الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الكل طمعان فيها.. وأى تصرف محسوب عليها!

الكل طمعان فيها..  وأى تصرف محسوب عليها!
الكل طمعان فيها.. وأى تصرف محسوب عليها!


أبشع وأفظع كلمتين لا تتمنى أن تسمعهما أى امرأة على الإطلاق على مر حياتها الزوجية.. فأى امرأة تكره هاتين الكلمتين ولا تود أن توضع فى هذا الموقف أبدا ولا أن تحمل لقب مطلقة.. لكن فى أحيان كثيرة يصبح الطلاق هو الحل الأنسب والأوحد لنهاية رحلة عذاب وإهانة وقسوة وربما إيذاء بدنى ومعنوى من شريك العمر الذى أحبته واختارته وتزوجته لتكمل معه باقى مشوار العمر.
صحيح المثل الشعبى يقول: «الست بتعشش والرجل يطفش»، ولكن كثيراً ما تدفع الظروف الصعبة الزوجة لأن تطفش وتهرب من زواج فاشل تعيس وبائس فيه كثير من الألم والإهانة أكثر مما فيه من سعادة واستقرار وراحة بال.
وعندما تصل العلاقة بين الزوجين إلى طريق مسدود ونهاية محتومة تطلب الزوجة الطلاق وتسمع كلمة «أنت طالق»!
وهنا تتصور أنها ودعت جحيم الزوجية وحصلت على حريتها وراحتها وسعادتها وتحاول أن تجتاز معاناة سنوات فاشلة لتبدأ صفحة جديدة من حياتها تعوض من خلالها سنوات ضائعة فى الخلافات والإهانات والمشاجرات، ولكن للأسف تكتشف بعد الطلاق أنها كانت واهمة حينما تجد نفسها فى معاناة أخرى أكبر وربما يكون بها ألم ووجع وعذاب أكبر من ذى قبل!!
فعندما تتطلق المرأة تتصور للوهلة الأولى أن المجتمع سيتفهم أسباب طلاقها، وأن طلاقها هذا كان هو الحل الأخير بعد أن عانت وتحملت ثم فشلت فى استكمال المشوار.
• معاناة
لكن للأسف المجتمع لا يرحم ولا يتركها فى حالها ونظرات الناس حولها من أهل وأصحاب تصبح أشبه بسياط تجلدها فى كل وقت بعد أن حملت لقب «مطلقة». الكثيرات من المطلقات يعدن إلى بيت الأسرة بعد طلاقهن، فلا يزال مجتمعنا يرفض أو يستاء من أن تقيم امرأة فى شقة بمفردها حتى لو كانت مقتدرة ماديا.. ويكون غالبا لا سند لها ولا مأوى مضموناً بعيداً عن كلام الناس وهمساتهم سوى بيت أسرتها فتعود حاملة حقائبها, ولكنها سرعان ما تكتشف تغير النظرة إليها ما بين الشفقة على حالها والانزعاج مما يقوله الناس عنها.. فكل تصرف كبير أو صغير محسوب عليها.. حركاتها.. ضحكاتها.. ملابسها.. مكياجها.. خروجها من المنزل ودخولها.. مع من تخرج ومع من تعود.. وفى أى ساعة ترجع للمنزل؟! وكل شيء يصدر عنها تحاسب عليه وربما بعض التصرفات يساء فهمها.. وغالبا ما تضع لها أسرتها لائحة ممنوعات وما يصح فعله وما لا يصح.. ويواجهونها دائما بسيل من الأسئلة: كنت فين؟؟ مع مين؟؟ إتأخرتى ليه؟؟ إعملى حساب كلام الناس.. مش ناقصين وجع دماغ.
وإذا جاءها تليفون من غريب يسألونها: مين ده؟؟ تعرفيه منين؟؟ ويا بنتى مش عايزين مشاكل! باختصار يعاملونها كأنها طفلة أو قاصر وكأنها لا تعرف مصلحة نفسها.. وكأنها لم تتزوج ولا خبرة لها فى الحياة.. تعود فى حياتها معهم لنقطة الصفر!
