12 مليار جنيه زيادة فى فاتورة الاستيراد

محمد عبد العاطي وريشة احمد جعيصة
ارتباك شديد تشهده سوق الصرف بسبب تحريك سعر الدولار وزيادته فى الفترة الأخيرة، وهو ما ضاعف من معاناة المصانع والمستوردين الذين يعتمدون عليه بشكل كبير فى جلب المواد الخام والمواد الوسيطة فى الصناعة، لاسيما أن فاتورة الاستيراد من الخارج ترتفع بشكل مطرد.. وتبلغ فاتورة الاستيراد نحو 60 مليار جنيه فى آخر تقرير سنوى صادر عن البنك المركزى فى عام 2014 فى الوقت الذى تتراكم فيه طلبات الحصول على العملة الصعبة من المستوردين وأصحاب المصانع دون أى تلبية من البنوك بسبب السياسات المتبعة.
ووضع البنك المركزى سياسات خاصة من أجل التخفيف من وطأة تجارة العملة فى السوق الموازية، منها وضع حدود للسحب لا تزيد على عشرة آلاف دولار بشكل يومى، ومع ذلك ارتفع سعر الدولار حتى وصل إلى 7.83 ما يعنى زيادة فى فاتورة الاستيراد وأيضا الدين الخارجى الذى وصل إلى قرابة 40 مليار دولار.
واتخذ البنك المركزى عدة قرارات منها اقتصار إيداع العملة الصعبة على 50 ألف دولار شهريا واقتصار سحب الدولار على عشرة آلاف دولار بالنسبة للأفراد وهو ما يعنى وضع الكثير من العراقيل بشأن الاستثمار الأجنبى.. فضلا عن لجوء الكثير من المستثمرين للحصول على الدولار من أجل إدراكهم أن قيمته سترتفع خاصة مع تراجع أسعار الفائدة على الودائع.
• فاتورة الاستيراد
فى عام 2014 وصلت فاتورة الاستيراد إلى 59.8 مليار دولار وذلك من واقع التقرير السنوى الصادر عن البنك المركزى فى الوقت الذى شهدت فيه زيادة كبيرة عن 2013 بلغت 57.7 مليار دولار.. وبلغت الواردات البترولية 13.3 مليار دولار فى 2014 فيما بلغ المقابل المادى لفاتورة الاستيراد الخاصة بالسلع الوسيطة 17.9 مليار دولار وقبلها كانت 16 مليار دولار فى 2013 ومنها الحديد واللدائن والخشب والتركيبات الصناعية.. ووصلت السلع الاستهلاكية 13.3 مليار دولار فى الوقت الذى كانت قد بلغت فى 2013 إلى 12.9 مليار دولار، وتنقسم السلع الاستهلاكية إلى معمرة مثل التليفزيونات والشاشات وغيرها وبلغت 3.6 مليار دولار وغير معمرة مثل المحضرات الغذائية والواردات القطنية والمنسوجات ومستلزماتها وبلغت 9.7 مليار دولار.. أما السلع الاستثمارية فوصلت فاتورة استيرادها فى 2014 إلى 8.8 مليار دولار، أما الواردات السلعية للقطاع العام فوصلت إلى 15.2 مليار دولار ومنها الواردات التموينية التى يحصل عليها المواطنون، أما الواردات السلعية مثل السكر والقمح والحبوب والوقود وبالنسبة للقطاع الاستثمارى فوصلت الواردات السلعية إلى 4.6 مليار دولار، وذلك فى ضوء التقرير السنوى للبنك المركزى.. واتخذ البنك المركزى قرارا بوقف منح دولار إلى المستثمرين الذين يحاولون استيراد سلع استفزازية أو منتجات لا تسهم فى تلبية حاجات المواطن الأساسية.
وفى الوقت نفسه، فإن حركة الصادرات قد تراجعت فى الفترة الأخيرة، وذلك بناء على تقرير صادر من هيئة الرقابة على الصادرات والواردات الذى أوضح أنه فى خلال الخمسة أشهر الأولى من عام 2015 تراجعت الصادرات بنحو عشرة مليارات جنيه ما يعنى زيادة الضغط على العملة الصعبة.
• الأمل الأخير
أكد أحمد آدم، الخبير المصرفى أن محور قناة السويس هو الملاذ الأخير بالنسبة للحكومة الحالية من أجل إنقاذ الاحتياطى النقدى من الانخفاض لذا فيجب العمل على وضع مخطط استثمارى من أجل جذب استثمارات جديدة تسهم فى إنعاش الاقتصاد المصرى لاسيما أن المؤتمر الاقتصادى الذى جرى عقده فى مارس الماضى كان أهم المعوقات التى يشهدها هو عدم وضوح الرؤية بشأن اللائحة التنفيذية المشجعة للاستثمار لاسيما أن القانون جرى إصداره قبلها بأيام.
