الجمعة 6 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

شمسها فـ سمارى حتى لونى قمحى!

شمسها فـ سمارى حتى لونى قمحى!
شمسها فـ سمارى حتى لونى قمحى!


جئن من النوبة بملابسهن الملونة التى ترى فى نسيج خيوطها أطياف شمس النوبة الذهبية، وهى تلمع على بشرتهن السمراء الصافية. جئن وهن يحملن تراثهن فى أزيائهن وزينتهن وأفكارهن، فخورات بانتمائهن إلى هذا الجزء الغالى من قلب الوطن الذى يحمل كثيرا من الخصوصية والتميز..

وقد أجمعن على أن له طعما ورائحة لن تجدها إلا فى أرضه ولن ترى شمسا أكثر دفئا وزهوا إلا فى سمائها.
ولهذا كنا مع فتيات النوبة القادمات إلى قناة السويس للاحتفال بيوم الفتاة فى هذا المكان، وهن يحملن علم مصر ويدندن أغانيهن النوبية التى تحمل معنى وطنيا.
• نيولوك نوبي
اقتربت منهن تجذبنى تلك الألوان الصريحة المبهجة وزينتهن اللامعة حول رءوسهن وكأنهن حوريات الشمس المصرية، وهن يبدون فى كامل أنوثتهن المميزة كأزيائهن. بدأت حديثى مع إحداهن وهى دينا شعبان التى تحدثت وهى تبتسم لى ابتسامة ودودة عندما سألتها عن رحلتها من النوبة إلى قناة السويس الجديدة فقالت فى حماس: جئت من النوبة للاحتفال وتمثيل النوبة موطنى وصاحبة التاريخ والعراقة، وعندما قررت المشاركة فى يوم الفتاة المصرية صممت على اختيار هذا التوب النوبى لأنه يعكس تراثى الجميل والمميز، فإن هناك نوعين من الملابس الخاصة بزينا النوبى وهى الجرجار والتوب. وهناك من يرتدى «الشقة»، وتكون توب أبيض اللون، ولكن تطور شكله الآن بشكل أكثر مواكبة للعصر ليكون ملونا بدلا منه لونه الأبيض وأصبحنا نحن الفتيات نرتدى هذا الزى الملون والمطرز الذى يسمى التوب لأنه يناسبنا ويناسب أعمارنا أكثر بألوانه الجذابة المبهجة.
فأنا أعيش فى القاهرة وأعمل كموظفة فى هيئة التعاون اليابانية، ولكن أصولى نوبية وأشعر بالفخر وأنا أرتدى أثوابنا الجميلة فى المناسبات الخاصة بنا، وفى الأوقات العادية نرتدى الملابس القاهرية حتى تتاح لنا سهولة الحركة السريعة بما يتناسب مع حركة الحياة فى القاهرة السريعة أيضا، ودائما ما تحاول البنت النوبية سواء المغتربة أو المقيمة بالقاهرة التوفيق بين عادات القاهرة ونمطها وبين أصولنا النوبية، وأنصح كل شاب نصيحة أخوية «عايز تتجوز.. يبقى اختيارك للبنت النوبية لأنها أجدع بنت مصرية».
• وجه مصر «القمحى»
فتاة أخرى نوبية لا تختلف عن جمال صاحباتها صاحبات اللون «القمحى»، كما قالت عن نفسها «أنا البنت النوبية بملامحى السمراء التى تعكس لونا مختلفا فى وجه مصر»، كانت هذه شيماء عادل التى اهتمت دون غيرها بوضع الإكسسوارات النوبية الجميلة مذهبة اللون. فهى تعمل مدرسة بالقاهرة كما أنها محترفة فى صناعة الحلى النوبى، وهنا تحدثت عن نفسها قائلة: «اهتممت بصناعة الحلى النوبى لعمل إحياء لتراثنا النوبى القديم، الذى لا يعرفه كثيرون على الرغم من جودته وأصالته وكانت هذه العقود والحلى من الذهب وكانت خاصة بالعروس، ولكن تحولت الآن إلى إكسسوار تتداوله فتيات النوبة للتزين به.
