الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«ياأنا.. يا إنتى».. و «بين السرايات» .. وفساد الأمكنة

«ياأنا.. يا إنتى».. و «بين السرايات» .. وفساد الأمكنة
«ياأنا.. يا إنتى».. و «بين السرايات» .. وفساد الأمكنة



منذ سنوات والسينما والدراما المصرية تقدم لنا أعمالا يغلب عليها العنف والمخدرات والبلطجة والألفاظ البذيئة.. وعادة ما يكون أبطال هذه الأعمال شخصيات درامية من الأحياء الشعبية.. ولكن  غابت عنهم الصفات النبيلة التى اشتهر بها أولاد وبنات البلد.. التى طالما جسدتها عبر سنوات طويلة السينما المصرية.. حيث الشهامة والجدعنة والعلاقات الإنسانية الحميمة.. وللأسف مع حلول شهر رمضان يهاجمنا كم هائل من المسلسلات التى يكون العنف وانحرافات السلوك هو الصفة السائدة بين الشخصيات.. بل هو أساس فكرة العمل الدرامى.. وهذا كان تأثيره واضحا على سلوك بعض الشباب..

وبرزت ظواهر غريبة عن مجتمعنا مثل التحرش والعنف الزائد بين البعض.. وهذا العام وسط عشرات المسلسلات نجد عملين يتناولان ما يدور من حكايات وأسرار وأحداث داخل الأحياء الشعبية.. وهما مسلسلا «بين السريات» ومسلسل «يا أنا يانتى».. وكان العنف والبلطجة فيهما متوازنين مع السلوك النبيل الذى يميز أهل هذه الأحياء.
• بين السرايات
مسلسل «بين السرايات» من تأليف الكاتب أحمد عبدالله الذى استطاع أن يرسم الشخصيات بدقة ويسجل ويصور المكان وكأنه من أبناء الحى المجاور لجامعة القاهرة ويعرف كل تفصيلة فى قضية تجارة العلم وبدلا من أن تكون أكبر جامعة فى مصر والشرق الأوسط منارة وشعاعًا للعلم والمعرفة نالها ما نال أماكن كثيرة نتيجة الفساد والتراجع عن دورها، للأسف نجد أبناء حى صغير وأهله البسطاء يستطيعون أن يغيروا فى مسار العملية التعليمية فى كبرى جامعات مصر على سبيل المثال، فنجد «صباح»، بنت البلد الدور الذى تقوم به الفنانة المبدعة (سميتن) سايسة السيارات، ثم تتحول إلى تجارة العلم من خلال السنتر التعليمى  والمكتبات التى تديرها، واستطاع المؤلف والمخرج والممثلون أن يجعلوا المشاهد يعيش الحالة والأحداث بدقة وسلاسة وحتى أحداث العنف كانت مبررة وغير مفتعلة، وأعاد لنا «بين السرايات» السلوكيات والطابع الشعبى الأصيل لأهل أحياء مصر الشعبية بلا عنف مفرط ولا جنس ومخدرات التى أدعو فى بعض الأعمال أنها سمة سكان الأحياء الشعبية!  
• «ياأنا يا إنتى»
مسلسل «يا أنا يا انتى» من إخراج أحمد حمودة وياسر زايد وتأليف  فتحى الجندى وأحداث المسلسل تدور فى إطار اجتماعى كوميدى تتخلله التراجيديا.. والمسلسل يدور حول صراع بين الفتاة الأرستقراطية (سهوكة) (سوسو) - (سمية الخشاب) - والسيدة الشعبية البسيطة والذكية (دواهى) (دودو) - (فيفى عبده)_ اللتين تدفعهما الظروف للعمل كنصابتين مع بعضهما واتخاذ هويتى سيدتين أرستقراطيتين بأسماء (قسمت هانم) و(أرزاق هانم) فدواهى تلجأ للنصب على الآخرين لتحصل على ثمن إجراء عملية لابنها الصغير لتنقذ حياته من مرض السرطان، وسهوكة تساعدها فى النصب لإنقاذ حياة أمها المريضة وهما يقيمان فى حى شعبى، أثناء النهار تجدهما ستات ولاد بلد جدعان جدا وتساعدان الكل بجدعنة وشهامة أهل البلد النبلاء، وفى المساء تمارسان النصب على الآخرين للحصول على المال بدون أن تمارسا أى عمل مخل لشرفهما! وعادة ما تكون عمليات النصب خاسرة، وأهم جملة فى حوار بالمسلسل يقول فيه الممثل حجاج عبد العظيم: (إن كله بينصب على كله الغنى بينصب على الفقير والفقير بينصب على الغنى) وفى الآخر الكل أغبياء والكل خاسر!
والشىء الجيد فى المسلسل الأداء التلقائى للفنانة فيفى عبده فتصدقها وهى بنت بلد جدعة تقدم يد العون لكل من يطلب عونًا حتى ولو كان نصابا! وبالطبع مسلسل «بين السرايات» ومسلسل «يا أنا يا انتى» ليسا بالعملين اللذين يرتقيان للأعمال التى أثّرت فى وجداننا مثل أعمال أسامة أنور عكاشة التى كانت تنقل لنا الواقع  بكل صدق وبدون ابتذال، ولكن خطوة لإعادة تقديم أبناء الأحياء الشعبية بشكل نبيل وإنسانى بعيد عن العنف والابتذال.•