وأضاف آدم أن اتجاه البنك المركزى لرفع سعر الدولار سيكلف فاتورة الاستيراد زيادة قدرها 12 مليار جنيه على الأقل، وذلك بسبب تحريك سعر الصرف 20 قرشا خاصة أن المسئولين عن البنك المركزى لجئوا إلى هذه الخطوة من أجل تخفيف الطلب على الدولار وأيضا خفض طلبات المستوردين لفتح الاعتمادات المستندية وهو ما يعنى زيادة الأسعار الخاصة بالسلع، خاصة مع تنقلها من تجارة الجملة إلى التجزئة التى تزيد قيمتها بناء على هذه الخطوة.
وأوضح آدم أن هناك إدراكا جيدا من الحكومة بأن الحصول على مساعدات عربية فى الفترة المقبلة أمر صعب بسبب المشاكل التى عانى منها بعض الدول الخليجية سواء داخل اليمن أو من خلال مواجهة إيران فضلا عن المشاكل التى تلاحقهم بسبب انخفاض أسعار البترول فى الفترة الأخيرة.. وتابع آدم قائلا: إن تحريك سعر الصرف جاء من أجل السير فى اتجاه الحصول على قرض من صندوق النقد لاسيما أن اللجوء إلى الدول العربية فى الوقت الحالى أمر صعب للغاية.
واختتم آدم حديثه بأن مصادر الحصول على الدولار محدودة وتتمثل فى السياحة وتحويلات المصريين فى الخارج وقناة السويس لذا يجب على الحكومة العمل على تنمية مصادر دخل للعملة الصعبة.
• أزمة عملة
اعتبر أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بغرفة تجارة القاهرة أن الزراعة والصناعة والتجارة تقوم بنسبة كبيرة على الاستيراد وبالتالى فإن أى تحريك لسعر الصرف سيؤثر فى الجوانب الاقتصادية للبلاد بأى حال من الأحوال.
وأضاف شيحة أن أى زيادة تطرأ على سعر الدولار سيتحمل نتيجتها المستهلك وحده دون أى خسائر قد يتعرض لها التاجر، لأن كل مستورد يحسب مقدار التكلفة وما يحققه من أرباح قبل طرح السعر النهائى فى السوق.
وقال شيحة: إن هناك ضعفا فى الاستجابة لفتح الاعتمادات المستندية، ما أدى إلى تراكم الكثير من طلبات الحصول على الدولار من أجل الاستيراد ولا أحد يعلم متى ستنتهى هذه الأزمة الكبيرة.
وتابع شيحة قائلا: إن أغلب الحصيلة الخاصة بالعملة الصعبة تذهب إلى السوق السوداء، وبالتالى فإن الإجراءات التى اتخذها البنك المركزى على الإيداع والسحب ليست مجدية من الناحية العملية.
وكشف شيحة أن شركات الصرافة لجأت إلى حيلة من أجل توفير العملة الصعبة للمستوردين وطالبى الحصول على الدولار وذلك من خلال تسليم المبلغ المطلوب توفيره من خلال فروع أو عملاء تابعين لها أو حسابات خاصة فى بنوك داخل الدول العربية أو أوروبا مقابل الحصول على عمولة تتراوح بين 5 % و6% وبالتالى لم تعد هناك حاجة للجوء إلى البنوك بسبب عدم جدوى هذه الخطوة من الناحية العملية نتيجة تراكم طلبات الحصول على الدولار.
واعتبر شيحة أن القرارات الصادرة من البنك المركزى كانت سببا رئيسيا فى فرض شركات الصرافة لشروطها على طالبى العملة الصعبة بسبب اضطرار الكثير من المستوردين وأصحاب المصانع لاستيراد السلع من الخارج من أجل استمرار الحركة التجارية والصناعية.
وأكد شيحة أن كثيراً من المستوردين تجارتهم معطلة شأنهم شأن الكثير من المصانع التى تبحث عن الدولار من أجل شراء المواد الخام والسلع الوسطية التى تدخل فى صناعات أخرى وعدم استيرادها يعنى توقف الكثير من خطوط الإنتاج.
وتوقع شيحة أن تمر السوق المصرية بموجة غلاء فى شهر أغسطس بسبب ارتفاع سعر الدولار نتيجة فارق سعر الصرف بعد قرار البنك المركزى بتحريك السعر بقيمة 20 قرشا نظرا لأن القفزة التى شهدها هذا السعر سترتفع فى السوق الموازية كإجراء طبيعى فضلا عن العمولة التى تحصل عليها شركات الصرافة مما يزيد من سعر التكلفة على المستهلك. •