الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

هل نستطيع .. وقف استيراد السلع الاستفزازية؟!

هل نستطيع ..  وقف استيراد السلع الاستفزازية؟!
هل نستطيع .. وقف استيراد السلع الاستفزازية؟!


 أثار قرار وزير التجارة والصناعة منير فخرى عبد النور بمنع استيراد الفانوس الصينى ردود أفعال كثيرة حول أهمية القرار وحقيقة جدواه بالنسبة للمحافظة على الصناعة وإنعاشها للحفاظ على التراث .. وفتحت بابًا آخر للنقاش حول وجود سلع استفزازية كثيرة تدفع مصر فاتورة استيرادها.
جهاز التعبئة العامة والإحصاء قدر حجم واردات البلاد من السلع الاستفزازية والمنتجات مثيلة الصنع محليا بنحو 60 مليار دولار سنويا، أغربها الكافيار وأكل القطط والكلاب ولعب الأطفال والشيكولاتة وهدايا عيد الحب والألعاب النارية، وتقدر فاتورة استيراد منتجات عيد الحب وحدها بحوالى 150 مليون دولار خلال العام الحالى، و90% من هدايا «الفلانتين» يتم استيرادها من الصين، بالإضافة إلى فوانيس رمضان واكسسوارات الموبايل والمنشطات الجنسية، ويعتبر التبغ والترمس والحمص وياميش رمضان من أبرز تلك السلع التى تضغط على الموازنة العامة بشكل كبير كل عام.
وطبقا لجهاز التعبئة العامة والإحصاء، فإن مصر تستورد تبغا بنحو 600 مليون دولار سنويا، أى ما يوازى 4.5 مليار جنيه!!
وقد ذكر تقرير الصادرات والواردات خلال الفترة بين يناير 2014 وفبراير 2015 أن إجمالى واردات مصر من الترمس بلغ 181 مليونا و605 آلاف جنيه، يبلغ نصيب أستراليا وحدها 153 مليونا و56 ألف جنيه، أيضا بلغت قيمة واردات الحمص نحو 158 مليونا و258 ألف جنيه، وتصدرت روسيا الدول الموردة للحمص إلى مصر تلتها الهند، واحتل لبنان ذيل القائمة لتكون المحصلة أن مصر تستورد «ترمس وحمص» بما يقرب من 340 مليون جنيه.
 وكشفت الهيئة العامة للرقابة على الصادرات أن قيمة استيراد أسماك «الرنجة» فى الفترة من يناير 2014 حتى فبراير الماضى بلغت نحو 496.4 مليون جنيه، حيث بلغت الواردات فى شهرى يناير وفبراير الماضيين نحو 77.6 مليون جنيه، فيما بلغت فاتورة استيراد المنتج خلال عام 2014 نحو 418.7 مليون.
وأوضح تقرير صادر عن الهيئة أن هولندا جاءت على رأس الدول التى تم استيراد الرنجة منها، حيث بلغت قيمة الواردات منها خلال شهرى يناير وفبراير الماضيين نحو 67.2 مليون جنيه فيما بلغ إجمالى الواردات خلال عام 2014 نحو 374.8 مليون جنيه.
• قرار خائب
أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية يصف قرار حظر استيراد الفانوس الصينى بأنه قرار خائب هدفه الشو الإعلامى، وأن النهوض بالصناعة الوطنية يتطلب حزمة من الإجراءات الحاسمة للنهوض بالصناعة، وحل مشاكل الصناعة والعاملين بها، والقرار عمومًا فيه إجحاف وإغلاق لبيوت كثير من المستوردين والعاملين فى المحلات الذين يتمحور رزقهم فى فترة شهر رمضان.
شيحة يرى أن حجم استيراد الفوانيس الصينى لا يتجاوز 500 ألف دولار، وهو مبلغ ضعيف لا يستدعى كل هذا الشو.. موضحا أن الفانوس الصينى أفضل من المصرى الصاج الذى يعمل بالشمعة ويؤذى الأطفال عند إمساكهم به لأنه غير آمن.. مشيرا إلى أن الفوانيس التى تصنعها مصر لا علاقة لها بالتراث وشكلها مشوه.
