الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

اكفل حيوانا تصبـح إنسانـا!

اكفل حيوانا تصبـح إنسانـا!
اكفل حيوانا تصبـح إنسانـا!


«تبنى الحيوانات»!!.. كلمة ربما تستوقف البعض وربما يسخر منها البعض الآخر، بل ينتقدها.. لأنها غير دارجة فى قاموسنا اليومى، وإيقاعها غريب علينا، رغم ما نراه كل يوم من مشاهد مؤلمة فى الشارع المصرى لحيوانات هزيلة بائسة  حظها سيئ فى الحياة، ملأت الشوارع بحثا عن صاحب يتبناها بل ينتشلها من العذاب الذى تتعرض له من المجتمع، الذى يفتقر إلى سياسة التعامل معها واحترام حريتها.


كثيرا ما كانت هذه الحيوانات معززة داخل البيوت ولكن عندما يمل صاحبها منها أو يكتشف أن مرضها سيكلفه الكثير  يتركها فى الشارع لتواجه مصيرها الأليم، إما السم أو الدهس تحت عجلات السيارات وإما رصاصة من بندقية تنهى حياتها فى الحال أو تتعرض للعذاب من الأطفال الذين يسيئون معاملتها فى الشارع!!
تختلف ردود أفعالنا عندما نرى هذا، فمنا من يلتزم الصمت ويبعد عينيه ويتركها تتألم حتى الموت، ومنا من يرأف بحالها ويعطف عليها من بعيد وآخرون يرفضون كل هذا ويأخذون خطوات إيجابية فى الحال، بإنقاذ هذه الروح الضعيفة وتبنيها من الشارع أو وضعها داخل الملاجئ والجمعيات.
لذلك ألقينا الضوء على هؤلاء الأشخاص، ليكونوا نموذجا إيجابيا فى المجتمع ولنعرف من خلالهم، كيف بدأت قصص تبنيهم للحيوانات، وربما من خلالهم نستطيع أن نعيد الرحمة إلى قلوب الناس مرة أخرى.. لأن الرحمة لا تتجزأ سواء إنسانا أو حيوانا.
فى البداية تحدثت مع الأستاذة «منى خليل» رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للرفق بالحيوان، عن شروط تبنى الحيوان فتقول:
أولا يجب أن يكون هناك مبرر كى تستقبل الجمعية الحيوانات, مثلا أنها تعرضت لإصابة كحادث سيارة أو تم تعذيبها.. وأغلب هذه الحيوانات تكون من الشارع وليست تابعة لشخص معين.. فنحن لسنا من الأماكن التى توافق على التبنى من أول زيارة، بل نشترط على الشخص الذى سيتبنى الحيوان أن يزور المكان أكثر من مرة، كى يحدث نوع من الألفة بينه وبين الحيوان قبل أن يتبناه.. فهناك أسر تأتى إلى الجمعية وفى مخيلتها نوع وشكل معين للحيوان الذى ستختاره، دون أن تدرك أن هناك نوعا من الكيميا يجب أن تحدث بينهما.. فالعلاقة المباشرة تفرض شكلا آخر من الاختيارات.. كما أننا نهتم أيضا بالحديث مع كل أفراد العائلة، كى نطمئن إلى أنهم مرحبون بوجود هذا الحيوان بينهم وموافقون عليه وراغبين فيه ومدركين مدى المسئولية الموجودة لديهم.. لذلك نشترط أن يكون هناك نوع من الموافقة الجماعية من قبل العائلة.. فنحن لا نترك الحيوانات لأى أسرة بل يجب أن نتأكد بنسبة 100% أن هذه الأسرة ستحافظ عليه وتحميه.. وفى بعض الأحيان نطلب زيارة الأسرة فى بيتها كى نرى المكان الذى سيعيش فيه الحيوان، وخصوصا فى حالة تبنى الكلاب.. فمازلنا لم نصل بعد لثقافة التعامل مع الحيوان، ولكن أصبح لدى الناس نوع من التوجه والوعى.. ولكن يتم توظيفه بطريقة خاطئة، فالبعض يتعامل مع الحيوان كنوع من أنواع المنظرة والتظاهر به أمام الأصدقاء وآخرون يرونه جزءا أساسيا من المنزل وشكلا من أشكال المظهر الاجتماعى.
