الخميس 27 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

قانون الاستثمار.. يهدر حقوق الدولة!!

قانون الاستثمار.. يهدر حقوق الدولة!!
قانون الاستثمار.. يهدر حقوق الدولة!!


فى الوقت الذى تسعى فيه الدولة لجذب الاستثمار.. جاءت عيوب قانون الاستثمار الجديد أكثر من مميزاته وانقسم الخبراء حوله، فالبعض يرى القانون فرصة لرفع معدلات الاستثمار الأجنبى وتوفير الوقت والجهد للمستثمر من خلال تفعيل نظام الشباك الواحد، والبعض الآخر يرى أن بهذا القانون تضيع كل حقوق الدولة فى الحصول على أرباح ملحوظة من هذا الاستثمار وإلغاء جميع الضرائب وإعفاء من ضريبة الدمغة لمدة 5 سنوات، فطوال الـ 5 سنوات مصر لا ترى نتائج من المشروعات التى تقام على أراضيها، فالسوق المصرية يتنافس عليها الجميع لذلك يجب فرض الشروط على أى مستثمر وضمان تحقيق الاستفادة وتحقيق الأرباح لمصر والمستثمر.
 
قبل أيام من المؤتمر الاقتصادى الذى تأمل الدولة من خلاله فى الحصول على أكبر قدر ممكن من المشروعات العربية والأجنبية التى تسهم فى مسح جراح الاقتصاد المصرى التى طالت بسبب الأحداث غير المستقرة، كان على الحكومة المصرية تعديل بعض القوانين التى تعانى من العوار فى موادها لتهيئة المناخ الاستثمارى لاستقبال المشروعات بشكل يجذب أهم المستثمرين فى العالم، ومن هنا أصبح قانون الاستثمار الموحد هو الوسيلة الأولى والأخيرة لرفع معدلات الاستثمار الأجنبى فى مصر.
• القانون!
ونجد أن القانون جرت صياغته فى 6 أبواب كاملة، هى: الباب الأول الخاص بالأحكام العامة وضمانات الاستثمار، والثانى يختص بدور الهيئة العامة للاستثمار، والثالث المنظم لأنظمة الاستثمار ويتضمن الثالث فصلين: الأول خاص بالمناطق الاستثمارية والثانى يختص بالمناطق الحرة، والباب الرابع خاص بالتيسير على المستثمرين ويحتوى على ثلاثة فصول هى حوافز الاستثمار وإصدار التراخيص وتخصيص الأراضى، والخامس خاص بتسوية منازعات الاستثمار، والسادس بالأحكام الختامية، ويحتوى القانون على 80 مادة بتفصيلاتها. ووفقاً لمواد المسودة النهائية تلعب هيئة الاستثمار دوراً مركزياً بموجب القانون الجديد الذى يقصر الحق فى تطبيقه على الهيئة فقط، ويلزم الجهات المتعلقة بالموافقات والأنشطة الاستثمارية بأن يكون لها ممثلون فى الهيئة لتسريع الإجراءات.
وسيقتصر عرض الأراضى المتاحة للاستثمار على الهيئة من خلال الشباك الموحد الذى يضم مفوضين من جهات الولاية على الأراضى، ويكون التصرف فى الأراضى من مفوضى الجهة صاحبة الولاية، ولا يعتد بأى إجراءات بخلاف ذلك.
ويلزم القانون الجديد الجهات صاحبة الولاية على الأراضى بموافاة هيئة الاستثمار بخرائط تفصيلية محددة عليها جميع الأراضى المتاحة للاستثمار تحت ولايتها على مستوى الجمهورية، بالإضافة إلى قاعدة بيانات كاملة تتضمن المساحات والأسعار والمرافق ونظم التصرف وغيرها من الإجراءات، كما تلتزم جهات الولاية بتحديث هذه البيانات بصفة مستمرة.
وعادت مسودة قانون الاستثمار الموحد إلى الحوافز الضريبية الملغاة من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار، ومنحت حوافز ضريبية تتراوح بين 3 و5 سنوات.
منح رئيس الحكومة حق تخصيص أراضى الدولة فى مناطق معينة «دون مقابل».
وحدد مشروع القانون الجمارك على الآلات المستوردة والأجهزة اللازمة للتوسعات أو الإنشاءات أو عمليات الإحلال للمشروعات السياحية والخدمية عند 5 فقط من قيمتها.
