام السيدة انتصار السيسى أنه لا تعارض بين حزم رب الأسرة وإدارته لمسئولياته وبين إشاعة مفاهيم الحب والحوار مع الأبناء، وأظهر كلام السيدة انتصار، أنه لا تعارض بين المسئولية، وبين التلقائية، لذلك أشارت ببساطة وعفوية إلى أن الرئيس ساعدها على تعلم إعداد الطعام فى بدايات الزواج. 

« 3 » 

فى الحوار بدا أن هناك ربطًا بين تعلق الرئيس بوالده رحمه الله، وبطريقته فى تربية أبنائه، اعتمادًا على النفس، وإتقان مشاعر المسؤلية. قدوة الرئيس فى والده، انعكست على رغباته فى المنح، وسعادته فى العطاء. 

من العطاء فى سمات الرئيس الشخصية، للعطاء فى مفردات السيدة انتصار، التى قالت إنها تضحك لما تشعر « بانبساط » الرئيس، وهى التى تختار له ملابسه كل صباح، فى حياة زوجية سعيدة، استمدت السيدة انتصار مقوماتها من والدة الرئيس رحمها الله التى علمتها أن مبادئ نجاح الزواج فى خصوصية الأسرة وخصوصية البيت. 

كشف حوار السيدة انتصار السيسى جوانب زوجة مصرية عظيمة، وراء رجل مصرى عظيم. كشف الحوار، الذى أجرته الفنانة إسعاد يونس باقتدار، سمات زوجة وأم أصيلة منحت كل ما تستطيع، وعلى أكمل وجه، رغم طبيعة صعبة لعمل زوج، ورغم تعدد مسئولياته، وتعدد ضغوطه.. ورغم كثير من القلق. 

عكس حوار السيدة انتصار السيسى أن هذا مجتمع، دائمًا ما يستمد خطوات تطلعه للمستقبل، من حفاظه على قيم الماضى. وأن مسؤلية الأسرة تكاملية، يديرها رب أسرة شديد المسئولية فى إدارته لمعادلتى العمل والبيت على قدر عالٍ من التكامل. 

قرّب حوار السيدة انتصار المصريين من تفاصيل حياة سيدة عظيمة من أسرة مصرية أصيلة، استمرت على مبادئ أصالة اكتسبتها من النشأة فى أحياء شعبية عريقة، واستمرت عليها بمزيد من بساطة، بعيدًا عن التكلف.. وبعيدًا أيضًا عن زخرف المناصب.. ورغم المسئوليات.