الخميس 22 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

قريب منى .. حياتى عذاب!

قريب منى .. حياتى عذاب!
قريب منى .. حياتى عذاب!


مع أنى دائماً ما أشتكى من ساعات عمل زوجى الطويلة وقلة فترات إجازاته، ويشاركنى فى هذه الشكوى صديقاتي، حيث نشعر بأن البيت والأولاد دائماً على «دماغنا» والزوج مجرد زائر خفيف ليست له علاقة بمشاكل الأولاد، ومذاكرتهم، ومشاكل البيت، إلا أننى أدركت أن جلوس الرجل فى البيت «زيادة» يشتكى منه الزوجات بطريقة أكثر حدةً وغضباً.. خاصةً مع وجود مستجدات أدت لاضطرار بعض الأزواج للقعدة فى البيت بعد فقد وظائفهم نتيجة للأحوال الاقتصادية وانتشار البطالة، ومن جهة أخرى ظهور شريحة من الشباب الذى يميل للاتكال على والده أو حماه فى فتح بيته ويتهرب من العمل بمزاجه، أو أن يكون الرجل بيتوتى بطبعه ويفضل قعدة البيت..
وعلى الرغم من اختلاف أسباب مكوث الرجل بالبيت.. لكن الواضح الذى سيظهر خلال السطور القادمة أن النتيجة واحدة. وهى غضب الزوجات اللاتى رفعن شعار «جنازة بتار.. ولا قعدة الراجل فى الدار».
• ما فيش حاجة عاجباه
ل.م 36 سنة محاسبة فى أحد البنوك تتكلم عن ظروفها قائلة: «ظروف البلد السيئة التى أثرت على الاقتصاد خاصة مجال السياحة «قعدت جوزى فى البيت» بعد أن كان يعمل فى شرم الشيخ منذ ثلاث عشرة سنة وله بازار هناك، وكانت تلك السنوات أحلى أيام؛ فكنا نسافر له من وقت لآخر أو يأتى هو لنا كل فترة، ومن وقت تركه للعمل هناك بعد أن عجز عن دفع إيجار المكان انقلبت حياتنا إلى جحيم فأصبح لا يطيق نفسه، وأجهدته مصاريف مدارس الأولاد الخاصة والتى قضت على تحويشتنا فى البنك، التى كنا نخبئها للزمن، وأصبح زوجى من وقتها عصبيا  يثور لأتفه الأسباب، مرة ينفعل لتأخرى فى العودة من عملي، ومرة لأن ابنى يأخذ درساً فى اللغة العربية ويطالبنى بالمذاكرة له مع أني ضعيفة جدا فى العربي، مرة لأن ابنتى طولت فى مكالمة مع صديقتها.. وهكذا طول الوقت خناق، وأصبح يشعر بالعجز لأنه لا يجد وظيفة مناسبة له ويقترض من أخيه لنعيش، وتعب نفسياً عندما عرف أن بعض زملائه الذين كانوا يعملون فى السياحة معه أصبحوا يعملون على تاكسى حتى يستطيعوا سد حاجة بيتهم، وهم خريجو كليات السياحة والفنادق ويتقنون أكثر من لغة.
• بعد المعاش «أوامر.. أوامر»
«طول النهار «شخط وإمارة» وإيه التراب دا»، و«ليه دا مش فى مكانه؟!» هكذا بدأت معي هدى 54سنة ربة منزل حديثها عن زوجها، رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات الذى خرج على المعاش من أربعة أشهر وكيف أنه طوال جلوسه فى البيت لا يعجبه العجب، طلبات وأوامر، ولا شيء يرضيه، لا تربية الأولاد الذين لم يكن يراهم سوى فى الويك إند.. ولا لبس بنته، ولا «تمئيئهم» فى الموبايل والنت طول الوقت على حد قوله «ولا فى مشواري للكوافير وطول الوقت تذمر تذمر.. حاولت إقناعه بأن يقابل أقرباءه أو أصدقاءه فأصبح يأتى بهم للبيت ويظل طوال الوقت يطلب شاى وقهوة له ولأصحابه وهم يتناقشون فى أمور البلد السياسية.. وعرفت كيف أن عمله كان نعمة!!!.. ميادة منصور ربة منزل زوجها أيضا خرج معاش وتحكى قائلة: «زوجى كان مديرا فى إحدى الهيئات ومشغولاً طول الوقت وكان يوما الجمعة والسبت فقط اجازته وكان فيهما إما نائماً أو نزور أهله أو أهلى.. بعدما خرج على المعاش أصبح مديراً فى البيت يستيقظ مبكراً ليبدأ فى الأوامر والطلبات.. ويتدخل فى كل صغيرة وكبيرة وعلى رأى المثل «الفاضى يعمل قاضي»، فلا شيء يعجبه ولا يريدنى أن أخرج من البيت إذ ربما يحتاج قهوة أو شاى أو «لا قدر الله» يجوع ويضطر يسخن الأكل مثلاً!! أقنعت ابنتى المتزوجة أن تأتى لتجلس عندنا يومين كل فترة لتشغله عني قليلاً وينشغل مع حفيدى».