أما عن مشاركتها فى يوم الفتاة فى قناة السويس فتقول: جئنا من النوبة للمشاركة فى هذا الاحتفال العظيم بقناة السويس ليعلم الجميع أن فتيات النوبة لهن أيضا دور فى بناء مستقبل مصر وتشجيع أبنائها العمال وجميع فئاتها، وكى تعبر عن وطنيتها لبلدها وتظهر جمال اختلافها، حيث إننا فتيات النوبة مميزات فى مظهرنا ونعكس لونا مختلفا ومميزا فى وجه مصر مثل الإسكندرية والإسماعيلية وغيرها من المحافظات، واليوم نمثل تراثنا الثقافى والاجتماعى، حيث إن المميز فى النوبة أننا نتكلم لغة خاصة بنا وليست مجرد لهجة مثل الإسكندرانية أو الإسماعيلاوية أو غيرها من اللهجات المصرية، بينما لغة النوبة هى ما يؤكد تفردها وعراقتها بين المحافظات والمدن المصرية.
• إلا البنت النوبية
سمراء.. دقيقة الملامح.. ابتسامتها شمس تضىء من النوبة إلى القاهرة. كانت هذه راندا خالد، إحدى فتيات النوبة التى تعمل بالقاهرة بمؤسسة النيل للدراسات الأفريقية التى كانت حريصة على الحضور إلى قناة السويس الجديدة، بل حرصت على دعوة الفتيات النوبيات للحضور إلى موقع القناة فى يوم الفتاة، وهنا بدأت الحديث عن سبب حضورها فى مثل هذا اليوم لتقول: «جئنا لندعم العاملين بهذا المشروع العملاق ونؤكد أن مصر قادرة على إنجاز هذا التحدى الصعب، وبالطبع فى هذه المناسبة قد حرصنا جميعا على لبس الجرجار والرسة ونكون فى قمة إحساسنا بالفخر بهذا الزى الملون الذى عشقنا ألوانه وتفاصيله التى تضفى علينا مزيدا من التميز والاختلاف، كذلك اهتمامنا كفتيات نوبيات بالحنة النوبية لأننا تربينا عليها ولازم فى أى مناسبة نضع الحنة الخاصة بنا».
أما عن نظرتها إلى مكانة البنت النوبية بالمجتمع فتقول راندا: البنت النوبية ما تأخذه فى المجتمع من حقوقها 50% فقط رغم أن لدينا كوادر نسائية لم تعط الفرصة بعد للانطلاق وإثبات كفاءتها.
وفى النهاية عندما سألتها عن البنت النوبية لتصفها لى فى كلمات قالت: «البنت النوبية جميلة بسمارها ولونها وملامحها وجدعنتها وجمالها وعنيها البينة المميزة ما بين كل العيون، وأرى فيها نموذج البنت المصرية الأصيلة».
أما عن الزواج وأفضلية أن يكون الشريك نوبى الأصل مثلها فتقول ضاحكة: «الزواج من نوبى أفضل لأنه يفهمنى ويفهم عاداتى وتفكيرى ويكون من السهل التأقلم معه».
• ريحة مصر فى أرض النوبة
سحر عبدالرحمن كانت صاحبة التوب الرمادى الأكثر بساطة والملامح الأكثر نعومة بين الوجوه التى رأيتها.. كانت لغتها أميل إلى النوبية منها إلى المصرية العامية ونظرتها أكثر دقة وحدة وهى تحمل علم مصر مع صاحباتها وتردد بصوت منخفض أغنية نوبية تبدو أنها وطنية من طريقتها الحماسية فى أدائها، وعندما اقتربت منها قالت لى مساء الخير بالنوبى، فضحكت لأننى لم أفهم وضحكت هى لأنها تعرف أننى لا أعرف النوبية ولحقتها بالترجمة «مساء الخير»، ثم قالت: أنا بحب النوبة جدا وبحب لغتها وشكلها وملامحها وكنت هزعل فعلا لو أنى مش نوبية، لأن كل حاجة فى النوبة لها ريحة وطعم مختلف، ففيها ريحة مصر التى لم أجدها فى غيرها.•