الثلاثاء 12 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

ولكـن البنات.. لسه فـى خطـر!

ولكـن البنات.. لسه فـى خطـر!
ولكـن البنات.. لسه فـى خطـر!


أخيرا عاد حق الطفلة سهير الباتع - 13 سنة، ابنة الدقهلية التى توفيت إثر عملية ختان فى يونيو2013 بحكم وصفه الكثيرون بالتاريخى، بعد أن كاد الطبيب المتهم يفلت من العقاب، بالتصالح مع أهل الضحية، لولا جهود النيابة العامة التى استأنفت على الحكم، مستندة إلى أن جريمة الختان لا تصالح فيها.

لكن هل يستطيع الحكم الذى أعاد الحق لسهير ولغيرها من ضحايا الختان، أن يردع الأطباء وفرق التمريض أو حتى الممارسين التقليديين عن ممارسة هذه الجريمة، التى لا تزال تمارس خفية فى الكثير من محافظات مصر؟.. كانت النيابة العامة قد طالبت بمعاقبة الطبيب والأب بتهمة القتل الخطأ، نتيجة الإهمال الجسيم للطبيب، وجنحة عدم استيفاء المنشأة الصحية للاشتراطات الصحية، وجنحة إحداث الجرح العمد عن طريق ختان الأنثى للطبيب والأب الذى اقتاد الفتاة للطبيب، وجنحة تعريض الطفلة المجنى عليها للخطر.
وقضت محكمة جنح أجا بالمنصورة فى نوفمبر الماضى، بانقضاء الدعوى الجنائية فى جريمة القتل الخطأ بالتصالح بين والدة سهير والمتهمين، وألزمت الطبيب رسلان حلاوة، بدفع 5 آلاف وواحد جنيه، تعويضا مؤقتا لوالدة المجنى عليها.. لكن النيابة العامة استأنفت الحكم، وقضت محكمة استئناف المنصورة قبل أيام بمعاقبة الطبيب رسلان فضل حلاوة، المتهم بإجراء عملية ختان لسهير الباتع، مما سبب وفاتها، بالسجن مع الأشغال الشاقة لمدة عامين عن تهمة القتل الخطأ، وغرامة 500 جنيه، عن عدم استيفاء العيادة للشروط الصحية وغلقها لمدة سنة، والحبس ثلاثة أشهر للطبيب والأب عن تهمتى الختان وتعريض الطفلة للخطر، مع إيقاف التنفيذ للأب.
• لا صلح فى الختان
أهمية الحكم كما يقول المستشار إيهاب الحسينى، محامى عام دمياط، ومحامى عام المنصورة وقت استئناف الدعوى، أنه ألغى حكم أول درجة، بانقضاء الدعوى بالتصالح فى القتل الخطأ، وأثبت واقعة الختان استنادا إلى تقرير مفتش الصحة الذى عاين الفتاة عقب وقوع الجريمة، وقال إن ما حدث ختان بالكى، بينما جانب تقرير الطب الشرعى الصواب، لعدم معقولية أن يكون ما حدث استئصال لزوائد جلدية، حيث من المعروف طبيا أن منطقة البظر لا تنمو فيها زوائد جلدية.
ويكمل إيهاب: جريمة الختان هى جريمة إيذاء عمدى لا يجوز فيها التصالح، والجريمة هنا هى إيذاء عمدى أفضى إلى موت، مؤكدا أهمية أن تكتب تقارير الطب الشرعى، بالطريقة التى تحفظ حق الضحايا، فى كل قضايا الإهمال الطبى وليس الختان فقط.
وقال د.عاطف الشيتانى، مقرر المجلس القومى للسكان، الذى يتبنى البرنامج القومى لتمكين الأسرة ومناهضة ختان الإناث: إن الحكم يعد تتويجا للجهود الوطنية المصرية ضد هذه الممارسة منذ بداية القرن الماضى، لأنه أول حكم قضائى بحبس طبيب بسبب ممارسته لختان طفلة، تطبيقا لمادة تجريم ختان الإناث التى صدرت فى 2008، كما أنها هى الدعوى الأولى التى يحيلها النائب العام للمحاكمة الجنائية منذ صدور القانون.. وأوضح عاطف أن هذا الحكم جاء بعد جهود من النائب العام الذى أحال هذه الدعوى إلى المحاكمة الجنائية، ثم جهود النيابة العامة والمجلس القومى للسكان، لاستئناف الدعوى التى كاد أن يفلت فيها المجرم من العقاب بالتصالح مع أهل الضحية، كما يحدث فى أغلب هذه الجرائم.
