السبت 16 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

المنشد محمد صيام: الريف يحب الإنشاد أكثر..

المنشد محمد صيام: الريف يحب الإنشاد أكثر..
المنشد محمد صيام: الريف يحب الإنشاد أكثر..



نحنُ نسوةٌ من بنى النجار
يا حبّذا محمّدٌ من جارِ
هكذا كانت تنشد النساء كلما مر منهم الرسول «ص»، من وقتها ولد الإنشاد، واستمر الإنشاد والمدح النبوى إلى يومنا هذا، حيث نجد الكثير من أحباب الله ورسوله ينشدون ويمتدحون النبيّ، ويشتمل الإنشاد الدينى على ذكر الله والتهليل والتسبيح.
وللإنشاد الدينى قصة تؤكدها كتب التراث بأن بدايته كانت مع بداية الأذان حيث كان بلال المؤذن يجود فيها كل يوم خمس مرات، ويرتلها ترتيلاً حسنًا بصوت جميل جذَّاب، ومن هنا جاءت فكرة الأصوات الندية فى التغنى بالأشعار الإسلامية، ثم تطور الأمر على أيدى المؤذنين فى الشام والعراق ومصر وغيرها من البلدان، وأصبح له قوالب متعددة وطرائق شتى.


وتؤكد كتب التراث الإسلامى أن بداية الإنشاد الدينى كانت على أيدى مجموعة من الصحابة فى عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ومجموعة من التابعين. وكانت قصائد حسان بن ثابت، شاعر الرسول (صلى الله عليه وسلم)، هى الأساس للمنشدين. ثم تغنَّوا بقصائد أخرى لغيره من الشعراء الذين كتبوا فى موضوعات متنوعة منها: الدعوة إلى عبادة الله الواحد، التمسك بالقيم الإسلامية وأداء الفرائض من صلاة، وزكاة، وحج إلى غير ذلك.
حول الإنشاد الدينى وتطوره كان لنا هذا الحوار مع المنشد محمد صيام، والكثير عنه فى هذا الحوار:
• منذ متى بدأت الإنشاد، وكيف سلكت طريقك فى العمل كمنشد؟
- بدأت أنشد فى سنة 1970 التحقت منذ طفولتى بكُتَّاب القرية، بمحافظة القليوبية وكعادة الأطفال وقتها كنا جميعا نذهب الكُتَّاب لنتعلم القرآن الكريم وأصول التجويد، بقيت بالكتاب حتى 15 عاما وعملت بعدها كمحفظ قرآن فترة طويلة ولكن كنت أهوى الإنشاد كثيراً، وكان والدى محفظ قرآن أيضا ومثلى الأعلى وهو من شجعنى على الإنشاد الدينى، وتعلمت من الإنشاد تجويد القرآن صوتيا، وفى أول ليلة أنشدت فيها بالقرية لاقيت استحسانا كبيرا من كل المستمعين وبدأ الناس يطلبوننى بالاسم وينتظروننى بشغف شديد ويستمعون إليّ العديد من الساعات وتنتهى الليلة فى كل مرة ولا تزال أصواتهم تعلو طالبة المزيد.
• لماذا فضلت العيش بالريف فى حين أنك تأتى إلى القاهرة مرتين أو أكثر أسبوعيا لإحياء ليالى الإنشاد بها؟
- نعم، إننى أسافر إلى القاهرة لإحياء ليالى للإنشاد الدينى بها ولكن جمهورى الذى ينتظرنى دائما بالريف وليس بالقاهرة، أهالى الريف يفضلون هذا النوع من الإنشاد أكثر من أهالى المدينة وأنا لا أستطيع أن أترك شغفهم لسماعى وتقديرهم لى بأى حال من الأحوال، ولكن أذهب للقاهرة وأعود إلى الريف وأنا معبأ بافتقادى لهم ودائما يكون استقبالهم لى أكثر مما أتصور بكثير بالإضافة إلى أن المدينة تعج بألوان كثيرة من الغناء والطرب والإنشاد أيضا.
• عندما تشتاق أذنك لسماع التجويد والإنشاد بصوت غيرك.. فمن تفضل؟
- بالطبع أفضل الشيخ أبو العلا والشيخ زكريا أحمد ومحمود إسماعيل فهؤلاء الأساتذة ومن تربينا على أصواتهم وشكلوا ذائقتنا فى الإنشاد والتجويد، أما عن الطرب فبالتأكيد أول من يأتى على ذاكرتى أساتذة الطرب الأصيل أمثال أم كلثوم وعبدالوهاب ومحمد فريد وعبدالحليم حافظ وكل من وضع بصوته فى تاريخ الطرب والأغنية العربية وكثيراً ما أنشد ببعض كلمات الست أم كلثوم.