وأعفى إيرادات النشاطين الصناعى والتجارى من الضرائب لمدة 5 سنوات وأعفى أرباح شركات الأموال وأرباح المنشآت والشركات وحصص الشركات فيها من الضرائب للمدة نفسها بالنسبة للأنشطة والمجالات التى يحددها مجلس الوزراء. كما أعفى القانون الجديد الآلات والمعدات ومدخلات الإنتاج فى المناطق والأنشطة التى يصدر بها قرار من مجلس الوزراء من الضريبة على المبيعات، بدون أجل زمنى. واشترط لمنح تلك الإعفاءات الضريبية أن تبدأ الشركات مزاولة نشاطها خلال 3 سنوات من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، ويجوز مد هذا الأجل بقرار من مجلس الوزراء لمدة مماثلة.
وتشمل الإعفاءات الضريبية التوسعات التى توافق عليها هيئة الاستثمار لمدة 3 سنوات، واستيراد القوالب والاسطمبات المستخدمة فى الصناعة دون جمارك لفترة مؤقتة وإعادتها إلى الخارج. وتجيز مسودة القانون لمجلس الوزراء تقرير حوافز أو ضمانات أو مزايا أخرى إضافية للمنشآت والشركات القائمة أو التى تنشأ وفقاً لأحكام هذا القانون والتى تمارس نشاطها فى مناطق معينة أو مجالات محددة تقتضيها حاجة البلاد.
وأتاح المشروع لرئيس الحكومة تخصيص الأراضى المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة للشركات والمنشآت فى مناطق معينة دون مقابل طبقاً للإجراءات التى ستنص عليها لائحته التنفيذية.
وفيما يتعلق بالمناطق الحرة التى سينظم القانون عملها أيضاً تشير مسودة قانون الاستثمار الموحد إلى أنه بالنسبة لمشروعات التخزين الخاصة بها فقد تم تحديد رسم سنوى بمقدار نصف فى المائة من قيمة السلع عند الخروج. وتم استثناء المخلفات الناتجة عن أنشطة المشروعات العاملة بالمناطق الحرة من قواعد الاستيراد من الخارج، لإعدامها والتخلص منها بطريقة آمنة.
وفيما يتعلق بالمناطق الاستثمارية فإن مسودة القانون استحدثت مادتين لم تكونا موجودتين فى قانون 19 لسنة 2007 الخاص بمناطق الاستثمار، حيث أشارت إحداهما إلى اختصاص مجلس إدارة المنطقة الاستثمارية دون غيره بالموافقة على إقامة المشروعات الاستثمارية داخل حدود المنطقة ويكون للمجلس الاختصاصات المقررة فى القوانين واللوائح للجهات الإدارية بشأن الموافقات والتراخيص اللازمة لممارسة النشاط المرخص به داخل حدود المنطقة الاستثمارية وتحصيل مقابل الخدمات المستحقة عنها على النحو الذى يحدده مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
• المشروعات المعطلة تبحث عن طريق لمعاودة الإنتاج
وكذلك أضافت المسودة فقرة لتضمين قرار الإنشاء وصف المنطقة وإحداثياتها وطبيعة النشاط الذى تتم مزاولته فيها والمدة التى يجب خلالها اتخاذ الإجراءات اللازمة للإنشاء، بالإضافة إلى أى شروط عامة ترتبط بمزاولة تلك الأنشطة.
أما فيما يتعلق بالمناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة، فقد ألغت مسودة القانون الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية فى منطقة شمال غرب خليج السويس، وحل محلها فى إدارة المنطقة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات.
وألغت المسودة ضريبة الـ10% على فائض العمليات الجارية للهيئة التى تدير المنطقة الاقتصادية الخاصة، وحددت الضريبة على دخل الشركات والأفراد داخل المنطقة عند 10%.
• التغيير!
وفى هذا الإطار أكد السفير جمال بيومى - الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب - أن الاستثمار فى مصر فى حاجة إلى تغيير شامل لأن قوانينه مليئة بالبيروقراطية، فمصر فى حاجة ملحة إلى قوانين تشجع الاستثمار فى جميع القطاعات، وهذا معناه أن الدولة شريك أساسى فى هذا الاستثمار وليس مجرد أراض ومصانع ومبان بدون أى عائد يعود عليها، لذلك يجب على الدولة أن تأخذ فى اعتبارها حقوق العاملين الذين يعملون فى هذه المشروعات.
