المشوار الأخيـــر «كل هذا الحب» فى جنازة نور الشريف

محمد عبد الرحمن
العنوان مستوحى من اسم فيلم من أبرز الأفلام الرومانسية لنور الشريف بمشاركة «ليلى علوى» إنتاج عام 1988 الفيلم الذى لم يأخذ حقه جماهيريا لأن «حبيبى دائما» طغى على كل أفلام الحب التى قدمتها السينما المصرية فى النصف قرن الماضى، لكن «كل هذا الحب» يصلح عنوانا لوصف جنازة نور الشريف التى شارك فيها أكثر من 4 الآف شخص. وشهدت وداعا حاراً لفنان ومثقف فذ بشكل يؤكد أن المصريين فقدوا «قيمة» حقيقية.
فلا يودع المصريون عزيزا عليهم بهذا الحزن إلا لو كان أثره فيهم كبيرا وفعالا ومستمرا رغم غيابه، جنازة نور الشريف رأيتها أنا كأنها فيلموجرافيا من نوع خاص لمشواره الفنى الطويل، ولعطائه لجيله وللأجيال التالية.
هل يمكن فعلا كتابة سيرة فنان من جنازته، هل عكست الجنازة المشوار الكبير للفنان نور الشريف، الإجابة هى نعم وبكل تأكيد، فهى المرة الأولى منذ وقت بعيد التى تتجمع فيها الأجيال الفنية جيلا ورا جيلا بل والتخصصات أيضا، ممثلين ونقاد ومخرجين ومؤلفين ومنتجين، كل هؤلاء لم يتأخروا عن نورالشريف رغم الارتفاع غير المسبوق الذى تشهده مصر هذه الأيام فى درجات الحرارة، ورغم كل ما يعانى منه النجوم من زحام الجمهور والإعلاميين فى الجنازات للحصول على تصريحات خارج وقتها تماما، كل ذلك لم يمنع أن تتحول الجنازة إلى مظاهرة حب وحزن فى الوقت نفسه.
•جيل الزعيم
وأنت فى جنازة نور الشريف، لن تتعامل مع وجود عادل إمام باعتباره «الزعيم» الذى جاء ليودع صديقه، يجب أن تتذكر أن عادل إمام هو من قدم نور الشريف أول مرة للمخرج حسن الإمام ليحصل على أول دور سينمائى فى حياته من خلال فيلم «قصر الشوق» ثانى أفلام ثلاثية حسن الإمام الذى حول من خلالها إبداع نجيب محفوظ الأشهر «بين القصرين» و«قصر الشوق» و«السكرية» إلى شاشة السينما، ستتذكر كذلك الأفلام التى تعاون فيها النجمان سويا وخلدت فى ذاكرة السينما، سواء على مستوى الكوميديا فى «البعض يذهب للمأذون مرتين» منذ 40 عاما، وصولا لآخر تعاون بينهما «عمارة يعقوبيان» الذى لم يشهد أى مشهد يجمعها سويا لكن كليهما أعطى للعمارة وللفيلم ثقلا غير مسبوق، فى الجنازة ستجد يحيى الفخرانى الذى نافسه نور الشريف طويلا فى الدراما التليفزيونية، لكنك ستذكر بالتأكيد فيلم «الغيرة القاتلة» أول أفلام المخرج «عاطف الطيب» لكنه تأخر فى العرض ليحصل «سواق الأتوبيس» لنور وللمخرج نفسه على الأضواء وقتها، محمود عبد العزيز تواجد أيضا وكان كالعادة حزينا صامتا ينظر بإجلال لنعش نور الشريف، محمود الذى يدخل فى مصاف أعماله أفلامه مع «أبوكمال» بداية من «العار» وصولا إلى «جرى الوحوش»، من جيل الكبار أيضا تواجد عزت العلايلى ومحمود ياسين الذى ودع نور الشريف بمقال مؤثر للغاية اعتبر فيه أنه فقد صديق عمر ورفيق مشوار.
• جيل الدالى
حاملا النعش كان يبكى حسن الرداد، الممثل الشاب الذى قدمه نور الشريف فى مسلسل «الدالى» لكن الرداد لم يكن وحده المتأثر فى الجنازة، كان إلى جوار عمرو يوسف الذى انطلق أيضا من نفس المسلسل، وكذلك أحمد زاهر الذى أرسله نور الشريف إلى النجومية من مسلسل «الرجل الآخر» فيما ذهبت الأضواء أكثر والأعين الحاسدة إلى شريف رمزى آخر ممثل شاب وقف أمام الكاميرا مع «نور الشريف» عبر فيلم «بتوقيت القاهرة»، فيما قدم معظم الحاضرين العزاء لمحمد رياض كأنه مازال عبدالوهاب عبدالغفور البرعى، حيث «لن أعيش فى جلباب أبى» المسلسل الذى منح رياض أولى درجات النجومية، ومنح عبلة كامل أول بطولة نسائية فى مشوارها الفنى، إلى جوار كل هؤلاء تواجد الفنان «محمد التاجى» وهو إن كان ينتمى الآن لجيل الكبار لكنه كان وجها جديدا على تترات فيلم «آخر الرجال المحترمين» حيث قدم شخصية «مغاورى التلبانى» المدرس الزميل للأستاذ فرجانى فى رحلة القاهرة التعيسة التى شهدت ضياع الطفلة «نسمة محمد حافظ».
•أجيال المخرجين
مازالنا مع فيلموجرافيا نور الشريف التى كتبتها جنازته بطريقة مختلفة تماما، وننظر لمشواره الآن من عين المخرجين الذى احتشدوا فى جنازة الراحل العزيز، من جيل الكبار تواجد محمد عبدالعزيز وشقيقه عمر عبدالعزيز رئيس اتحاد النقابات الفنية، إلى جوارهما كان محمد ياسين الذى كان نور الشريف البطل الرئيسى فى فيلمه الثانى «دم الغزال» مع منى زكى وصلاح عبدالله ويسرا، كذلك كان هناك المخرج محمد النجار الذى اشتهر بتقديم الأفلام الكوميدية فى السنوات الأخيرة، لكن بدايته الأقوى كانت مع نور الشريف فى فيلمين «زمن حاتم زهران» و«الصرخة» والأخير من الأدوار المميزة جدا للشريف، حيث جسد شخصية الأبكم الذى يعانى من نظرة المجتمع الدونية لمتحدى الإعاقة، وقتما كانت السينما كلها بعيدة عن هذه القضايا، وهو أيضا بالمناسبة أول فنان قدم فيلما عن سرقة الأعضاء من خلال «الحقونا»، من الجيل الجديد من المخرجين تواجد «مروان حامد» صاحب «عمارة يعقوبيان» وداخل صحن المسجد وقف حزينا «أمير رمسيس» وإن كان له أن يفخر لأنه آخر مخرج تعاون مع «نور الشريف» فى فيلمه الأخير «بتوقيت القاهرة». •