الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

يوميات أم.. «مسحولة» فى الامتحانات

يوميات أم.. «مسحولة» فى الامتحانات
يوميات أم.. «مسحولة» فى الامتحانات


جاءتنا فترة التوتر، والضغط العصبى فى نفس الفترة من كل عام، فجداول الامتحانات هلت، وهلت معها أيام الشقا، فما بين تنبلة الأولاد، وجشع المدرسين، وطبطبة أبوالعيال.. أجد نفسى تائهة.. وكلما قلت لنفسى «مش هاتحايل عليهم يذاكروا» قلبى «يوجعني».. وأجد نفسى أصرخ: «حرام عليكم» وأذاكر لهم ثانية، فلا أتعلم أبداً..

وللأسف لا تساندنى المدرسة.. حتى عندما حاولت أن ألجأ للمدرسين لنكون صفا واحدا فى توجيه الأولاد فيقومون بدورهم فى الإشراف على مذاكرتهم قبل الامتحانات فيقيموهم بامتحانات أو يعطوهم مراجعات وأسئلة مهمة فى حصص المراجعة لم أجد تشجيعاً.. بل واشتكوا للأولاد فى الفصل من ولية الأمر التى تطلب واجبات وامتحانات زيادة.. وكيف يراجعون لهم وهذا هو ما يفعلونه فى الدرس ليكون مصدر رزقهم؟!! ووصل الأمر لمراجعة كمبيوتر ليلة الامتحان فى درس الطالب الواحد يدفع 50 جنيها وسط أربعة أو خمسة طلاب ليأخذ ورقتين يحفظهما لأن فيهما أسئلة الامتحان.. كان من الممكن أن يعطيها لهم المدرس فى حصته!! لأنه لم يكلف نفسه طول الترم فى شرح المنهج لهم.. ولأجل هذا نحن الأمهات «مسحولين» توصيل دروس حسب المواعيد والأماكن المناسبة للسادة المدرسين.. ثم نعود البيت لتبدأ رحلة الكفاح مع الأولاد لتحفيزهم على المذاكرة.. وتكون وسيلة التنفيس والفضفضة الوحيدة لنا هى النكات التى تملأ الفيس بوك عن الامتحانات، ومذاكرتنا لأولادنا التى تسببت فى الضغط والسكر لنا نتناقلها فيما بيننا على الواتس آب.
• شعار المرحلة.. «كبر دماغك»
مهما كنا نعشق اللعب ونحن طلبة فى المدرسة، كان وقت الامتحانات وقتا مقدسا نجلس لمكاتبنا فنعوض ما فاتنا حتى لو «طبقنا» أيام دون نوم فإن لم يكن هناك حافز للنجاح، فهناك رعب من الفشل، وخجل من الدرجات المتدنية أمام والدينا، وأمام أصدقائنا، أما الآن.. فلا خوف.. ولا رعب.. ولا حتى محافظة على ماء الوجه.
«زهقانة من قعدة المذاكرة، مش مستحملة أكمل ساعة من غير النت والكمبيوتر والتليفزيون» هكذا بدأت معى ندى محمود، طالبة فى الصف الثانى الإعدادى بإحدى مدارس اللغات حديثها, ثم قالت منفعلة:  هنذاكر وبعدين الامتحان هيطلع صعب ونتعقد أو هيغششونا ويبقا عادى هننجح فيه من غير شدة أعصاب وقلة مزاج قبل الامتحان فلازم أتابع برامج مثل «الرقص مع النجوم» و« أكس فاكتور» وكذلك المسلسل التركى !! أما زميلها حسن فيقول: أصبح شبشب ماما لعبتنا قبل الامتحان تظل تصرخ فى وشنا وتحدفنا بالشبشب لنركز فى المذاكرة وهى مابتفرقش فى الآخر ذاكرنا أو ماذاكرناش، فدرس المراجعة قبل الامتحان هو الأهم نحفظ الملزمة بالعافية.. ونتكل على الله «وكبر دماغك.. لكن الغريب فى عز خناقة ماما معانا.. شبشب ماما لا يخطئ الهدف أبداً!!
أما سلمى محمود طالبة فى الصف الثالث الإعدادى فتقول:  مناهجنا مملة ومعظم المدرسين لا يشرحون شيئاً أو بمعنى أصح لا يوجد وقت لتوصيل المعلومة لنا فى الفصل، فهل نظل طول السنة فى عذاب ومذاكرة لمناهج لا نحبها ولن نستفيد منها فى جامعاتنا أو عملنا بعد ذلك بشهادة كل من تخرجوا قبلنا؟! هذه النبرة الفكاهية عند الأولاد تقابلها نبرة غاضبة ومستفزة من الأمهات.