وأشار بيومى إلى أن قانون الاستثمار الجديد يحمل مزايا وعيوبا، ومن أهم مميزاته أنه يعزز نظام «الشباك الواحد» الذى سيعزز فرص الاستثمار فى مصر ويوفر الوقت والجهد على المستثمر، ويؤدى إلى اختزال الجهات التى يتعامل معها المستثمر للحصول على التراخيص ويقضى على البيروقراطية فى قوانين الاستثمار، فقد اختصر الحصول على التراخيص من 78 إجراء إلى 8 إجراءات لا غير ثم تختزل إلى إجراء واحد فى «شباك واحد» تابع للهيئة العامة للاستثمار، وهو ما يعنى أن المستثمر لن يتعامل سوى مع هيئة الاستثمار وبعض الوزارات  الأخرى فقط.
وأضاف بيومى: يعانى المستثمر من عيوب لعل أهمها باب الإعفاءات الضريبية التى كانت موجودة فى قانون الاستثمار رقم 8 لسنة 97 فهى إعفاءات محدودة جدا تتمثل فى ضريبة الدمغة وضريبة المبيعات والرسوم الجمركية، مشيرا إلى وجود عوامل أخرى للجذب الاستثمارى أهم بكثير من الإعفاءات الضريبية كان يجب توافرها فى الوقت الحالى كاستقرار سعر العملة وتوافر المواد الخام والنظام الضريبى العادل والعمالة المدربة المحلية والعامل الأمنى وغيرها من العوامل التى تكاد تكون غائبة فى مصر، مضيفا أنه لو توافرت هذه العوامل لما كانت الإعفاءات الضريبية ذات أهمية فى هذا التوقيت، لكن غيابها مجتمعة يجعلنا مرحليا أن نبقى على الإعفاءات الضريبية كتحفيز للمستثمر الذى سيفتقد كل عوامل الجذب.
• الثغرة!
من جانبه انتقد الخبير الاقتصادى الدكتور عبدالخالق فاروق - مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية - مواد قانون الاستثمار الجديد وتساءل: هل من الممكن إعطاء المستثمر كل شىء لمجرد إرضاء رجال الأعمال العرب والأجانب على حساب الدولة ومنحهم مزايا وإعفاءات تصل إلى 5 سنوات، فالحوافز الضريبية بالقانون مبالَغ فيها، فعلى سبيل المثال تحديد شريحة الرسوم الجمركية على الآلات المستورَدة والأجهزة اللازمة للتوسّعات أو الإنشاءات أو عمليات الإحلال للمشروعات السياحية والخدمية بنسبة 5% فقط، مما يفتح ثغرة كانت ومازالت قائمة فى قانون الضرائب على الدخل منذ عام 2005 بل إن المشروع الجديد خفض هذا الوعاء الضريبى إلى نصف ما كانت عليه من قبل، وأثبتت التجربة طوال الأعوام السابقة أن هذه الثغرة كانت بمثابة المدخل لعمليات تلاعب واسعة النطاق من جانب رجال المال والأعمال للتهرّب وإدخال معدات وأجهزة يجرى التصرّف فيها بعد ذلك بطريقة مخالفة للقانون، بالإضافة إلى أن القانون الجديد أعفى أرباح شركات الأموال والمنشآت والشركات وحصص الشركاء فيها من الضرائب لمدة 5 سنوات، وهكذا رجعنا إلى الخلف لتحميل الطبقات الفقيرة والمتوسطة الأعباء الضريبية الأعظم، كما أعفى مشروع القانون الآلات والمعدات ومدخلات الإنتاج فى المناطق والأنشطة.
وأضاف أن هناك طرقا قانونية متعدّدة توفر الأراضى للمستثمر، بما يحفظ حقوق الدولة والمستثمر فى آنٍ واحد، مثل حق الانتفاع لمدد تتراوح بين 35 و99 عاماً، بدلاً من البيع المباشر، لكن القانون الجديد سيرسخ لمبدأ جديد وخطير فى المادة «53»، حيث يتيح لرئيس الوزراء ومجلس الوزراء تخصيص الأراضى المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة للمنشآت والمشروعات دون مقابل.
كما أن المادة الخاصة بعدم تحويل الأرباح من قبل المستثمرين إلا بعد الحصول على موافقة من الهيئة العامة للاستثمار ليست من شأن هيئة الاستثمار وتنظم من قبل البنك المركزى، كما تعد عائقًا للاستثمار.•