الوظيفة .. مقابل محو أمية «عشرة» .. حلم أم أكذوبة!!

لمياء جمال
من جديد يدخل قانون الخدمة المدنية فى دائرة الجدل بسبب مواده التى تحمل شقين، شقًا إيجابيًا وشقًا سلبيًا وفى النهاية المواطن البسيط هو الضحية سواء بالإيجاب أو السلب، فنحن أمام قانون جديد ينظم عمل موظفى الجهاز الإدارى للدولة البالغ عددهم حوالى 5.6 مليون لذلك يجب أن تأتى مواده بداية جديدة للإصلاح الإدارى وليس بداية طريق لهدم الموظف المصرى.
أيام قليلة ويخرج قانون الخدمة المدنية للنور.. وعلى الرغم من الآمال التى وضعت على هذا القانون فإنه يتمتع ببعض المواد التى تتصف بالعوار ويدخل دائرة الجدل مرة أخرى بعد تصريحات الدكتور أشرف العربى - وزير التخطيط - بأن اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية الجديد تنص على خضوع كل موظف حديث التعيين لفترة اختبار 6 أشهر، على أن يؤدى خدمة عامة أثناء فترة تقييمه وهى محو أمية 10 أفراد، حيث إن هذه الخدمة تعتبر أحد أهم معايير تقييم أداء الموظف حديث التعيين.
• آراء !!
وفى هذا الإطار كان يجب أخذ آراء الشباب فى هذه الخطوة، فقال محمود عمر - 28 سنة - معين حديثا فى وزارة المالية: إن هذا الشرط خطأ جدا لأن هناك أشخاصًا ليست لديهم القدرة على مهنة التدريس حتى ولو كان لأشخاص يتمتعون بسن كبيرة فمن المفترض أن كل جهة تطبق لها معايير اختبار المعينين الجدد لديها.
ومن جانبه رفض على أحمد - 29 سنة - حديث التعيين فى مصلحة الضرائب - هذا الشرط تماما، لأن يجب فرضه على أشخاص بأعينهم لأن أنا على سبيل المثال خريج كلية تجارة شعبة حسابات فمن الصعب أن أدرس لأى شخص لأنى من الممكن أن أنقل معلومات خاطئة للآخرين، مشيرا إلى أنه يظل يعمل فى مصلحة الضرائب حتى الساعة 5 مساء فكيف بعد هذا النهار الطويل يعمل فترة ثانية.. ولكن أحمد عبد الله - 27 سنة - حديث التعيين فى إحدى المدارس الحكومية - اختلف فى الرأى لأنه يرى هذا الشرط سهلاً للغاية لاجتيازه مرحلة التدريب خلال 6 أشهر لأنه فى النهاية معلم يستطيع تعليم كل الفئات العمرية.
• المصلحة!!
ومن جانبه أكد جمال عبدالعليم - وكيل جهاز التنظيم والإدارة - أن هذا الشرط لاجتياز حديثى التخرج مراحل الاختبار مهم للغاية لأنه يصب فى مصلحة البلاد، فهو ليس شرطًا لنجاح شخص ولكنه شرط اساسى لنجاح جميع أفراد المجتمع، فهذا القانون لن يضر أي موظف فى الدولة بل على العكس، ولكن لابد عدم الوقوف على الشروط العادية فنحن أمام أسئلة أكبر من هذا البند وأهمها: من المسئول عن مراقبة الموظف أثناء تعليم الأفراد؟ لأنه من الممكن أن يطول الفساد هذا الشرط من خلال الرشاوى وغيرها من الطرق الملتوية فضلا عن من يبحث عن الأميين الذين يقع عليهم الاختيار هل الجهة الحكومية أم جهاز محو الأمية؟ كلها أسئلة تحوم حول هذا البند لابد من الإجابة عنها فى أسرع وقت.