• تطور الإنشاد
• إلى أى مدى اختلف الإنشاد عن ما كان عليه قديما؟
- لم يعد الانشاد كما كان قديماً بالمرة، فقديما كنت أنشد قصائد مطولة قد تستمر لساعات طويلة لا أستطيع أن أقولها حاليا، بالإضافة لتداخل الطرب مع الإنشاد، والإنشاد يخاطب الروح، ومع الوقت تطور الإنشاد واتسع استعماله، وبات يدخل على الإنشاد كلمات تلائم مناسبات عديدة، أساساً الإنشاد كان يعتمد على قصائد صوفية تحاكى الروح والغزل الإلهى، ومن ثم انتقل إلى ابتهالات، وهى نوع من المناجاة واستحضار الذنوب وطلب المغفرة من الله عز وجل، ثم انتقل إلى مرحلة مديح النبى وشرح صفاته وأخلاقه ومن ثم دخل على الإنشاد كلمات تحض على الحب والتآخى الاجتماعى ومساعدة المسكين».
فى الإسلام هناك ما يسمى بــ«التجويد» وهو نوع من القراءة أو التلاوة يعتمد على مقام موسيقى معين، يستخدمه الشيخ خلال تلاوته القرآن. المقام الموسيقى هو جملة موسيقية تختلف بحسب توزيع النوتات الموسيقية على السلم الموسيقى.
كل مقام يبعث فى قلب الإنسان إحساساً وحالة نفسية معينة، منها الحزن، الفرح، الغضب، العاطفة.. إلخ. فى مكة المكرمة مثلاً، يعتمد الشيخ مقام الحجاز وفى المدينة المنورة يعتمد الشيخ مقام البيات. من هنا نرى أنه داخل الدين الواحد ممكن أن يختلف المقام الموسيقى المستعمل فى أداء الواجب الدينى.
يعتمد المنشدون على دراسة الموسيقى لاختيار اللحن المناسب للكلمة المناسبة، بمعنى آخر تنسيق الإيقاع مع الكلمة، لإيصال الرسالة المطلوبة بطريقة واضحة وسلسلة تخاطب قلب المستمع، عندما نقول ابتهال أو طلب مغفرة من الله، فهو يعتمد اللحن الحزين، مثلاً الآن النغمة الأكثر رومانسية واستعمالاً هى نغمة الكرد، بالإضافة إلى مقام الحجاز والنهاوند، سابقاً كانوا يستعملون نغمة الصبا، ونحن بحاجة لثقافة موسيقية كبيرة لننتج موسيقى صحيحة وكلمة واضحة تتناسق مع بعضها بعضاً.
• الشباب
• إلى من تفضل الاستماع من المنشدين الشباب؟
- على الهلباوى، نجل الشيخ محمد الهلباوى، ومحمود التهامى، نجل الشيخ ياسين التهامى أعشقهم وأشجعهم على ما فعلوا من تطوير فى الإنشاد الدينى ليدفعوا الشباب إلى الاستماع إليهم.
• كيف نعود بالأجيال الشابة إلى الإنشاد الأصيل ونحفزهم على هذا النوع من الإنشاد وندفعهم لسماعه؟
- هذا يعود لقصور الثقافة والمؤسسات الثقافية بالمدن والأرياف والقرى، والإعلام أيضا يحمل على عاتقه الدور الأكبر حيث إنه المسئول الأول والأخير عن ذائقة الشباب.
• كيف يلقاك جمهورك فى الدول العربية؟
- عندما أذهب إلى باريس أو لندن دائما يطلبون منى الإنشاد الأصيل، ويطربون جدا لسماعه ولا يفضلون غيره، ينصتون باهتمام شديد جدا، ودائما ألقى منهم إعجابا واستحسانا غير عادى، فذائقة الجمهور الغربى دائما ما تفضل الأصيل والطبيعة.
•لماذا لا تفكر فى الانتقال إلى أى بلد غربى للعمل والعيش هناك؟
- عُرض عليّ الكثير من العروض للذهاب إلى لندن وباريس وغيرها الكثير من العروض.. ولكن كنت أرد فى كل مرة نفس الرد وهو أن السمك إذا خرج من المياه يموت، مصر هى المياه بالنسبة إلى وأنا كالسمك الذى يعيش فى أحضانها، لا أستطيع العيش بعيداً عنها، أعشق ترابها ولو زُينت الأراضى خارجها بالذهب لفضلت مصر.
• يختلف كثيراً شهر رمضان عما قبله من الشهور، فكيف يكون فى المديح والإنشاد؟
-  دائما يختلف شهر رمضان بكل ما فيه عن باقى الشهور ولياليه تحتوى على المديح الصوفى الخالص والإنشاد الأصيل، وأيامه كلها بركة بالقرآن والصلاة وعبادة الله. •