سألته: ولماذا لا نصنع فوانيس آمنة بلاستيك بدلا من استيرادها؟ فأجاب: هذا السؤال يوجه لوزير التجارة والصناعة والمسئولين عن القرارات، فالصناعة المصرية كلها متدهورة، فبدلا من منع استيراد الفوانيس كان الأولى النهوض بصناعة الغزل والنسيج، فالقطن المصرى كان يحتل مكانا كبيرا فى التصدير الآن تصل خسائرنا من مصانع النسيج المحلية إلى ما يقترب من 400 مليون جنيه سنويا!
شيحة يرى أن المشكلة لا تتوقف على القطن فقط، ولن تحل بمنع الاستيراد بل تحتاج رؤية حكيمة، فالمستهلك المصرى لو وجد خامات جيدة ومنتجًا متطورًا سوف يشتريه ولن يلجأ للمستورد، لكن للأسف نحن نتحدث دون فهم ونصدر قرارات تضر المصالح، فقبل منع الاستيراد كان عليهم تنشيط الصناعة وحل مشاكلها وإيجاد البديل.
وإذا كانت الصناعة المصرية جيدة لما اضطررنا إلى الاستيراد، فلماذا تسافر السيدات ويأتين بملابس من تركيا ويبعنها إذا كن يجدن البديل هنا ويتجنبن دفع الجمارك على الأقل.
شيحة يرفض كلمة سلع استفزازية، مؤكدا أنه لا توجد سلعة فى السوق بدون فائدة، فأى سلعة يتم استيرادها هى سلعة مهمة بما فيها الكافيار والجمبرى!.. فاستيرادنا على سبيل المثال من الكافيار يصل إلى 15 مليون دولار ولكنه يقدم للسائحين ويعتبر سلعة أساسية للسياحة!
ونستورد جمبرى أيضا بكميات لكنه أفضل من الجمبرى السويسى فسعر كيلو الجمبرى السويسى 170 جنيهًا بينما تبلغ تكلفة الإماراتى والفيتنامى والبنجلاديشى نصف التكلفة فقط!
أيضا سمك الباسا المستورد يعتبر من أفضل الأسماك وأرخصها بالمقارنة بسعر السمك المحلى فكيلو الباسا يصل إلى 12 جنيهًا وهو أفضل من المحلى!.. المكسرات أيضا يتم استيرادها من بلدان عديدة بعد أزمة سوريا فنستورده من إيران والأردن وتركيا ولبنان وبالمقارنة فإن هذه المنتجات لا يمكن مقارنتها بالمنتجات المصرية فقمر الدين المصرى ردىء وسيئ ومخلوط بالجزر، بينما قمر الدين السورى واللبنانى من أفخر الأنواع!
أيضا نستورد الزبيب والجوز واللوز من دول أمريكا اللاتينية شيلى ونيكاراجوا!
شيحة أكد أن فاتورة استيراد المكسرات قد وصلت العام الماضى إلى 80 مليون دولار، وأعتقد أنها مرشحة للزيادة لتصل لـ100 مليون دولار هذا العام.
• ورد مستورد
سلعة أخرى لا يلتفت إليها الكثيرون لأنها ليست سلعة غذائية، وهى الورد، فمصر سوق كبيرة للورد المستورد بعد تدهور حالة الورد البلدى بسبب عدم تطوير الهجين أصبح الورد المستورد هو البديل للورد البلدى بل إن محلات الورد فى مصر كلها خالية من الورد البلدى.
على إمام بائع زهور أكد أن معظم الزهور تأتى مستوردة من كينيا فى ثلاجات وتتراوح أسعار الورد ما بين 15 جنيهًا وتصل فى بعض الزهور لـ40 جنيها.. مشيرا إلى أن الورد البلدى انخفض تصديره إلى النصف نتيجة لعدم تطوير الهجين له فضلا عن تحمل الزهور المستوردة لعوامل الجو القاسية وتنوع ألوانه.