وتنص المادة 242 من قانون العقوبات: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تقل عن 5000 جنيه كل من أحدث الجرح المعاقب عليه فى المادتين 241 و242 من قانون العقوبات عن طريق إجراء ختان الإناث».
• الجيل الجديد مختلف
ويشير عاطف إلى أن هذه الممارسة قد انخفضت إلى 50% فى المتوسط على مستوى الجمهورية بين طالبات المدارس فى السن من 10-18 عاما، بحسب المسح الذى أجرته منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة، فى حين كانت النسبة فى العمر من 15-49 عاما فى آخر مسح صحى سكانى صدر فى 2008 هى 91%، وهو الأمر الذى ظهر فى وعى الفتيات ورفضهن لهذه الممارسة فى الكثير من اللقاءات التى أجراها المجلس فى قرى محافظات الصعيد والدلتا، بفضل جهود البرنامج القومى لتمكين الأسرة ومناهضة ختان الإناث، الذى يعمل على التوعية ضد هذه الممارسة منذ 2003 فى 150 قرية مصرية.. وقال مقرر المجلس ورئيس قطاع السكان بوزارة الصحة، إن الجهود هذا العام ستركز على دور مقدمى الخدمة الصحية فى مناهضة ختان الإناث، ودور المؤسسات الطبية فى توعية العائلات وإقناعهم بعدم ممارسة هذه الجريمة، حيث تدل بيانات آخر مسح صحى أجرى فى 2008 على أن نسبة ممارسة الأطباء تبلغ 70% من إجمالى من يمارسون هذه الممارسة على مستوى الجمهورية.. وتستمر جهود المجلس القومى للسكان بالتوعية ضد الممارسة العنيفة، بحملة تليفزيونية أطلقها قبل أيام تحت شعار «كفاية ختان بنات»، وتتضمن شهادات لأسر حقيقية امتنعت عن ختان بناتها من مختلف قرى محافظات مصر، وتنويهات درامية قصيرة، تناقش قلق ومناقشات الأسرة المصرية حول ختان ابنتها.
«لم يعد من المقبول بعد هذا الحكم أن يقال إن ختان البنات يمارسه الأطباء دون عقاب، بل يكون على نقابة الأطباء تتبع هؤلاء الأطباء، واتخاذ إجراءات غلق العيادات ضدهم، وإدانة من يخالف آداب المهنة»، تقول د.فيفيان فؤاد، المنسق بالبرنامج القومى لتمكين الأسرة ومناهضة ختان الإناث، بالمجلس القومى للسكان: إن هذه الإجراءات ستغير من ثقافة المجتمع المصرى تجاه هذه الجريمة، وستنخفض نسب الممارسة بشكل كبير بعد جيلين فقط من الآن.
وتشير فيفيان إلى أن البرنامج ينظم الآن عددا من اللقاءات مع أعضاء النيابة العامة، لإكسابهم المعلومات والخلفيات عن هذه العادة، دينيا واجتماعيا وقانونيا، ليكونوا أكثر تمكنا، ليقدموا عددا أكبر من المتهمين إلى المحاكمة، استنادا إلى قضية الطفلة سهير، إلى جانب أن البرنامج سيعقد لقاءات أخرى مع أطباء الطب الشرعى، من أجل أن تكون تقاريرهم مستوفية لشروط إحالة هذه القضايا للمحاكمة، وسد ثغرات يهرب من خلالها الجناة من العقاب. وتتمنى فيفيان أن يكون أعضاء مجلس الشعب القادم، على وعى بأهمية توفير المناخ التشريعى والرقابى، الذى ينصف حقوق المرأة والطفل، والرقابة على أداء الحكومة، وتفعيل دور وزارة الصحة فى الرقابة على العيادات، والربط بين دورى مفتشى الصحة والنيابة العامة لمنع هذه الجرائم قبل وقوعها، إلى جانب تشجيع العمل الأهلى الميدانى مع الشباب، لأنه قد ظهرت ثماره مع الجيل الجديد من الفتيات والشباب أيضا، الذين يرفضون هذه العادة.•