وعن الرجل البيتوتى ووجوده فى البيت وكيفية التعامل معه، تشير خديجة أميتى - الإخصائية الاجتماعية - إلى أن المرأة عموماً تشعر أنها «سجينة مع وقف التنفيذ»، لأن وجود الزوج فى البيت، سواء بعد انتهاء دوام عمله، أو خلال عطلة نهاية الأسبوع، أو لأى سبب آخر، يفرض عليها أن تبقى إلى جانبه لخدمته، مما يحرمها من حريتها فى زيارة الجيران أو الأقارب، أو الخروج للتسوق، أو حتى لمجرد الرغبة فى البقاء بمفردها فى البيت، متخلصة من «عبئه».
• كيفى كده!!
أما المهندسة نيڤين مسعد فزوجها بطبعه بيتوتى لايفضل الخروج كثيراً، تقول نيڤين: «منذ أيام الخطوبة اكتشفت أن خطيبى يفضل قعدة البيت عن الخروج للكافيهات أو النادى حتى أصدقاؤه محدودون وقليلون، ولاحظت كيف أنه يفضل الجلوس مع أسرتى فى بيتنا لمشاهدة فيلم قديم على التليفزيون أو جديد على الدى ڤى دى أكثر من الذهاب للسينما مثلاً، ولأن. أبى أيضاً بيتوتى فلم أتضايق، مع أنى أحب الخروج كثيرا ولى صديقات كثيرات، ولكنى تأقلمت معه خاصة عندما اتفقنا على أن نحقق التوازن فأحافظ على صداقاتى ولا يمنعنى من الخروج أو يجبرنى على قعدة البيت، وعندما وعدنى أنه كل فترة سيساعدنى فى شغل البيت ومذاكرة الأولاد، لذا لا أتضايق من جلوسه فى البيت، ولكن يضايقنى أنى كثيراً ما أحضر مناسبات بمفردى عندما يكون «كيفه ومزاجه القعدة فى البيت».
• أشتغل ليه؟!! والفاتورة عند المدام
أما أكثر من استفزتنى حكايتها فهى ش.أ مديرة تسويق بإحدى الشركات المالتى ناشيونال زوجها من عائلة غنية جداً وخريج إدارة أعمال من جامعة عريقة تقول:«كنا زميلين فى الشركة ولكن بعدالزواج لاحظت شغفه بالرحلات والسفر، وإجازاته الكثيرة، فى البداية كان الأمر مسلياً ولكن أيام إجازاته طالت خاصة بعدما أنجبت توأماًَ، وهنا فوجئت بزوجى يترك العمل تماماً ويجلس فى البيت وأصبحت أنا فقط من أنزل للعمل وهو جالس فى البيت مع والدته يعتنى بالطفلين ولا يخرج سوى للنادى مع الأولاد ووالدته وعندما تكلمت معه أنه «ماينفعش قعدة البيت دي» ثار على وقال واشتغل ليه؟؟ إحنا مش محتاجين فلوس!! ولأنه وحيد أمه فقد شجعته هى على ذلك، ليستمتعا بالجلوس مع الطفلين وقالت لي: «انت حرة عايزة تشتغلى اشتغلي!!! فكرت فى طلب الطلاق فأنا لا أشعر أننا أسرة طبيعية، ولكنى لا أريد هدم حياتى وأقول لنفسى، بكره الولاد يكبروا ويروحوا المدرسة.. ووقتها هينزل الشغل!!»
تتشابه حالتها مع سميرة مهندسة الكمبيوتر فى إحدى الشركات، ولكن الفرق أن زوج سميرة ليس غنياً وهنا المشكلة أكبر فتقول: «جوزى محاسب فى شركة بيرجع الساعة 3 أو 4 ويفضل قاعد ماسك الريموت ومن قناة لقناة.. لا يفعل شيئاً سوى الطلبات «شاى.. قهوة.. اطبخيلى كذا.. اعمليلى كذا»، وأكثر ما يغيظنى قعدته لا شغلة ولا مشغلة.. أولادى يهربون من قعدة البيت بسببه لأنه يشغلهم طول الوقت فيذاكرون عند أصحابهم أو عند والدتى التى تسكن قريبة منى.. وللأسف كل أصحابه لهم مكاتبهم الخاصة أو مشاريعهم الصغيرة ولكن زوجى كسول لا يريد أن يتحرك وبالطبع فمصاريفنا أنا وابنى وابنتى كثيرة لا يقدر عليها، بمرتبه فقط، ويعتمد على مرتبى أنا فأنا أدفع مصاريف المدارس مناصفة معه، والدروس والملابس كلها على لأن مرتبى كبير ولا تمثل له أى مشكلة إذا خرجنا وأكلنا فى مطعم أن يقول للجرسون «الفاتورة عند المدام» أنا رجل أؤمن بالمساواة.. أفكر كثيراً فى الطلاق، ولكن أتراجع بسبب أولادى وربنا يهون على قعدته فى البيت».
• همسة فى أذن الزوجات:
إذا قدر وكنتِ من اللاتى يعانين من «قعدة زوجك فى البيت» فحاولى أن تكون هذه الفترة إيجابية، بمعنى إشراكه فى مذاكرة الأولاد أو أعمال المنزل، أو حتى يمكن أن تكون فرصة للتقارب والحوار لإنجاح علاقتكما الزوجية، وإذا زاد الأمر عن حده وأصبح جلوسه فى البيت يسبب المشاكل فلا حل سوى أن تعزميه على أى مكان خارج البيت فأى خروجة كالذهاب للنادى أو شراء طلبات المنزل ستكون حتماً أفضل من قعدة البيت. •