الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«رءوف مسعد» أفلاطون الرواية العربية: لا توجد حقيقة خارج الجسد

«رءوف مسعد» أفلاطون الرواية العربية: لا توجد حقيقة خارج الجسد
«رءوف مسعد» أفلاطون الرواية العربية: لا توجد حقيقة خارج الجسد


قرأت عنه كثيراً وقرأت له وسمعت أكثر، إنه حقاً شخصية تستحق التوقف عندها، رءوف مسعد ليس مجرد كاتب روائى أكثر من الرائع فحسب.. وإنما هو وليد العديد من الروايات الواقعية التى شكلت داخله الروائى الكبير رءوف مسعد.

 • النشأة
وُلد مسعد فى بورت سودان سنة 1937، وحصل على ليسانس الآداب قسم الصحافة من جامعة القاهرة سنة 1960، ثم التحق بمدرسة المسرح العليا ليدرس الإخراج المسرحى من سنة 1970 وحتى سنة 1975.
«مسعد» الابن الأوسط لقس بروتستانتى ولكنه تمرد على كل ما حوله فأصبح لا دين له، انضم إلى تنظيم ماركسى محظور وهو فى السابعة عشرة كان اسمه (طليعة العمال) ثم أصبح (حزب العمال والفلاحين). ثم استقال من هذا التنظيم وهو فى السجن لينضم إلى «الحزب الشيوعى المصرى» وواصل عضويته حتى بعد الإفراج و«حل الحزب» من خلال خلايا صغيرة ليست لها نشاطات جماهيرية أو سرية. ثم ترك التنظيم نهائيا وسافر إلى بولندا.. ليرجع من وارسو إلى بغداد مباشرة عام 1975، ويلتقى برفاق سابقين مثل كمال القلش الذى أخبره بعودة النشاط التنظيمى ليشارك مرة أخرى ليستقيل نهائيا وهو فى بيروت عام 1981 ولا ينضم بعد ذلك إلى أى تنظيم علنى أو سرى، معتبرا أن التفرغ للكتابة يتطلب حرية من كل القيود والأطر التنظيمية الحزبية. تم اعتقاله وتقديمه إلى محاكمة عسكرية وهو فى الثالثة والعشرين عام 1960 وهى نفس السنة التى أنهى فيها دراسته الجامعية، وحُكم عليه بالسجن أربع سنوات قضى منها السنتين الأخيرتين فى معسكر الاعتقال بالواحات الخارجة.
• بغداد
وصل «مسعد» بغداد وفى جيبه خطاب توصية من السفير العراقى فى بولندا إلى طارق عزيز، الذى كان وقتها وزيرا للإعلام، ودولار أمريكى واحد فضى وعنوان بيت كمال القلش الذى وعد أن ينتظره فى المطار لكنه لم يأت، فأخذه شاب سودانى تعرف عليه فى الطائرة إلى بيت «كمال»، لم يكن أحد فى البيت ولم يفتح له أحد الباب فانتظر فى حديقة البيت حتى وصل «كمال» ومعه صديق عراقى له اسمه صادق الصايغ الذى أصبح صديقًا مقربًا لـ«مسعد» بعد ذلك، كانت الفيلا سكنا لمجموعة من الصحفيين المصريين هم: أمير إسكندر، سعد التايه وكمال بالطبع، كمال كان قد ارتبط بعقد للعمل فى مجلة «المجلة» الألمانية الشرقية فى دريسدن، وكان سيسافر بعد وصوله بكام أسبوع، فوجئ «مسعد» بهذا، تناقش كمال مع زملاء السكن فى أن يبقى «مسعد» بغرفته بعد سفره حيث كان ضيفه، لكن سعد التايه رفض بحجة أن يكون عميلا لدولة شيوعية ويعرضهم جميعا للخطر، وعرف بعد ذلك أن سعد التايه يعانى من مرض الاضطهاد.