• المستهلك صاحب القرار
سألت الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى عن صحيح مصطلح سلعة استفزازية، وهل بالفعل أى منتج فى السوق يدر علينا دخلاً مهما كانت أهميته بالنسبة للبعض.. فأجاب لا يوجد فى السوق ما يسمى سلعة مهمة وسلعة غير مهمة، الفيصل هو المستهلك ومدى إقباله عليها، فمثلا فى أوروبا المواطنون كلهم يربون قططًا وكلابًا لذلك فإن مصانع أكل القطط مصانع حيوية ومهمة فى أوروبا ولكننا قد نعتبرها فى مصر سلعًا استفزازية لأننا نستوردها بملايين الدولارات وتوفير العملة الصعبة فى مصر أمر مكلف وضاغط على الاقتصاد لأن القطط عندنا يمكنها أن تأكل بواقى الأكل دون تحمل التكلفة وبالتالى ينطبق هذا على سلع كثيرة.. عبده يؤكد أن قرارات منع الاستيراد ليست بالسهلة ولا يمكن لمصر أن تقولها مباشرة امنعوا شراء المنتج الأجنبى واشتروا المصرى لأنها موقعة على اتفاقات التجارة العالمية، حيث يمكن أن تعرض مصر للعقاب، لكن الحل يأتى بشكل غير مباشر من خلال الإعلام الواعى الذى لابد أن يبصّر الناس بحجم العملة الأجنبية التى تصرف على مثل هذه السلع الاستفزازية، التى لا أهمية منها ولا يمكن مقارنتها بسلع أخرى مستوردة لكن لها أهميتها، ولابد من توعية المستهلكين بخطورة ذلك على الاقتصاد وأن مصر معرضة للإفلاس خاصة إذا كان المنتج المصرى موجودًا فى السوق، فما الداعى لشراء الأجنبى.. لذلك فإن المستهلك هو الفيصل لكنها بالطبع عملية متكاملة نجاحها يتوقف على عدة أضلاع مهمة أولها جدية الحكومة فى النهوض بالصناعة المحلية وثانيا دور المنتج، فعملية توفير خامات جيدة وعدم احتكار السوق لذلك فالمجتمع كله عليه أن يتعاون.. الحكومة لها دور فى رفع جودة المنتج.. لذلك قبل قرار منع استيراد الفانوس الصينى كان على الحكومة النهوض بصناعة الفانوس المحلى وتطوير الصناعة ودعم صناعه من البسطاء فلدينا صناعات كثيرة تستدعى من الدولة دعمها كالسجاد الأسيوطى وحرير أنوال أخميم وصناعات خان الخليلى، وعلى الحكومة تمليك الشباب لمشروعات صغيرة ودعمهم بدورات تدريبية لكن ما فعله وزير التموين هو شو إعلامى لأنه فى الأساس غير منوط بذلك ولم يحدث أى دعم للصناعات بشكل حقيقى.
• وقف الاستيراد
محمد البهى، رئيس لجنة الضرائب وعضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية يختلف مع الدكتور رشاد عبده فيما يتعلق بعدم إمكانية مصر أن تمنع شراء المنتج الأجنبى وتقولها صراحة، مشيرا إلى أن هناك قوانين داخل منظمة التجارة العالمية تتيح لمصر وقف استيراد هذه السلع، خاصة أن الدولة تواجه صعوبة فى توفير الدولار من أجل استيراد السلع الاستراتيجية التى تحتاجها الدولة من الطاقة وغيرها.. مطالبا الجهات المعنية بضرورة زيادة الجمارك على مثل هذه الأصناف المتعلقة بالرفاهية، ووضع عراقيل فى عمليات الاستيراد للحد منها، وتشجيع المنتج المحلى.•