الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

33 مليار جنيه أرباح الأجانب من الدواء سنويا

33 مليار جنيه  أرباح الأجانب من الدواء سنويا
33 مليار جنيه أرباح الأجانب من الدواء سنويا


يفرض الكثير من شركات الدواء الأجنبية سطوته على القطاع فى ظل الإمكانيات الكبيرة التى تملكها الشركات والاستثمارات المنتظر ضخها فى مصر الفترة المقبلة، ولكن فى النهاية.. كيف يمكن السيطرة على الأرباح التى يتم تحويلها إلى الخارج وبالعملة الصعبة؟.. وللأسف هناك عملية تجفيف لمنابع العملة الصعبة داخل مصر من خلال تلك الاستثمارات.
 
فى إحصاء صادر من مؤسسة «أى إم إس» لمراقبة الدواء يفيد بأن هناك عشر شركات أجنبية عاملة فى مصر تستحوذ على أكثر من 60% من سوق الدواء، وهو ما يعنى أن الأرباح التى حققتها خلال عام وصلت إلى 33 مليار جنيه، وبالتالى فمن الممكن أن يتخيل المواطن حجم الأموال التى خرجت إلى أوروبا من هذا الرقم محولة بالعملة الصعبة تحت رعاية البنك المركزى فى الوقت الذى تستورد فيه مصر أكثر من 70 % من حاجاتها الأساسية من غذاء وغيره، وبالتالى فإن أى استثمار أجنبى غير قائم على ضخ أموال جديدة فى السوق وإنشاء بنية تحتية يستهدف دخول قطاعات من المصريين إلى سوق العمل لا يمكن أن نطلق عليه هذا الاسم.
وتدخل الشركات الأجنبية فى صراع مع الدولة أو مع نظرائها المصريين من أجل رفع أسعار الأدوية بسبب الخسائر التى تعرض لها الجنيه المصرى والقفزات السعرية التى شهدها الدولار الأمريكى.
وتفتقر السوق المصرية إلى رقابة حقيقة من هيئات الدواء والتسعير اللازم لها، حيث إن شركات الدواء تربح فى مصر من بعض الأدوية ما يقارب 400% من التكلفة، وهو رقم مبالغ فيه بأى حال من الأحوال فى المقابل يجب أن تدخل هيئات مراقبة الدواء.
وتمثل شركات الدواء الحكومية التابعة لقطاع الأعمال حجر الزاوية فى سوق بيع العقاقير فى مصر، بداية من إثقالها المتعمد بالديون وإجبارها على إنتاج أصناف تزيد من حجم خسائرها، وذلك حتى يكون المجال مفتوحا أمام الشركات الخاصة كى تدخل بقوة فى السوق، حتى أصبحت تلك الشركات مدينة بما يقارب مليار جنيه، وللأسف فإن الدولة تكتفى بمشاهدة ما يحدث فى أسواق الدواء دون أن تحرك ساكنا.
والقريبون من سوق الدواء المصرية يؤكدون أن شركة إنجليزية بدأت فى الاستغناء عن 30 % من العمالة الخاصة بها لمواجهة ارتفاع التكاليف فى الوقت الذى تردد فيها أنها حققت خسائر تصل إلى 238 مليون جنيه ولم يتم التحقق من ذلك من خلال جهة مصرية للوقوف على أسباب الخسائر فى الوقت الذى تبرر فيها الشركة أن السبب هو ارتفاع سعر الدولار ورفض وزارة الصحة رفع أسعار المنتجات لمواجهة التغيرات التى طرأت على العملة.
• احتكار!
ويرى الدكتور أشرف مكاوى عضو مجلس إدارة نقابة الصيادلة أن أى سياسة احتكارية تحدث فى مجال الدواء يجب أن تتصدى لها الدولة بكل الطرق، معتبرا أن نقابة الصيادلة تحمل على عاتقها مهمة الدفاع عن صناعة الدواء فى مصر من خلال التنديد ببعض الممارسات التى حدثت منذ عامين، والتى بدأت فى إجراء مفاوضات مع شركات كبرى من كيانات تبدو غامضة لبيع عدد من المصانع المهمة التى تنتج الكثير من الأصناف التى تحتاجها السوق بشدة.
وأوضح مكاوى أنه فى الخمس سنوات الأخيرة لم يكن هناك أى تدخل من جانب الاستثمار الأجنبى فى مجال الدواء ولا يوجد سوى الشراكات بين المؤسسات الدولية العالمية المتعارف عليها، ولكن فى العامين الأخيرين بدأت التحركات تتجه نحو هذا المجال بقوة خاصة بعد النشاطات من شركة «أبراج كابيتال» الإماراتية التى تحاول شراء أكثر من مصنع ومؤسسة دوائية فى الفترة الأخيرة، وهو ما ينير الضوء الأحمر بشأن ضرورة معرفة المقصد الرئيسى من وراء هذه التحركات.
وألقى مكاوى باللوم على الكثير من الشخصيات التى تحاول التفريط من مؤسساتها الدوائية والعلاجية فى الوقت الحالى لاستثمار مجهول المصدر خاصة أن مصر تمر بأزمة حقيقية على الصعيدين الأمنى والاقتصادى ويجب الوقوف إلى جوارها لأن ذلك شعور وطنى قبل أن يكون استثماراً.