ومعاناة المطلقة لا تكون من أهلها فقط بل من الشارع والمجتمع أيضا من لمز وغمز دائم عليها فقط لأنها مطلقة، وتعانى المطلقة من الخروج وحضور المناسبات الاجتماعية والسهرات والحفلات وحدها، فقد حكت لى إحدى المطلقات أنها عندما كانت متزوجة كانت تنهال عليها وعلى زوجها العزائم والمناسبات والسهرات، وما إن تم طلاقها كل ذلك توقف خاصة العزايم الخاصة والسهرات وذلك لخوف الزوجات منها وقلقهن، ففى تصورهن أنها ممكن تخطف منهن أزواجهن!
وتقول أيضا وعندما كنت اضطر أن أذهب بمفردى سهرة أو حفلة أحس أن كل زوجة بتاكلنى بعينها والشرر يتطاير منها وكأنى ذئب سيخطف زوجها!! وتقول كثيرا فى هذه الحفلات ما شعرت بعدم الراحة كأننى كائن غير مرغوب فيه أو كأننى متطفلة، وغالبا ينتهى الأمر بأن أنسحب بهدوء من تلك الحفلة أو السهرة التى أكون قد سببت فيها حرجا أو قلقا وأعود بألمى وجراحى منكسرة إلى البيت!!
فى مجتمعنا غير السوى أيضا لا أحد يرحم المطلقة أو يلتمس لها العذر ولا أحد يقدر الجحيم الذى كانت تعيشه فى حياتها مع طليقها ودائما يتهمها الناس أنها المسئولة الأولى والوحيدة عن فشل زواجها وأنها المخطئة، التى تبترت على النعمة وكثيرا ما نسمع هذه العبارات توجه لها: إيه دلع الستات ده؟؟ وإيه يعنى جوزك زعق فيكى وشتمك يمكن حد مضايقه فى شغله؟؟ إيه يعنى جوزك خانك المهم إنه بيرجعلك .. وما كل الرجالة كده!! وللأسف جريمة الخيانة من الرجل تغتفر فى مجتمعنا والناس يهونون منها كثيرا ويدوسون على الزوجة كى تتحمل وتسامح وتعدى الليلة وتستمر حتى إذا كررها الزوج مرات ومرات.. لا يهم.. المهم أن تستمر هذه الزيجة التى ألغت كرامتها.. المهم الناس وكلام الناس.. المهم أن تطيع زوجها وتكون خاتماً فى أصبعه حتى لو كان خائنا!
دائما المطلقة يعتبرها المجتمع هى الشيطان الملعون.. أما الزوج فهو الملاك البرىء هو الضحية.. هو الشخص الجميل الذى يقطر لسانه عسلا وهو يفعل كل ما فى وسعه لإسعادها وهى لا تحمد ربها عليه ولا على النعمة التى تعيش فيها.. عادى لو ضربها وإيه يعنى؟؟ عليها أن تتحمل فهو سى السيد وما هى إلا شيء تابع له!
حتى فى مجال شغلها لا تسلم المطلقة من لسان زميلاتها وهمساتهن القاتلة وغمزات ولمزات سخيفة.. وضحكات صفراء وأسئلة لا تنتهى عن أسباب طلاقها.. وأكيد أنت إللى غلطانة.. الراجل لا يعيبه إلا جيبه.
وربما كان كل هذا مقدور عليه لكن ما ليس مقبولا بالمرة سخافة الزملاء الرجال فى العمل أو معارفها أو جيرانها أو أصدقائها خاصة العُزاب منهم فهم يبدأون نصب شباكهم حولها على اعتبار أنها أصبحت فريسة سهلة ونجد هذا يتودد لها.. وهذا يحاول التخفيف من معاناتها وهذا يلقى على مسامعها كلمات حلوة براقة تذوب الحجر.. وعبارات رجل على حالها وبختها المايل.. ويتجرأ رجل آخر بكتابة رسائل لها عبر المحمول على «الواتس آب» أو «الفايبر» قائلا ولا يهمك.. أنت خسارة فيه.. كنتى مستحملاه إزاى.. هو اللى خسران مش أنتى.. ده مش مقدر قيمتك.. حد يبقى معاه الكنز والجمال ده كله ويضيعه!!