• بداية العمل
عمل «مسعد» فى بغداد بمؤسسة السينما والمسرح «خبيرا دراميا» بمرتب مائة وخمسين دينارًا فى الشهر «حوالى أربعمائة دولار» وكان هذا بالنسبة له مبلغا مهولا!! بقى فى بغداد وسط مجموعة من المصريين تعرف على بعضهم فى السجن والبعض الآخر من خارجه مثل محمود السعدنى وعبدالرحمن الخميسى وأحمد عباس صالح وتوفيق صالح، بالإضافة إلى بضعة عراقيين لهم علاقة بالحزب الشيوعى العراقى ثم مصريين يعملون فى مجال هندسة الإضاءة كانوا قد قدموا ليؤسسوا كهرباء كردستان، مثل أحمد هشام ونبيل عبدالله واستمرت علاقتهم حتى بعد تركهم جميعا للعراق.
قطع عقده فى مؤسسة السينما والمسرح بحجج مختلفة لكن السبب الحقيقى هو خوفه على حياته بعد نقض صدام حسين لاتفاقه مع الشيوعيين العراقيين واعتقاله لهم ثم إعدامه عددا من أفراد القوات المسلحة العراقية بتهمة الانتماء لحزب شيوعى، غادر العراق مع فؤاد التهامى الذى كان عقده قد انتهى واستأجروا سيارة أقلتهم إلى بيروت وعمل «مسعد» مع مصطفى الحسينى فى جريدة السفير مترجما للأخبار وبقى فى بيروت وعمل فى مجالات صحفية مختلفة مثل مجلة اللوتس المنبثقة من اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا وكان يرأس الطبعة العربية معين بيسيسو، ثم عمل فى مجلة بيروت المساء التى كانت تصدرها منظمة العمل الشيوعى اللبنانى ويرأس تحريرها فواز طرابلسى، حتى الحرب الإسرائيلية على لبنان فى يونيو 1982.
ثم غادر لبنان إلى سوريا ومنها إلى القاهرة قبيل خروج الفلسطينيين من لبنان إلى المنافى الأخرى.
• الروايات
له العديد من الروايات مثل بيضة النعامة التى يقول عنها «مسعد»:
«لم أكتبها بشكل متواصل فقد بدأت بعد سنوات قلائل من وصولى إلى مصر فى السفر إلى هولندا، لذلك تواصلت الكتابة فيها حوالى عشر سنوات أو أكثر نشرتها لى دار رياض الريس فى طبعتها الأولى عام 1994 ثم توالت الطبعات العربية والترجمات إلى بعض اللغات الأوروبية، هذا وقد تُرجمت بيضة النعامة إلى خمس لغات أوروبية هى الفرنسية والإيطالية والإسبانية والسويدية والهولندية.
وله أيضا رواية «مزاج التماسيح» ثلاث طبعات «الأولى والثانية» على نفقة المؤلف والثالثة دار مكتبة مدبولى، وهى عن العلاقة المعقدة الحساسة بين المسلمين والمسيحيين فى مصر. 
وغواية الوصال، وإيثاكا التى أهداها إلى ضحايا «كوين بوت».
وله أيضا مجموعة من الحكايات بعنوان «صانعة المطر»، ورواية «فى انتظار المخلص»، و«الغرباوى» مجموعة قصصية، ورواية «زجاج معشق» التى أهداها إلى صديق عمره «كمال القلش».
سعدت بلقائة كثيراً ولم أشعر بالوقت وكان لى معه هذا الحوار..
