الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

العاصمة الجديدة وأسئلة تحتاج إجابة!

العاصمة الجديدة وأسئلة تحتاج إجابة!
العاصمة الجديدة وأسئلة تحتاج إجابة!


على مساحة 700 كيلو متر وقعت الحكومة المصرية عقدا مع  مؤسسة «كابيتال سيتى بارتنرز المحدودة» لبناء العاصمة الإدارية الجديدة، وحيث تقع أراضى المشروع فى المنطقة المحصورة بين طريقى القاهرة - السويس - العين السخنة وشرق الطريق الإقليمى الدائرى وتبتعد بمسافة 60 كيلومترًا عن القاهرة ونفس المساحة من السويس والعين السخنة.


ويمثل مشروع العاصمة الجديدة مصدر إلهام للحكومة المصرية التى تنتظر منه الحصول على مقرات حكومية تنقل إليه الوزارات المتكدسة فى وسط القاهرة والتى تعد سببا رئيسيا فى الزحام الذى ينتشر بها كما سيجرى إلحاق حى للسفارات لجمعها فى مكان واحد من أجل سهولة التأمين وتيسير الخدمات على المواطنين وفى الوقت نفسه سينتقل مقر رئيس الجمهورية إلى هناك.
• أفكار أوروبية
وتتراوح مدة إنشاء المشروع فى الفترة بين خمس وسبع سنوات وهو زمن قياسى بالنسبة للمشروعات التى ستتكلف 45 مليار دولار كمرحلة أولى.. سيجرى بعدها ضخ أموال جديدة فى مراحل أخرى لاستكمال البناء.. لاسيما أن المساحة التى سينفذ عليها المشروع تمثل نفس مساحة سنغافورة وأكثر من ستة أضعاف العاصمة الفرنسية باريس وثلاثة أضعاف مساحة العاصمة الأمريكية واشنطن وسيضم 25 منطقة مختلفة الأغراض و100 حى و21 منطقة سكنية بتعداد يصل إلى 7 ملايين نسمة وحقولًا لإنتاج الطاقة المتجددة ومطارًا دولياً  وأراضى متاحة للتطوير العمرانى وشبكة للمياه والصرف الصحى ومراكز للتسوق ومنشآت للرعاية الصحية إضافة إلى جامعة وعدد من المدارس وطرق بمواصفات قياسية وأنفاق.
ومع رفض الرئيس السيسى تنفيذ المشروع خلال عشر سنوات واختصار المدة إلى سبع على أقصى تقدير يدخل رجل الأعمال الإماراتى محمد العبار رئيس مجلس إدارة شركة «إعمار» وهو أيضا أحد كبار مؤسسى شركة  «كابيتال سيتى» سباقا مع الزمن لتنفيذ ما جاء فى الماكيت الذى شاهده رئيس الجمهورية خلال المؤتمر الاقتصادى مع الوضع فى الاعتبار ضرورة تنفيذ أكبر برج فى أفريقيا داخل العاصمة الجديدة بارتفاع قدره 220 مترا وهو أعلى من برج إيفل أشهر معالم فرنسا.
أما شبكة المواصلات فسيتم ربطها بعدة طرق مهمة من بينها المترو الذى سيمر بطريق القاهرة - السويس والقطار الكهربى الذى من المفترض أن يدخل إلى تلك العاصمة قريبا.
وتأتى الحديقة المقرر إنشاؤها فى العاصمة لفتح الطريق أمام وسائل الترفيه داخل العاصمة الجديدة بمساحة تبلغ مساحة ثمانية كيلومترات وهى أكبر مرتين ونصف من الحديقة المركزية فى نيويورك و6 مرات من حديقة الهايد بارك داخل العاصمة البريطانية لندن.
ورغم أن مشكلة الطاقة هى الشغل الشاغل للحكومة، فإن تلك العاصمة الجديدة ستحاول إيجاد حلول بديلة للمصادر التقليدية من خلال تخصيص 90 كيلو مترا لحقوق الطاقة الشمسية التى ستسهم فى التخفيف من الضغط على المحطات التقليدية للطاقة الكهربية.
ومع إتمام العمل فى العاصمة الإدارية الجديدة سيتم ربطها بإقليم قناة السويس من خلال سلسلة من المشروعات التكميلية التى تستهدف زيادة الترابط بين المدن المختلفة ومشروع القناة الجديدة، لاسيما أن هناك مخططا لإلحاق عدد وافر من الفنادق فى تلك المنطقة على اعتبار أنها ستضم أيضا سلسلة من مقرات الشركات العالمية فضلا عن الوفود التى قد تزور العاصمة الجديدة.
• مخاوف المواطنين
وبعيدا عما يقال عبر وسائل الإعلام عن النقلة التى سيحدثها المشروع بالنسبة لمصر فى المستقبل فإن بعض الأصوات تعالت بشأن المستفيد الحقيقى من العاصمة الجديدة، وأنها ستنضم إلى المناطق المحرمة على الطبقات المتوسطة والفقيرة السكن فيها، لاسيما أن المقرات الحكومية ستشهد عودة المواطنين إلى مساكنهم القديمة مرة أخرى لاسيما أن أغلبهم يسكن فى مناطق شعبية فى الوقت الذى سيصعب عليهم بأى حال من الأحوال الحصول على وحدة فى أى عقار سيجرى بناؤه داخل ذلك المشروع الجبار، خاصة أن التصاميم الأولية كشفت أن المبانى الجديدة تتمتع بقدر كبير من الرفاهية يصعب معه التفكير فى اقتناء مثل تلك الوحدة فى ظل الارتفاع الكبير فى أسعار العقارات داخل مصر الذى واكبته زيادة فى تكاليف البناء.
