الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

كثير من المصاريف.. قليل من المتعة!!

كثير من المصاريف.. قليل من المتعة!!
كثير من المصاريف.. قليل من المتعة!!


لم تشهد مصر صيفًا مثل هذا الصيف، حيث ارتفعت فيه درجة الحرارة بشكل لم يحدث من قبل وبصورة مستمرة دون أى انكسار للموجة الحارة، وأحدثت عدداً كبيراً من الوفيات.. فنار الله موقدة فى القاهرة وكل المحافظات ما عدا بالطبع المحافظات الساحلية التى تقل فيها الحرارة بصورة كبيرة عن باقى المحافظات ولذا يهرب الناس إلى المصايف كلما أتاحت لهم الفرصة.


مصايف هذه الأيام تختلف كل الاختلاف عن المصايف زمان التى كنا معتادين عليها فى طفولتنا، فأولاً أماكن المصيف كانت محدودة وتنحصر فى الإسكندرية ومرسى مطروح والعجمى ورأس البر، أما الآن فهناك بجانب كل ذلك شرم الشيخ والغردقة وسهل حشيش ورأس سدر والساحل.
أيام زمان كان المصيف يعتمد على «اللمة» والعيلة والأصدقاء، فما أن ينتهى العام الدراسى كانت معظم الأسر تسافر للمصيف الذى يستمر لنحو شهرين كاملين كانت الأمهات يمكثن المدة كلها مع الأولاد، فى حين كان الأزواج يذهبون ويرجعون على حسب طبيعة عملهم.. كانت لمة الأهل زمان بها كثير من الود والدفء والمشاعر الصافية الصادقة.
أجواء المصايف زمان كانت النساء والبنات يشعرن بالحرية والانطلاق والخصوصية وهن على شاطئ البحر دون مضايقات تذكرر.
وللأسف هذا غير موجود فى مصايف هذه الأيام، فهناك زحام شديد جدًا الناس تجلس ملتصقة جدًا بعضها البعض، وهناك تحرشات ومعاكسات وألفاظ بذيئة يفاجأ بها المصيفون.
فى مصايف زمان كان الكل يستمتع حقيقياً بالعوم فى البحر والشمس والتمشية ليلاً على الكورنيش والاستمتاع بنسمات الصيف الجميلة.
وكانت تكاليف المصيف معقولة فى متناول معظم الأسر سواء إيجار الشقة أو مصاريف التنزه والمأكل والمشرب، أما مصاريف هذه الأيام فأصابتها جنون الأسعار، وأصبحت باهظة ومكلفة جدًا تصل إلى عدة آلاف من الجنيهات.. فإيجار الشاليه أو الشقة فى المصيف أصبح مكلفًا حتى إيجار الشماسى والكراسى فى الشواطئ العامة أصبح باهظًا جدًا ومكلفًا ويمثل عبئًا على معظم الأسر المتوسطة ومحدودى الدخل.
أما فاتورة المصيف فى الساحل فهى باهظة جدًا ابتداءً من إيجار الشاليهات أو أماكن السهر والخروج، فالمصاريف هناك لا تنتهى خاصة من لديه أطفال صغار أو شباب.. فهناك أم مثلاً قالت لى المصيف الأيام دى عبارة عن بنك متنقل وفاتح 24 ساعة! فبمجرد ما أقول لأولادى صباح الخير والطلبات تنزل «ترف» على دماغى ومهما عملت وجبت لهم برضو مش عاجب ومافيش ولا كلمة شكر.. الواحد كتير بيندم أنه اشترى شاليه فى الساحل كنت فاكرة إن دى نعمة وراحة بال وهدوء أعصاب وسعادة للأولاد، ولكن الواقع بيقول غير كده.. الواقع بيقول إننا دفعنا كتلة كبيرة من الفلوس فى شاليه جاب لنا وجع الدماغ، خدى عندك الصبح بعدما يفطرون الزن يشتغل عايزين فلوس عشان يلعبوا بلاى ستيشن أقوله يا ابنى ما إحنا عندنا ده فى البيت يرد يقول يا مامى مش بحب ألعب وحدى ولا مع أخويا لكن عايز ألعب مع أصحابى.