• فى أغلب كتاباتك تحرر روحك عن طريق البحث عن الحقيقة داخل الجسد.. ألا يمكن لروحك أن تتحرر عن طريق آخر غير الجسد وغواياته الإيروسية الأفلاطونية التى تشبه الصوفية إلى حد كبير؟
- لا توجد حقيقة خارج الجسد الذى يحمل جينات لا حول لك بها، قد تكون جينات عبقرية أو جنون أو إجرام فهو خلاصة فؤادك ومبعث قلقك وطمأنينتك، قد تقودك إلى المهالك أو تقوده إلى الدير والتبتل والتصوف، استطعت أن أمتلك شجاعة كسر بعض المحرمات عن طريق الكتابة على الأقل، أدافع عن قناعتى مهما تكن مختلفة عن قناعات الآخرين، دفاعى عن قناعاتى يساعدنى فى تطهير روحى والبحث عن ملذاتها الحسية فى تذوق الجنس باعتباره هبة البشر ولولاه ما كانت هناك حياة، ولا متعة وحب ومال وبنون يتحول الجنس مع تقدمى فى السن إلى شبق هادئ يقارب الحب الصوفى ولا تنسى أن للجنس آلهته أيضا حيث يخرجنى من فقدان الهمة الجسدية إلى همة حسية وعقلية ودائما حينما أكون فى مصر أذهب إلى زيارة شيخ صوفى قريب إلى قلبى وأحضر معه الحضرة أشاهد الذاكرين يقومون برقصهم الهادئ الذى يتحول مع الإيقاع ومع ذكر لفظ الجلالة «اللـه» إلى حركة خارج الجسد وخارج الزمن وخارج المكان الذى يضاء بمصابيح الجاز، فأتمايل معه فى داخلى قبلونى كما أنا دون أن يحاولوا تغيير أفكارى أو إقناعى بما لا أقتنع به هؤلاء البسطاء الحكماء بلغوا أرقى مراحل الاحترام الإنسانى فى احترام الآخر من خلال تلخيصهم للكون والخالق فى فعل راقص بسيط، وتحرر الروح يبدأ من الجسد حيث يتم استبعاد الجسد فى تقنين حركته والسيطرة عليه فى فعل هادئ بسيط وتلخيصها مثلما يفعل أساتذة اليوجا ومثلما فعلت أنا فى تحرير روحى.
• تخصصات
• ركزت فى رواية «إيثاكا» على تناول قضية المثليين وفى «بيضة النعامة» على الجنس و«الإيروسية» بشكل عام وأغلب كتاباتك تدور حول هذه القضية.. لماذا كل هذا الضوء على هذا المناخ بالأخص وهناك العديد من القضايا يمكن مناقشتها وطرحها بشكل أدبى؟
- الحياة مليئة بالموضوعات لكن هناك تخصصات فى الكتابة، فسنجد فى الشعر العربى القديم هناك شاعر غزل وشاعر مدح وشاعر هجاء ولا تنسى أن الجنس متشابك مع الكثير من الموضوعات كالحرية الشخصية والتعذيب والسياسة والمجتمع المدنى لأن الأديان بشكل عام تحقر من الجنس، ونلاحظ أن الدول التى تعلن أنها تطبق الشريعة همها الأول هو الرقابة الأخلاقية على مواطنيها وعلى الإبداع كله، وتنطبق الرقابة على السلوك اليومى وعلى الثبات ولا أستطيع المطالبة بمجتمع مدنى دون أن أطالب بالخصوصية وحق كل إنسان فى مزاولة حقه الإنسانى فى اختياراته.
• هل يمكننا القول إن الإنترنت ساهم فى كسر تابوهات «الجنس»؟
- نعم، إلى حد كبير، ساهم إلى حد كبير فى إزاحة «تابو» الجنس ومحرّماته الاجتماعية والدينية، ليصبح تداوله عملاً اعتيادياً، لكنه يتطلب جرأة المقامر والمغامر. وهنا «مربط الفرس». فماذا يريد كاتب ما أن يقول لقرّائه عن الجنس؟ هل يريد تكرار ما تمت كتابته من مئات السنين فى «الروض العاطر»، و«رجوع الشيخ» مثلاً تحت عنوان جديد مثل «برهان العسل» لسلوى النعيمى ليبيع مئات آلاف النسخ ويترجم إلى لغات عدة؟
• حضور التكنيك السينمائى فى «زجاج معشق»، هل الغرض منه تأكيد ولعك بإبراز تفاصيل المشهد؟
- شخصياً «بحب السينما» بقوة، واستخدامى بعض تقنياتها جاء حلاً فنياً يخرجنى ككاتب من «مأزق» التعامل مع الكمبيوتر. هو أيضاً يبرر ولعى بالتفاصيل.
• أما كان ممكناً الاستغناء عن الهوامش فى «زجاج معشق» بما أن هذا الأمر قد يبدو مقحماً ولا حاجة فنية إليه؟
- ترددت كثيراً فى إبقاء الهوامش أو إلغائها، لكننى أبقيتها لأن هناك اصطلاحات لا يعرف الناس معانيها ويستخدمونها مثل: «عاطل على باطل»، أو على الأقل هذه وجهة نظرى. وشجعنى ما لاحظته فى بعض الروايات الغربية من وجود هوامش تشرح ما غمض على بعض القراء، خاصة فى ما يتعلق بتعبيرات توراتية أو ميثولوجية.