شريف الحيوان «دكتور بيطري» ونائب مدير المستشفى البيطرى الدولى يقول: التبنى نوعان، النوع الأول كلاب وقطط الشارع والثانى الكلاب والقطط المهملة.. فالنوع الأول يتم تبنيهم إما من الشارع نفسه وهذا ما يفعله نصف الأجانب الذين يعيشون هنا فى مصر، يختارون كلبا أو قطة من الشارع ويتبنونها وتظل معهم إلى أن تسافر معهم، أو ما يحدث مع المصريين، أن يروا كلباً أو قطة تتألم فى الشارع نتيجه إصابتها بحادث كسر أو نزيف، فيأخذونها ويعالجونها ثم يتبنونها أو يضعونها فى إحدى جمعيات الرفق بالحيوان.. وهذا النوع من التبنى يعتمد على الجمعيات والملجأ.. أما النوع الثانى فهو الحيوانات المهملة التى يتركها صاحبها، وهذا ما يحدث معى كثيرا فى المستشفي!!.. يأتى صاحب الكلب وعندما يعلم أن مرضه سيكلفه الكثير يتركه كى نعالجه وبعد ذلك لا نراه!!.. فكثيرون يفعلون هذا، وكذلك بالنسبة للقطط خاصة عند سن 5 أو 6 شهور.. فلدى كلاب غالية جدا تصل أسعارها إلى 12 ألف جنيه تركها صاحبها بسبب عدم تحمل مسئوليتها.. فبالتالى آخذ هذه الحيوانات وأعالجها وأقوم بتطعيمها وتدريبها.. وبعد ذلك أعرضها للتبنى عندى فى المستشفى ولكن بشروط، أن الشخص الذى سيتبنى هذا الحيوان يجب أن تكون لى سابق معرفة أو عن طريق شخص أثق فيه وأعلم جيدا أنه يستطيع التعامل مع الحيوانات، وليس أى شخص من الشارع.. لذلك عندما يطلب منى أحد شراء كلاب، أحاول أن أقنعه بتبنى قطة أو كلب كبير مدرب وحاصل على كل تطعيماته.. لأن من الأفضل أن تتبنى حيواناً فى حاجة إلى الرعاية والاهتمام، بدلا من شراء آخر سيكلف صاحبه الكثير .
• 11 قطة
شروق جنينة «ناشطة فى مجال حقوق الحيوان» تروى لنا قصتها عن تبنيها للقطط قائلة: بدأت تبنى القطط البلدى منذ سنتين.. عندما ولدت قطة من الشارع فى حديقة منزلى.. ومن وقتها قمت برعايتها حتى كبر أولادها وخلفوا، وعملوا عائلة عندى فى الحديقة.. فلدى الآن 11 قطة بلدى داخل حديقتى.. أقوم بإطعامها باستمرار.. ومن شهر أجريت عملية إنقاذ لقطة «خبطاها عربية» فى مصر الجديدة.. وكان من الصعب أن تعود للشارع مرة أخرى، خصوصا بعد العملية، لأنها كانت تحتاج رعاية لمدة شهر ونصف الشهر فقمت برعايتها.. واكتشفنا أثناء العملية أنها حامل، وكان هناك احتمالية كبيرة أن قططها تموت بسبب الأدوية التى كانت تأخذها.. ولكنهم نجوا وولدت بعدها بأسبوعين والآن تتمتع بصحة جيدة هى وأطفالها مع باقى القطط.
وتتعجب شروق قائلة: رغم ما نفعله من تبنينا للحيوانات، فإن نبرة الاستهزاء والسخرية مازالت موجودة.. وخصوصا عندما نطالب بحقوقها، فالناس مازالت تفتقد هذه الثقافة، رغم أنهم جاءوا من ثقافات متعلمة واحتكوا أيضا بثقافات أخرى.. لذلك يجب أن يعلموا جيدا أن هذا جزء من إنسانية أى إنسان، فلو أنت رحيم بالإنسان ستكون رحيمًا بالحيوان والعكس.. لأن الرحمة لا تتجزأ.. لكن هذه الثقافة موجودة فقط فى مجتمع محبى الحيوانات على صفحات فيس بوك.. ونحن لا نمثل إلا 1% من الشعب المصرى.. فمازلنا نعانى من قلة عددنا مقارنة بالفكر المضاد الذى يرى أن ما نفعله ما هو إلا تفاهة!
ثم توضح قائلة: إن الحكومة أيضا عليها عامل، فهى تلجأ لأساليب غير رحيمة بالمرة، ووضعت نموذجا سيئا للناس تسير عليه، مثل قتل الكلاب والقطط بالسم أو ضربها بالنار!!.. فللأسف الحكومة لم تقم بدورها، وهذا يخالف التزامها المنصوص عليه فى الدستور المادة 45 التى تنص على التزام الدولة بالرفق بالحيوان.
بينما يخبرنا أحمد يوسف مدير حسابات فى إحدى الشركات الخاصة، عن قصة الكلب الذى تبناه قائلا: كنت خارجا فى يوم أنا ووالدتى وفجأة سمعنا صوتا عاليا وكأن أحدا يصرخ متألما من شيء..  فوجدت «كلب بلدى صغير» مرمى فى صندوق الزبالة أمام بيتى.. ومغطى بالدماء فأخذته دون تفكير وذهبت به إلى المستشفى.. وهناك اكتشفت أنه مصاب بنزيف داخلى وكسور.. ودخل على الفور إلى العناية المركزة. لأن حالته كانت صعبة وظل به إلى أن تعافى.. وأخذته بعدها بأسبوعين وظل معى لمدة شهرين إلى أن وجدت له متبنيّا.. لأن لدى كلبين كبيرين فى البيت وكان من الصعب أن آخذ كلبا ثالثا معى. •