وشدد مكاوى على أن الاستثمار فى مجال العقارات أو السيارات أو غيرها لا يمكن مقارنته بالاستثمار فى قطاعى الغذاء والدواء، لأنهما يمثلان خطرا على الأمن القومى ويجب الالتفات لهما، خاصة أن القطاع الدوائى الحكومى بحاجة إلى إعادة نظر من أجل تقويته للصمود أمام الاستثمارات الأجنبية والبحث عن حلول لتنمية قدراته للدخول فى شراكات أجنبية متكافئة.
• التلاعب!
وترى الدكتورة أمانى زغلول  صيدلانية بحميات طوخ ومرشحة لنقابة الصيادلة بمحافظة الدقهلية، أن الحركة الدوائية فى مصر شهدت فى الفترة الأخيرة بعض التلاعب من خلال تعمد عدم تصنيع أدوية بعينها مثل أدوية القيء الخاصة بالأطفال، كذلك استخدام سياسات تعطيش السوق، ومن ثم رفع بيع الدواء بسعر أعلى وهنا تكمن المشكلة الكبيرة بالنسبة لصناعة الدواء.
واستكملت أمانى حديثها بأن الاحتكارات التى يشهدها قطاع الرعاية الصحية انتقل إلى الأدوية بداية من شراء شركة آمون للأدوية والدخول فى مفاوضات متعددة لشراء شركات دواء مصرية أخرى، مما يعنى تهديد صحة المواطن، خاصة إذا ما كانت تلك الشركات تنفرد بإنتاج أدوية معينة لا تقوم مؤسسات منافسة لها بإنتاج أنواع شبيهة لها ومن هنا يلعب الاحتكار دوره، حيث لن تتواجد هذه الأدوية إلا فى المستشفيات التابعة للشركة التى استحوذت عليها مجموعة أبراج كابيتال الإماراتية ولا أحد يعلم من الذى يختفى خلف تلك الواجهة.
وطلبت أمانى من وزير الصحة ضرورة التدخل للبحث عن حلول مع شركة آمون التى تقوم بتعطيش السوق وعدم ضخ عدد من الأدوية بانتظام منذ عامين تقريبا أو البحث عن مصادر تقوم بتصنيع أصناف تؤدى نفس التأثير الدوائى.
وحذرت أمانى من عمليات توجيه المريض القادر فقط على العلاج فى أماكن بعينها، ومن هنا يكون الاحتكار قد وصل إلى الذروة ليبدأ فى ممارساته بعيدا عن أعين الدولة خاصة فى ظل نظام التأمين الصحى المنتظر أن يظهر إلى النور من خلال القانون الجديد.
وترى أمانى أن الاحتكار فى مصر نظام لا يمكن أن يتحرك بحرية ويسيطر على صناعة الدواء، خاصة أن الشركات الحكومية لا تستطيع أن تكون منافسا قويا لتلك الشركات العملاقة، لأنه لا توجد لديها القدرة على ذلك، وهو ما يعنى أن هناك عمليات تجريف تحدث لمؤسسات الصحة التابعة للدولة والمسئولة فى نهاية المطاف عن صحة قطاع عريض من المصريين سواء كانت تلك المؤسسات شركات أدوية حكومية مثقلة بالديون أو مستشفيات تابعة للدولة.
وطالبت أمانى بضرورة تفعيل دور هيئات مراقبة الدواء لمناقشة الشركات بشأن التكلفة الحقيقية للعقاقير التى تنتجها بداية من الأسعار التى تدفعها فى المواد الفعالة وتكلفة الزجاج والكرتون والأيدى العاملة وضرورة ترك 30% نسبة ربح للشركات، خاصة أن السوق المصرية تعد رائجة فى مجال الدواء المعالج للأمراض المتفشية والمتوطنة خاصة أن قطاعا كبيرا من المصريين يعانى من أمراض مزمنة مثل داء السكرى وارتفاع ضغط الدم والخشونة لدى كبار السن عكس الكثير من دول العالم المتقدمة التى تقل فيها نسبة هذه الأمراض بسبب التطور الكبير فى المجال الطبى والغذائى.
وأكدت أمانى أن أدوية التأمين الصحى المتواجدة لا تشفى الأمراض ويكفى أنه فى فترة من الفترات كان مستشفى الحميات لا يوجد به أى دواء خافض للحرارة رغم أن أى مريض يأتى تكون شكواه الرئيسية هى الارتفاع الشديد فى درجة الحرارة، وهو الأمر الذى يفسر مدى الحالة المتردية التى وصل إليها الدواء المصرى فى الفترة الأخيرة، خاصة أن شركات الدواء الحكومية عليها ديون تصل إلى 800 مليون جنيه، وللأسف فإن بعض الأدوية التى تنتجها بحاجة إلى ارتفاع أسعارها حتى يمكنها مواصلة الإنتاج وعدم التوقف، ولكن يبدو أن هناك مخططا لإضعاف تلك الشركات عبر إثقالها بالديون حتى تصبح عديمة الجدوى ويتم بيعها فى النهاية. •