• سيرة ذاتية
إلى أى مدى وفقت فى سرد سيرتك الذاتية داخل أعمالك؟
- وفقت فيها بشكل كبير إلى حد ما، لا تنسى أننى «عشت» طويلاً وتجولت فى بلاد الدنيا وتزوجت ثلاث مرات، حياة قلقة لم أستقر إلا بعد زواجى الأخير وأنا فى بداية خمسينياتى. الاستقرار دفعنى إلى الكتابة والإنتاج. «شخوص» أعمالى معظمها شخصيات التقيتها. لكننى لم ألتقِ بهم مثلاً أثناء كتابة «زجاج معشق». أخزنهم داخلى مثلما يخزن الجمل غذاءه لأيام رحلة الصحراء الطويلة. أجترّهم، أخرجهم من مخابئهم وأغير بعض الشىء فى ملامحهم النفسية والجسدية. فقد تعلمت درساً قاسياً من كتابتى لأشخاص بعينهم فى «بيضة النعامة» بعضهم انزعج من أننى ألقيت الضوء على حياته الخاصة وعاتبنى، بل وغضب بعضهم. لذا لا أكتب عن شخصيات «حية» إلا بعد استئذانهم، وفى أحيان كثيرة أجعلهم يقرءون ما كتبت من مسودات وأعطيهم الحق المطلق فى حذف ما يريدون!
• فسر بعضهم اتهامك علاء الأسوانى أخيراً بأنه اقتبس روايته «نادى السيارات» من رواية يوسا «حفلة التيس» على أنه جاء بدافع الغيرة من الشهرة الواسعة التى نالها منذ صدور روايته «عمارة يعقوبيان»، فما تعليقك؟
- حتى زوجتى حائرة من موقفى حينما أخبرتها بـ «المعركة» الأخيرة، فهى لا تقرأ العربية لكنها تتابع قدر إمكانها كتاباتى ومناكفاتى. أنا لم أكن أنوى متابعة الأسوانى أو حتى قراءة ما يكتب، بعد «عمارة يعقوبيان»، لكن أحد أصدقائى السودانيين النوبيين الذى يعيش فى أمستردام، اشتكى من أن «نادى السيارات» تنطوى على «شبهة عنصرية» ضد النوبيين وطلب منى قراءتها، فوافقت على مضض، ووجدت الأمر لا يرقى إلى حد ذلك الاتهام، لأن الراوى كال السُباب للنوبيين على لسان «مستر رايت»، مدير نادى السيارات، وبالتالى لم أرد الدخول فى النيات هنا، لكننى اكتشفت التناص مع يوسا. أعرف أن الأسوانى تحول إلى مؤسسة وهو أيضاً يدافع عن نفسه - وهذا حقه بالطبع - بشراسة، وحوله جماعات من الملتفين حوله. وبالتالى، فإن اقتحام هذه المؤسسة يتطلب أيضاً أن أكون على ثقة بما أكتب أولاً، فكتبت ما كتبت ووجد صدى واسعاً. بالطبع أنا منزعج كثيراً من «شهرة» الأسوانى مثلما ينزعج غيرى من الكتاّب، لأننا نرى أنه لا يستحقها. تلك الشهرة الزائفة تخلق نمطاً زائفاً أرى أن مواجهته هى «فرض عين»!
شخصياً، أنا متحقق مصرياً وعربياً وعندى قليل من التحقق غربياً. بالتالى لا أحسد الأسوانى أو غيره. بل لى أصدقاء مصريون وعرب أعتز بهم حققوا شهرة أوسع منى على مستويات الكتابة كافة، نتمازح ونتواصل بلا ضغينة لأنهم يستحقون ما يحققون.
• غواية الوصال
 • «غواية الوصال» لا شك أن مفردتى الغواية والوصال أثيرتان لديك، فما دورهما فى تعميق هذا النص الإيروسى؟
- لعل مفردة غواية مفردة مسيحية فى الأساس، فالديانة المسيحية وقبلها اليهودية تحذر من الغواية غواية عبادة إله آخر غير الإله اليهودى فى المسيحية ونتعلم ما يطلق عليه بالصلاة الربانية وهى التى يقال إن المسيح علمها لتلاميذه كل الأطفال المسيحيين يعرفون هذه الصلاة التى تسمى «أبانا الذى» وتذكر أن أمل دنقل له بداية قصيدة تقول «أبانا الذى فى المباحث»، والوصال ليس من تعبيراتى القديمة لكننى وجدته فى لسان الدين بن الخطيب فأعجبنى وهو يحمل أيضاً الكثير من المعانى، لا أحب الكتابة المبتذلة وأتحاشى الابتذال بشكل عام فى الحياة، الفعل الجنسى قد يكون مبتذلا وغليظا وقد يكون رقيقا وناعما وهذا حسب من يقوم به.