ومما دفع الكثير من المواطنين لزيادة المخاوف لديهم بشأن صعوبة السكن فى العاصمة الجديدة هو التصاميم الأوروبية للمبانى والمدارس والجامعات مرتفعة التكاليف التى سيجرى تأسيسها داخل العاصمة الجديدة ومن غير المعقول أن يسكن الموظفون وذووهم هناك ويبعثوا أبناءهم للعاصمة القديمة من أجل تلقى تعليمهم.
• محاذير مرورية
ويرى الدكتور «حسن مهدى» أستاذ هندسة الطرق والمرور بجامعة عين شمس أن مكان إقامة العاصمة الجديدة جرى اختياره بعناية كبيرة من أجل أن يكون بداية حلقة الوصل بخطة تعمير سيناء.. وأشار «مهدى» إلى أنه جغرافيا فقد تم ربطها بشبكة كبيرة من الطرق من بينها الطريق الدائرى الإقليمى وطريق العين السخنة والإسماعيلية والسويس، وبالتالى يسهل الوصول إليها من اتجاهات عدة وهو هدف استراتيجى مهم فى التخطيط عكس بعض الطرق والمدن المربوطة بمحور مرورى واحد أو اثنين على أقصى تقدير مما يسمح بوجود حالات من التكدس.. وتشمل العاصمة الجديدة عددا من المشاريع المتنوعة وهو ما يسهم فى تيسير الحركة المرورية عكس ما تعانى منه العاصمة الحالية من ازدحام وزيادة نسبة التلوث.. لاسيما أن تلك الخطط لا تتفادى المخاطر التى عانت منها مدينة السادات فى السابق والتى كان مقررا لها أن تكون العاصمة الجديدة لمصر لولا عدم استيعاب الموظفين للفكرة ومشقة الرحلة وكيفية التنقل إلى عملهم والعودة إلى منازلهم، ولكن تم تدارك الأمر فى المخططات الجديدة لذلك المشروع الضخم.
• خطط مبهمة
أما الدكتور صلاح هاشم أستاذ التخطيط والتنمية بجامعة الفيوم فيعتبر أن العاصمة الجديدة خرجت من مفهومها الإدارى وامتدت إلى المفهوم الشامل للمدينة المتكاملة التى يتوافر فيها إلى جوار المبانى الحكومية المناطق السكنية والترفيهية والمالية.
وأوضح هاشم أن مدينة القاهرة تعانى من شدة الزحام وكان من المفترض أن تلجأ الدولة منذ فترة إلى الخروج بعيدا عن الازدحام المرورى واستغلال المناطق الشاسعة المملوكة لها فى إيجاد حلول لتلك الأزمة بعد أن تعرضت صحة المصريين للخطر نتيجة ارتفاع نسبة عوادم السيارات فى المساحات الضيقة كذلك ظهور عدد كبير وضخم من الأحياء العشوائية والشعبية البعيدة كل البعد عن التخطيط السليم للمدن.. وأضاف هاشم أنه حان الوقت لأن تعود مدينة القاهرة إلى رونقها بكل ما تملكه من آثار فرعونية وإسلامية ظلت شاهدة على كثير من العصور والتحولات التاريخية واعتبارها مصدرا لجذب الكثير من السياح.
واستكمل هاشم حديثه بأن هناك الكثير من الجوانب لا تزال غامضة وهناك بعض الأسئلة التى بحاجة إلى إجابة مثل هل ستحل العاصمة الجديدة محل القاهرة، وهل ستحل المشاكل الضخمة التى تعانى منها مثل الازدحام المرورى والتكدس السكانى؟.. فالإجابة عن هذه النقاط غير متاحة حتى الآن.. خاصة أن التخطيط لما يمكن ان يحدث بالنسبة للقاهرة غير واضح فهل ستقوم الدولة ببيع المبانى للقطاع الخاص بعد نقلها إلى المناطق الجديدة أم ستقوم بتأجيرها أو استغلال الأراضى فى أغراض أخرى وهل وضعت خطة لتطوير المناطق القديمة والبحث عن حلول جذرية لأزمة العشوائيات الممتدة فى كثير من المناطق على مختلف المحافظات؟ لاسيما أن هناك بعض المبانى يجب عدم المساس بها لما لها من أهمية تاريخية ويجب على القطاع الخاص احترامها.
• مرحلة جديدة
وأكد الدكتور عبد المطلب عبد الحميد أستاذ الاقتصاد والرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن مصر كان لها السبق فى إقامة 20 عاصمة لها على مختلف العصور منذ العصر الفرعونى وهو حدث ليس بجديد.
وأشار عبدالمطلب إلى أنه باتت الحاجة الآن إلى إقامة عاصمة جديدة تسهم فى تخفيف الضغط على القاهرة بسبب الازدحام الشديد وهى بمثابة مرحلة تاريخية جديدة ستدخلها مصر مع إنشائها وفقا للمدة المقررة، لأنها ستفتح آفاقاً استثمارية جديدة من خلال جذب الكثير من رؤوس الأموال.
وأوضح عبدالمطلب أن دخول الكثير من الاستثمارات إلى تلك المدينة يؤكد أن هناك خططا مطروحة بأنها هى المستقبل الجديد الذى ستلجأ إليه أغلب العقول المالية والصناعية لاسيما أنها ستكون قريبة من المقرات الحكومية الجديدة ولن تجد أى مشقة فى إنهاء جميع تعاملاتها مع الوزارات والهيئات وسرعة إنجازها بسبب قرب المسافة.•