وأضاف أن الهدف من هذا القانون هو إحداث نقلة كيفية وموضوعية فى آليات عمل الجهاز الإدارى المصرى، الأمر الذى من شأنه تعزيز العملية التنموية ورفع مستويات معيشة السواد الأعظم من المجتمع، خاصة مع تزايد المشكلات الناجمة عن بقاء الوضع الراهن - الذى لا يمكن الاستمرار فيه بأى حال من الأحوال - مثل سوء الخدمات المقدمة للمواطنين وعدم رضاء المواطن عن نوعية وأسلوب تقديم الخدمات، وتعقد الهيكل التنظيمى الراهن وتغول البيروقراطية، خاصة مع الزيادة الكبيرة والمضطردة فى حجم الجهاز الإدارى للدولة، وتضارب الصلاحيات والمسئوليات مع غياب الشفافية والمساءلة، مما أدى إلى انتشار مظاهر الفساد فى عدد من الجهات الحكومية وخاصة فى التعيينات.. فضلا عن انتشار ظواهر التسيب وعدم الانضباط وغياب نظام موضوعى لتقييم أداء العاملين، ناهيك عن نظام أجور معقد وغير واضح وغير عادل ويرسخ للتفاوت الشديد فى الدخول، ذلك كله فى ظل كثرة التشريعات وتعديلاتها بل وتضاربها فى أحيان كثيرة، ولهذا أصبح من الضرورى القيام بعملية إصلاح جذرية ومتكاملة تتسم بالاستمرارية والديمومة، وإيجاد جهاز إدارى كفء وفعال يتسم بالشفافية والعدالة ويخضع للمساءلة، ويعنى برضاء المواطن، ويحقق الأهداف التنموية للبلاد، عن طريق تعزيز الثقة بين المواطن والدولة، وإتاحة الخدمات العامة بعدالة وجودة عالية، مستنداً إلى مبادئ الحوكمة الرشيدة كأساس لنظام العمل.
• المسكنات !!!
وأكدت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة يمن الحماقى - أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس - أن العقلية التى تتخذ القرار مازالت بلا رؤية واضحة، وتعمل بطريقة المسكنات وليس بوضع حلول جذرية، مشيرة إلى أن هذا القانون ينظم العمل لنحو أكثر من 6 ملايين موظف فى الدولة يعملون فى القطاع العام، وهذا الرقم كارثى بكل المقاييس ولا يوجد بأى دولة أخرى، بالإضافة إلى أنه لا يوجد إنتاج حقيقى مع هذه العمالة، وهذا القانون عبارة عن طريقة جديدة لإهدار المال العام، لذلك يجب وضع مواد تناسب الجهاز الإدارى فى الدولة فما الجدوى من موظف فى مصلحة حكومية نلزمه بتقديم مهنة ليست من اختصاصه ولكن هذا الشرط يجب أن يكون أساسيًا فى جميع الجهات التعليمية فقط، فهذا البند تشجيع للعمل فى مجالات اخرى غير تخصص الخريجين.. واشارت إلى أن ينص القانون الجديد على أن شغل الوظائف القيادية وفقاً لقانون الخدمة المدنية بالتعيين عن طريق مسابقة يعلن عنها على موقع بوابة الحكومة المصرية متضمنا البيانات المتعلقة بالوظيفة، ويكون التعيين من خلال لجنة للاختيار لمدة أقصاها ثلاث سنوات، يجوز تجديدها لمدة واحدة، بناء على تقارير تقويم الأداء، وذلك دون الإخلال بباقى الشروط اللازمة لشغل هذه الوظائف. ويشترط لشغل هذه الوظائف التأكد من توافر صفات النزاهة من الجهات المعنية، واجتياز التدريب اللازم، ويحدد الجهاز مستوى البرامج التدريبية المتطلبة والجهات المعتمدة لتقديم هذه البرامج. وتُحدد اللائحة التنفيذية إجراءات وقواعد اختيار شاغلى هذه الوظائف وتشكيل لجنة الاختيار والإعداد والتأهيل اللازمين لشغلها وإجراءات تقويم نتائــــج أعمال شاغليها، وبعد كل هذه المعايير أحدد شرطًا مثل هذا لاجتياز الموظف مرحلة الاختبار.
• الترهل!!!!
ويرى هشام إبراهيم الخبير الاقتصادى أن الجهاز الإدارى للدولة يعانى من ترهل كبير نتيجة لتزايد عدد الموظفين وعدم تحديث وميكنة الجهات المختلفة مطالبًا فى الوقت ذاته بضرورة العمل على تطوير البنية التحتية فى الهيئات الحكومية ومنح دورات تدريبية للموظف تساعد فى رفع كفاءته.
وأضاف قانون الخدمة المدنية الجديد إذا تم تطبيقه بشكل سليم على الجميع دون تدخلات من أى مسئول ومنح أقاربه استثناءات سوف يكون مقدمة لتطوير العمل الإدارى بالدولة. •