• جوائز
 • كيف تشعر إزاء عدم حصولك على أى من جوائز الدولة حتى الآن؟
- طبعاً أشعر بالمرارة. فأنا لم أحصل طوال حياتى إلا على جائزة واحدة هى جائزة الترجمة من اتحاد الكتاب المصريين منذ سنتين! علماً بأننى تقدمت مرة لجائزة عربية برواية «بيضة النعامة»، ولم تصل حتى إلى القائمة الطويلة. وطلبت من الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثقافة فى مصر جابر عصفور أن يتوسط لأحصل على منحة تفرغ، ولم أحصل عليها. أى شخص، حتى ذلك الذى يشترى ورقة «يا نصيب» يريد أن يربح ولو مبلغاً تافهاً، فما بالك بكاتب مثلى من جيل الستينيات!
أشعر بأن جائزة الدولة هى اعتراف بوجودى، بدلاً من اعتبارى كائناً هلامياً. كتاباتى مزعجة، لكنها رائدة فى مجالها. وما كُتب عن «بيضة النعامة» - مثلاً - فى وقتها أعتبره إنجازاً على أكثر من مستوى. لذلك يدهشنى اعتبارى، من جانب الكثير من المثقفين ومعظم المسئولين، «غير موجود»،  والسبب الزائف الذى يطلقونه هو أننى لا أعيش فى مصر، مع أننى لا أكتب إلا بالعربية، على عكس أهداف سويف والراحل إدوار سعيد، مثلاً.
• نوبل
• هل ترى أن جائزة نوبل ليست موضوعية فى الأدب أو فى السلام؟
- نعم، تحاول أن تكون موضوعية فى الجغرافيا السياسية، فتختار فائزها كل مرة من قارة مختلفة، لكن بالتقصى نجد أن قارات بعينها محظوظة أكثر من غيرها فأفريقيا السوداء ليس لها حظ أمريكا اللاتينية مثلا، وهذه أقل حظا من أمريكا الشمالية، وقد يقول قائل إن الأدب اللاتينى منذ نيرودا أصبح عالميا، أى يمكن قراءته وتذوقه فى أرجاء مختلفة ومتنوعة الذائقة على العكس من الأفريقى الذى يكتب فى الأغلب بلغات المستعمر السابق: الإنجليزية أو الفرنسية، وبالتالى فالذائقة العالمية لها دور هنا.
وفوز الكاتب التركى أورهان باموق بالجائزة على سبيل المثال ارتبط بكتابته عن مجازر الأرمن فى تركيا، فى الوقت الذى كان فيه اللوبى الأمريكي/ الأرمنى يسعى فى الكونجرس وفى الأمم المتحدة لإجبار السلطات التركية على الاعتراف بحقوق الأرمن، ومن ثم الاعتذار عن المجازر فى حقهم.
تكاثرت الجوائز على من لا تعتبرهم ذائقتى روادا إلا فيما ندر، فأنا أعتبر نجيب محفوظ بالفعل من الآباء المؤسسين لرواية عربية حديثة ومعاصرة وإنسانية، على العكس من كتاب عرب ومصريين يكتبون لا روايات، وسوف تدور دائرة نوبل وترجع إلينا مرة أخرى، ليصيب سهمها كبدنا ذات يوم، حينما تقدم المليون دولار إلى كاتب عربى غير ريادى وغير مؤثر، وكل ما فعله أنه قام بمهاجمة جيش عربى أو نظام حكم عربيا، بزعم الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الأقليات، مثل باموك.. وتجربتنا واضحة فى هذا المجال حينما حصلت توكل كرمان على جائزة نوبل للسلام باعتبارها تمثل المرأة اليمنية/ العربية المناضلة فى سبيل العدالة والحرية! .•