• كله فوق دماغنا
راندة فخرى أم لثلاثة أولاد فى المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية تقول: ما بتفرقش دلوقتى صغير من كبير، الدروس خاصة فترة الامتحانات للم المنهج الطويل، وإعطاء الأولاد الملخص المفيد خاصة فى الرياضيات والعلوم.. وفوق كل هذا ظهرت مراجعة ليلة الامتحان لمواد كالرسم والكمبيوتر ونفس المدرس فى المدرسة هو من يأتى للبيت أو يذهب للسنتر، مع ذلك لا يعطى المعلومة إلا بمقابل  «الله يرحم مدرسينا وأيامهم لما كانوا بيشرحوا فى الفصل وما لا نفهمه نذهب فى الفسحة غرفة المدرسين ليشرحوا لنا.. كان هناك ذمة، وضمير».
سامية الشريف أم لبنتين فى المرحلة الثانوية تقول: «للأسف أولادنا ليس لديهم الحافز فهم يرون من يتخرج الآن يجلس فى البيت أو على القهوة ولا يعمل إلا من له واسطة فجيل اليوم بيجيب من الآخر ليس له صبر على المذاكرة ولا يجرى وراء معلومة، كذلك هناك نقطة أخرى فما يدرسه لا يؤهله للمجال الذى يحبه ويرى من يدرس الطب ثم يعمل بالتجارة ومن يدخل كلية تجارة يصبح مذيعا وهكذا.. ويفتقدون للقدوة فى إتقان العمل التى كانت تتمثل فى مدرس الفصل، فقلما نجد مدرسا يراعى ضميره يبذل الجهد ليوصل معلومة للأولاد ومهما حاولت مع ابنتى باللين مرة وبالصوت العالى مرة أخرى لا جدوى ولا سبيل لتحفيزهم على الاجتهاد».
مروة فهيم ترى أن المغريات أصبحت عديدة تجذب الأولاد وتلهيهم عن مذاكرتهم على حد قولها، وتكمل: «الشيطان الأعظم الذى يسكن بيوتنا هو النت الذى أصبح فى متناولهم طول الوقت إما على الموبايل، أو الآى باد، فطول الوقت عينهم لا ترفع عنه وأصبح الشات مع أصحابهم إدمانا، وكل حركة بصورة لتكون على الانستجرام أو الفيس بوك.. فلكى يردوا على عندما أناديهم فى البيت ليذاكروا، لأكتب لهم على الواتس آب «مش كفاية.. يالا نقوم نذاكر!!»
• الأب فى كوكب تاني
شكوى الأمهات لم تكن فقط من المدارس والمدرسين وإنما من انشغال الآباء فى أعمالهم بطريقة تجور على دورهم فى البيت.
ليلى الشافعى والدة لثلاثة أولاد ذكور تقول: «ظروف عمل زوجى تتطلب سفره للمحافظات والصبيان أشقياء طلعوا عينى ليحافظوا على مستوى جيد فى الدراسة وعندما وصل ابنى للمرحلة الثانوية والصغير للإعدادية قمت بإجازة بدون مرتب لأتفرغ لمذاكرتهم ومتابعتهم فى الدروس فأنا الأب والأم ودائما ما أهددهم بأبوهم إذا لم يمتثلوا لكلامى ويجتهدوا فى المذاكرة ولكن للأسف زوجى آخره «زعيقتين والسلام» والأولاد فهموا «الفولة» ومدركين أنه مش فاضى يعاقبهم.
أما ندى فاضل فابنها فى الصف الثانى الابتدائى وابنتها فى الخامس الابتدائى ومع صغر سنهما فإنها تعانى فى مذاكرتهما ما اضطرها لإعطائهما الدروس فى مادة الرياضيات وما يستفزها هو موقف زوجها فهو لا. يذاكر لهما «مدلعهم» على حد وصفها والأكثر من ذلك أنه ينتقدها هى طول الوقت ويقول  «إنتى، إزاى مش عارفة تذاكرى لعيلين؟ وليه بتديهم دروس!!» وتكمل ندى «طبعاً ما هو اللى إيده فى الميه». •