كل هذا الكلام يكون فقط من أجل التسالى واللعب بمشاعرها وعواطفها حتى تقع فى شباكه وقد يفوز بها جسدا مباحا وروحاً مجروحة وماله.. أليست هى امرأة مطلقة يعنى متاحة لأى حد؟؟ أو هكذا يتصور الرجال والمجتمع!!
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فربما كانت بطبيعة عملها تتعامل مع من هو أعلى منها مركزا كرئيسها أو مديرها مثلا.. الذى كان حتى الأمس القريب وعندما كانت زوجة يعاملها بكل وقار واحترام وتقدير، وفجأة تتغير هذه النظرة المحترمة وتتحول لنظرة شريرة جائعة ويبدأ فى رسم خطته ويحوم حولها بالكلام المعسول مرة ووعد بترقية أو مكافأة مرة أخرى وربما هدية ثمينة.. وماله برضه أليست مطلقة!!
وما أكثر المطلقات اللاتى وقعن فريسة وضحايا لرجال لا ضمير لهم.. متبلدى المشاعر.. بلا أحاسيس.. بلا نخوة أو شهامة أو حتى رجولة.. هؤلاء الرجال كل هوايتهم التسلية والتلاعب بقلوب ومشاعر المرأة خاصة المطلقة بالطبع على أساس أنها السهلة أو المتاحة أو هكذا يعتبرونها فى مجتمعنا.. يقترب من المرأة ويمطرها بأحلى كلام.. يحاصرها بالاهتمام والحنان.. والشوق واللهفة.. يعيشها فى حالة رومانسية جميلة، ولكنها فى الحقيقة وهم وكذب ويشعرها بالأمان ويحسسها بأنه سندها ورجلها وظهرها الذى عليها أن تستند إليه بلا تردد.. وتصدق كل هذا المطلقة المسكينة لأنها تكون هشة ومذبذبة نفسيا بسبب ما مرت به من أحداث مؤلمة فى حياتها.. فتتعلق فى حبال دائبة وتجد فى هذا الذئب ضالتها المنشودة وتسعد جدا به وتعتبره هدية أرسلها لها القدر وتقترب منه وتطاوعه وتلبى له كل طلباته حتى تصل معه إلى أبعد حدود العلاقة وماله أليس هو حبيبها وسندها وهو الذى وعدها بالزواج.. وتشعر معه بأنها ستعوض كل أيام العذاب التى عاشتها.. وتشعر كأنها تبدأ حياتها من جديد.. حياة جميلة حالمة.. مليئة بالحب والشوق واللهفة.. وتستمر.. إلى أن تفيق ذات يوم وتكتشف بطريقة أو بأخرى خداعه لها.. وكذبه عليها.. وتلاعبه بمشاعرها وعواطفها بلا رحمة.. وتفيق على صدمة العمر.. جرح لا يلتئم بسهولة مطلقا.. وكثير من المطلقات للأسف يدخلن فى قصة وراء قصة من هذا النوع وفى كل مرة يكون لديهن الأمل أن هذا الرجل الجديد صادق ومختلف عن ذى قبله.. وهكذا يدرن فى دوامة متصلة وحلقة مفرغة لا يخرجن منها أبدا ويظل  أمل الزواج الثانى فى حياتهن شبه مستحيل.. أيضا المطلقة التى لديها أطفال تعانى معاناة جسيمة فربما بعد الطلاق يحرمها زوجها من أطفالها.. وبعضهم يخطفهم، وذلك للانتقام منها ومعاقبتها بأنها تجرأت وطلبت الطلاق.. وأخيرا وللأسف ونحن فى القرن الـ21 ومع كل هذا التقدم التكنولوجى والعلمى.. والتطور الذى حدث فى المجتمعات، فأن نظرة مجتمعنا للمطلقة مازالت ظالمة جدا ومهينة. •