نروح البحر نطلع من الفريسكا اللى بقت الواحدة منها بـ5 جنيهات نروح على البانانا بوت على جرادل ومضارب راكت على عوامات على طيارات أهو أى حاجة والسلام.. نروح البيسين نفسهم تتفتح قوى على الأكل مع أنهم بيكونوا لسه فطرانين ويجروا زى المحرومين يشتروا بيتزا وعصائر وشيكولاتة وآيس كريم.. طول النهار على البحر أو البسين على طول جعانين وعطشانين!! نيجى بقه لليل وآخره عايزين يركبوا عجل وبيتش باجى اللى بخمسين جنيها فى الربع ساعة و200 جنيه فى الساعة طبعًا مش بيكفيهم غير ساعة! نخلص من كده نجرى على النطاطة ونلعب فيها شوية بعشر جنيهات.. وبعد كل ده يقولك كلمة تفرسك قبل ما ينام «مامى أنا ماخدتش مصروفى النهاردة!!
فى المصيف زمان لما يجى الليل الناس كانت بتتمشى على الكورنيش ياكلوا ترمس وذرة مشوى وبيكونوا سعداء جدًا كل ده اختفى.. فى مصايف الساحل الأيام دى الليل هناك مختلف تمامًا بيكون سهرات فى كافيهات ورستورانات غالية، ده بالنسبة للشباب أما الكبار فأماكن السهر بتكون غالية جداً تصل للفرد فى الليلة الواحدة ما لا يقل عن 300 جنيه هذا إلى جانب حفلات الصيف لكبار المطربين كعمرو دياب ومحمد منير وهيفاء وهبى التى يتكالب عليها عدد رهيب من الشباب ويتسببون دائمًا فى شلل مرورى للطريق الساحلى سواء وهم داخلون أو خارجون من الحفل.
هناك أيضًا العزومات كل ليلة فى فيللا أحد الأصدقاء كل يوم عزومة شكل وكلها عزومات فاخرة جدًا يتراوح عدد المعازيم فيها ما بين 70 و100 شخص وبها أشهر وأفخم المأكولات ولو حتحضر عزومة كل ليلة هناك فأنك ستتكلف كثيرًا لأنك يجب أن تأخذ معك هدية أما تورتة أو هدية ما للبيت، يعنى مطلوب منك كل ليلة على الأقل 200 جنيه للمجاملات فى العزايم.
وفى هذه العزايم أيضًا الكل سواء ستات أو رجال بيكون على سنجة عشرة أفخر الثياب أغلبها طبعًا سنييه والستات بتروح للكوافير رغم أن دى مصايف والمفروض الواحد بيكون على طبيعته ولكن ذلك لا يحدث وبتضع على وجهها ماكياج كاملاً مع المجوهرات الثمينة على الرغم أيضًا أننا اعتدنا على البساطة فى أيام مصايف طفولتنا وشبابنا.
أما فى الصباح وعلى البلاجات فأيضًا نجد كل النساء بلوك الساحل يعنى لابسين مايوهات وكاش مايوهات كلها ماركات وماكياج كامل وأيضًا يرتدين بعض الموجوهرات الثمينة وغالبًا معظمهن لا ينزلن البحر أبدًا للعوم أنما يكتفين بالجلوس وتبادل الأحاديث والفرجة.. وأحيانًا كثيرة أتساءل: أين الاستمتاع بالبحر والصيف؟! ولماذا يكتفين فقط بالجلوس على الكراسى دون الاستماع بشيء آخر.
وأحيانًا أيضًا بدلا ما كنا نرى لمة زمان على البلاج وتبادل الأحاديث الجميلة نرى كل احد يجلس وفى يده موبايله وانفرد جانبًا عن المجموعة التى معه وراح فى شات طويل مع أحد أصدقائه ويقضى الساعات على البلاج وهو يحملق فى الموبايل بدلاً من النظر إلى البحر والاستمتاع بجماله.
أصبحت المصايف هذه الأيام كثير من المصاريف.. وقليل من المتعة!! •